الجزء الثاني {{من قسم4- الي قسم6.}كتاب : الأسماء
والصفات للبيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر
اولا قسم 4.
الشمس وهي أعلاها في منظر العين وأجلاها للبصر ، وأكثرها
ضياء وشعاعا ، قال : هذا ربي هذا أكبر ، فلما رأى أفولها وزوالها وتبين له كونها
محل الحوادث والتغيرات ، تبرأ منها كلها ، وانقطع عنها إلى رب هو خالقها ومنشئها
لا تعترضه الآفات ، ولا تحله الأعراض والتغيرات
باب قول الله عز وجل {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد
بيني وبينكم} قول الله عز وجل : {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم}
614- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ ،
حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ
: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قَالَ : أَمَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ يَسْأَلَ قُرَيْشًا أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ؟ ، ثُمَّ
أَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَهُمُ فَيَقُولُ : اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ
615- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا
بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، نا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : إِنَّ أَشْعَرَ بَيْتٍ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ :
أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ
عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ
باب ما ذكر في الذات
616- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَمْ يَكْذِبْ
إِبْرَاهِيمُ قَطُّ إِلاَّ ثَلاثَ كَذَبَاتٍ ، ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللهِ
قَوْلُهُ : إِنِّي سَقِيمٌ ، وَقَوْلُهُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ،
وَوَاحِدَةٌ فِي شَأْنِ سَارَةَ إِنَّكِ أُخْتِي وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
سَعِيدِ بْنِ تَلِيدٍ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ
617- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي
عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةً ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ
الأَنْصَارِيُّ ، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عِيَاضٍ ، أَنَّ ابْنَةَ
الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا ، تَعْنِي لِقَتْلِهِ ،
اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا ، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ
لِيَقْتُلُوهُ
قَالَ خُبَيْبٌ : وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ
مُسْلِمًا عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ فِي اللهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ
الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعٍ فَقَتَلَهُ
ابْنُ الْحَارِثِ ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ يَوْمَ أُصِيبُوا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ أَبِي
الْيَمَانِ ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ مَعْمَرٌ ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ مَعْمَرٌ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ مُدْرِجًا فِي الإِسْنَادِ الأَوَّلِ وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ
618- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، أَخْبَرَنَا عاصم بن علي ،
حَدَّثَنَا أبي ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :
تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله
619- أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أَخْبَرَنَا إسماعيل
بن محمد الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن منصور ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق ، أَخْبَرَنَا
معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الدرداء ، قال : لا تفقه كل الفقه حتى
تمقت الناس في ذات الله ، ثم تقبل على نفسك فتكون لها أشد مقتا منك للناس
باب ما ذكر في النفس قال الله عز وجل : {ويحذركم الله
نفسه}.
وقال : {كتب ربكم على نفسه الرحمة}.
وقال : {واصطنعتك لنفسي}.
وقال فيما أخبر به عن عيسى عليه السلام أنه قال : {إن كنت
قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب
620- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ غَالِبٍ الْخَوَارِزْمِيُّ ، بِبَغْدَادَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، يَعْنِي ابْنَ حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيَّ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ
، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : لا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ ،
وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهْرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلا شَيْءَ
أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ ، وَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ قَالَ :
قُلْتُ : سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَرَفَعَهُ ؟ ،
قَالَ : نَعَمْ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
حَفْصِ بْنِ عُمَرَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ
621- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ
الْمَدْحُ مِنَ اللهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ ، وَمَا أَحَدٌ
أَغْيَرَ مِنَ اللهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ تَابَعَهُ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
622- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
شَاذَانَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو ضَمْرَةَ ، عَنِ
الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءٍ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ يَكْتُبُهُ عَلَى نَفْسِهِ
وَهُوَ مَرْفُوعٌ فَوْقَ الْعَرْشِ : إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من حديث أبي صالح ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ
623- حَدَّثَنَا الإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ ،
عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ
كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي
624- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي ، أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، عَنْ مَهْدِيِّ
بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ مُوسَى لآدَمَ : أَنْتَ الَّذِي أَشْقَيْتَ النَّاسَ
وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ : فَقَالَ آدَمُ لِمُوسَى : أَنْتَ مُوسَى
الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَاصْطَفَاكَ لِنَفْسِهِ ، وَأَنْزَلَ
عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ ؟ ، قَالَ
:
نَعَمْ قَالَ
: فَهَلْ وَجَدْتَهُ كَتَبَ عَلِيَّ قَبْلَ أَنْ
يَخْلُقَنِيَ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" عَنِ
الصَّلْتِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مَهْدِيٍّ
625- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ
، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ ذَكَرَنِي ، فَإِنْ
ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ
ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا
تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ
مِنْهُ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً.
أَخْرِجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ أَوْجُهٍ
عَنِ الأَعْمَشِ
626- وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أَخْبَرَنَا إسماعيل
بن محمد الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن منصور ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق ، أَخْبَرَنَا
معمر ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن آدم ، اذكرني
في نفسك أذكرك في نفسي ، فإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ} من الملائكة ـ أو قال
ملأ خير منه ـ . ثم ذكر ما بعده بمعنى ما تقدم ، زاد ، قال قتادة : والله أسرع
بالمغفرة
627- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنَ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
التَّرْقُفِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بْنِ مُسْهِرٍ ،
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ
أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ ، عَنْ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : إِنِّي حَرَّمَتُ
الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَّالَمُوا
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ أَبِي
بَكْرٍ الصَّاغَانِيِّ ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ
628- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ
الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
عَنْ أَبِي رِشْدِينَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ ، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهَا حِينَ صَلَّى الْغَدَاةَ
أَوْ بَعْدَمَا صَلَّى الْغَدَاةَ وَهِيَ تَذْكُرُ اللَّهَ ، ثُمَّ مَرَّ بِهَا
بَعْدَ مَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ أَوْ بَعْدَ مَا انْتَصَفَ النَّهَارُ ، وَهِيَ
كَذَلِكَ ، فَقَالَ لَهَا : لَقَدْ قُلْتُ مُنْذُ وَقَفْتُ عَلَيْكِ كَلِمَاتٍ ، ثَلاثَ
مَرَّاتٍ هِيَ أَكْثَرُ أَوْ أَرْجَحُ أَوْ أَوْزَنُ مِمَّا كُنْتِ فِيهِ مُنْذُ
الْغَدَاةِ ، سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَى نَفْسِهِ ،
سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ
629- أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ
نَصْرَوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ خَنْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ
الْحَرْبِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى الأَشْيَبَ ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ مَرَّةً عَلَى مِنْبَرِهِ
: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ ،
فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : كَذَا
يُمَجِّدُ نَفْسَهُ عَزَّ وَجَلَّ ، أَخْبَرَنَا الْجَبَّارُ ، أَخْبَرَنَا الْعَزِيزُ
الْمُتَكَبِّرُ فَرَجَفَ بِهِ الْمِنْبَرَ حَتَّى قُلْنَا لَيَخِرَّنَّ بِهِ
الأَرْضَ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ :
اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنَّهُ نَفْسٌ ، إِنَّهُ مَوْجُودٌ ثَابِتٌ
غَيْرُ مُنْتَفٍ ، وَلا مَعْدُومٍ ، وَكُلُّ مَوْجُودٍ نَفْسٌ ، وَكُلُّ مَعْدُومٍ
لَيْسَ بِنَفْسٍ وَالنَّفْسُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ فَمِنْهَا :
نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ مُجَسَّمَةٌ مُرَوَّحَةٌ.
وَمِنْهَا : مُجَسَّمَةٌ غَيْرُ مُرَوَّحَةٍ ، تَعَالَى
اللَّهُ عَنْ هَذَيْنِ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَمِنْهَا : نَفْسٌ بِمَعْنَى إِثْبَاتِ الذَّاتِ كَمَا
تَقُولُ فِي الْكَلامِ : هَذَا نَفْسُ الأَمْرِ ، تُرِيدُ إِثْبَاتَ الأَمْرِ لا
أَنَّ لَهُ نَفْسًا مَنْفُوسَةً أَوْ جِسْمًا مُرَوَّحًا ، فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى
يُقَالُ فِي اللهِ سُبْحَانَهُ إِنَّهُ نَفْسٌ ، لا أَنَّ لَهُ نَفْسًا
مَنْفُوسَةً أَوْ جِسْمًا مُرَوَّحًا ، وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ، أَيْ تَعْلَمُ مَا
أُكِنُّهُ وَأُسِرُّهُ وَلا عِلْمَ لِي بِمَا تَسْتُرُهُ عَنِّي وَتُغَيِّبُهُ ،
وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا
رُوِّينَاهُ عَنْهُ فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ
فِي نَفْسِي أَيْ حَيْثُ لا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ وَلا
يَطَّلِعُ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا الاقْتِرَابُ وَالإِتْيَانُ الْمَذْكُورَانِ فِي
الْخَبَرِ فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِمَا إِخْبَارًا عَنْ سُرْعَةِ الإِجَابَةِ
وَالْمَغْفِرَةِ كَمَا رُوِّينَاهُ عَنْ قَتَادَةَ وَأَمَّا الْغَيْرَةُ
الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهَا الزَّجْرَ
فَقَوْلُهُ : لا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى يَعْنِي لا أَحَدَ أَزْجَرُ
مِنَ اللهِ تَعَالَى ، وَاللَّهُ غَيُورٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ زَجُورٌ يَزْجُرُ
عَنِ الْمَعَاصِي ، وَلا يُحِبُّ دَنِيءَ الأَفْعَالِ وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ الْحَدِيثَ
عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي
بَكْرٍ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ
: لا شَيْءَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ
وَرَّادٍ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَلَى لَفْظٍ لَمْ يُتَابَعْ
عَلَيْهِ
630- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ ، حَدَّثَنَا
عَوَانَةُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ وَرَّادٍ ، كَاتَبِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : قَالَ سَعْدُ بْنُ
عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلا لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ
قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَقَالَ : أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ فَوَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ
، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ
مَا ظَهْرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلا شَخَصَ أَغْيَرُ
مِنَ اللهِ ، وَلا شَخَصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْلِ
ذَلِكَ بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، وَلا شَخَصَ أَحَبُّ
إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الْجَنَّةَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ أَبِي
كَامِلٍ ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ
الْقَوَارِيرِيِّ وَعُبَيْدِ اللهِ الْقَوَارِيرِيِّ.
وكذلك رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ
، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ دُونَ ذِكْرِ الشَّخْصِ فِيهِ قَالَ : وَقَالَ عُبَيْدُ
اللهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَلِكِ وَلا شَخَصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ
631- أَخْبَرَنَا محمد بن عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ
أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ
اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ وَرَّادٍ ، عَنِ
الْمُغِيرَةِ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ نَحْوَهُ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ زَائِدَةَ عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ : إِطْلاقُ الشَّخْصِ فِي صِفَةِ اللهِ
سُبْحَانَهُ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَذَلِكَ لأَنَّ الشَّخْصَ لا يَكُونُ إِلاَّ
جِسْمًا مُؤَلَّفًا ، وَإِنَّمَا سُمِيَّ شَخْصًا مَا كَانَ لَهُ شُخُوصٌ وَارْتِفَاعٌ
، وَمِثْلُ هَذَا النَّعْتِ مَنْفِيُّ عَنِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ،
وَخَلِيقٌ أَنْ لا تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةً ، وَأَنْ تَكُونَ
تَصْحِيفًا مِنَ الرَّاوِي ، وَالشَّيْءُ وَالشَّخْصُ فِي الشَّطْرِ الأَوَّلِ
مِنَ الاسْمِ سَوَاءٌ ، فَمَنْ لَمْ يَنْعَمِ الاسْتِمَاعَ لَمْ يَأْمَنِ
الْوَهْمَ ، قَالَ : وَلَيْسَ كُلُّ الرُّوَاةِ يُرَاعُونَ لَفْظَ الْحَدِيثِ
حَتَّى لا يَتَعَدَّوْهُ ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَلَى الْمَعْنَى ،
وَلَيْسَ كُلُّهُمْ بِفَقِيهٍ
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي كَلامٍ لَهُ : نِعْمَ
الْمَرْءُ رَبُّنَا لَوْ أطَعنْاهُ مَا عَصَانَا وَلَفْظُ الْمَرْءِ إِنَّمَا يُطْلَقُ
فِي الْمَذْكُورِ مِنَ الآدَمَيِّينَ ، يَقُولُ الْقَائِلُ : الْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ ،
وَالْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كَلامِهِمِ
وَقَائِلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَعْنَى الَّذِي لا يَلِيقُ
بِصِفَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ ، وَلَكِنَّهُ أَرْسَلَ الْكَلامَ عَلَى بَدِيهَةِ
الطَّبْعِ ، مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَلا تَنْزِيلٍ لَهُ عَلَى الْمَعْنَى الأَخْصِ
بِهِ ، وَحَرِيُّ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الشَّخْصِ إِنَّمَا جَرَى مِنَ الرَّاوِي
عَلَى هَذَا السَّبِيلِ إِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غَلَطًا مِنْ قِبَلِ الصَّحِيفِ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَلَوْ ثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ
لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ شَخْصًا ،
فَإِنَّمَا قَصَدَ إِثْبَاتَ صِفَةِ الْغَيْرَةِ لِلَّهِ تَعَالَى
وَالْمُبَالَغَةَ فِيهِ ، وَأَنَّ أَحَدًا مِنَ الأَشْخَاصِ لا يَبْلُغُ تَمَامَهَا
، وَإِنْ كَانَ غَيُورًا ، فَهِيَ مِنَ الأَشْخَاصِ جِبِلَّةٌ جَبَلَهُمُ اللَّهُ
تَعَالَى عَلَيْهَا ، فَيَكُونُ كُلُّ شَخْصٍ فِيهَا بِمِقْدَارِ مَا جَبَلَهُ اللَّهُ
تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْهَا ، وَهِيَ مِنَ اللهِ عَلَى طَرِيقِ الزَّجْرِ عَمَّا
يَغَارُ عَلَيْهِ وَقَدْ زَجَرَ عَنِ الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَمَا بَطَنَ ، وَحَرَّمَهَا ، فَهُوَ أَغْيَرُ مِنْ غَيْرِهِ فِيهَا ، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ
632- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الأَدِيبُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ ، رَحِمَهُ
اللَّهُ ، قَالَ : قَوْلُهُ : لا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ لَيْسَ فِيهِ
إِيجَابٌ أَنَّ اللَّهَ شَخْصٌ ، وَهَذَا كَمَا رُوِيَ : مَا خَلَقَ اللَّهُ
شَيْئًا أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ فَلَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتُ خَلْقِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ
، وَلَيْسَ فِيهِ إِلاَّ أَنْ لا خَلْقَ فِي الْعِظَمِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ ، لا
أَنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مَخْلُوقَةٌ ، وَهَكَذَا يَقُولُ النَّاسُ : مَا فِي
النَّاسِ رَجُلٌ يُشْبِهُهَا ، وَهُوَ يَذْكُرُ امْرَأَةً فِي خُلُقِهَا أَوْ
فَضْلِهَا ، لا أَنَّ الْمَمْدُوحَ بِهِ رَجُلٌ.
قَالَ الشَّيْخُ : هَذَا الأَثَرُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ
بِهِ إِنَّمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ،
وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي لَفْظِهِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ
633- كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ
، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا
عَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةٍ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، يَقُولُ : مَا مِنْ سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ
وَلا سَهْلٍ وَلا جَبَلٍ أَعْظَمُ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ قَالَ شُتَيْرٌ :
وَأَنَا قَدْ سَمِعْتُهُ.
قَالَ الشَّيْخُ : فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْضَحُ
لِلاسْتِشْهَادِ بِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ ، وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ تَكُونَ آيَةُ
الْكُرْسِيِّ دَاخِلَةً فِي جُمْلَةِ مَا ذُكِرَ وَأَمَّا الأَثَرُ الَّذِي
اسْتَشْهَدَ بِهِ الْخَطَّابِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَ قَوْلَ قَائِلِهِ
634- وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا
أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا جعفر
بن عون ، أَخْبَرَنَا الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : بينما
عبد الله يمدح ربه إذ قال معضد : نعم المرء هو قال :
فقال عبد الله : إني لأجله ، ليس كمثله شيء
باب ما ذكر في الصورة الصورة هي التركيب ، والمصور
المركب ، والمصور هو المركب.
قال الله عز وجل : {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم
الذي خلقك فسواك فعدلك ، في أي صورة ما شاء ركبك} ولا يجوز أن يكون الباري تعالى
مصورا ولا أن يكون له صورة ، لأن الصورة مختلفة ، والهيئات متضادة ، ولا يجوز
اتصافه بجميعها لتضادها ، ولا يجوز اختصاصه ببعضها إلا بمخصص ، لجواز جميعها على من
جاز عليه بعضها ، فإذا اختص ببعضها اقتضى مخصصا خصصه به ، وذلك يوجب أن يكون
مخلوقا وهو محال ، فاستحال أن يكون مصورا ، وهو الخالق البارئ المصور . ومعنى هذا فيما
كتب إلي الأستاذ أبو منصور محمد بن الحسن بن أبي أيوب الأصولي رحمه الله ، الذي
كان يحثني على تصنيف هذا الكتاب لما في الأحاديث المخرجة فيه من العون على ما كان
فيه من نصرة السنة وقمع البدعة ، ولم يقدر في أيام حياته لاشتغالي بتخريج الأحاديث
في الفقهيات ، على مبسوط أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله ، الذي
أخرجته على ترتيب مختصر أبي إبراهيم المزني رحمه الله ، ولكل أجل كتاب
635- فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ
الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّازَّقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ :
هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
636- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَلَقَ
اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمَّا خَلَقَهُ ،
قَالَ : اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفْرِ وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ
الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُجِيبُونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ
وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ قَالَ : فَذَهَبَ فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ،
فَقَالُوا : وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَكُلُّ
مَنْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمْ
يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ.
فَهَذَا حَدِيثٌ مَخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَقَدْ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ ، قَوْلُهُ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ الْهَاءُ وَقَعَتْ
كِنَايَةً بَيْنَ اسْمَيْنِ ظَاهِرَيْنِ ، فَلَمْ تَصْلُحْ أَنْ تُصْرَفَ إِلَى
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ،
لَقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِذِي
صُورَةٍ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، فَكَانَ مَرْجِعُهَا إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلامُ ، فَالْمَعْنى أَنَّ ذُرِّيَّةَ آدَمَ إِنَّمَا خُلِقُوا أَطْوَارًا
كَانُوا فِي مَبْدَأِ الْخِلْقَةِ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ، ثُمَّ
صَارُوا صُوَرًا أَجَنَّةً إِلَى أَنْ تَتِمَّ مُدَّةُ الْحَمْلِ ، فَيُولَدُونَ
أَطْفَالا ، وَيَنْشَأُونَ صِغَارًا ، إِلَى أَنْ يَكْبَرُوا فَتَطُولَ
أَجْسَامُهُمْ ، يَقُولُ : إِنَّ آدَمَ لَمْ يَكُنْ خَلْقُهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ،
لَكِنَّهُ ، أَوْ لَمَّا تَنَاوَلَتْهُ الْخِلْقَةُ وُجِدَ خَلْقًا تَامًّا ،
طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا.
قَالَ الشَّيْخُ : فَذَكَرَ الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَاهُ ، وَذَكَرَ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ الْحَيَّةَ لَمَّا
أُخْرِجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ شُوِّهَتْ خِلْقَتُهَا ، وَسُلِبَتْ قَوَائِمُهَا ، فَالنَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ آدَمَ كَانَ
مَخْلُوقًا عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ
الْجَنَّةَ ، لَمْ تُشَوَّهْ صُورَتُهُ ، وَلَمْ تُغَيَّرْ خِلْقَتُهُ
637- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي
أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ ، فَإِنَّ
اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
فَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ مَهْدِيٍّ ، وَرُوِيَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا
638- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ ، عَنِ
الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَجَنَّبِ الْوَجْهَ ،
فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ قَالَ : وَإِنَّمَا أَرَادَ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ : فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ هَذَا
الْمَضْرُوبِ
639- وَهَكَذَا الْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ
الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
: إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَجَنَّبِ الْوَجْهَ ، وَلا يَقُلْ : قَبَّحَ اللَّهُ
وَجْهَكَ ، وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى
صُورَتِهِ قَالَ : وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ إِلَى أَنَّ الصُّوَرَ
كُلَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَعْنَى الْمِلْكِ وَالْفِعْلِ ، ثُمَّ وَرَدَ
التَّخْصِيصُ فِي بَعْضِهَا
بِالإِضَافَةِ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا ، كَمَا يُقَالُ
: نَاقَةُ اللهِ ، وَبَيْتُ اللهِ ، وَمَسْجِدُ اللهِ ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ
بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ ابْتَدَأَ صُورَةَ آدَمَ لا عَلَى مِثَالٍ سَبَقَ ، ثُمَّ اخْتَرَعَ
مَنْ بَعْدَهُ عَلَى مِثَالِهِ ، فَخُصَّ بِالإِضَافَةِ وَاللَّهُ وَأَعْلَمُ
640- وَعَلَى هَذَا حَمَّلُوا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ
، أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ
أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تُقَبِّحُوا
الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ وَيُحْتَمَلُ
أَنْ
يَكُونَ لَفْظُ الْخَبَرِ فِي الأَصْلِ كَمَا رُوِّينَا
فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَأَدَّاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَلَى مَا وَقَعَ
فِي قَلْبِهِ مِنْ مَعْنَاهُ
641- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ يُوسُفَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَعَطَاءُ بْنُ
يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ
قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللهِ ،
هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : هَلْ تُمَارُونَ في القمر ليلة
البدر لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ؟ قَالُوا : لا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : فَهَلْ
تُمَارُونَ الشَّمْسَ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ؟ قَالُوا : لا يَا رَسُولَ اللهِ
قَالَ : فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
، فَيُقَالُ : مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ فَمِنْهُمْ مَنْ
يَتْبَعُ الشَّمْسَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الْقَمَرَ ، وَمِنْهُمْ مِنْ
يَتْبَعُ الطَّوَاغِيتَ ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا
فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي
يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللَّهِ
مِنْكَ ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا ، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا
عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ
اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ
: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ : أَنْتَ رَبُّنَا ، وَيَدْعُوهُمُ وَيُضْرَبُ
الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ ، فَأَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يُجِيزُ
بِأُمَّتِي مِنَ الرُّسُلِ ، وَلا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلاَّ الرُّسُلُ
، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ : اللَّهُمَّ سَلِّمَ سَلِّمْ وَفِي جَهَنَّمَ
كَلالِيبٌ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ ؟
قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ
أَنَّهُ لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، تَخْطَفُ
النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوثَقُ بِعَمَلِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ
يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ رَحْمَةً مَنْ أَرَادَ مِنْ
أَهْلِ النَّارِ ، أَمَرَ الْمَلائِكَةَ أَنْ أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ
اللَّهَ ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ ، وَحَرَّمَ اللَّهُ
عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ
قَدِ امْتُحِشُوا ، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ
الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ، ثُمَّ يَفْرَغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ
بَيْنَ الْعِبَادِ ، وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فَهُوَ
آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولا الْجَنَّةَ ، مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ إِلَى النَّارِ
، يَقُولُ : يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي
رِيحُهَا ، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : فَهَلْ عَسَيْتَ
إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُ : لا
وَعِزَّتِكَ ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ ، فَيَصْرِفُ
اللَّهُ وَجْهَهُ
عَنِ النَّارِ ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى
الْجَنَّةِ فَرَأَى بَهْجَتَهَا فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ،
ثُمَّ قَالَ : يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ
لَهُ : أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَلا تَسْأَلَ غَيْرَ
الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ ؟ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ لا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ ، فَيَقُولُ
: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَلا تَسْأَلَ غَيْرَهُ ؟ فَيَقُولُ : لا
وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُكُ غَيْرَ ذَلِكَ ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ
عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابَ الْجَنَّةِ ، فَإِذَا بَلَغَ
بَابَهَا انْفَهَقَتْ لَهُ فَرَأَى زَهْرَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ
وَالسُّرُورِ ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا
رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ ،
أَوَ لَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَلا تَسْأَلَ غَيْرَ
الَّذِي أُعْطِيتَ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ لا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ فَيَضْحَكُ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ
الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُ لَهُ : تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقُطِعَ بِهِ
، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : مِنْ كَذَا وَكَذَا فَسَلْ ، يُذَكِّرُهُ
رَبُّهُ ، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى : لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ
لأَبِي هُرَيْرَةَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ
قَالَ : لَكَ ذَلِكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : لَمْ
أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ قَوْلَهُ : لَكَ ذَلِكَ
وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ذَلِكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ.
فَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
"الصَّحِيحِ" عَنْ أَبِي الْيَمَانِ دُونَ ذِكْرِ الصُّورَةِ عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ ، وَفِيهِ ذِكْرُ الصُّورَةِ
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
، وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الدَّارِمِيِّ ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ نَحْوَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ وَفِيهِ ذِكْرُ الصُّورَةِ.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، إِلاَّ أَنَّ حَدِيثَهُ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ
الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا وَقَدْ تَكَلَّمَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ
الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَتَأْوِيلِهِ
بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ ، فَقَالَ : قَوْلُهُ هَلْ تُمَارُونَ مِنَ الْمِرْيَةِ وَهِيَ
الشَّكُّ فِي الشَّيْءِ وَالاخْتِلافُ
فِيهِ ، وَأَصْلُهُ تَتَمَارَوْنَ ، فَأُسْقِطَ إِحْدَى
التَّاءَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ
: فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ إِلَى تَمَامِ الْفَصْلِ
فَإِنَّ هَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ الْكَلامُ فِيهِ إِلَى تَأْوِيلٍ وَتَخْرِيجٍ ،
وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّنَا نُنْكِرُ رُؤْيَةَ اللهِ سُبْحَانَهُ ، بَلْ
نُثْبِتُهَا ، وَلا مِنْ أَجْلِ أَنَّا نَدْفَعُ مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَفِي
أَخْبَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ
الْمَجِيءِ وَالإِتْيَانِ ، غَيْرَ أَنَّا لا نُكَيِّفُ ذَلِكَ وَلا نَجْعَلُهُ
حَرَكَةً وَانْتِقَالا كَمَجِيءِ الأَشْخَاصِ وَإِتْيَانِهَا ، فَإِنَّ غَيْرَ
ذَلِكَ مِنْ نُعُوتِ الْحَدَثِ ، وَتَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا
كَبِيرًا وَيَجِبُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الرُّؤْيَةَ الَّتِي هِيَ ثَوَابٌ
لِلأَوْلِيَاءِ وَكَرَامَةٌ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ غَيْرُ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ
الْمَذْكُورَةِ فِي مَقَامِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ
صُهَيْبٍ فِي الرُّؤْيَةِ بَعْدَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ ، وَإِنَّمَا
تَعرِيضُهُمْ لِهَذِهِ الرُّؤْيَةِ امْتِحَانٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ ،
يَقَعُ بِهَا التَّمْيِيزُ بَيْنَ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ ، وَبَيْنَ مَنْ عَبْدَ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالطَّوَاغِيتَ ، فَيَتَّبِعُ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ
مَعْبُودَهُ ، وَلَيْسَ نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الامْتِحَانُ إِذْ ذَاكَ يُعَدُّ
قَائِمًا ، وَحُكْمُهُ عَلَى الْخَلْقِ جَارِيًا ، حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ
الْحِسَابِ وَيَقَعَ الْجَزَاءُ بِمَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنَ الثَّوَابِ
وَالْعِقَابِ ، ثُمَّ يَنْقَطِعَ إِذَا حُقَّتِ الْحَقَائِقُ ، وَاسْتَقَرَّتْ
أُمُورُ الْعِبَادِ قَرَارَهَا أَلا تَرَى قَوْلَهُ : يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ
إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ، فَامْتُحِنُوا هُنَاكَ بِالسُّجُودِ
وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَسْجُدُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ
الْمُنَافِقِينَ طَبَقًا وَاحِدًا قَالَ : وَتَخْرِيجُ مَعْنَى إِتْيَانِ اللهِ
فِي هَذَا إِيَّاهُمْ أَنَّهُ يُشْهِدُهُمْ رُؤْيَتَهُ لِيُثْبِتُوهُ فَتَكُونَ مَعْرِفَتُهُمْ
لَهُ فِي الآخِرَةِ عَيَانًا كَمَا كَانَ اعْتِرَافُهُمْ بِرُؤْيَتِهِ فِي الدُّنْيَا
عِلْمًا وَاسْتِدْلالا ، وَيَكُونَ طُرُوءُ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ
بِمَنْزِلَةِ إِتْيَانِ الآتِي مِنْ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا شَاهَدُوهُ فِيهِ قِيلَ
: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، إِنَّمَا حَجَبَهُمْ عَنْ
تَحْقِيقِ الرُّؤْيَةِ فِي الْكَرَّةِ الأُولَى حَتَّى قَالُوا : هَذَا مَكَانُنَا
حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا مِنْ أَجْلِ مَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ
الَّذِينَ لا يَسْتَحِقُّونَ الرُّؤْيَةَ ، وَهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ مَحْجُوبُونَ ، فَلَمَّا
تَمَيَّزُوا عَنْهُمُ ارْتَفَعَ الْحِجَابُ ، فَقَالُوا عِنْدَ مَا رَأَوْهُ :
أَنْتَ رَبُّنَا وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَوْلَ الْمُنَافِقِينَ
دُونَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ : وَأَمَّا ذِكْرُ الصُّورَةِ
فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَإِنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا
وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْلَمَهُ : أَنَّ رَبَّنَا لَيْسَ بِذِي صُورَةٍ
وَلا هَيْئَةٍ ، فَإِنَّ الصُّورَةَ تَقْتَضِي الْكَيْفِيَّةَ وَهِيَ عَنِ اللهِ
وَعَنْ صِفَاتِهِ مَنْفِيَّةٌ ، وَقَدْ يُتَأَوَّلُ مَعْنَاهَا عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ بِمَعْنَى الصِّفَةِ ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ
: صُورَةُ هَذَا الأَمْرِ كَذَا وَكَذَا ، يُرِيدُ صِفَتَهُ فَتُوضَعُ الصُّورَةُ
مَوْضِعَ الصِّفَةِ وَالْوَجْهُ الآخَرُ : أَنَّ الْمَذْكُورَ مِنَ
الْمَعْبُودَاتِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هِيَ صُوَرٌ وَأَجْسَامٌ
كَالشَّمسِ وَالْقَمَرِ وَالطَّوَاغِيتِ وَنَحْوِهِمَا ، ثُمَّ لَمَّا عَطَفَ عَلَيْهَا
ذِكْرُ اللهِ سُبْحَانَهُ خَرْجَ الْكَلامُ فِيهِ عَلَى نَوْعٍ مِنَ
الْمُطَابَقَةِ ، فَقِيلَ : يَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَةِ كَذَا إِذْ كَانَتِ
الْمَذْكُورَاتُ قَبْلَهُ صُوَرًا وَأَجْسَامًا ، وَقَدْ يُحْمَلُ آخِرُ الْكَلامِ
عَلَى أَوَّلِهِ فِي اللَّفْظِ وَيُعْطَفُ بِأَحَدِ الاسْمَيْنِ عَلَى الآخَرِ
وَالْمَعْنَيَانِ مُتَبَايِنَانِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلامِهِمْ ، كَالْعُمَرَيْنِ
وَالأَسْوَدَيْنِ وَالْعَصْرَيْنِ ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلامِ كَثِيرٌ وَمِمَّا
يُؤَكِّدُ التَّأْوِيلَ الأَوَّلَ هُوَ أَنَّ مَعْنَى الصُّورَةِ الصِّفَةُ ، قَوْلُهُ
مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي أَدْنَى
صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ قَطُّ
قَبْلَ ذَلِكَ ، فَعَلِمْتُ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ الصِّفَةُ الَّتِي
عَرَفُوهُ بِهَا ، وَقَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَةُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ ، كَقَوْلِهِ
وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ، أَيْ : عَلِّمْنَا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَمِنَ الْوَاجِبِ فِي هَذَا
الْبَابِ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الأَلْفَاظِ الَّتِي تَسْتَشْنِعُهَا
النُّفُوسُ إِنَّمَا خَرَجَتْ عَلَى سَعَةِ مَجَالِ كَلامِ الْعَرَبِ وَمَصَارِفِ
لُغَاتِهَا ، وَأَنَّ مَذْهَبَ كَثِيرٍ
مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرِ الرُّوَاةِ مِنْ أَهْلِ
النَّقْلِ الاجْتِهَادُ فِي أَدَاءِ الْمَعْنَى دُونَ مُرَاعَاةِ أَعْيَانِ الأَلْفَاظِ
، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَرْوِيهِ عَلَى حَسْبِ مَعْرِفَتِهِ وَمِقْدَارِ فَهْمِهِ
وَعَادَةِ الْبَيَانِ مِنْ لُغَتِهِ ، وَعَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَلْزَمُوا
أَحْسَنَ الظَّنِّ بِهِمْ ، وَأَنْ يُحْسِنُوا التَّأَنِّي لِمَعْرِفَةِ مَعَانِي
مَا رَوَوْهُ ، وَأَنْ يُنْزِلُوا كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ مَنْزِلَةَ مِثْلِهِ ،
فِيمَا تَقْتَضِيهِ أَحْكَامُ الدِّينِ وَمَعْانِيهَا ، عَلَى أَنَّكَ لا تَجِدُ
بِحَمْدِ اللهِ وَمَنِّهِ شَيْئًا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ وَلَهُ تَأْوِيلٌ يَحْتَمِلُهُ وَجْهُ الْكَلامِ
وَمَعْنًى لا يَسْتَحِيلُ فِي عَقْلٍ أَوْ مَعْرِفَةٍ
642- أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أَخْبَرَنَا أحمد بن
عبيد الصفار ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن عبد الله ، حَدَّثَنَا أبو الوليد ، وسليمان
بن حرب ، قالا : حدثنا شعبة ، حدثني عمرو بن مرة ، قال : سمعت أبا البختري ، يحدث عن
أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه وكرم وجهه أنه قال :
إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فظنوا برسول الله صلى الله عليه
وسلم أهيأه وأهداه
643- أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن المصري ، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن أبي مريم ، حَدَّثَنَا نعيم بن
حماد ، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة ، سمع مسعر بن كدام ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد
الله بن سلمة ، عن علي ، ومحمد بن عجلان ، عن عون بن عبد الله ، عن عبد الله بن
مسعود ، أنهما قالا : إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فظنوا به
الذي هو أهيأ وأهدى وأتقى قال الشيخ : وأما الضحك المذكور في الخبر فقد روى
الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله أنه قال : معنى الضحك فيه الرحمة .
ونحن نبسط الكلام فيه إن شاء الله عند ذكر صفات الفعل
644- وَأَمَّا الصُّورَةُ الْمُذْكُورَةُ فِيمَا
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ
مُوسَى ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ،
أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدٍ
الْبَيْرُوتِيُّ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا ابْنُ
جَابِرٍ ، قَالَ : ونَا الأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا ، قَالا ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ
اللَّجْلاجِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَائِشِ الْحَضْرَمِيَّ ،
يَقُولُ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ
غَدَاةٍ ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : مَا رَأَيْتُكَ أَصْفَرَ وَجْهًا مِنْكَ
الْغَدَاةَ فَقَالَ : مَا لِي وَقَدْ تَبَدَّى لِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ،
فَقَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَنْتَ أَعْلَمُ
أَيْ رَبِّ ، قَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ ؟ قُلْتُ
: أَنْتَ أَعْلَمُ أَيْ رَبِّ ، فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَوَجَدْتُ
بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ ، فَعَلِمْتُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَتَلا
هَذِهِ الآيَةَ : {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} قَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ
الأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ ؟ قُلْتُ : فِي الْكَفَّارَاتِ رَبِّ قَالَ : وَمَا هُنَّ
؟ قُلْتُ : الْمَشْيُ عَلَى الأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ ، وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ
خِلافَ الصَّلَوَاتِ ، وَإِبْلاغُ الْوَضُوءِ أَمَاكِنَهُ فِي الْمَكَارِهِ قَالَ
: مَنْ يَفْعَلْ يَعِشْ بِخَيْرٍ وَيَمُتْ بِخَيْرٍ ، وَيَكُنْ مِنْ خَطِيئَتِهِ
كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ، وَمِنَ الدَّرَجَاتِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ ،
وَبَذْلُ السَّلامِ ، وَأَنْ تَقُومَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، سَلْ
تُعْطَهْ قُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الطَّيِّبَاتِ ،
وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ ،
وَأَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ ، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً بِقَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ
مَفْتُونٍ فَتَعْلَمُوهُنَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُنَّ لَحَقٌ.
فَهَذَا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ فَرُوِيَ
هَكَذَا ، وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ
جَابِرٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلاجِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ
، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَاهُ جَهْضَمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ سَلامٍ ، عَنْ أَبِي سَلامٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ
الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ خَلَفٍ الْعَمِّيُّ
، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ زَيْدٍ ، عَنْ جَدِّهِ مَمْطُورٍ ، وَهُوَ أَبُو سَلامٍ ،
عَنِ ابْنِ السَّكْسَكِيِّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ
ذَلِكَ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَالَ
فِيهِ : أَحْسَبُهُ يَعْنِي : فِي الْمَنَامِ وَرَوَاهُ قَتَادَةُ يَعْنِي ، عَنْ أَبِي
قِلابَةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلاجِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
645- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ
سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ
، قَالَ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيُّ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ
إِلاَّ أَنَّهُمْ يَضْطَرِبُونَ فِيهِ ، وَهُوَ حَدِيثُ الرُّؤْيَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، وَكُلُّهَا
ضَعِيفٌ ، وَأَحْسَنُ طَرِيقٍ فِيهِ رِوَايَةُ جَهْضَمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ثُمَّ
رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ خَلَفٍ وَفِيهِمَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي
النَّوْمِ ثُمَّ تَأْوِيلُهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ
: وَأَنَا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ، كَأَنَّهُ زَادَهُ
كَمَالا وَحُسْنًا وَجَمَالا عِنْدَ رُؤْيَتِهِ ، وَإِنَّمَا التَّغَيُّرُ وَقَعَ
بَعْدَهُ لِشِدَّةِ الْوَحْيِ وَثِقَلِهِ وَالثَّانِي : أَنَّهُ بِمَعْنَى
الصِّفَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ تَلَقَّاهُ بِالإِكْرَامِ وَالإِجْمَالِ ،
فَوَصَفَهُ
بِالْجَمَالِ ، وَقَدْ يُقَالُ فِي صِفَاتِ اللهِ
تَعَالَى إِنَّهٌ جَمِيلٌ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مُجْمِلٌ فِي أَفْعَالِهِ وَأَمَّا
قَوْلُهُ : فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَكَذَا فِي رِوَايَتِنَا ، وَفِي رِوَايَةِ
بَعْضِهِمْ : يَدَهُ وَتَأْوِيلُهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ إِكْرَامُ اللهِ
إِيَّاهُ وَإِنْعَامُهُ عَلَيْهِ ، حَتَّى وَجَدَ بَرَدَ النِّعْمَةِ يَعْنِي
رُوحَهَا وَأَثَرَهَا فِي قَلْبِهِ ، فَعَلِمَ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ،
وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْيَدِ الصِّفَةَ ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ
بِالْوَضْعِ تَعَلُّقَ تِلْكَ الصِّفَةِ بِمَا وَجَدَ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ
كَتَعَلُّقِ الْيَدِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ لِخَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ،
تَعَلَّقِ الصِّفَةِ بِمُقْتَضَاهَا لا عَلَى مَعْنَى الْمُبَاشَرَةِ ، فَإِنَّمَا
أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنَّ فَيَكُونُ ، لا تَجُوزُ
عَلَيْهِ وَلا عَلَى صِفَاتِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ مُمَاسَّةٌ أَوْ
مُبَاشَرَةٌ ، تَعَالَى اللَّهُ عَزَّ اسْمُهُ عَنْ شَبِهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُّوًا
كَبِيرًا وَفِي ثُبُوتِ هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
باب ما جاء في إثبات الوجه صفة لا من حيث الصورة لورود
خبر الصادق به
قال الله عز وجل : {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}.
وقال : {كل شيء هالك إلا وجهه}.
وقال : {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله}.
وقال : {إنما نطعمكم لوجه الله}.
وقال : {والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم}.
وقال : {إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى}.
وقال : {يريدون وجهه} .
646- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ
بْنِ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ،
حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، سَمِعَ
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، يَقُولُ : لَمَّا نَزَلَ
عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ
فَوْقِكُمْ} ، قَالَ : أَعُوذُ بِوَجْهِكَ ، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} ، قَالَ
: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}
، قَالَ : هَاتَانِ أَهْوَنُ وَأَيْسَرُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَلِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
647- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْحَسَنِ بْنِ الشَّرْقِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ {قُلْ
هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} ،
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {أَعُوذُ بِوَجْهِكَ أَوْ مِنْ تَحْتِ
أَرْجُلِكُمْ} قَالَ : أَعُوذُ بِوَجْهِكَ ، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ
بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} ، قَالَ : هَذَا أَهْوَنُ ، أَوْ هَذَا أَيْسَرُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ ، وَقُتَيْبَةَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ
648- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
الإِسْفَرَايِينِيُّ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى ، عَنْ
أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبَ
: آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا
إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي
جَنَّةِ عَدْنٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
الْمَدِينِيِّ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ.
قَالَ الشَّيْخُ : قَوْلُهُ : رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ
يُرِيدُ بِهِ صِفَةَ الْكِبْرِيَاءِ فَهُوَ بِكِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ لا
يُرِيدُ أَنْ يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ بَعْدَ رُؤْيَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ،
حَتَّى يَأْذَنَ لَهُمْ بِدُخُولِ جَنَّةِ عَدْنٍ ، فَإِذَا دَخَلُوهَا أَرَادَ
أَنْ يَرَوْهَ فَيَرَوْهُ وَهُمْ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
649- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّزَازُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ ،
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي
شِهَابٍ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ
عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِهِ
وَجْهَ اللَّهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ الْقَعْنَبِيِّ
650- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
بْنِ فُورَكٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ،
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ سَعْدٍ ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، وَغَيْرُهُمَا ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : مَرِضْتُ
مَرَضًا شَدِيدًا أُشْفِيتُ مِنْهُ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أُخَلَّفُ دُونَ
هِجْرَتِي قَالَ : إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي فَتَعْمَلَ عَمَلا تَبْتَغِي
بِهِ وَجْهَ اللهِ إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً ، وَلَعَلَّكَ إِنْ
تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ قَوْمٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ ، اللَّهُمَّ
أمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ، وَلا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ، لَكِنِ الْبَائِسُ
سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ كَانَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ
651- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ ، عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ ، عَنْ نُعَيْمِ
بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ :
أَسْنَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِي ، فَقَالَ
: مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا
دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ صَلَّى صَلاةً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ
بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ
لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ
اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ
652- وَقَدْ قِيلَ عَنْ نُعَيْمٍ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ
حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مُحَمَّدٍ السَّرَّاجُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي
، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ
الْحَوْضِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، نا
مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي
هِنْدَ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَا حُذَيْفَةُ ، مَنْ خُتِمَ لَهُ
بِشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، يَا حُذَيْفَةُ
مَنْ خُتِمَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ
اللهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ : وَالأَخْبَارُ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ
وَفِي بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
639- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلالِيُّ ،
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنِ
الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ،
قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ سِتَّةُ
نَفَرٍ ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : اطْرُدْ هَؤُلاءِ عَنْكَ وَلا يَجْتَرِئُونَ
عَلَيْنَا ، وَكُنْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَظُنُّهُ ، قَالَ :
وَبِلالٌ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَرَجُلانِ قَدْ نَسِيتُ اسْمَهُمَا فَوَقَعَ فِي
نَفْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحَدَّثَ
بِهِ نَفْسَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ، وَكَذَلِكَ
فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ
مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ
حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : وَرَجُلانِ نَسِيتُ اسْمَيْهِمَا
654- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
بِنِ دَلُّوَيْهِ الدَّقَّاقُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الأَزْهَرِ بْنِ مَنِيعٍ
، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ ،
حَدَّثَنِي أَخِي زَيْدُ بْنُ سَلامٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ أَبَا سَلامٍ ،
يَقُولُ : حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الأَشْعَرِيُّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَامَ فَحَمِدَ
اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى
أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ
يُصَلِّي اسْتَقْبَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِوَجْهِهِ ، فَلا يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْهُ
حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْهُ وَرُوِيَ فِي
مِثْلِ هَذَا عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِمَا
655- أخبرنا أبو الحسن العلوي ، أَخْبَرَنَا أبو حامد
أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزاز ، حَدَّثَنَا أحمد بن حفص بن عبد الله ،
حدثني أبي ، حدثني إبراهيم بن طهمان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، أنه قال : كنا في
بيت حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فقام شبث بن ربعي فصلى ، فتفل بين يديه . قال : فقال له حذيفة
رضي الله عنه : لا تتفل بين يديك ولا عن يمينك ؛ فإن عن يمينك كاتب الحسنات ، فإن
الرجل إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم قام فصلى أقبل الله تعالى إليه بوجهه يناجيه فلا
يصرفه عنه حتى ينصرف أو يحدث حدث سوء
656- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حَدَّثَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب قال : حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا يحيى
بن أبي بكير ، حَدَّثَنَا مهدي بن ميمون ، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، حدثني
ابن أبي نعيم ، عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما : أنه رأى رجلا يصلي يلتفت في
صلاته فقال ابن عمر رضي الله عنهما إن الله عز وجل مقبل على عبده بوجهه ما أقبل
إليه ، فإذا التفت انصرف عنه . قلت : ليس في صفات ذات الله عز وجل إقبال ولا إعراض
ولا صرف ، وإنما ذلك في صفات فعله ، وكأن الرحمة التي للوجه تعلق بها تعلق الصفة
بمقتضاها ، تأتيه من قبل وجه
المصلي ، فعبر عن إقبال تلك الرحمة وصرفها بإقبال الوجه
وصرفه لتعلق الوجه الذي هو صفة بها ، والله أعلم
657- وَالَّذِي يُبَيِّنُ صِحَّةَ هَذَا التَّأْوِيلِ :
مَا أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ
بِلالٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ
الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا
قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلا يَمَسَّ
الْحَصَا قُلْتُ : وَشَائِعٌ فِي كَلامِ النَّاسِ : الأَمِيرُ مُقْبِلٌ عَلَى
فُلانٍ ، وَهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ إِقْبَالَهُ عَلَيْهِ بِالإِحْسَانِ ، وَمُعْرِضٌ
عَنْ فُلانٍ وَهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ تَرَكَ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ ، وَصَرْفَ
إِنْعَامِهِ عَنْهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
658- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانَ الْعُقَيْلِيُّ ، بِحَلَبَ ، حَدَّثَنَا
عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، أَنْبَأَنِيهِ عَطَاءُ بْنُ
السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ
: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : وَارْزُقْنِي لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ
659- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ،
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ ،
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي
نَهِيكٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح
660- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، حَدَّثَنَا الْبُرْسَانِيُّ
، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي
سُفْيَانَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنِ اسْتَعَاذَ
بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِوَجْهِ اللهِ فَأَعْطُوهُ
661- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي
حَمْزَةَ ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْعُصْفُرِيُّ الْبَصْرِيُّ ،
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ
التَّمِيمِيُّ.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ
عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ بِوَجْهِ اللهِ
شَيْئًا إِلاَّ الْجَنَّةَ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ ، عَنْ
أَبِي الْعَبَّاسِ الْعُصْفُرِيِّ
662- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الصاغاني ، حَدَّثَنَا حجاج بن محمد ، قال : قال ابن
جريج : قال عطاء : بلغنا أنه يكره أن يسأل الله تعالى شيئا من الدنيا بوجهه
قال :
وقال ابن جريج : أخبرني ابن طاووس ، عن أبيه أنه كان
يكره أن يسأل الإنسان بوجه الله . قال : وقال ابن جريج عن عمرو بن دينار قال :
بلغنا ذلك
قال : وقال ابن جريج : أخبرني عبد الكريم بن مالك قال :
إن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز فرفع إليه حاجته ثم قال : أسألك بوجه الله
تعالى ، فقال عمر رضي الله عنه : قد سألت بوجهه فلم يسأل شيئا إلا أعطاه إياه ، ثم
قال عمر رضي الله عنه : ويحك ألا سألت بوجهه الجنة
663- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى بْنِ رَامِكٍ الشَّيْبَانِيُّ
النَّيْسَابُورِيُّ ، مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ الدِّبَاغُ ،
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
، قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلا
مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ الْعَبَّاسُ ، يُحَدِّثُ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْجِنِّ أَقْبَلَ
عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ فِي يَدِهِ شُعْلَةٌ مِنَ النَّارِ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَلا يَزْدَادُ إِلاَّ
قُرْبًا ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : أَلا
أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ يُنْكَبُ مِنْهَا لَفِيهِ ، وَتُطْفَأُ
شُعْلَتُهُ ؟ قُلْ : أَعُوذُ بِوَجْهِ اللهِ الْكَرِيمِ ، وَبِكَلِمَاتِ اللهِ
التَّامَّاتِ الَّتِي لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا
يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ
فِي الأَرْضِ ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا ، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَمِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ
طَارِقٍ إِلاَّ طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ فَقَالَهَا ، فَانْكَبَّ
لَفِيهِ وَطُفِئَتْ شُعْلَتُهُ.
أَخْرَجَهُ مَالِكٌ ، عَنْ أَنَسٍ فِي الْمُوَطَّأِ
إِلاَّ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ
664- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
الدُّنْيَا ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ
، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَلْبِيِّ ،
حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمَذَانِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَتَبَ لِي
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كِتَابًا ، قَالَ : أَمَرَنِي
بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا أَخَذْتَ
مَضْجَعَكَ فَقُلْ : أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ ،
مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ
وَالْمَأْثَمَ ، اللَّهُمَّ لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ ، وَلا يُخْلَفُ وَعْدُكَ ، وَلا
يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ وَقَدْ
رُوِّينَا فِي بَابِ الْكَلامِ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ
بْنِ رُزَيْقٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْحَارِثِ
، وَأَبِي مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ، فَأَبُو مَيْسَرَةَ
عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ مِنَ الثِّقَاتِ ، وَمَنْ دُونَهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ
وَكَأَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ سَمِعَهُ مِنْهُمَا ، وَمِنْ أَبِيهِ ، إِنْ كَانَ
حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَفِظَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
665- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ
، مِنْ أَصْلِهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ
رَجَاءٍ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ
أَبُو عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ صُهَيْبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ
وَجَلَّ : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ، قَالَ : النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ
رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ
666- أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري ،
أَخْبَرَنَا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي ، حَدَّثَنَا أبو خالد يزيد بن محمد
العقيلي بمكة ، حَدَّثَنَا عبد الله بن رجاء ، أَخْبَرَنَا إسرائيل ، عن أبي إسحاق
، عن عامر بن سعد ، عن أبي بكر يعني الصديق رضي الله عنه ـ وعن مسلم : عن حذيفة
رضي الله عنه ـ في قول الله عز وجل : {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قالا : النظر
إلى وجه ربهم .
قلت : الآثار في معنى هذا عن الصحابة والتابعين رضي الله
عنهم أجمعين كثيرة ، وهي في باب الرؤية مذكورة بإذن الله عز وجل
667- أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل ،
حَدَّثَنَا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب ،
أَخْبَرَنَا جعفر بن عون ، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن
عبد الله هو المسعودي ، عن عبد الله بن المخارق ، عن
المخارق بن سليم ، قال : قال عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه : إذا حدثناكم
بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله عز وجل ؛ إن العبد المسلم إذا قال : الحمد
لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله ، أخذها ملك فجعلها تحت
جناحه ثم صعد بها فلا يمر بها على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يجيء
بها وجه الرحمن ، قال : ثم قرأ عبد الله : {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح
يرفعه
668- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ
عُمَرَ الضَّبِّيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ
، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ خَبَّابٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، قَالَ : هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَنَحْنُ نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ تَعَالَى ، فَوَجَبَ
أَجَرُنَا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمِنَّا مِنْ
ذَهَبَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا ، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ
عُمَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ
إِلاَّ نَمِرَةٌ كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ ، وَإِذَا
غَطَّيْنَا رِجْلَهُ خَرَجَ رَأْسُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ
الإِذْخِرِ وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يُهْدِي بِهَا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ ، عَنِ
الأَعْمَشِ
669- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنُ دُرُسْتَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْمُنَادِي ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ
، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ
، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ
، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ
غُلامًا لَهُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَمَا وَاللَّهِ ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ فَقَالَ : يَا
نَبِيَّ اللهِ فَإِنِّي أَعْتَقْتُهُ لِوَجْهِ اللهِ وَفِي رِوَايَةِ وَهْبٍ قَالَ : فَإِنِّي
أَعْتِقُهُ لِوَجْهِ اللَّهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
بِشْرِ بْنِ خَالِدٍ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ ،
عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ ، وَفِيهِ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ هُوَ حُرٌّ
لِوَجْهِ اللهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ
فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللَّهَ ، فَقَدْ حَكَى
الْمُزَنِيُّ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ فِي
هَذِهِ الآيَةِ : يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ : فَثَمَّ الْوَجْهُ الَّذِي
وَجَّهَكُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ
670- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر القاضي
قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان ،
حَدَّثَنَا أبو أسامة ، عن النضر ، عن مجاهد ، في قوله عز وجل : {فأينما تولوا فثم
وجه الله} قال : قبلة الله فأينما كنت في شرق أو غرب فلا توجهن إلا إليها
671- وَأَمَّا نُورُ الْوَجْهِ فَقَدِ احْتَجَّ
بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَا أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ،
وَالْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ
، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
لا يَنَامُ وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ،
يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمِلُ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ ، وَعَمِلُ النَّهَارِ
بِاللَّيْلِ زَادَ الْمَسْعُودِيُّ : وَحِجَابُهُ النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا
لأَحْرَقَتْ
سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ الْبَصَرُ
ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ : بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا
وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، وَأَخْرَجَهُ بِطُولِهِ مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ ،
عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، دُونَ قِرَاءَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ
672- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكَازَرُونِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : يُقَالُ
السُّبْحَةُ : إِنَّهَا جَلالُ وَجْهِهِ وَنُورُهُ ، وَمِنْهُ قِيلَ : سُبْحَانَ
اللهِ إِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمٌ لَهُ وَتَنْزِيهٌ قُلْتُ : إِذَا كَانَ قَوْلُهُ :
سُبُحَاتُ مِنَ التَّسْبِيحِ ، وَالتَّسْبِيحُ تَنْزِيهُ اللهِ تَعَالَى عَنْ
كُلِّ سُوءٍ ، فَلَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتُ النُّورِ لِلْوَجْهِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ
لَوْ كَشَفَ الْحِجَابَ الَّذِي عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ وَلَمْ يُثَبِّتْهُمْ
لِرُؤْيَتِهِ لاحْتَرَقُوا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ عِبَارَةٌ أُخْرَى وَهِيَ
أَنَّهُ لَوْ كَشَفَ عَنْهُمُ الْحِجَابَ لأَفْنَى جَلالُهُ وَهَيْبَتُهُ
وَقَهْرُهُ مَا أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ يَعْنِي كُلَّ مَا أَوْجَدَ مِنَ الْعَرْشِ
إِلَى الثَّرَى فَلا نِهَايَةَ لِبَصَرِهِ
673- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ
، بِبَغْدَادَ أنا دَعْلجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلجٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْبُوشَنْجِيُّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا
الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي
رَبَاحٍ ، وَعِكْرِمَةَ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا.
أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ ، تَفَلَّتَ
هَذَا الْقُرْآنُ مِنْ صَدْرِي ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ، وَذَكَرَ فِيمَا
عَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَاءِ حِفْظِ
الْقُرْآنِ : أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلالِكَ وَنَوِّرِ وَجْهِكَ
أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حَفِظَ كِتَابِكَ كَمَا عَلَّمْتَنِي ، وَارْزُقْنِي أَنْ
أَتْلُوَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يُرْضِيكَ عَنِّي ، اللَّهُمَّ بَدِيعَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ وَالْعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامُ
، أَسْأَلُكَ يَا رَحْمَنُ بِجَلالِكَ وَنُورِ وَجْهِكَ أَنْ تُنَوِّرَ بِكِتَابِكَ
بَصَرِي ، وَأَنْ تُطْلِقَ بِهِ لِسَانِي ، وَأَنْ تُفَرِّجَ بِهِ عَنْ قَلْبِي ،
وَأَنْ تَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي ، وَأَنْ تَسْتَعْمِلَ بِهِ بَدَنِي ، فَإِنَّهُ لا
يُعِينُنِي عَلَى الْحَقِّ غَيْرُكَ ، وَلا يُؤْتِيهِ إِلاَّ أَنْتَ ، وَلا
قُوَّةَ إِلا
بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ،
وَهَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ ، فَإِنْ كَانَ لَفْظُ النُّورِ
مَحْفُوظًا فِيهِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ وَيُرِيدُونَ بِهِ نَفْيَ
النَّقْصِ عَنْهُ لا غَيْرَ
ثُمَّ قَدْ حَكَى أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ،
فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ ، عَنِ ابْنِ
الأَنْبَارِيِّ ، عَنْ ثَعْلَبٍ ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : اللَّهُ نُورُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، يَعْنِي أَنَّهُ حَقٌّ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ ، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِ الْعَرَبِ إِذَا سَمِعُوا قَوْلَ الْقَائِلِ
: حَقًّا : كَلامُكَ هَذَا عَلَيْهِ نُورٌ ، أَيْ هُوَ حَقٌّ فَيُحْتَمَلَ أَنْ
يَكُونَ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ ثَابِتًا : أَسْأَلُكَ بِجَلالِكَ وَنَورِ وَجْهِكَ
أَيْ وَحَقِّ وَجْهِكَ ، وَالْحَقُّ هُوَ الْمُتَحَقَّقُ كَوْنُهُ وَوُجُودُهُ ،
وَكَانَ الأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ فِي مَعْنَى
النُّورِ : إِنَّهُ الَّذِي لا يَخْفَى عَلَى أَوْلِيَائِهِ بِالدَّلِيلِ ،
وَيَصِحُّ رُؤْيَتُهُ بِالأِبْصَارِ ، وَيَظْهَرُ لِكُلِّ ذِي لُبٍّ بِالْعَقْلِ ،
فَيَكُونُ قَوْلُهُ : أَسْأَلُكَ بِجَلالِكَ وَنَورِ وَجْهِكَ رَاجِعًا فِي
النُّورِ إِلَى أَحَدِ هَذِهِ الْمَعَانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
674- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس
هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا روح بن عبادة ،
حَدَّثَنَا حماد بن سلمة ، حَدَّثَنَا الزبير أبو عبد السلام ، عن أيوب بن عبد
الله بن مكرز ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه قال : إن ربكم ليس
عنده ليل ولا نهار ، نور السماوات والأرض من نور وجهه
هذا موقوف وراويه غير معروف
675- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو
عبد الله محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الوهاب ، أَخْبَرَنَا جعفر بن
عون ، أَخْبَرَنَا مسعر ، عن عمرو بن مرة ، قال : قلت لسعيد بن المسيب : علمني كلمات
أقولهن عند المساء . قال : قل : أعوذ بوجهك الكريم ، وباسمك العظيم ، وبكلماتك
التامة من شر السامة والعامة ، ومن شر ما خلقت أي رب ، ومن شر ما أنت آخذ بناصيته}
، ومن شر هذه الليلة ، ومن شر ما بعدها ، وشر الدنيا وأهلها
676- أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن
المهرجاني العدل ، أَخْبَرَنَا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي ، حَدَّثَنَا محمد بن إبراهيم
البوشنجي ، حَدَّثَنَا ابن بكير ، حَدَّثَنَا مالك ، عن سمي مولى أبي بكر بن عبد
الرحمن ، عن القعقاع بن حكيم ، قال : إن كعب الأحبار
قال : لولا كلمات أقولهن لجعلتني يهود حمارا . فقيل له :
ما هي ؟ فقال : أعوذ بوجه الله العظيم الذي ليس شيء أعظم منه ، وبكلمات الله
التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر ، وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما
لم أعلم ، من شر ما خلق وذرأ} وبرأ}
677- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا سريج بن
يونس ، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن حميد بن هلال ، قال : قال
رجل : رحم الله رجلا أتى على هذه الآية
: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} فيسأل الله تبارك
وتعالى بذاك الوجه الباقي الجميل . قلت : الجميل في أسماء الله تعالى قد ذكرنا ،
وهو عند أهل النظر بمعنى المجمل المحسن . قال أبو سليمان : وقد يكون الجميل معناه
ذو النور . قلت : ثم يكون ذلك أيضا من صفات الفعل.
قال الله عز وجل : {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من
نور}.
وقال تعالى : {يخرجهم من الظلمات إلى النور} ، وقد يجوز
أن يستعمل النور في صفات الذات ، بمعنى أنه لا يخفى على أوليائه بالدليل ، وهذا
أشبه بمعنى الجميل في هذا الموضع والله أعلم
باب ما جاء في إثبات العين
صفة لا من حيث الحدقة.
قال الله عز وجل : {ولتصنع على عيني}.
وقال تعالى : {فإنك بأعيننا}.
وقال : {واصنع الفلك بأعيننا}.
وقال تبارك وتعالى : {تجري بأعيننا} .
678- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
هَاشِمٍ الْبَغَوِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءٍ ، حَدَّثَنَا
عَمِّي ، جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ : إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ
أَخْبَرَهُ ، أَنَّ الْمَسِيحَ ذُكِرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ ، فَقَالَ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ
بِأَعْوَرَ ، أَلا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى
كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ ، وَقَالَ فِي مَتْنِهِ ، فَقَالَ
إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَأَشَارَ
بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ
679- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ
، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ
الْفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يُحَدِّثُ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : مَا بُعِثَ
نَبِيُّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ : أَلا إِنَّهُ أَعْوَرُ
وَإِنَّ رَبُّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ : كَافِرٌ
680- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النِّجَّادُ ، حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ
الْحَوْضِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
مَا بُعِثَ نَبِيُّ إِلاَّ قَدْ أُنْذِرَ الدَّجَّالَ أَلا وَإِنَّهُ أَعْوَرُ ،
وَإِنَّ رَبُّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ
681- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
جَعْفَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، فَذَكَرَهُ وَزَادَ : وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ
مَكْتُوبٌ كَ فَ رَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي عُمَرَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى
682- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ
مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَاصْنَعِ
الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا ، قَالَ : بِعَيْنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قُلْتُ : وَمِنْ
أَصْحَابِنَا مَنْ حَمَلَ الْعَيْنَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْكِتَابِ عَلَى
الرُّؤْيَةِ ، وَقَالَ : قَوْلُهُ : وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ، مَعْنَاهُ : بِمَرْأَى
مِنِّي وَقَوْلُهُ : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ، أَيْ :
بِمَرْأَى مِنَّا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ
: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ
صِفَاتِ الذَّاتِ وَتَكُونُ صِفَةً وَاحِدَةً وَالْجَمْعُ فِيهَا عَلَى مَعْنَى
التَّعْظِيمِ ، كَقَوْلِهِ : مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ ، وَمِنْهُمْ مِنْ
حَمْلَهَا عَلَى الْحِفْظِ وَالْكِلاءَةِ ، وَزَعَمَ أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ
، وَالْجَمْعُ فِيهَا سَائِغٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَمَنْ قَالَ بِأَحَدِ
هَذَيْنِ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَبَرِ نَفْيُ نَقْصِ الْعَوَرِ عَنِ اللهِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَأَنَّهُ لا يَجُوزُ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ مِنَ
الآفَاتِ وَالنَّقَائِصِ ، وَالَّذِي يَدُلُّ
عَلَيْهِ ظَاهَرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ
إِثْبَاتِ الْعَيْنِ لَهُ صِفَةً لا مِنْ حَيْثُ الْحَدَقَةِ أَوْلَى وَبِاللَّهِ
التَّوْفِيقُ
683- وأخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد
بن محبور الدهان ، حَدَّثَنَا أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه ، حَدَّثَنَا أبو
يحيى زكريا بن يحيى البزاز ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن الموفق ، حَدَّثَنَا
إسحاق بن موسى الأنصاري ، قال : سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : ما وصف الله تبارك
وتعالى به نفسه في كتابه فقراءته تفسيره ، ليس لأحد أن يفسره بالعربية ولا
بالفارسية
باب ما جاء في إثبات اليدين
صفتين لا من حيث الجارحة لورود الخبر الصادق به.
قال الله عز وجل : {يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت
بيدي}.
وقال تعالى {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم
ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} .
684- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّبَّاحُ الزَّعْفَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ
عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ
أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ ، فَيَقُولُونَ : لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا
حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ : يَا
آدَمُ أَنْتَ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدَيْهِ ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ
، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى
يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ"
مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ
685- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِلَحْمٍ فَدُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ ، وَكَانَتْ
تُعْجِبُهُ ، فَنَهِسَ مِنْهَا نَهْسَةً ، ثُمَّ قَالَ : أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَلْ تَدْرُونَ لِمَ ذَاكْ ؟ قَالَ : فَذَكَرَ حَدِيثَ
الشَّفَاعَةِ وَفِيهِ : فَيَأْتُونَ آدَمَ ، فَيَقُولُونَ : يَا آدَمُ ، أَنْتَ
أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ تَعَالَى بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ
، أَظُنُّهُ قَالَ : وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى
رَبِّكَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ أَبِي
حَيَّانَ
686- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الأحَجْمِ ،
حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلِ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ
مُوسَى : أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ
وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ
فَسَجَدُوا لَكَ وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا مِنْهَا ؟ فَقَالَ
آدَمُ : أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاتِهِ وَقَرَّبَكَ نَجِيًّا
وَكَلَّمَكَ تَكْلِيمًا ، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ ، فَبِكَمْ تَجِدُ فِي
التَّوْرَاةِ أَنَّهُ كَتَبَ عَلَيَّ الْعَمَلَ الَّذِي عَمِلْتُهُ قَبْلَ أَنْ
أُخْلَقَ ؟ قَالَ مُوسَى : بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ آدَمُ : فَكَيْفَ
تَلُومُنِي عَلَى عَمَلٍ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ
بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ذَكَرَا
فِيهِ قَوْلَ مُوسَى لآدَمَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ : أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ
بِيَدِهِ وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" وَقَدْ مَضَى
ذِكْرُهُ ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي
سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
687- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ
مُوسَى ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، عَنْ
طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، فَقَالَ مُوسَى
لآدَمَ : يَا آدَمُ ، أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ
الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ : أَنْتَ مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلامِهِ
وَخَطَّ لَكَ فِي الأَلْوَاحِ بِيَدِهِ ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَضَاهُ
اللَّهُ عَلِيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ بِأَرْبَعِينَ عَامًا فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ
مُوسَى قَالَ : وَحَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ سُفْيَانَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ ، عَنْ
سُفْيَانَ بِالإِسْنَادِ الأَوَّلِ ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ ، عَنْ سُفْيَانَ بِالإِسْنَادِ
الثَّانِي ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي الإِسْنَادِ الثَّانِي وَكَتَبَ لَكَ
التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ وَلَيْسَ بَيْنَ هَذَيْنِ الإِسْنَادَيْنِ وَبَيْنَ مَا
مَضَى اخْتِلافٌ إِلاَّ أَنَّ هَذَيْنِ الإِسْنَادَيْنِ حُفِظَ فِيهِمَا كِتَابَةُ
التَّوْرَاةِ بِيَدِهِ ، وَلَمْ يُحْفَظْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ ،
وَحُفِظَ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ قَوْلُ مُوسَى لآدَمَ : خَلَقَكَ اللَّهُ
بِيَدِهِ وَلَمْ يُحْفَظْ فِي هَذَيْنِ ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ ثَابِتٌ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
688- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ
اللهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ ، حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ
رُوَيْمٍ.
عَنِ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ
، قَالَتِ الْمَلائِكَةُ : يَا رَبُّ خَلَقْتُهُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ
وَيَنْكَحُونَ وَيَرْكَبُونْ ، فَاجْعَلْ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ ،
فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : لا أَجْعَلُ مَنْ خَلَقْتُهُ بِيَدِيَّ وَنَفَخْتُ
فِيهِ مِنْ رُوحِي كَمَنْ قُلْتُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
689- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
جُنَيْدُ بْنُ حَكِيمٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
رَبِّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ
اللَّخْمِيُّ ، يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَذَكَرَ نَحْوَهُ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : وَيَرْكَبُونَ
الْخَيْلَ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ : وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي
690- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو عبد
الله محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد الصيدلاني ، وإبراهيم بن أبي
طالب ، قالا : حَدَّثَنَا بشر بن الحكم ، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة ، حدثنا مطرف
، وابن أبجر أنهما سمعا الشعبي ، يقول : سمعت المغيرة بن شعبة ، يخبر الناس على
المنبر قال سفيان : رفعه أحدهما ، أراه قال : ابن أبجر ـ قال : سأل موسى ربه عز
وجل ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة ، فيقال
له : ادخل الجنة ، فيقول : أي ربي ، وكيف أدخل وقد نزل الناس منازلهم ، وقد أخذوا
أخاذاتهم ، فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ما كان يكون لملك من ملوك الدنيا ؟
فيقول : رضيت رب فيقال : لك مثل هذا ومثله و مثله و مثله ، حتى عقد خمسا ، فيقول :
رضيت ، فيقول : لك هذا وعشرة أمثاله ، فيقول : رب رضيت.
فيقال : لك هذا وما اشتهت نفسك ولذت عينك ، قال : يا رب أخبرني
بأعلاهم منزلة ، قال : أولئك الذين أردت وسوف أخبرك ، غرست كرامتهم بيدي وختمت
عليها ، فلم تر عين ولم تسمع أذن ، ولم يخطر على قلب ، ومصداقه في كتاب الله عز
وجل : {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} . رواه مسلم
في الصحيح عن بشر بن الحكم
691- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، أَخْبَرَنَا
حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَلَقَ اللَّهُ
تَعَالَى جَنَّةَ عَدْنٍ وَغَرَسَ أَشْجَارَهَا بِيَدِهِ ، فَقَالَ لَهَا : تَكَلَّمِي ،
فَقَالَتْ : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
692- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى
، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ
الْهَاشِمِيِّ ، مِنْ بَنِي نَوْفَلٍ ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِيهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ
ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ : خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ
بِيَدِهِ ، وَغَرَسَ الْفِرْدَوْسَ بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَعِزَّتِي لا
يَسْكُنُهَا مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلا دَيُّوثٌ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ عَرَفْنَا مُدْمِنَ الْخَمْرِ ، فَمَا الدَّيُّوثُ
؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الَّذِي يُيَسِّرُ لأَهْلِهِ السُّوءَ
هَذَا مُرْسَلٌ ، وَفِيهِ إِنْ ثَبَتَ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَتْبَ هَهُنَا
بِمَعْنَى الْخَلْقِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ : خَلَقَ رُسُومَ التَّوْرَاةِ ، وَهِيَ
حُرُوفُهَا ، وَأَمَّا الْمَكْتُوبُ فَهُوَ كَلامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، صِفَةٌ
مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ ، غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ
693- أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
بكر بن إسحاق ، أَخْبَرَنَا محمد بن ربح السماك ، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون ،
أَخْبَرَنَا سفيان بن سعيد ، عن عبيد المكتب ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، رضي الله
عنهما قال : خلق الله تبارك وتعالى أربعة أشياء بيده : العرش ، وجنات عدن ، وآدم ، والقلم ؛
واحتجب من الخلق بأربعة : بنار ، وظلمة ، ونور ، وظلمة . هذا موقوف ، والحجاب يرجع
إلى الخلق لا إلى الخالق
694- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ
مَحْمَشٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
يَحْيَى الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى ،
عَنِ ابْنِ عَجْلانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَتَبَ
رَبُّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
عَلَى نَفْسِهِ بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ
: إِنَّ رَحْمَتِي تَسْبِقُ ، أَوْ قَالَ : سَبَقَتْ غَضَبِي.
قُلْتُ : وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ فِي
مَعْنَى الْيَدِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ : إِنَّهَا قَدْ تَكُونُ
بِمَعْنَى الْقُوَّةِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا
دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ} ، أَيْ ذَا الْقُوَّةِ.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ ؛
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ
بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ ؛
تَقُولُ الْعَرَبُ : كَمْ يَدٌ لِي عِنْدَ فُلانٍ ، أَيْ
كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ لِي قَدْ أَسْدَيْتُهَا إِلَيْهِ.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الصِّلَةِ ؛
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا
أَنْعَامًا} ، أَيْ مِمَّا عَمِلْنَا نَحْنُ.
وَقَالَ جَلَّ وَعَلا : {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ
عُقْدَةُ النِّكَاحِ} ، أَيِ : الَّذِي لَهُ عُقْدَةُ النِّكَاحِ.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ ؛
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا
فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ}.
فَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {يَا إِبْلِيسُ مَا
مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}.
فَلا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْجَارِحَةِ ، لأَنَّ
الْبَارِي جَلَّ جَلالُهُ وَاحِدٌ ، لا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّبْعِيضُ.
وَلا عَلَى الْقُوَّةِ وَالْمُلْكِ وَالنِّعْمَةِ
وَالصِّلَةِ ، لأَنَّ الاشْتِرَاكَ يَقَعُ حِينَئِذٍ بَيْنَ وَلِيِّهِ آدَمُ
وَعَدُوِّهِ إِبْلِيسُ.
فَيَبْطُلُ مَا ذَكَرَ مِنْ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِ لِبُطْلانِ
مَعْنَى التَّخْصِيصِ ، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنْ يُحْمَلا عَلَى صِفَتَيْنِ
تَعَلَّقَتَا بِخَلْقِ آدَمَ تَشْرِيفًا لَهُ ، دُونَ خَلْقِ إِبْلِيسَ ،
تَعَلُّقَ الْقُدْرَةِ بِالْمَقْدُورِ ، وَلا مِنْ طَرِيقِ الْمُبَاشَرَةِ ، وَلا
مِنْ حَيْثُ الْمُمَاسَّةِ ، وَكَذَلِكَ تَعَلَّقَتْ بِمَا رُوِّينَا فِي
الأَخْبَارِ مِنْ خَطِّ التَّوْرَاةِ وَغَرْسِ الْكَرَامَةِ لأَهْلِ الْجَنَّةِ
وَغَيْرِ ذَلِكَ تَعَلُّقَ الصِّفَةِ بِمُقْتَضَاهَا.
وَقَدْ رُوِّينَا ذِكْرَ الْيَدِ فِي أَخْبَارٍ أُخَرَ
إِلاَّ أَنَّ سِيَاقَهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمُلْكُ ،
وَالْقُدْرَةُ ، وَالرَّحْمَةُ ، وَالنِّعْمَةُ ، أَوْ جَرَى ذِكْرُهَا صِلَةً فِي
الْكَلامِ.
فَأَمَّا فِيمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ
التَّفْضِيلَ ، وَالتَّفْضِيلُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّخْصِيصِ ، فَلَمْ يَجُزْ
حَمْلُهَا فِيهِ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ.
وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَرَى ذَكَرُهَا عَلَى طَرِيقِ
التَّخْصِيصِ ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الصِّفَةِ الَّتِي تُسَمَّى
بِالسَّمْعِ يَدًا بِالْكَائِنِ فِيمَا خَصَّ بِذِكْرِهَا فِيهِ تَعَلُّقَ
الصَّفْحَةِ بِمُقْتَضَاهَا ، ثُمَّ لا يَكُونُ فِي ذَلِكَ بُطْلانُ مَوْضِعِ
تَفْضِيلِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى إِبْلِيسَ ، لأَنَّ التَّخْصِيصَ إِذَا
وُجِدَ لَهُ فِي مَعْنًى دُونَ إِبْلِيسَ لَمْ يَضُرَّ مُشَارَكَةُ غَيْرِهِ
إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى ، بَعْدَ أَنْ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ إِبْلِيسُ ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
695- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ
، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ ، عَنْ زَيْدِ
بْنِ أَسْلَمَ ، عَنِ ابْنِ يَسَارٍ يَعْنِي عَطَاءً ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
خُبْزَةً وَاحِدَةً يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَتَكَفَّأُ
أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ نُزُلا لأَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ : فَأَتَى
رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ ، فَقَالَ : بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ يَا
أَبَا الْقَاسِمِ ، أَلا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : بَلَى قَالَ
: تَكُونُ الأَرْضُ خُبْزَةً كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ، ثُمَّ
قَالَ : أَلا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ ؟ قَالَ : إِدَامُهُمْ بِاللامِ وَنُونٌ
قَالَ : وَمَا هَذَا ؟ قَالَ : ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زِيَادَةِ
كَبِدَيْهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ
اللَّيْثِ
696- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ،
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا
الدَّهْرُ ، بِيَدِيَ الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ
وَالنَّهَارَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ الْحُمَيْدِيِّ
697- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ،
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ،
حَدَّثَنَا يُوسُفُ الْمَاجِشُونُ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ
، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ قَالَ فَذَكَرَ دُعَاءَ الاسْتِفْتَاحِ
، وَفِيهِ قَالَ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ
698- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ
السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ
هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى ، وَلَكِنْ لا
أَجِدُ سَعَةً
فَأَحْمِلُهُمْ ، وَلا يَجِدُونَ سَعَةً فَيَتَّبِعُونِي
، وَلا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَقْعُدُوا بَعْدِي
قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي
أَنْ يَسْتَعِدُّوا لِي حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلا يُصَلِّي
بِالنَّاسِ ، ثُمَّ أُحَرِّقَ بُيُوتًا عَلَى مَنْ فِيهَا
قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ يَوْمٌ
لا يَرَانِي ، ثُمَّ لأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مِثْلِ أَهْلِهِ
وَمَالِهِ مَعَهُمْ.
رَوَاهُنَّ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَالأَحَادِيثُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ
699- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ
فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ مُرَّةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى
الأَشْعَرِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْسُطَ يَدَهُ بِاللَّيْلِ
لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، وَبِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ ،
حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
بُنْدَارٍ ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ
700- وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيُّ
، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيِّ الْهَجَرِيِّ ، عَنْ أَبِي
الأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ الله عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
الأَيْدِي ثَلاثٌ : يَدُ اللهِ الْعُلْيَا ، وَيَدُ
الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا ، وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ ، فَاسْتَعْفِفْ عَنِ السُّؤَالِ مَا اسْتَطَعْتَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ وَخَالَفَهُمَا جَعْفَرُ
بْنُ عَوْنٍ فَرَوَاهُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَوْقُوفًا عَلَى عَبْدِ اللهِ ،
وَرَوَاهُ أَبُو الزَّعْرَاءِ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ
بْنِ نَضْلَةَ مَرْفُوعًا ، فَإِنْ صَحَّ فَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
تَعْظِيمَ أَمَرِ الصَّدَقَةِ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ : يَدُ اللهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ ، أَرَادَ تَعْظِيمَ أَمَرِ الْبَيْعَةِ
701- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ
الْمَدِينِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : لا يَجْمَعُ اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ عَلَى الضَّلالَةِ أَبَدًا ،
وَيَدُ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ ، فَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي
النَّارِ أَبُو سُفْيَانَ الْمَدِينِيُّ يُقَالُ :
إِنَّهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ ، وَاخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ وَلَيْسَ
بِمَعْرُوفٍ
وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ :
702- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ ، أَخْبَرَنِي
عَبْدُ اللهِ بْنُ طَاوُسٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ ، يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ
ابْنَ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لا يَجْمَعُ اللَّهُ أُمَّتِي ، أَوْ قَالَ
هَذِهِ الأُمَّةَ ، عَلَى الضَّلالَةِ أَبَدًا ، وَيَدُ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ
تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَدَنِيُّ
703- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ
الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَ مَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ الصَّاغَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّالَحِينِيُّ
، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَدُ اللهِ مَعَ الْقَاضِي
حِينَ يَقْضِي ، وَيَدُ اللهِ مَعَ الْقَاسِمِ حِينَ يَقْسِمُ تَفَرَّدَ بِهِ
ابْنُ لَهِيعَةَ فَإِنْ صَحَّ فَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ
مَعَهُ بِالتَّأْيِيدِ وَالنُّصْرَةِ ، وَكَذَلِكَ هُوَ مَعَ الْجَمَاعَةِ
بِالتَّأْيِيدِ وَالنُّصْرَةِ
باب ما ذكر في اليمين والكف
قال الله عز وجل : {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا
قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} ، وقال}
{ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين} .
704- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
مُقَاتِلٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ ، أَخْبَرَنِي
يُونُسُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : يَقْبِضُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ
مُلُوكُ الأَرْضِ ؟.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ ، عَنْ يُونُسَ
، وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ فِي آخَرِينَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَكَأَنَّهُ
سَمِعَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا
705- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ ،
أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ ، قَالَ : قَالَ
سَالِمٌ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَطْوِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ،
ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ
الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ ثُمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ يَأْخُذُهُنَّ قَالَ ابْنُ
الْعَلاءِ : بِيَدِهِ الأُخْرَى ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ ، أَيْنَ
الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟
706- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، إِمْلاءً ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ ، وَمُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ ، قَالا : حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ فَذَكَرَهُ
بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : ثُمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ
بِشِمَالِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ هَكَذَا وَذِكْرُ الشِّمَالِ فِيهِ تَفَرَّدَ بِهِ
عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سَالِمٍ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ نَافِعٌ ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ
الشِّمَالَ ، وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَغَيْرُهُ ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمُ الشِّمَالَ ،
وَرُوِيَ ذِكْرُ الشِّمَالِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ ،
إِلاَّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ تَفَرَّدَ بِأَحَدِهِمَا جَعْفَرُ بْنُ
الزُّبَيْرِ ، وَبِالآخَرِ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ ، وَهُمَا مَتْرُوكَانِ ،
وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ ؟ وَصَحِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمَّى كِلْتَيْ يَدَيْهِ يَمِينًا ، وَكَأَنَّ مَنْ قَالَ
ذَلِكَ أَرْسَلَهُ مِنْ لَفْظِهِ عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ ، أَوْ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ
فِي ذِكْرِ الشِّمَالِ فِي مُقَابَلَةِ الْيَمِينِ
707- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، أُرَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ
دِينَارٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْمُقْسِطُونَ
عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَلَى يَمِينِ
الرَّحْمَنِ ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ
وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ سُفْيَانَ
708- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا بَكَّارُ
بْنُ قُتَيْبَةَ الْقَاضِي بِمِصْرَ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى الْقَاضِي
، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ مِنَ الرُّوحِ عَطَسَ ، فَقَالَ :
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِإِذْنِ اللهِ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ : رَحِمَكَ رَبُّكَ يَا آدَمُ وَقَالَ لَهُ :
يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلائِكَةِ ، إِلَى مَلأٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ
، فَقُلِ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، فَذَهَبَ فَقَالُوا : وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ
اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ : هَذِهِ تَحِيَّتُكَ
وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ
وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ، فَقَالَ : اخْتَرْتُ
يَمِينَ رَبِّي ، وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ، ثُمَّ بَسَطَهَا
فَإِذَا فِيهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَوْلُهُ : رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ يَعْنِي : إِلَى
مُسَاءَلَةِ رَبِّهِ أَوْ إِلَى مَقَامِ نَفْسِهِ الَّذِي يُسْمِعُهُ خِطَابَهُ ،
وَآدَمُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ
709- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس
محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس ،
حَدَّثَنَا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، قال : {والسماوات مطويات بيمينه} قال :
وكلتا يدي الرحمن يمين . قال : قلت : فأين الناس يومئذ ؟ قال : على جسر جهنم
710- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ
الشَّيْبَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْمُقْرِئُ ،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ
أَنَسٍ ، يَذْكُرُ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ،
فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي
أُنَيْسَةَ ، قَالَ : إِنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَخْبَرَهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ
يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ : إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ
مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ
بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسُئِلَ عَنْهَا
، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى
آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ
فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً ، فَقَالَ : خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلْجَنَّةِ
وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ وَاسْتَخْرَجَ
مِنْهُ ذُرِّيَّةً ، فَقَالَ : خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ
النَّارِ يَعْمَلُونَ فَقَالَ رَجُلٌ :
يَا رَسُولَ اللهِ فَفِيمَ الْعَمَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا خَلَقَ الرَّجُلَ
لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى
عَمِلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ ،
وَإِذَا خَلَقَ الرَّجُلَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ
فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ فِي هَذَا إِرْسَالٌ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ لَمْ
يُدْرِكْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
711- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا الأَدِيبُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَبَّانِيُّ
، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ
، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ
سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ النَّصْرِيِّ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ ، قَالَ : إِنَّ
رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَيُبْتَدَأُ
الأَعْمَالُ أُمْ قَدْ قُضِيَ الْقَضَاءُ ؟ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
لَمَّا أَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرِهِ أُشْهِدُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ح.
712- وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ
إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ أَبِي حَسَّانَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ،
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ ، حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ
سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ النَّصْرِيِّ ، عَنْ هِشَامِ
بْنِ حَكِيمٍ ، قَالَ : إِنَّ رَجُلا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُبْتَدَأُ الأَعْمَالُ أَوْ قَدْ
قُضِيَ الْقَضَاءُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخَذَ ذُرِّيَّةَ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ
وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ أَفَاضَ بِهِمْ فِي كَفَّيْهِ ،
فَقَالَ : هَؤُلاءِ لِلْجَنَّةِ ، وَهَؤُلاءِ لِلنَّارِ ، فَأَهَلُ الْجَنَّةِ
مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَأَهْلُ النَّارِ مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ
أَهْلِ النَّارِ
713- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الصاغاني ، حَدَّثَنَا أبو صالح ، حَدَّثَنَا يحيى
بن أيوب ، عن يحيى بن أبي أسيد ، عن أبي فراس ، مولى عبد الله بن
عمرو عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال : لما
خلق الله عز وجل آدم نفضه نفض المزود فخر منه مثل النغف ، فقبض قبضتين ، فقال لما
في اليمين في الجنة ، وقال لما في الأخرى في النار . هذا موقوف
714- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ
جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُكْرَمٍ بِبَغْدَادَ ،
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ كُلْثُومِ
بْنِ جَبْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَخَذَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِنَعْمَانَ
، يَعْنِي بِعَرَفَةَ ، فَلَمَّا أَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ
ذَرَأَهَا نَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلا ،
فَقَالَ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِلَى قَوْلِهِ بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ
715- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْحُسَيْنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ سَلَمَةَ الْهَمَذَانِيُّ ، بِهَا ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
جَعْفَرٍ هُوَ الْقَطِيعِيُّ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ.
قَالَ : سَمِعْتُ الأَشْعَرِيَّ ، يَقُولُ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأَرَضِينَ فَجَاءَ بَنُو
آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأَرْضِ ، فَمِنْهُمُ الأَحْمَرُ وَالأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ
وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالسَّهْلُ وَالْحَزِنُ وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ
716- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ الْمَلِكِ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ
التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ ، أَوْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَمَّرَ طِينَةَ آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلامُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، شَكَّ يَزِيدُ ، ثُمَّ
ضَرَبَ بِيَدِهِ فَمَا كَانَ مِنْ طَيِّبٍ خَرَجَ بِيَمِينِهِ ، وَمَا كَانَ مِنْ
خَبِيثٍ خَرَجَ بِيَدِهِ الأُخْرَى ، ثُمَّ خَلَطَهُ ، فَمِنْ ثَمَّ يُخْرِجُ
الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ
717- وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ
، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ،
عَنْ أَبِي ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَوْ
سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ أَبِي ، وَلا أُرَاهُ إِلاَّ
سَلْمَانَ ، قَالَ : خَمَّرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى طِينَةَ آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلامُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَخَرَجَ
كُلُّ طَيِّبٍ بِيَمِينِهِ ، وَكُلُّ خَبِيثٍ بِيَدِهِ الأُخْرَى ، ثُمَّ خَلَطَ
بَيْنَهُمَا ، فَمِنْ ثَمَّ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتَ مِنَ
الْحَيِّ هَذَا مَوْقُوفٌ ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ
، فَقَالَ : عَنْ سَلْمَانَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ سَلْمَانَ
كَانَ قَدْ أَخَذَ أَمْثَالَ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى أَسْلَمَ بَعْدُ
وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ عَنِ التَّيْمِيِّ مَرْفُوعًا ،
وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، ثُمَّ تَأْوِيلُهُ مَذْكُورٌ فِي آخِرِ الْبَابِ ،
وَسَنَرْوِي فِيمَا بَعْدُ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ مَلَكَ
الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ بِذَلِكَ ، فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الأَرْضِ وَخَلَطَ
718- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ ، ثنا
دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ
حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو
الْمُسْتَمْلِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلانِيُّ ، وَأَحْمَدُ
بْنُ سَلَمَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ
سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا
تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ ، وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ
، إِلاَّ أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو
فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ
فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من حديث عبد الله بن دينار ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْكَفِّ فِي حَدِيثِهِ
719- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو
هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَمِينُ اللهِ مَلأَى لا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ
مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِمَّا فِي
يَمِينِهِ ، قَالَ : وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْقَبْضُ ،
يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ،
كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من حديث شعيب بن أبي حمزة ،
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَقَالَ :
يَدُ اللهِ مَلأَى ، وَقَالَ : وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ
720- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالا : حَدَّثَنَا أًبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَسَدٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، يُبَلِّغُ بِهِ ، عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ، وَقَالَ : يَمِينُ
اللهِ مَلأَى سَحَّاءُ لا يَغِيضُهَا شَيْءٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
721- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ
الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسٍ.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَنِي أَنْ
يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : زِدْنَا يَا
رَسُولَ اللهِ ، وَقَالَ : وَهَكَذَا وَجَمَعَ يَدَيْهِ ، قَالَ : زِدْنَا يَا
رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : وَهَكَذَا فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
حَسْبُكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : دَعْنِي يَا عُمَرُ وَمَا
عَلَيْكَ أَنْ يُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ كُلَّنَا ؟ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ : إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ خَلْقَهُ الْجَنَّةَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ ، فَقَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ عُمَرُ وَرَوَاهُ خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ ،
عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَوْ
عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالشَّكِّ
722- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، فَذَكَرَهُ
وَرَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
قَتَادَةَ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ
عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَمَرَّةً ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ ، وَقَالَ : فَقَالَ عُمَرُ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ النَّاسَ
الْجَنَّةَ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، وَقَالَ فِي ابْتِدَائِهِ فَقَالَ عُمَيْرٌ ،
بَدَلَ أَبِي بَكْرٍ
723- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ ، بِمَكَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودٍ الشَّمْعِيُّ ، إِمْلاءً ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ
عَمْرٍو الْعَكْبُرِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا أُمَامَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ
أَلْفًا كُلَّ وَاحِدٍ سَبْعِينَ أَلْفًا وَثَلاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ
رَبِّي قَالَ تَابَعَهُ بَقِيَّةٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ رَجُلٍ
مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالشَّكِّ ، وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِمَا
عَنْهُ بِلا شَكٍّ وَفِيهِ ضَعْفٌ قُلْتُ : أَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ هَذِهِ
الأُمَّةِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَسِّرُوا مَا كَتَبْنَا مِنَ الآيَتَيْنِ وَالأَخْبَارِ
فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ بِأَجْمَعِهِمْ
أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَاحِدٌ لا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّبْعِيضُ
724- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو ، قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن عبيد
الله المنادي ، حَدَّثَنَا يونس بن محمد ، حَدَّثَنَا شيبان النحوي ، عن قتادة ،
قوله : {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات
بيمينه} لم يفسرها قتادة
725- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا عبد
الله محمد بن إبراهيم بن حمش ، سمعت أبا العباس الأزهري ، سمعت سعيد بن يعقوب
الطالقاني ، سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : كل ما وصف الله تعالى من نفسه في كتابه
فتفسيره تلاوته والسكوت عليه
726- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال سمعت خلف بن محمد
البخاري.
سمعت محمد بن هارون الكرابيسي ، يقول : سمعت أبا عبد
الله محمد بن أبي حفص قال ـ قال الشيخ : يعني أباه ـ : قال أفلح بن محمد : قلت لعبد
الله بن المبارك : يا أبا عبد الرحمن ، إني أكره الصفة ـ عنى صفة الرب تبارك
وتعالى ـ . فقال له عبد الله : أنا أشد الناس كراهية لذلك ، ولكن إذا نطق الكتاب بشيء
جسرنا عليه ، وإذا جاءت الأحاديث المستفيضة الظاهرة تكلمنا به . قلت : وإنما أراد
والله أعلم الأوصاف الخبرية ، ثم تكلمهم بها على نحو ما ورد به الخبر لا يجاوزونه
. وذهب بعض أهل النظر منهم إلى أن اليمين يراد به اليد والكف عبارة عن اليد ،
واليد لله تعالى صفة بلا جارحة ، فكل موضع ذكرت فيه من كتاب وسنة صحيحة فالمراد
بذكرها تعلقها بالكائن المذكور معها ، من الطي والأخذ ، والقبض والبسط ، والمسح ،
والقبول ، والإنفاق ، وغير ذلك تعلق الصفة الذاتية بمقتضاها من غير مباشرة ولا
مماسة ، وليس في ذلك تشبيه بحال
. وذهب آخرون إلى أن القبضة في غير هذا الموضع قد يكون
بالجارحة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وقد يكون بمعنى الملك والقدرة يقال : ما
فلان إلا في قبضتي . يعني : ما فلان إلا في قدرتي . والناس يقولون : الأشياء في
قبضة الله . يريدون في ملكه وقدرته ، وقد تكون بمعنى إفناء الشيء وإذهابه ، يقال : فلان قبضه الله
بمعنى أنه أفناه وأذهبه من دار الدنيا فقوله جل ثناؤه} {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة}
يحتمل أن يكون المراد به : والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة بقدرته على
إفنائها وقوله} {والسماوات مطويات بيمينه} ، ليس يريد به طيا بعلاج وانتصاب ،
وإنما المراد به الفناء والذهاب .
يقال : قد انطوى عنا ما كنا فيه ، وجاءنا غيره ، وانطوى
عنا دهر بمعنى المضي والذهاب.
وقوله : {بيمينه} ، يحتمل أن يكون إخبارا عن الملك
والقدرة ، كقوله : {من ما ملكت أيمانكم} يريد به الملك ، وقد قيل : قوله : {مطويات
بيمينه} يريد به ذاهبات بقسمه ، أي أقسم ليفنيها.
وقوله : {لأخذنا منه باليمين} أي بالقوة والقدرة ، أي :
أخذنا قدرته وقوته . وقال ابن عرفة : أي لأخذنا بيمينه ، فمعناه التصرف {ثم لقطعنا
منه الوتين} أي عرقا في القلب . وقيل
: هو حبل القلب إذا انقطع مات صاحبه . أخبرنا أبو سعيد
بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم قال : قال
الفراء : اليمين : القوة والقدرة ، قال الشاعر : إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة
باليمين وقال في قوله : {لأخذنا منه باليمين} بالقدرة والقوة ، وقال في قوله :
{كنتم تأتوننا عن اليمين} يقول : كنتم تأتوننا من قبل الدين . أي تأتوننا تخدعوننا
بأقوى الوجوه . قالوا : واليمين المذكور في الأخبار التي ذكرناها محمول في بعضها
على القوة والقدرة ، وهو ما في الأخبار التي وردت على وفق الآية ، وفي بعضها على
حسن القبول ، لأن في عرف الناس أن أيمانهم تكون مرصدة لما عز من الأمور ، وشمائلهم
لما هان منها ، والعرب تقول : فلان عندنا باليمين ، أي بالمحل الجليل . ومنه قول
الشاعر :
أقول لناقتي إذ بلغتني لقد أصبحت عندي باليمين أي بالمحل
الجليل.
وأما قوله : كلتا يديه يمين . فإنه أراد بذلك التمام
والكمال ، وكانت العرب تحب التيامن وتكره التياسر لما في التياسر من النقصان وفي
التيامن من التمام . وقال أبو سليمان الخطابي رحمه الله : ليس فيما يضاف إلى الله
عز وجل من صفة اليدين شمال لأن الشمال محل النقص والضعف ، وقد روي كلتا يديه يمين
، وليس معنى اليد عندنا الجارحة ، إنما هو صفة جاء بها التوقيف ، فنحن نطلقها على
ما جاءت ولا نكيفها ، وننتهي إلى حيث انتهى بنا الكتاب والأخبار المأثورة الصحيحة
وهو مذهب أهل السنة والجماعة . قلت : وأما قوله : في كف الرحمن . فمعناه عند أهل النظر
: في ملكه وسلطانه
728- ومنه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، إن صح ،
فيما أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أَخْبَرَنَا أبو العباس محمد بن إسحاق الضبعي ،
حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن زياد ، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثني محمد
بن عتبة الخزاز ، عن حماد بن عمرو الأسدي ، عن حماد بن ثلج ، عن ابن مسعود قال :
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرا ما يخطب كان يقول على المنبر
خفض عليك فإن الأمور بكف الإله مقاديرها فليس بآتيك
منهيها ولا قاصر عنك مأمورها قال أهل النظر : قوله : بكف الإله . أي في ملك الإله
وقدرته ، وقد تكون الكف في مثل ما ورد في الخبر المرفوع بمعنى النعمة والله أعلم .
وقوله : يمين الله ملأى . يريد كثرة نعمائه قال أبو سليمان رحمه الله : وقوله : لا
يغيضها نفقة . يريد : لا ينقصها ، وأصله من غاض الماء إذا ذهب في الأرض ، ومنه
قولهم : هذا غيض من فيض ، أي : قليل من كثير . وقوله : سحاء السح السيلان : يريد
كأنها لامتلائها تسيل بالعطاء أبدا . والسح والصب مثل في هذا . وقوله : بيده
الميزان يخفض ويرفع ، فالميزان ههنا أيضا مثل ، وإنما هو قسمته بالعدل بين الخلق ،
يخفض من يشاء أن يضعه ، ويرفع من يشاء أن يرفعه ، ويوسع الرزق على من يشاء ، ويقتر
على من يشاء ، كما يصنعه الوزان عند الوزن ، يرفع مرة ويخفض أخرى
729- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ ح قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ
الْفَقِيهُ ، بِبُخَارَى ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ
الْحَافِظُ ، قَالا : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ ، سَمِعْتُ عَطَاءً ، يُحَدِّثُ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : يَأْتِي الرُّكْنُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ، أَعْظَمُ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ ، لَهُ
لِسَانٌ وَشَفَتَانِ ، يَتَكَلَّمُ عَمَّنِ اسْتَلَمَهُ بِالنِّيَّةِ ، وَهُوَ
يَمِينُ اللهِ الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ : الْيَمِينُ
هَهُنَا عِبَارَةٌ عَنِ النِّعْمَةِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ تَمْثِيلٌ ، فَإِنَّ
الْمَلِكَ إِذَا صَافِحَ رَجُلا قَبَّلَ الرَّجُلُ يَدَهُ ، وَفِي إِسْنَادِ
الْحَدِيثِ ضَعْفٌ
باب ما ذكر في الأصابع
730- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا
سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَقَالَ : يَا
أَبَا الْقَاسِمِ أَبَلَغَكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْمِلُ السَّمَاوَاتِ
عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ ،
وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْخَلائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ ؟ فَضَحِكَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ
جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا
قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ
731- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحَ بْنَ هَانِئٍ ، وَأَبُو
الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ ، وَأَبُو إسحاق إبراهيم بن محمد ، قَالُوا :
نا
السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ
حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، قَالَ :
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ ، يَقُولُ : قَالَ عَبْدُ اللهِ
: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ ، لَمْ يَقُلْ : أَبَلَغَكَ ؟ زَادَ ثُمَّ يَقُولُ :
أَنَا الْمَلِكُ ، أَخْبَرَنَا الْمَلِكُ ، قَالَ : فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ : ثُمَّ
قَالَ : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" جَمِيعًا ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ،
وَكَذَلِكَ.
رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ ،
وغيرهما ، عَنِ الأَعْمَشِ وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنِ
الأَعْمَشِ ، وَزَادَ فِيهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ : تَصْدِيقًا لَهُ : تَعَجُّبًا
لِمَا قَالَ
732- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ،
عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ،
قَالَ : جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولَ اللَّهَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ :
إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ
السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ ، فَذَكَرَهُ ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ :
وَالْخَلائِقُ عَلَى إِصْبَعٍ وَلَكِنْ فِي حَدِيثِهِ : وَالْجِبَالُ عَلَى
إِصْبَعٍ ، وَزَادَ مَا ذَكَرْنَا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
733- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ
، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبِيدَةَ
السَّلْمَانِيَّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : جَاءَ حَبْرٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَوْ يَا رَسُولَ
اللهِ ، إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالأَرَضِينَ عَلَى
إِصْبَعٍ ، وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى
عَلَى إِصْبَعٍ ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ ، فَيَهُزُّهُنَّ فَيَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ
، قَالَ : فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ
نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ ، ثُمَّ قَالَ : وَمَا قَدَرُوا
اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ،
إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
آدَمَ ، عَنْ شَيْبَانَ
734- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ
الْقَطَّانُ ، بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ ، ثنا
عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ
الْحَمِيدِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلاَّ أَنَّهُ
قَالَ : جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ ، فَقَالَ : يَضَعُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
عَلَى إِصْبَعٍ ، وَقَالَ تَعَجُّبًا لَهُ : تَصْدِيقًا لَهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ جَرِيرٍ ،
وَكَذَلِكَ.
رَوَاهُ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ مَنْصُورٍ ،
وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبِيدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ لَمْ يَقُلْ : تَصْدِيقًا لَهُ
735- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو
حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ السَّلِيطِيِّ ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْغَنَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ
نَصْرٍ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ :
كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ حَبْرٌ
مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ ، فَجَلَسَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَدَّثَنَا قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ ،
وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْمَاءَ
وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَجَمِيعَ الْخَلائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ
يَهُزُّهُنَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِمَا قَالَ ثُمَّ
قَرَأَ الآيَةَ : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا
قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِلَى قَوْلِهِ : سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا
يُشْرِكُونَ ، قَرَأَهَا كُلَّهَا ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الْحُنَيْنِ
الْكُوفِيِّ ، عَنِ الْغَنَوِيِّ قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَّا
الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَغِلُوا بِتَأْوِيلِ
هَذَا الْحَدِيثِ ، وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ ، وَإِنَّمَا فَهِمُوا مِنْهُ وَمِنْ
أَمْثَالِهِ مَا سَيقَ لأَجْلِهِ مِنْ إِظْهَارِ قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى وَعِظَمِ
شَأْنِهِ ، وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي
تَأْوِيلِهِ بِمَا يَحْتَمِلُهُ فَذَهَبَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ
رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى أَنَّ الأَصْلَ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ
الصِّفَاتِ أَنَّهُ لا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِكِتَابٍ نَاطِقٍ أَوْ
خَبَرٍ مَقْطُوعٍ بِصَحَّتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِيمَا يَثْبُتُ مِنْ
أَخْبَارِ الآحَادِ الْمُسْتَنِدَةِ إِلَى أَصْلٍ فِي الْكِتَابِ أَوْ فِي
السُّنَّةِ الْمَقْطُوعِ بِصِحَّتِهَا أَوْ بِمُوَافَقَةِ مَعَانِيهَا ، وَمِمَّا
كَانَ بِخِلافِ ذَلِكَ فَالتَّوَقُّفُ عَنْ إِطْلاقِ الاسْمِ بِهِ هُوَ الْوَاجِبُ
، وَيُتَأَوَّلُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِمَعَانِي الأُصُولِ الْمُتَّفَقِ
عَلَيْهَا مِنْ أَقَاوِيلِ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِلْمِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ
فِيهِ ، هَذَا هُوَ الأَصْلُ الَّذِي نَبْنِي عَلَيْهِ الْكَلامَ
وَنَعْتَمِدُهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَذِكْرُ الأَصَابِعِ
لَمْ يُوجَدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكِتَابِ وَلا مِنَ السُّنَّةِ الَّتِي شَرْطُهَا
فِي الثُّبُوتِ مَا وَصَفْنَاهُ ، وَلَيْسَ مَعْنَى الْيَدِ فِي الصِّفَاتِ ،
بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ بِثُبُوتِهَا الأَصَابِعُ ، بَلْ هُوَ
تَوْقِيفٌ شَرْعِيُّ ، أَطْلَقْنَا الاسْمَ فِيهِ عَلَى مَا جَاءَ بِهَ الْكِتَابُ
أَوِ السُّنَّةُ أَوْ أَنْ يَكُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهَا ، وَقَدْ رَوَى
هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ
عُبَيْدَةَ ، فَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ قَوْلُهُ : تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ.
قَالَ الشَّيْخُ : قَدْ رُوِّينَا مُتَابَعَةَ
عَلْقَمَةَ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَالْيَهُودُ مُشَبِّهَةٌ ،
وَفِيمَا يَدَّعُونَهُ مَنَزَّلا فِي التَّوْرَاةِ أَلْفَاظٌ تَدْخُلُ فِي بَابِ التَّشْبِيهِ
، لَيْسَ الْقَوْلُ بِهَا مِنْ مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَا حَدَّثَكُمْ
أَهْلُ الْكِتَابِ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَوْلَى الْخَلْقِ بِأَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ مَعَ هَذَا
الْحَبْرِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ فِيهِ
بِحَرْفٍ تَصْدِيقًا لَهُ أَوْ تَكْذِيبًا ، إِنَّمَا ظَهْرَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ
الضَّحِكُ الْمُخَيِّلُ لِلرِّضَا مَرَّةً ، وَالتَّعَجُّبِ وَالإِنْكَارِ أُخْرَى
، ثُمَّ تَلا الآيَةَ ، وَالآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْوَجْهَيْنِ مَعًا وَلَيْسَ
فِيهَا لِلأَصَابِعِ ذِكْرٌ ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنَ الرُّوَاةِ : تَصْدِيقًا
لِقَوْلِ الْحَبْرِ ظَنٌّ وَحُسْبَانٌ ، وَالأَمْرُ فِيهِ ضَعِيفٌ ، إِذْ كَانَ لا
تُمَحَّضُ شَهَادَتُهُ لأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، وَرُبَّمَا اسْتَدَلَّ
الْمُسْتَدِلُّ بِحُمْرَةِ اللَّوْنِ عَلَى الْخَجَلِ ، وَبِصُفْرَتِهِ عَلَى
الْوَجَلِ ، وَذَلِكَ غَالِبٌ
مَجْرَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ ، ثُمَّ لا يَخْلُو ذَلِكَ
مِنِ ارْتِيَابٍ وَشَكٍّ فِي صَدْقِ الشَّهَادَةِ مِنْهَا بِذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ
تَكُونَ الْحُمْرَةُ لِهَيَاجِ دَمٍ وَزِيَادَةِ مِقْدَارٍ لَهُ فِي الْبَدَنِ ،
وَأَنْ تَكُونَ الصُّفْرَةُ لِهَيَاجِ مَوَادٍّ وَثَوَرَانِ خَلْطٍ ، وَنَحْوَ
ذَلِكَ ، فَالاسْتِدْلالِ بِالتَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ فِي مِثْلِ هَذَا الأَمْرِ
الْجَسِيمِ قَدْرُهُ ، الْجَلِيلِ خَطَرُهُ غَيْرُ سَائِغٍ مَعَ تَكَافُؤِ
وَجْهَيِ الدَّلالَةِ الْمُتَعَارِضَيْنِ فِيهِ ، وَلَوْ صَحَّ الْخَبَرُ مِنْ
طَرِيقِ الرِّوَايَةِ كَانَ ظَاهَرَ اللَّفْظِ مِنْهُ مُتَأَوَّلا عَلَى نَوْعٍ مِنَ
الْمَجَازِ أَوْ ضَرْبٍ مِنَ التَّمْثِيلِ ، قَدْ جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْكَلامِ
بَيْنَ النَّاسِ فِي عُرْفِ تَخَاطُبِهِمْ ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ
عَلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ أَيْ قَدَّرْتُهُ عَلَى طَيِّهَا ، وَسُهُولَةُ الأَمْرِ فِي
جَمْعِهَا ، وَقِلَّةُ اعْتِيَاصِهَا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَمَعَ شَيْئًا
فِي كَفِّهِ فَاسْتَخَفَّ حِمْلَهُ فَلَمْ يَشْتَمِلْ بِجَمِيعِ كَفِّهِ عَلَيْهِ
لَكِنَّهُ يُقِلُّهُ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ ، فَقَدْ يَقُولُ الإِنْسَانُ فِي
الأَمْرِ الشَّاقِ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الرَّجُلِ الْقَوِيِّ الْمُسْتَقِلُّ بِعِبْئِهِ : إِنَّهُ
لَيَأْتِي عَلَيْهِ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِخِنْصَرِهِ ،
أَوْ أَنَّهُ يَكْفِيهِ بِصُغْرَى أَصَابِعِهِ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ
الْكَلامِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الاسْتِظْهَارُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ،
وَالاسْتِهَانَةُ بِهِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ : الرُّمْحُ لا أَمْلأُ كَفِّي بِهِ
وَاللِّبْدُ لا أَتْبَعُ تَزَاوُلَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لا يَتَكَلَّفُ أَنْ
يَجْمَعَ كَفَّهُ فَيَشْتَمِلُ بِهَا كُلِّهَا عَلَى الرُّمْحِ لَكِنْ يَطْعُنُ
بِهِ خِلْسًا بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَيُؤَكِّدُ مَا ذَهَبْنَا
إِلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي مَا
736- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ ،
حَدَّثَنَا ابْنُ عُفَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ وَيَطْوِي
السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ
الأَرْضِ ؟.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَهَذَا
قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ جَاءَ عَلَى
وِفَاقِ الآيَةِ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ ، لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الأَصَابِعِ ، وَتَقْسِيمُ الْخَلِيقَةِ عَلَى أَعْدَادِهَا
، فَدُلَّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَخْلِيطِ الْيَهُودِ وَتَحْرِيفِهِمْ ، وَأَنَّ
ضَحِكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى
مَعْنَى التَّعَجُّبِ مِنْهُ وَالنَّكِيرُ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
737- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر القاضي قالا
: حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن عفان ، حَدَّثَنَا
الحسن يعني ابن عطية ، عن يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير
، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال : إن اليهود والنصارى وصفوا الرب عز وجل فأنزل
الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم : {وما قدروا الله حق قدره} ثم بين للناس
عظمته ، فقال : {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة
والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} فجعل
وصفهم ذلك شركا . هذا الأثر عن ابن عباس إن صح يؤكد ما قاله أبو سليمان رحمه الله
. وقال أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري رحمه الله : إنا لا ننكر هذا الحديث
ولا نبطله لصحة سنده ، ولكن ليس فيه أنه يجعل ذلك على إصبع نفسه ، وإنما فيه أنه
يجعل ذلك على إصبع ، فيحتمل أنه أراد إصبعا من أصابع خلقه قال : وإذا لم يكن ذلك
في الخبر لم يجب أن يجعل لله إصبعا
738- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ ، قَالا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ،
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ
مِقْسَمٍ ، أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَيْفَ يَحْكِي رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَأْخُذُ اللَّهُ سَمَاوَاتِهِ
وَأَرَاضِيهِ بِيَدَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ ، وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا
، أَخْبَرَنَا الْمَلِكُ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ
أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ ، حَتَّى إِنِّي لأَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
739- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ،
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ
، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عُمَرَ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
الْمِنْبَرِ ، وَهُوَ يَقُولُ : يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ
بِيَدِهِ قَالَ : ثُمَّ ذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ فَقَدْ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِالإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا هَكَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا
، ثُمَّ تَأْوِيلُهُ مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
740- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ
بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ،
حَدَّثَنَا حَيْوَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، يَقُولُ ، إِنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ ، يَقُولُ ، إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ
أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهَا حَيْثُ يَشَاءُ ثُمَّ قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ
الْقُلُوبِ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئِ
741- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ
الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ
جَابِرٍ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ
، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلابِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : الْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ
يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَضَعُ آخَرِينَ ، وَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ
إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ
أَزَاغَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :
يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقَدْ قَرَأْتُ بِخَطِّ
أَبِي حَاتِمٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَأْوِيلِ
هَذَا الْخَبَرِ ، قِيلَ : مَعْنَاهُ تَحْتَ قَدْرَتِهِ وَمُلْكِهِ ، وَفَائِدَةُ
تَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْقُلُوبَ مَحِلا لِلْخَوَاطِرِ
وَالإِيرَادَاتِ وَالْعُزُومِ وَالنِّيَّاتِ ، وَهِيَ مُقَدِّمَاتُ الأَفْعَالِ ،
ثُمَّ جَعَلَ سَائِرَ الْجَوَارِحِ تَابَعَةٌ لَهَا فِي الْحَرَكَاتِ
وَالسَّكَنَاتِ ، وَدُلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالا مَقْدُورَةٌ لِلَّهِ
تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ ، لا يَقَعُ شَيْءٌ دُونَ إِرَادَتِهِ ، وَمَثَّلَ
لأَصْحَابِهِ قُدْرَتَهُ الْقَدِيمَةَ بِأَوْضَحِ مَا يَعْقِلُونَ مِنْ
أَنْفُسِهِمْ ، لأَنَّ الْمَرْءَ لا يَكُونُ أَقْدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى
مَا بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بَيْنَ نِعْمَتَيِ النَّفْعِ
وَالدَّفْعِ ، أَوْ بَيْنَ أَثَرَيْهِ فِي الْفَضْلِ وَالْعَدْلِ ، يُؤَيِّدُهُ
أَنَّ فِي بَعْضِ هَذِهِ الأَخْبَارِ : إِذَا شَاءَ أَزَاغَهُ وَإِذَا شَاءَ أَقَامَهُ
وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ : يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ
قَلْبِي وَإِنَّمَا ثَنَّى لَفْظَ الإِصْبَعَيْنِ وَالْقُدْرَةُ وَاحِدَةٌ
لأَنَّهُ جَرَى عَلَى الْمَعْهُودِ مِنْ لَفْظِ الْمَثَلِ وَزَادَ عَلَيْهِ
غَيْرُهُ فِي تَأْكِيدِ التَّأْوِيلِ الأَوَّلِ بِقَوْلِهِمْ : مَا فُلانٌ إِلاَّ
فِي يَدِي ، وَمَا فُلانٌ إِلاَّ فِي كَفِّي ، وَمَا فُلانٌ إِلاَّ فِي خِنْصَرِي
، يُرِيدُ بِذَلِكَ إِثْبَاتَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ ، لا أَنَّ خِنْصَرَهُ يَحْوِي
فُلانًا ، وَكَيْفَ يَحْوِيهِ وَهِيَ بَعْضٌ مِنْ جَسَدِهِ ؟ وَقَدْ يَكُونُ
فُلانٌ أَشَدَّ بَطْشًا وَأَعْظَمَ مِنْهُ جِسْمًا
باب ما ذكر في الساعد والذراع
742- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيِّ
بْنِ رُسْتُمَ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَأَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو
الْوَلِيدُ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَشِفُ الْهَيْئَةِ ، فَقَالَ : هَلْ
لَكَ مِنْ مَالٍ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : مِنْ أَيِّ
الْمَالِ ؟ قُلْتُ : مِنْ كُلٍّ مِنَ الإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ
وَالْغَنَمِ قَالَ : فَإِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالا فَلْيُرَ عَلَيْكَ قَالَ :
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تُنْتِجُ إِبِلُ
قَوْمِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا فَتَعْمَدُ إِلَى الْمُوسَى فَتَقْطَعُ آذَانَهَا ،
وَتَقُولُ : هِيَ بَحْرٌ ، وَتَشُقُّهَا أَوْ تَشُقُّ جُلُودَهَا وَتَقُولُ : هِيَ حُرُمٌ
فَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : فَكُلُّ مَا آتَاكَ
اللَّهُ لَكَ حِلٌّ ، وَسَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ ، وَمُوسَى اللهِ
أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ تَابَعَهُ أَبُو الزَّعْرَاءِ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ،
وَأَبُوهُ مَالِكُ بْنُ نَضْلَةَ الْجُشَمِيُّ لَيْسَ لَهُ رَاوٍ غَيْرَ ابْنِهِ
أَبِي الأَحْوَصِ
743- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ
مُوسَى ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
إِنَّ غِلَظَ جِلْدِ الْكَافِرِ اثَنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ
الْجَبَّارِ ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ قَالَ بَعْضُ
أَهْلِ النَّظَرِ فِي قَوْلِهِ : سَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ مَعْنَاهُ
: أَمَرُهُ أَنْفَذُ مِنْ أَمْرِكَ ، وَقُدْرَتُهُ أَتَمُّ مِنْ قُدْرَتِكَ ، كَقَوْلِهِمْ
: جَمَعْتُ هَذَا الْمَالَ بِقُوَّةِ سَاعِدِي ، يَعْنِي بِهِ رَأْيَهُ
وَتَدْبِيرَهُ وَقُدْرَتَهُ ، فَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّاعِدِ
لِلتَّمْثِيلِ لأَنَّهُ مَحِلُّ الْقُوَّةِ ، يُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ :
وَمُوسَاهُ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ يَعْنِي قَطْعُهُ أَسْرَعُ مِنْ قَطْعِكَ ،
فَعَبَّرَ عَنِ الْقَطْعِ بِالْمُوسَى لِمَا كَانَ سَبَبًا عَلَى مُذْهِبِ
الْعَرَبِ فِي تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يُجَاوِرُهُ ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ
، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ ، كَمَا سُمِّيتِ الْبَصَرُ عَيْنًا وَالسَّمْعُ أُذُنًا ،
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ : بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ إِنَّ الْجَبَّارَ
هَهُنَا لَمْ يَعْنِ بِهِ الْقَدِيمَ ، وَإِنَّمَا عَنَى
بِهِ رَجُلا جَبَّارًا كَانَ يُوصَفُ بِطُولِ الذِّرَاعِ وَعِظَمِ الْجِسْمِ ،
أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : {كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}.
وَقَوْلِهِ : {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} ،
فَقَوْلُهُ : بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ أَيْ بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ الْمَوْصُوفِ
بِطُولِ الذِّرَاعِ وَعِظَمِ الْجَسَدِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ
ذِرَاعًا طَوِيلا يُذْرَعُ بِهِ يُعْرَفُ بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ ، عَلَى مَعْنَى
التَّعْظِيمِ وَالتَّهْوِيلِ ، لا أَنَّ لَهُ ذِرَاعًا كَذِرَاعِ الأَيْدِي
الْمَخْلُوقَةِ
744- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا سعيد بن
أبي مريم ، حَدَّثَنَا نافع بن يزيد ، حدثني يحيى بن أيوب ، أن ابن جريج ، حدثه عن
رجل ، عن عروة بن الزبير ، أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص : أي الخلق أعظم ؟
قال : الملائكة . قال : من ماذا خلقت ؟ قال : من نور الذراعين
والصدر . قال فبسط ذراعين ، فقال : كونوا ألفي ألفين .
قال ابن أيوب : فقلت لابن جريج
: ما ألفا ألفين ؟ قال : ما لا تحصى كثرته . هذا موقوف
على عبد الله بن عمرو وراويه رجل غير مسمى ، فهو منقطع.
وقد بلغني أن ابن عيينة رواه عن هشام بن عروة ، عن أبيه
، عن عبد الله بن عمرو.
فإن صح ذلك فعبد الله بن عمرو وقد كان ينظر في كتب
الأوائل ، فما لا يرفعه إلى النبي عليه السلام يحتمل أن يكون مما رآه فيما وقع
بيده من تلك الكتب ، ثم لا ينكر أن يكون الصدر والذراعان من أسماء بعض مخلوقاته ،
وقد وجد في النجوم ما سمي ذراعين.
وفي الحديث الثابت عن عروة ، عن عائشة قالت : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : خلقت الملائكة من نور.
هكذا مطلقا
باب ما ذكر في الساق
قال الله عز وجل : {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود
فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم} الآية
745- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الضَّبِّيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا
الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ،
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
أَبِي هِلالٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَنَرَى
رَبَّنَا تَعَالَى ذِكْرُهُ ؟ قَالَ : هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ
إِذَا كَانَ صَحْوًا ؟ قُلْنَا : لا ، قَالَ : فَتَضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ
الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ إِذَا كَانَ صَحْوًا ؟ قُلْنَا : لا ، قَالَ :
فَإِنَّكُمْ لا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِي
رُؤْيَتِهِمَا ، ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ : لِيَذْهِبَ كُلُّ قَوْمٍ مَعَ مَنْ
كَانُوا يَعْبُدُونَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهَا ؟ فَيَقُولُونَ :
السَّاقُ ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَيَبْقَى
مَنْ كَانَ يَسْجُدُ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدُ فَيَعُودُ
ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا قَالَ
:
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ، وَرَوَاهُ عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسَ ، عَنِ اللَّيْثِ
مُخْتَصَرًا ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ؛ عَنْ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ ، عَنِ
اللَّيْثِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تَهَيَّبَ الْقَوْلَ فِيهِ شُيُوخُنَا ،
فَأَجَرَوْهُ عَلَى ظَاهَرِ لَفْظِهِ ، وَلَمْ يَكْشِفُوا عَنْ بَاطِنِ مَعْنَاهُ
، عَلَى نَحْوِ مَذْهَبِهِمْ فِي التَّوَقُّفِ
عَنْ تَفْسِيرِ كُلِّ مَا لا يُحِيطُ الْعِلْمُ
بِكُنْهِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَعْنَى
قَوْلِهِ : يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ
قَالَ : عَنْ شِدَّةٍ وَكَرْبٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ
مَعْنَى قَوْلِهِ : يَوْمَ يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ أَيْ عَنْ قَدْرَتِهِ
الَّتِي تَنْكَشِفُ عَنِ الشِّدَّةِ وَالْمَعَرَّةِ
746- وذكر الأثر الذي حدثناه أبو عبد الله الحافظ ،
أَخْبَرَنَا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ، حَدَّثَنَا الحسين بن محمد القباني
، حَدَّثَنَا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك ، أَخْبَرَنَا
أسامة بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه سئل عن قوله تبارك وتعالى : {يوم
يكشف عن ساق} قال : إذا خفي عليكم شيء من القرآن ، فابتغوه من الشعر ، فإنه ديوان
العرب . أما سمعتم قول الشاعر :
اصبر عناق إنه شر باق قد سن قومك ضرب الأعناق وقامت
الحرب بنا على ساق قال ابن عباس : هذا يوم كرب وشدة . تابعه أبو كريب عن ابن
المبارك . وقال أبو سليمان ، وقال غيره من أهل التفسير والتأويل في قوله : {يوم
يكشف عن ساق} أي : عن الأمر الشديد ، وأنشدوا : قد شمرت عن ساقها فشدوا وجدت الحرب بكم فجدوا
وقال بعض الأعراب ، وكان يطرد الطير عن الزرع في سنة جدب : عجبت من نفسي ومن
إشفاقها ومن طرادي الطير عن أرزاقها في سنة قد كشفت عن ساقها قال الشيخ رضي الله
عنه : هذا وما روينا عن ابن عباس في المعنى يتقاربان ، وقد روي عن ابن عباس بهذا
اللفظ ، وروي بمعناه
747- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ،
أَخْبَرَنَا أبو الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله
بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل
: {يوم يكشف عن ساق} قال : هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة
748- وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حَدَّثَنَا أبو
العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، حَدَّثَنَا يحيى بن زياد الفراء ،
حدثني سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، أنه قرأ} {يوم يكشف عن
ساق} يريد : القيامة والساعة لشدتها . قال الفراء : أنشدني بعض العرب لجد طرفة :
كشفت لهم عن ساقها وبدا من الشر الصراح
749- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أحمد بن
كامل القاضي ، أَخْبَرَنَا أبو جعفر محمد بن سعد بن محمد بن الحسين بن عطية ، حدثني
أبي ، حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية ، حدثني أبي ، عن جدي عطية بن سعد ، عن
ابن عباس ، في قوله : {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود} يقول : حين يكشف الأمر وتبدو الأعمال ،
وكشفه دخول الآخرة وكشف الأمر عنه
750- أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أَخْبَرَنَا أبو منصور
النضروي ، حَدَّثَنَا أحمد بن نجدة ، حَدَّثَنَا سعيد بن منصور ، حَدَّثَنَا خالد
بن عبد الله ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : قال ابن مسعود :
يكشف عن ساقه ، فيسجد كل مؤمن ، ويقسو ظهر الكافر فيصير
عظما واحدا
751- وعن إبراهيم قال : قال ابن عباس : يكشف عن أمر شديد
؛ يقال : قد قامت الحرب على ساق
731- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا أبو بكر يحيى بن أبي طالب ، أَخْبَرَنَا
حماد بن مسعدة ، أَخْبَرَنَا عمر بن أبي زائدة ، قال : سمعت عكرمة ، سئل عن قوله
سبحانه : {يوم يكشف عن ساق} قال : إذا اشتد الأمر في الحرب قيل : كشفت الحرب عن
ساق . قال : فأخبرهم عن شدة ذلك . قال أبو سليمان رحمه الله : فإنما جاء ذكر الكشف
عن الساق على معنى الشدة ، فيحتمل والله أعلم أن يكون معنى الحديث أنه يبرز من أمر
القيامة وشدتها ما
ترتفع معه سواتر الامتحان ، فيميز عند ذلك أهل اليقين
والإخلاص ، فيؤذن لهم في السجود ، وينكشف الغطاء عن أهل النفاق فتعود ظهورهم طبقا
لا يستطيعون السجود ، قال : وقد تأوله بعض الناس فقال : لا ننكر أن يكون الله سبحانه
قد يكشف لهم عن ساق لبعض المخلوقين من ملائكته أو غيرهم ، فيجعل ذلك سببا لبيان ما
شاء من حكمه في أهل الإيمان وأهل النفاق قال أبو سليمان رحمه الله : وفيه وجه آخر
لم أسمعه من قدوة ، وقد يحتمله معنى اللغة ، سمعت أبا عمر يذكر عن أبي العباس أحمد
بن يحيى النحوي فيما عد من المعاني المختلفة الواقعة تحت هذا الاسم ، قال : والساق
النفس ، قال : ومنه قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين راجعه أصحابه عن قتل
الخوارج فقال : والله لأقاتلنهم ولو تلفت ساقي . يريد نفسه . قال أبو سليمان : فقد
يحتمل على هذا أن يكون المراد به التجلي لهم وكشف الحجب ، حتى إذا رأوه سجدوا له .
قال : ولست أقطع به القول ولا أراه واجبا فيما أذهب إليه من ذلك ، وأسأل الله أن
يعصمنا من القول بما لا علم لنا به
752- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَسَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ
مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ جُنَاحٍ ، عَنْ مَوْلَى ، عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ، قَالَ :
عَنْ نُورٍ عَظِيمٍ يَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا تَفَرَّدَ
بِهِ رَوْحُ بْنُ جُنَاحٍ ، وَهُوَ شَامِيُّ يَأْتِي
بِأَحَادِيثَ مُنْكَرَةٍ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَوَالِي
عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيهِمْ كَثْرَةٌ
باب ما ذكر في القدم والرجل
753- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ
، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، غَيْرَ مَرَّةٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو
حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ ، قَالا : أنا آدَمُ بْنُ أَبِي
إِيَاسَ الْعَسْقَلانِيُّ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ : هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى
يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ : قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ ،
وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، وَلا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى
يُنْشِئَ اللَّهُ خَلْقًا فَيُسْكِنَهُ فُضُولَ الْجَنَّةِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ ، عَنْ آدَمَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ
شَيْبَانَ ، وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ، عَنْ قَتَادَةَ ، وَقَالَ
فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدَمَهُ
وَفِي الرِّوَايَةِ الأُخْرَى عَنْهُ : حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا قَدَمَهُ
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ ،
عَنْ قَتَادَةَ ، وَقَالا فِي الْحَدِيثِ : رَبَّ الْعَالَمِينَ الْعَالَمِينَ
وَرَوَاهُ شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ
754- كَمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
بَالَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ
اللهِ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ،
عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُلْقَى فِي النَّارِ وَتَقُولُ : هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى
يَضَعَ قَدَمَهُ أَوْ رِجْلَهُ عَلَيْهِ ، فَتَقُولُ قَطْ قَطْ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ ، عَنْ حَرَمِيِّ بْنِ عُمَارَةَ
755- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا
حَدَّثَنَا
أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، فَقَالَتِ
النَّارُ : أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ ، وَقَالَتِ
الْجَنَّةُ : فَمَا لِي لا يُدْخِلُنِي إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَغِرَّتُهُمْ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجَنَّةِ : أَنْتِ رَحْمَتِي
أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مَنْ عِبَادِي ، وَقَالَ لِلنَّارِ : إِنَّمَا أَنْتِ
عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءِ مِنْ عِبَادِي ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ
مِنْكُمَا مِلْؤُهَا ، فَأَمَّا النَّارُ فَلا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ
فِيهَا رِجْلَهُ ، فَتَقُولُ : قَطْ قَطْ قَطْ ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى
بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، وَلا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا ، وَأَمَّا
الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ
كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ : حَتَّى يَضَعَ الرَّبُّ قَدَمَهُ فِيهَا وَرَوَاهُ
عَوْفٌ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ ، وَقَالَ : فَيَضَعُ
الرَّبُّ قَدَمَهُ عَلَيْهَا وَرَوَاهُ الأَعْرَجُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ :
فَأَمَّا النَّارُ فَلا تَمْتَلِئُ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُولُ قَطْ
قَطْ ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ
756- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ
، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ،
حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ بِنَحْوٍ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ :
وَسَقَطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ وَانْتَهَى حَدِيثُهُ عِنْدَ
قَوْلِهِ : وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
غَيْرِ إِضَافَةٍ ، فَقَالَ : حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمًا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ ذَكَرِ الْقَدَمَ وَالرِّجْلَ ، وَتَرَكِ
الإِضَافَةِ إِنَّمَا تَرَكَهَا تَهَيُّبًا لَهَا ، وَطَلَبًا لِلسَّلامَةِ مِنْ
خَطَأِ التَّأْوِيلِ فِيهَا ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ ، وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ
أَهْلِ الْعِلْمِ ، يَقُولُ : نَحْنُ نَرْوِي هَذِهِ الأَحَادِيثَ وَلا نُرِيغُ لَهَا
الْمَعَانِيَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَنَحْنُ أَحْرَى بِأَنْ لا
نَتَقَدَّمَ فِيمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عِلْمًا وَأَقْدَمُ
زَمَانًا وَسِنًّا ، وَلَكِنَّ الزَّمَانَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ قَدْ صَارَ
أَهْلُهُ حِزْبَيْنِ : مُنْكَرٌ لِمَا يُرْوَى مِنْ نَوْعِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ
رَأْسًا ، وَمُكَذِّبٌ بِهِ أَصْلا ، وَفِي ذَلِكَ تَكْذِيبُ الْعُلَمَاءِ
الَّذِينَ رَوَوْا هَذِهِ الأَحَادِيثَ وَهُمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ وَنَقَلَةُ
السُّنَنِ ، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى مُسَلِّمَةٌ لِلرِّوَايَةِ فِيهَا
ذَاهِبَةٌ فِي تَحْقِيقِ الظَّاهِرِ مِنْهَا مَذْهَبًا يَكَادُ يُفْضِي بِهِمْ
إِلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ ، وَنَحْنُ نَرْغَبُ عَنِ الأَمْرَيْنِ مَعًا ، وَلا
نَرْضَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَذْهَبًا ، فَيَحِقُّ عَلَيْنَا أَنْ نَطْلُبَ لِمَا
يَرِدُ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ إِذَا صَحَّتْ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ
وَالسَّنَدِ.
تَأْوِيلا يَخْرُجُ عَلَى مَعَانِي أُصُولِ الدِّينِ ،
وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ ، وَلا نُبْطِلُ الرِّوَايَةَ فِيهَا أَصْلا ، إِذَا
كَانَتْ طُرُقُهَا مُرْضِيَّةً وَنَقَلَتُهَا عُدُولا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَذِكْرُ الْقَدَمِ هَهُنَا
يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ : مَنْ قَدَّمَهُمُ اللَّهُ لِلنَّارِ
مِنْ أَهْلِهَا ، فَيَقَعُ بِهِمُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ أَهْلِ النَّارِ وَكُلُّ
شَيْءٍ قَدَّمْتُهُ فَهُوَ قَدَمٌ ، كَمَا قِيلَ لِمَا هَدَمْتُهُ : هَدْمٌ ،
وَلِمَا قَبَضْتُهُ : قَبْضٌ ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَّ
لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، أَيْ مَا قَدَّمُوهُ مِنَ الأَعْمَالِ
الصَّالِحَةِ وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى هَذَا عَنِ الْحَسَنِ ، وَيُؤَيِّدُهُ
قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ : وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا
خَلْقًا فَاتَّفَقَ الْمَعْنَيَانِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ
وَالنَّارِ تُمَدُّ بِزِيَادَةِ عَدَدٍ يَسْتَوْفِي بِهَا عِدَّةَ أَهْلِهَا ،
فَتَمْتَلِئُ عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ : وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ
أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، مِنْ كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيِّ
حِكَايَةً ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ ، أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ : حَتَّى
يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ أَيْ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ مِنْ
أَهْلِ النَّارِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : قَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمُ الرِّجْلَ
عَلَى نَحْو مِنْ هَذَا ، قَالَ
: وَالْمُرَادُ بِهِ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الْجَمَاعَةِ
الَّذِينَ اسْتُوجِبُوا دُخُولَ النَّارِ قَالَ : وَالْعَرَبُ تُسَمِّي جَمَاعَةَ
الْجَرَادِ رِجْلا كَمَا سَمَّوْا جَمَاعَةَ الظِّبَاءِ سِرْبًا وَجَمَاعَةَ النَّعَامِ
خَيْطًا ، وَجَمَاعَةَ الْحَمِيرِ عَانَةً ، قَالَ : وَهَذَا وَإِنْ كَانَ اسْمًا
خَاصًّا لِجَمَاعَةِ الْجَرَادِ ، فَقَدْ يُسْتَعَارُ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ عَلَى
سَبِيلِ التَّشْبِيهِ وَالْكَلامُ الْمُسْتَعَارُ وَالْمَنْقُوُلُ مِنْ مَوْضِعِهِ
كَثِيرٌ ، وَالأَمْرُ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مَشْهُورٌ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَفِيهِ
وَجْهٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الأَسْمَاءَ أَمْثَالٌ يُرَادُ بِهَا
إِثْبَاتُ مَعَانٍ لا حَظَّ لِظَاهِرِ الأَسْمَاءِ فِيهَا مِنْ طَرِيقِ
الْحَقِيقَةِ ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَيْهَا نَوْعٌ مِنَ
الزَّجْرِ لَهَا وَالتَّسْكِينُ مِنْ غَرَبِهَا كَمَا
يَقُولُ الْقَائِلُ لِلشَّيْءِ يُرِيدُ مَحْوَهُ
وَإِبْطَالَهُ : جَعَلْتُهُ تَحْتَ رِجْلَيَّ ، وَوَضَعْتُهُ تَحْتَ قَدَمَيَّ
وَخَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ ،
فَقَالَ : أَلا إِنَّ كُلَّ دَمِ وَمَأْثُرَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ تَحْتَ
قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ ، إِلاَّ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَسِدَانَةَ الْبَيْتِ يُرِيدُ
مَحْوَ تِلْكَ الْمَآثِرِ وَإِبْطَالِهَا ، وَمَا أَكْثَرُ مَا تَضْرِبُ الْعَرَبُ
الأَمْثَالَ فِي كَلامِهَا بِأَسْمَاءِ الأَعْضَاءِ ، وَهِيَ لا تُرِيدُ أَعْيَانَهَا
، كَمَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَسْبِقُ مِنْهُ الْقَوْلُ أَوِ الْفِعْلُ ثُمَّ
يَنْدَمُ عَلَيْهِ : قَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ أَيْ نَدِمَ وَكَقَوْلِهِمْ : رَغِمَ
أَنْفُ الرَّجُلِ ، إِذَا ذُلَّ وَعَلا كَعْبُهُ إِذَا جَلَّ وَجَعَلْتُ كَلامَ
فُلانٍ دُبُرَ أُذُنِي ، وَجَعَلْتُ يَا هَذَا حَاجَتِي بِظَهْرٍ ، وَنَحْوُهَا
مِنْ أَلْفَاظِهِمُ الدَّائِرَةِ فِي كَلامِهِمْ وَكَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ فِي
وَصْفِ طُولِ اللَّيْلِ : فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ وَأَرْدَفَ أَعْجَازًا
وَنَاءَ بِكَلْكَلِ وَلَيْسَ هُنَاكَ صُلْبٌ ، وَلا عَجُزٌ ، وَلا كَلْكَلٌ
وَإِنَّمَا هِيَ أَمْثَالٌ ضَرَبَهَا لِمَا أَرَادَ مِنْ بَيَانِ طُولِ اللَّيْلِ
وَاسْتِقْصَاءِ الْوَصْفِ لَهُ ، فَقَطَّعَ اللَّيْلَ تَقْطِيعَ ذِي أَعْضَاءٍ
مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَقَدْ تَمَطَّى عِنْدَ إِقْبَالِهِ وَامْتَدَّ بَعْدُ
بِدِوَامِ رُكُودِهِ ، وَطُولِ سَاعَاتِهِ ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ الرِّجْلُ
أَيْضًا فِي الْقَصْدِ لِلشَّيْءِ وَالطَّلَبِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ جِدٍّ وَإِلحَاحٍ
، يُقَالُ : قَامَ فُلانٌ فِي هَذَا الأَمْرِ عَلَى رِجْلٍ ، وَقَامَ عَلَى سَاقٍ
إِذَا جَدَّ فِي الطَّلَبِ ، وَبَالَغَ فِي السَّعْيِ وَهَذَا الْبَابُ كَثِيرُ التَّصَرُّفِ
فَإِنْ قِيلَ : فَهَلا تَأَوَّلَتَ الْيَدَ وَالْوَجْهَ عَلَى هَذَا النَّوْعِ
مِنَ التَّأْوِيلِ ، وَجَعَلْتَ الأَسْمَاءَ فِيهِمَا أَمْثَالا كَذَلِكَ ؟ فَإِنْ
قِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
بِأَسْمَائِهَا ، وَهِيَ صِفَاتُ مَدْحٍ ، وَالأَصْلُ أَنَّ كُلَّ صِفَةٍ جَاءَ
بِهَا الْكِتَابُ أَوْ صَحَّتْ بِأَخْبَارِ التَّوَاتُرِ أَوْ رُوِيَتْ مِنْ
طَرِيقِ الآحَادِ وَكَانَ لَهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ ، أَوْ خَرَجَتْ عَلَى
بَعْضِ مَعَانِيهِ فَإِنَّا نَقُولُ بِهَا وَنُجْرِيهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ
غَيْرِ تَكْيِيفٍ ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْكِتَابِ ذِكْرٌ ، وَلا فِي التَّوَاتُرِ
أَصْلٌ ، وَلا لَهُ بِمَعَانِي الْكِتَابِ تَعَلُّقٌ ، وَكَانَ مَجِيئُهُ مِنْ
طَرِيقِ الآحَادِ وَأَفْضَى بِنَا الْقَوْلُ إِذَا أَجْرَيْنَاهُ عَلَى ظَاهِرَهِ
إِلَى
التَّشْبِيهِ فَإِنَّا نَتَأَوْلُهُ عَلَى مَعْنًى
يَحْتَمِلُهُ الْكَلامُ وَيَزُولُ مَعَهُ مَعْنَى التَّشْبِيهُ ، وَهَذَا هُوَ
الْفَرَقُ بَيْنَ مَا جَاءَ مِنْ ذِكْرِ الْقَدَمِ وَالرِّجْلِ وَالسَّاقِ ،
وَبَيْنَ الْيَدِ وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ ، وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ ،
وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ لِصَوَابِ الْقَوْلِ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ
الْخَطَأِ وَالزَّلَلِ فِيهِ ، إِنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
757- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ ، حَدَّثَنَا
أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ أَبِي
صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ ، وَنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلا : اللَّهُ لا إِلَهَ
إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، إِلَى قَوْلِهِ : وَهُوَ الْعَلِيُّ
الْعَظِيمُ ، أَمَّا قَوْلُهُ : الْقَيُّومُ : هُوَ الْقَائِمُ ، وَأَمَّا سِنَةٌ
: فَهُوَ رِيحُ النَّوْمِ الَّتِي تَأْخُذُ فِي الْوَجْهِ فَيَنْعَسُ الإِنْسَانُ
، وَأَمَّا مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ : فَالدُّنْيَا ، وَأَمَّا مَا خَلْفَهُمْ : فَالآخِرةُ ،
وَأَمَّا لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ يَقُولُ : لا
يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ عِلْمِهِ
إِلا بِمَا شَاءَ ، هُوَ يُعَلِّمُهُمْ ، وَأَمَّا
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ : فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
فِي جَوْفِ الْكُرْسِيِّ ، وَالْكُرْسِيُّ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ ، وَهُوَ
مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ ، وَأَمَّا لا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ، فَلا يَثْقُلُ
عَلَيْهِ ، كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ
758- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو
مُسْلِمٍ الْكِجِّيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ
عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ، قَالَ : مَوْضِعُ
الْقَدَمَيْنِ قَالَ : وَلا يُقَدَّرُ قَدْرَ عَرْشِهِ كَذَا قَالَ : مَوْضِعُ
الْقَدَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ وَقَالَهُ أَيْضًا أَبُو مُوسَى
الأَشْعَرِيُّ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ ، وَكَأَنَّهُ أَصَحُّ
، وَتَأْويلُهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ مِقْدَارُ الْكُرْسِيِّ مِنَ الْعَرْشِ ،
كَمِقْدَارِ كُرْسِيٍّ يَكُونُ عِنْدَ سَرِيرٍ قَدْ وُضِعَ لِقَدَمَيِ الْقَاعِدِ
عَلَى السَّرِيرِ ، فَيَكُونُ السَّرِيرُ أَعْظَمَ قَدْرًا مِنَ الْكُرْسِيِّ
الْمَوْضُوعِ دُونَهُ مَوْضِعًا لِلْقَدَمَيْنِ ، هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ
الْخَبَرِ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَالْخَبَرُ مَوْقُوفٌ لا
يَصِحُّ رَفْعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ
مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَسِّرُوا أَمْثَالَ هَذِهِ ، وَلَمْ
يَشْتَغِلُوا بِتَأْوِيلِهَا ، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
وَاحِدٌ غَيْرُ مُتَبَعِّضٍ ، وَلا ذُو جَارِحَةٍ
759- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ
مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ، يَقُولُ : شَهِدْتُ زَكَرِيَّا
بْنَ عَدِيٍّ ، سَأَلَ وَكِيعًا ، فَقَالَ : يَا أَبَا سُفْيَانَ ، هَذِهِ
الأَحَادِيثُ يَعْنِي مِثْلَ : الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَنَحْوَ
هَذَا ؟ فَقَالَ وَكِيعٌ : أَدْرَكْنَا إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ ،
وَسُفْيَانَ ، وَمِسْعَرًا يُحَدِّثُونَ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ وَلا يُفَسِّرُونَ
شَيْئًا
760- وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ
الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ الأَصْبَهَانِيُّ ،
فِيمَا أَجَازَ لَهُ جَدُّهُ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا عُبَيْدٍ ، يَقُولُ : هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا : ضَحِكَ رَبُّنَا
مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غَيْرِهِ ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لا تَمْتَلِئُ
حَتَّى يَضَعَ رَبُّكَ قَدَمَهُ فِيهَا ، وَالْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ
وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ فِي الرِّوَايَةِ هِيَ عِنْدَنَا حَقٌّ ، حَمَلَهَا
بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ، غَيْرَ أَنَّا إِذَا سُئِلْنَا عَنْ تَفْسِيرِهَا لا
نُفَسِّرُهَا وَمَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا يُفَسِّرُهَا
761- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ
، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ ، قَالَ : بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ ، فِي الْمَسْجِدِ
إِذْ جَاءَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ ، فَجَلَسَ فَتَحَدَّثَ فَثَابَ إِلَيْهِ
أُنَاسٌ ، ثُمّ قَالَ : انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ،
فَإِنِّي قَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَدِ اشْتَكَى ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى
دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَوَجَدْنَاهُ مُسْتَلْقِيًا وَاضِعًا
رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى ، فَسَلَّمْنَا وَجَلَسْنَا ، فَرَفَعَ
قَتَادَةُ يَدَهُ إِلَى رِجْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَرَصَهَا قَرْصَةً
شَدِيدَةً ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : سُبْحَانَ اللهِ يَا ابْنَ آدَمَ ،
أَوْجَعَتْنِي قَالَ : ذَاكَ أَرَدْتُ ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا قَضَى خَلْقَهُ
، اسْتَلْقَى ثُمَّ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى ، ثُمَّ قَالَ : لا يَنْبَغِي
لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِي أَنْ يَفْعَلَ هَذَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : لا جَرَمَ لا
أَفْعَلُهُ أَبَدًا.
فَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَلَمْ أَكْتُبْهُ إِلاَّ مِنْ
هَذَا الْوَجْهِ ، وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ شَرْطِ
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٍ ، فَلَمْ يُخْرِجَا حَدِيثَهُ هَذَا فِي
"الصَّحِيحِ" ، وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْحُفَّاظِ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
762- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ، يَقُولُ : فُلَيْحُ
بْنُ سُلَيْمَانَ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ
763- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الأُشْنَانِيُّ ، قَالُوا : أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ
يَقُولُ : فُلَيْحٌ ضَعِيفٌ ، قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ : وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ
لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
قَالَ الشَّيْخُ : فَإِذَا كَانَ فُلَيْحُ بْنُ
سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ مُخْتَلِفًا فِي جَوَازِ الاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَ الْحُفَّاظِ
لَمْ يَثْبُتْ بِرِوَايَتِهِ مِثْلُ هَذَا الأَمْرِ الْعَظِيمِ وَفِيهِ عِلَّةٌ أُخْرَى
وَهِيَ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ مَاتَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ ، وَعُبَيْدُ بْنُ
حُنَيْنٍ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً فِي
قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ وَابْنِ بُكَيْرٍ ، فَتَكُونُ رِوَايَتُهُ عَنْ قَتَادَةَ
مُنْقَطِعَةً ، وَقَوْلُ الرَّاوِي
: وَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ
لا يَرْجِعُ إِلَى عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى مَنْ
أَرْسَلَهُ عَنْهُ ، وَنَحْنُ لا نَعْرِفُهُ ، فَلا نَقْبَلُ الْمَرَاسِيلَ فِي الأَحْكَامِ
، فَكَيْفَ فِي هَذَا الأَمْرِ الْعَظِيمِ ؟ ثُمَّ إِنْ صَحَّ طَرِيقُهُ
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ
بِهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى طَرِيقِ الإِنْكَارِ ، فَلَمْ يَفْهَمْ
عَنْهُ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ إِنْكَارَهُ
764- أخبرنا أبو جعفر العزايمي ، أَخْبَرَنَا أبو العباس
الصبغي ، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن زياد ، حَدَّثَنَا ابن أبي أويس ، حدثني ابن
أبي الزناد عبد الرحمن ، عن هشام بن عروة ، عن
عبد الله بن عروة بن الزبير ، أن الزبير بن العوام سمع
رجلا يحدث حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستمع الزبير له حتى إذا قضى
الرجل حديثه قال له الزبير : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال
الرجل : نعم . قال : هذا وأشباهه مما يمنعنا أن نحدث عن النبي صلى الله عليه
وسلم ، قد لعمري سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حاضر ، ولكن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدأ هذا الحديث فحدثناه عن رجل من أهل الكتاب حدثه
إياه ، فجئت أنت يومئذ بعد أن قضى صدر الحديث ، وذكر الرجل الذي من أهل الكتاب
فظننت أنه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الشيخ : ولهذا الوجه من
الاحتمال ترك أهل النظر من أصحابنا الاحتجاج بأخبار الآحاد في صفات الله تعالى ،
إذا لم يكن لما انفرد منها أصل في الكتاب أو الإجماع ، واشتغلوا بتأويله ، وما نقل
في هذا الخبر إنما يفعله في الشاهد من الفارغين من أعمالهم من مسه لغوب ، أو أصابه
نصب مما فعل ، ليستريح بالاستلقاء ووضع إحدى رجليه على الأخرى ، وقد كذب الله
تعالى اليهود ، حين وصفوه بالاستراحة بعد خلق السماوات والأرض وما بينهما فقال :
ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما
يقولون
765- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الأَحْمَسِيُّ ، بِالْكُوفَةِ ، حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ
، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ الْيَهُودَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَتْ عَنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، فَقَالَ
: خَلَقَ الأَرْضَ يَوْمَ الأَحَدِ وَالاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ
وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْمَنَافِعِ ، وَخَلَقَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ الشَّجَرَ
وَالْمَاءَ وَالْمَدَائِنَ وَالْعُمْرَانَ وَالْخَرَابَ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ ،
فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلِ : قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ
الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ
الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا
وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ،
وَخَلَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ السَّمَاءَ ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ النُّجُومَ وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ وَالْمَلائِكَةَ إِلَى ثَلاثِ سَاعَاتٍ بَقَيْنَ مِنْهُ ، فَخَلَقَ
فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلاثِ السَّاعَاتِ الآجَالَ حِينَ يَمُوتُ
مَنْ مَاتَ ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَلْقَى الآفَةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا
يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ ، وَفِي الثَّالِثَةِ آدَمَ وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ
وَأَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لَهُ ، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا فِي آخِرِ
السَّاعَةِ ثُمَّ قَالَتِ الْيَهُودُ
: ثُمَّ مَاذَا يَا مُحَمَّدُ ؟
قَالَ : ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ قَالُوا : قَدْ
أَصَبْتَ لَوْ أَتْمَمْتَ قَالُوا : ثُمَّ اسْتَرَاحَ قَالَ : فَغَضِبَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا ، فَنَزَلَتْ : وَلَقَدْ
خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا
مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ
766- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ،
حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله تعالى {وما مسنا من
لغوب} قال : اللغوب النصب} ، تقول اليهود إنه أعيي بعد ما خلقهما . قال الشيخ رضي
الله عنه : وأما النهي عن وضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى فقد رواه أبو الزبير عن
جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم دون هذه القصة ، وحمله أهل العلم على ما يخشى
من انكشاف العورة ، وهي الفخذ إذا رفع إحدى رجليه على الأخرى مستلقيا والإزار ضيق
، وهو جائز عند الجميع إذا لم يخش ذلك
767- أَخبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكي ، قَالا : أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ
وَهْبٍ ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبَّادُ
بْنُ تَمِيمٍ ، عَنْ عَمِّهِ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، كَانَ يَسْتَلْقِي فِي
الْمَسْجِدِ وَإِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى
وَزَادَ زَكَرِيَّا فِي رِوَايَتِهِ ، قَالَ : وَزَعَمَ عَبَّادٌ أَنَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَا يَفْعَلانِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي طَاهِرٍ ، وَحَرْمَلَةُ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
768- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ ، بِهَا ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعْدٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ، عَنْ عَمِّهِ
وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ
عَلَى الأُخْرَى لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ ، زَادَ إِبْرَاهِيمُ فِي رِوَايَتِهِ : وَأَنَّهُ
فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَعُثْمَانُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ الْقَعْنَبِيِّ ، عَنْ مَالِكٍ ، وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، عَنْ
مَالِكٍ
769- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ ، نا
الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، وَعُثْمَانَ
بْنَ عَفَّانَ ، رضي الله عنهما كانا يفعلان ذلك
770- وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، حَدَّثَنَا أبو
العباس الأصم ، حَدَّثَنَا بحر بن نصر ، حَدَّثَنَا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن
ابن شهاب ، قال : حدثني عمر بن عبد العزيز ، أن محمد بن نوفل ، أخبره أنه رأى
أسامة بن زيد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا وإحدى رجليه على الأخرى
. قال الشيخ : وقال بعض أهل النظر في حديث قتادة بن النعمان معناه : لما خلق ما
أراد خلقه ترك إدامة مثله ولو شاء لأدام . هذا مثل جار في من فرغ مما قصده ، فلان
استلقى على ظهره ، وإن لم يكن اضطجع ، ويحتمل أن يكون استلقى بمعنى ألقى ، فيكون
معناه أنه ألقى بعض السماوات فوق بعض ، وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ، وتكون السين
بمثابته في استدعى واستبرى . وأما تأويل قوله : ثم وضع إحدى رجليه على الأخرى . أي
: رفع قوما على قوم ، فجعل بعضهم سادة وبعضهم عبيدا ، والرجل جماعة ، أو جعلهم
صنفين في الشقاوة والسعادة أو الغنى والفقر ، أو الصحة والسقم ، يؤيده حديث الزهري
، عن عباد بن تميم المازني عن عبد الله بن زيد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم
مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى ، وكان أبو بكر وعمر وعثمان رضي
الله عنهم يفعلون ذلك
771- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ
، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ
، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أُنْشِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ : رَجُلٌ وَثَوْرٌ
تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ وَالنَّسْرُ لِلأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَدَقَ وَأُنْشِدَ قَوْلَهُ :
وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا
يَتَوَرَّدُ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : صَدَقَ تَأْبَى فَمَا تَبْدُو لَنَا فِي رِسْلِهَا إِلاَّ مُعَذَّبَةً
وَإِلا تَجَلَّدُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
صَدَقَ.
فَهَذَا حَدِيثٌ يَتَفَرَّدُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ مَا جَاءَ
فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْكُرْسِيَّ يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةُ مَلائِكَةَ
: مَلَكٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ ، وَمَلَكٌ فِي
صُورَةِ أَسَدٍ ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ ثَوْرٍ ،
وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ نَسْرٍ ، فَكَأَنَّهُ إِنْ صَحَّ بَيَّنَ أَنَّ الْمَلَكَ
الَّذِي فِي صُورَةِ رَجُلٍ وَالْمَلَكَ الَّذِي فِي صُورَةِ ثَوْرٍ يَحْمِلانِ
مِنَ الْكُرْسِيِّ مَوْضِعَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى ، وَالْمَلَكُ الَّذِي صُورَةِ النَّسْرِ
وَالَّذِي فِي صُورَةِ الأَسَدِ وَهُوَ اللَّيْثُ يَحْمِلانِ مِنَ الْكُرْسِيِّ
مَوْضِعَ الرِّجْلِ الأُخْرَى ، أَنْ لَوَ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ ذَا رِجْلَيْنِ
ما جاء في تفسير قوله عز وجل {أن تقول نفس يا حسرتى على
ما فرطت في جنب الله} ما جاء في تفسير قوله عز وجل : {أن تقول نفس يا حسرتى على ما
فرطت في جنب الله}
772- أخبرنا محمد بن عبد الله ، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن
بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين الكسائي ، حَدَّثَنَا آدم بن أبي
إياس ، حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله عز وجل : {أن
تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله} يعني ما ضيعت من أمر الله
باب ما جاء في تفسير الروح وقوله عز وجل : {إذ قال ربك
للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} ،
وقول الله عز وجل : {إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم
وروح منه فآمنوا بالله و
773- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو أحمد
محمد بن محمد بن إسحاق الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن نصر اللباد ، حَدَّثَنَا
عمرو بن حماد بن طلحة ، حَدَّثَنَا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، في قصة خلق آدم عليه
السلام ، قال : فبعث جبريل عليه السلام إلى الأرض ليأتيه بطين منها ، فقالت الأرض
: إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني . فرجع ولم يأخذه ، وقال : رب إنها
عاذت} بك فأعذتها ، فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها ، فرجع فقال كما قال جبريل ،
فبعث ملك الموت فعاذت منه فأعاذها فرجع فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ
أمره . فأخذ من وجه الأرض ، وخلط فلم يأخذ من مكان واحد ، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء
وسوداء . فلذلك خرج بنو آدم مختلفين ، ولذلك سمي آدم لأنه أخذ من أديم} الأرض ،
فصعد به فبل التراب حتى عاد طينا لازبا- اللازب هو الذي يلزق بعضه ببعض- ثم ترك
حتى أنتن فذلك
حيث يقول {من حمإ مسنون} قال : منتن ، ثم قال للملائكة : {إني خالق
بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} فخلقه الله بيده لئلا
يتكبر إبليس عنه ليقول له : أتتكبر عما عملت بيدي ، ولم أتكبر أنا عنه ، فخلقه بشرا فكان
جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة : فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما
رأوه ، وكان أشدهم فزعا منه إبليس ، وكان يمر به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار
، تكون له صلصلة} ، فذلك حين يقول} {من صلصال كالفخار} ويقول لأمر ما : خلقت ،
ودخل من فمه فخرج من دبره ، فقال للملائكة : لا ترهبوا من هذا فإنه أجوف ، ولئن
سلطت عليه لأهلكنه . فلما بلغ الحين الذي أريد أن ينفخ فيه الروح ، قال للملائكة :
إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له ، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه عطس ،
فقالت له الملائكة : قل الحمد لله ، فقال : الحمد لله ، فقال الله له : رحمك ربك ،
فلما دخل الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة ، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب
قبل أن يبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة ، فذلك حين يقول} {خلق الإنسان من
عجل} {فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين} . وذكر القصة . وبهذا الإسناد
في قصة مريم وابنها ، قالوا : خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها ، فلما طهرت
إذا هي برجل معها ، وهو قوله عز وجل {فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا} وهو
جبريل عليه السلام ، ففزعت منه وقالت} {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال :
{إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} {11} الآية فخرجت وعليها جلبابها ، فأخذ
بكمها فنفخ في جيب درعها وكان مشقوقا من قدامها ، فدخلت النفخة صدرها فحملت ،
فأتتها أختها امرأة زكريا ليلة لتزورها ، فلما فتحت لها الباب التزمتها ، فقالت
امرأة زكريا : يا مريم أشعرت أني حبلى ؟ قالت مريم : أشعرت أيضا أني حبلى ؟ قالت
امرأة زكريا : فإنى وجدت ما في بطني يسجد للذي في بطنك ،
فذلك قوله عز وجل : {مصدقا بكلمة من الله} وذكر القصة قال الشيخ رضي الله عنه :
فالروح الذي منه نفخ في آدم عليه السلام كان خلقا من خلق الله تعالى ، جعل الله عز
وجل حياة الأجسام به ، وإنما أضافه إلى نفسه على طريق الخلق والملك ، لا أنه جزء
منه ، وهو كقوله عز وجل : {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} أي من
خلقه
774- أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ ، أَخْبَرَنَا
الحسن بن محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن أبي بكر
، حَدَّثَنَا وكيع ، حَدَّثَنَا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ،
قال : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث} بالمدينة ، وهو متوكئ} على
عسيب} ، فمر بقوم من اليهود ، فقال بعضهم لبعض : سلوه عن الروح . وقال بعضهم : لا
تسألوه . فسألوه فقالوا : يا محمد ، ما الروح ؟ فوقف . قال عبد الله : فظننت أنه يوحى
إليه ، فقرأ : {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} الآية . فقال بعضهم :
قد قلنا لكم لا تسألوه . أخرجاه في الصحيح من حديث وكيع وغيره . قال أبو سليمان الخطابي
رحمه الله : أما الروح فقد اختلفوا فيما وقعت عنه المساءلة من الأرواح ؛ فقال
بعضهم : الروح ههنا جبريل عليه السلام ، وقال بعضهم : هو ملك من الملائكة بصفة
وصفوها من عظم الخلقة . قال : وذهب أكثر أهل التأويل إلى أنهم سألوه عن الروح الذي
به تكون حياة الجسد ، وقال أهل النظر منهم : إنما سألوه
عن كيفية الروح ومسلكه في بدن الإنسان وكيف امتزاجه بالجسم
، واتصال الحياة به ، وهذا شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل . وقد ثبت عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال : الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر
منها اختلف ، وقال : أرواح الشهداء في صور طير خضر تعلق من ثمر الجنة . فأخبر أنها
كانت منفصلة من الأبدان فاتصلت بها ، ثم انفصلت عنها ، وهذا من صفة الأجسام
775- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ
الْقُطْنِ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ
أُمَيَّةَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَمَّا
أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ
أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ ،
وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا ، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ
فِي ظِلِّ الْعَرْشِ ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ
وَمَقِيلِهِمْ ، قَالُوا : مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءُ فِي
الْجَنَّةِ نُرْزَقُ ، لِئَلا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ ، وَلا يَنْكُلُوا فِي
الْحَرْبِ ؟ فَقَالَ اللَّهُ : أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ : وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ
أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ وَقَدْ ثَبَتَ
مَعْنَى هَذَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ
776- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْهَمَذَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا
ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ
777- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ الأَنْبَارِيُّ ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
مَعِينٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ
، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، قَالَتْ : كَانَتْ بِمَكَّةَ
امْرَأَةٌ مَزَّاحَةٌ فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَتْ عَلَى امْرَأَةٍ
مِثْلِهَا ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ وقَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَكَرَهُ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ ، فَقَالَ : وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ
فَذَكَرَهُ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ
778- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ
شَرِيكٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجَمَاهِرِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ ح أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالا :
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : الأَرْوَاحُ
جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا
اخْتَلَفَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
قُتَيْبَةَ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ
الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : هَذَا يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ
إِشَارَةً إِلَى مَعْنَى التَّشَاكُلِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَالصَّلاحِ
وَالْفَسَادِ ، فَإِنَّ الْخَيِّرَ مِنَ النَّاسِ يَحِنُّ إِلَى شَكْلِهِ ، وَالشِّرِّيرَ
يَمِيلُ إِلَى نَظِيرِهِ وَمِثْلِهِ ، وَالأَرْوَاحُ إِنَّمَا تَتَعَارَفُ
بِضَرَائِبِ طِبَاعِهَا الَّتِي جُبِلَتْ عَلَيْهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ،
فَإِذَا اتَّفَقَتِ
الأَشْكَالُ تَعَارَفَتْ وَتَآلَفَتْ ، وَإِذَا
اخْتَلَفَتْ تَنَافَرَتْ وَتنَاكَرَتْ وَلِذَلِكَ صَارَ الإِنْسَانُ يُعْرَفُ
بِقَرِينِهِ ، وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ بِإِلْفِهِ وَصَحْبِهِ وَالْوَجْهُ الآخَرُ :
أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ فِي حَالِ الْغَيْبِ عَلَى مَا رُوِيَ
فِي الأَخْبَارِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ : خَلَقَ الأَرْوَاحَ قَبْلَ
الأَجْسَامِ ، وَكَانَتْ تَلْتَقِي فَتُشَامُّ كَمَا تُشَامُّ الْخَيْلُ فَلَمَّا الْتَبَسَتْ
بِالأَجْسَامِ تَعَارَفَتْ بِالذِّكْرِ الأَوَّلِ فَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا
إِنَّمَا يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ الْعَهْدُ الْمُتَقَدِّمُ ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ قُلْتُ : وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ
وَالسَّلامُ : فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا ، يُرِيدُ جَيْبَ دِرْعِ مَرْيَمَ
عَلَيْهَا السَّلامُ ، وَقَوْلُهُ : فِيهِ ، يُرِيدُ نَفْسَ مَرْيَمَ ، وَذَلِكَ
أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ نَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا
فَوَصَلَ النَّفْخُ إِلَيْهَا ، وَقَوْلُهُ : مِنْ رُوحِنَا ، أَيْ مِنْ نَفْخِ جِبْرِيلَ
عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ : الرُّوحُ النَّفْخُ ، سُمِّيَ رُوحًا
لأَنَّهُ رِيحٌ يَخْرُجُ مِنَ الرُّوحِ ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ : فَقُلْتُ لَهُ :
ارْفَعْهَا إِلَيْكَ وَأَحْيِهَا بِرُوحِكَ وَاجْعَلْهُ لَهَا قِيتَةً قِدْرًا
قَوْلُهُ : أَحْيِهَا بِرُوحِكَ : أَيْ أَحْيِهَا بِنَفْخِكَ فَالْمَسِيحُ ابْنُ
مَرْيَمَ رُوحُ اللهِ لأَنَّهُ كَانَ بِنَفْخَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ
وَالسَّلامُ فِي دِرْعِ مَرْيَمَ ، وَنَسَبَ الرُّوحَ إِلَيْهِ لأَنَّهُ
بِأَمْرِهِ كَانَ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : وَقَدْ تَكُونُ الرُّوحُ
بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ
مِنْهُ ، أَيْ قَوَّاهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ ، فَقَوْلُهُ : فَنَفَخْنَا فِيهِ
مِنْ رُوحِنَا ، أَيْ : مِنْ رَحْمَتِنَا وَيُقَالُ لَعِيسَى : رُوحُ اللهِ أَيْ : رَحْمَةُ اللهِ
عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ وَقِيلَ : قَدْ يَكُونُ الرُّوحُ بِمَعْنَى الْوَحْيِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ
أَمَرِهِ عَلَى مِنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَقَالَ : يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ
بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ، يَعْنِي بِالْوَحْيِ ، وَإِنَّمَا سَمَّى الْوَحْيَ
رُوحًا لأَنَّهُ حَيَاةٌ مِنَ الْجَهْلِ ، فَكَذَلِكَ سُمِّيَ الْمَسِيحُ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ رُوحًا ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
يَهْدِي بِهِ مَنِ اتَّبَعَهُ فَيُحْيِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلالَةِ ، وَقَالَ
: فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا ، أَيْ : صَارَ بِكَلِمَتِنَا كُنْ بَشَرًا
مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَسُمِّيَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ رُوحًا ، فَقَالَ : قُلْ
نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَقَالَ :
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَقَالَ : وَأَيَّدْنَاهُ
بِرُوحِ الْقُدُسِ ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَقَالَ :
فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ،
وَقَالَ : تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ، قِيلَ : أَرَادَ بِهِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَقِيلَ : أَرَادَ بِهِ الْمَلَكَ الْمُعَظَّمَ
الَّذِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ : يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا.
وَقَوْلِهِ : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
779- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم بن أبي
إياس ، حَدَّثَنَا هشيم ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال
: الروح أمر من أمر الله عز وجل ، وخلق من خلق الله تعالى ، صورهم على صورة بني
آدم ، وما نزل من السماء ملك إلا ومعه واحد من الروح
780- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن
معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله : {ويسألونك عن
الروح} يقول : الروح ملك
781- وبإسناده عن معاوية بن صالح ، قال : حدثني أبو هزان
يزيد بن سمرة ، عمن حدثه ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في قوله :
{ويسألونك عن الروح} قال : هو ملك من الملائكة ، له سبعون ألف وجه بكل وجه منها
سبعون ألف لسان ، لكل لسان منها سبعون ألف لغة ، يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها
، يخلق من كل تسبيحة ملك يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة
782- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى بن
الفضل ، حَدَّثَنَا أبو العباس
محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار ، حَدَّثَنَا
أبو معاوية ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله : {يوم يقوم الروح والملائكة}
قال : الروح خلق كالناس وليسوا بالناس لهم أيد وأرجل
783- وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، حَدَّثَنَا أبو الحسين
محمد بن عبد الله القهستاني ، حَدَّثَنَا محمد بن أيوب ، أَخْبَرَنَا نصر بن علي
الجهضمي ، أخبرني أبي ، عن شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : الروح نحو خلق الإنسان
784- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أحمد بن
كامل القاضي ، حَدَّثَنَا محمد بن سعد العوفي ، حدثني أبي ، حدثني عمي الحسين بن الحسن
بن عطية ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله : {يوم
يقوم الروح والملائكة صفا} قال : يعني حين يقوم أرواح الناس مع الملائكة فيما بين
النفختين قبل أن ترد الأرواح إلى الأجساد وفي كيفية حمل مريم عليها الصلاة والسلام
قول آخر عن أبي بن كعب رضي الله عنه
.
785- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني محمد بن علي
الشيباني بالكوفة ، أَخْبَرَنَا أحمد بن حازم الغفاري ، حَدَّثَنَا عبيد الله بن
موسى ، أَخْبَرَنَا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي
بن كعب ، رضي الله عنه ، قال : كان روح عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام من
تلك الأرواح التي أخذ الله عليها الميثاق في زمن آدم عليه الصلاة والسلام ، فأرسله
إلى مريم في صورة بشر {فتمثل لها بشرا سويا} ، تلا إلى قوله : {فحملته} قال : حملت
الذي خاطبها ، وهو روح عيسى ، قال : فدخل من فيها
باب ما روي في الرحم أنها قامت فأخذت بحقو الرحمن
786- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ ،
أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مُنِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ
بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، حَدَّثَنِي
أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ ، قَامَتِ
الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ : مَهْ ، فَقَالَتْ : هَذَا
مَكَانُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ : نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ
أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قَالَتْ : بَلَى ، قَالَ : فَذَلِكَ لَكِ
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْرَؤُوا إِنْ
شِئْتُمْ : فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ
وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ
فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ حَاتِمٍ ،
وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ ، فَقَالَ
: فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ :
أَنَّهَا اسْتَجَارَتْ وَاعْتَصَمَتْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، كَمَا تَقُولُ
الْعَرَبُ : تَعَلَّقْتُ بِظِلِّ جَنَاحِهِ أَيِ : اعْتَصَمْتُ بِهِ وَقِيلَ : الْحَقْوُ
الإِزَارُ ، وَإِزَارُهُ عِزَّةٌ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالْعِزِّ ،
فَلاذَتِ الرَّحِمُ بِعِزِّهِ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَعَاذَتْ بِهِ
وَقَدْ رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ
الرَّحِمَ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ : مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ ،
وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ
787- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي
أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ
مُعَاوِيَةَ ، فَذَكَرَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَهُ بِالْخَبَرِ
الأَوَّلِ
788- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ ، حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الرَّحَبِيُّ ، عَنْ أَبِي
الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
الصَّنْعَانِيِّ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلاثٌ مُعَلَّقَاتٌ
بِالْعَرْشِ : الرَّحِمُ تَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلا أُقْطَعُ ،
وَالأَمَانَةُ تَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلا أُخْتَانُ ، وَالنِّعْمَةُ
تَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلا أُكْفَرُ
789- وَأَمَّا مَا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الْقُرَشِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالُوا : حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، أَخْبَرَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
، قَالَتْ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ اللهِ ، وَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ
قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ لَفْظُ حَدِيثِ الصَّاغَانِيِّ وَفِي رِوَايَةِ
الدَّارِمِيِّ : الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ ،
وَرَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، فَقَالَ : الرَّحِمُ
شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ وَكَذَلِكَ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّ
اسْمَ الرَّحِمَ شُعْبَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَسْمِيَةِ الرَّحْمَنِ
790- وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو
الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنِي أَبُو
سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، أَنَّ أَبَا الرَّدَّادِ
اللَّيْثِيَّ ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ
: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا الرَّحْمَنُ ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ
وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ
قَطَعَهَا بَتَتُّهُ كَذَا قَالَ الرَّمَادِيُّ ، وَجَمَاعَةٌ ، عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ أَبَا الرَّدَّادِ اللَّيْثِيَّ
أَخْبَرَهُ وَكَذَلِكَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
باب ما روي في الإظلال بظله يوم لا ظل إلا ظله
791- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ الْمِصْرِيُّ ، بِمَكَّةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَوْتِ ، إِمْلاءً ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ،
عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي
ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ : إِمَامٌ عَادِلٌ ، وَشَابٌّ نَشَأَ
فِي عِبَادَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ
عَيْنَاهُ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ ، فَقَالَ :
إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا
تَعْلَمُ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا بِالْمَسْجِدِ
إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللهِ
تَعَالَى اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ".
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ
بْنِ عُمَرَ ، عَنْ خُبَيْبٍ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ
النَّظَرِ إِدْخَالُهُ إِيَّاهُمْ فِي رَحْمَتِهِ وَرِعَايَتِهِ ، كَمَا يُقَالُ أَسْبَلَ
الأَمِيرُ ، أَوِ الْوَزِيرُ ظِلَّهُ عَلَى فُلانٍ بِمَعْنَى الرِّعَايَةِ وَقَدْ
قِيلَ : الْمُرَادُ بِالْخَبَرِ ظِلُّ الْعَرْشِ ، وَإِنَّمَا الإِضَافةُ إِلَى
اللهِ تَعَالَى وَقَعَتْ عَلَى مَعْنَى الْمِلْكِ
792- واحتج من قال ذلك بما أخبرنا أبو الحسين بن بشران ،
أَخْبَرَنَا إسماعيل الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن منصور ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق ،
أَخْبَرَنَا معمر ، عن قتادة ، قال : إن سلمان قال : التاجر الصدوق مع السبعة في
ظل عرش الله تعالى يوم القيامة ... ثم ذكر السبعة المذكورين في الخبر المرفوع ،
وروي لفظ العرش في الحديث المرفوع
793- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ ،
بِنَيْسَابُورَ ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ ،
بِهَمَذَانَ ، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَدْلُ ، قَالُوا :
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اللَّيْثِ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ
، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَفْصِ
بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ
تَعَالَى تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ : رَجُلٌ قَلْبُهُ
مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ ، فَقَالَ
: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللهِ ،
وَرَجُلٌ غَضَّ عَيْنَيْهِ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ تَعَالَى ، وَعَيْنٌ حَرَسَتْ فِي
سَبِيلِ اللهِ ،
وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ خُبَيْبٍ ، وَرُوِيَ أَيْضًا ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
باب ذكر الحديث المنكر الموضوع على حماد بن سلمة عن أبي
المهزم في إجراء الفرس
794- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ
الْحَافِظُ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ ، وَكَانَ يَضَعُ
أَحَادِيثَ فِي التَّشْبِيهِ نَسَبَهَا إِلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِيَثْلِبَهُمْ
بِهَا ، رُوِيَ عَنْ حَبَّانَ بْنِ هِلالٍ ، وَحَبَّانُ ثقة ، عَنْ حَمَّادِ
بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ
اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْفَرَسَ فَأَجْرَاهَا فَعَرَقَتْ ، ثُمَّ خَلَقَ نَفَسَهُ
مِنْهَا مَعَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ وَضَعَهَا مِنْ هَذَا النَّحْوِ تَعَصُّبًا
لِيَثْلِبَ أَهْلَ الأَثَرِ بِذَلِكَ
795- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ
الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الأَشْيَبَ ، يَقُولُ : كَانَ ابْنُ
الثَّلْجِيِّ ، يَقُولُ : مَنْ كَانَ الشَّافِعِيُّ ؟ وَيَقَعُ فِيهِ ، فَلَمْ يَزَلْ
يَقُولُ هَذَا حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ أَبَا
عَبْدِ اللهِ ، يَعْنِي الشَّافِعِيَّ ، وَذَكَرَ عِلْمَهُ وَقَالَ : وَقَدْ رَجَعْتُ
عَمَّا كُنْتُ أَقُولُ فِيهِ.
قُلْتُ : وَأَبُو الْمُهَزِّمِ ، وَإِنْ كَانَ
مَتْرُوكًا ، فَلا يُحْتَمَلُ مِثْلُ هَذَا ، وَلا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ
يَسْتَجِيزُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ مِثْلَ هَذَا ، فَإِنَّمَا الْحَمْلُ مِنْهُ
عَلَى مَنْ دُونَ حَبَّانَ بْنِ هِلالٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ ، ثُمَّ حَالِ
أَبِي الْمُهَزِّمِ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ الْبَصْرِيُّ عِنْدَ أَهْلِ
الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ
796- كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرُو بْنُ السَّمَّاكِ ،
حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ ،
قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ شُعْبَةَ عَنْ حَدِيثٍ لأَبِي الْمُهَزِّمِ ، فَقَالَ
شُعْبَةُ : أَبُو الْمُهَزِّمِ رَأَيْتُهُ مَطْرُوحًا فِي مَسْجِدِ ثَابِتٍ ،
وَلَوْ أَعْطَاهُ إِنْسَانٌ فِلْسَيْنِ ، أَوْ قَالَ دِرْهَمَيْنِ ، حَدَّثَهُ سَبْعِينَ
حَدِيثًا
797- وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ مَعِينٍ ، قَالَ : أَبُو الْمُهَزِّمِ
يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ قَالَ : وَسَمِعْتُ ابْنَ
حَمَّادٍ ، يَقُولُ : قَالَ الْبُخَارِيُّ : تَرَكَهُ شُعْبَةُ ، يَعْنِي أَبَا
الْمُهَزِّمِ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ : وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
النَّسَائِيُّ : يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ أَبَوِ الْمُهَزِّمِ بَصْرِيٌ
مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ ، قُلْتُ : وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لا
يَرْوِي مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا
جماع أبواب إثبات صفات الفعل قال الله عز وجل : {الله
خالق كل شيء}.
وقال تعالى : {وخلق كل شيء فقدره تقديرا}.
وقال جَلَّ وعلا : {فعال لما يريد}.
وقال تبارك وتعالى : {إن الله يفعل ما يريد} إلى سائر ما
ورد في كتاب الله تعالى من الآيات التي تدل على أن مصدر ما سوى الله من الله ، على
معنى أنه هو الذي أبدعه واخترعه ، لا إله غيره ، ولا خالق سواه .
باب بدء الخلق قال الله عز وجل : {وهو الذي يبدأ الخلق
ثم يعيده} .
798- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا فَتْحُ بْنُ نُوحٍ أَبُو
نَصْرٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ
بْنُ هَارُونَ الْفَقِيهُ ، إِمْلاءً ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالا : أنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ ، وَابْنُ لَهِيعَةَ ،
قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ الْخَوْلانِيُّ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ
بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، يَقُولُ : سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : قَدَّرَ اللَّهُ
الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفِ
سَنَةٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنِ
ابْنِ أَبِي عُمَرَ ، عَنِ الْمُقْرِئِ ، عَنْ حَيْوَةَ وَحْدَهُ
799- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخَوَّاصُ ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّجِيبِيُّ ، بِمِصْرَ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ
الْوَاحِدِ ، قَالا : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ،
وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : فَرَغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْمَقَادِيرِ وَأُمُورِ
الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَعَرْشُهُ عَلَى
الْمَاءِ بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ التَّمِيمِيِّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَقَوْلُهُ
: فَرَغَ : أَيْ يُرِيدُ بِهِ تَمَامَ خَلْقِ الْمَقَادِيرِ ، لا أَنَّهُ كَانَ
مَشْغُولا بِهِ فَفَرَغَ مِنْهُ ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ
عَنْ شَيْءٍ ، فَإِنَّمَا أَمَرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ ، فَقَالَ : كَتَبَ ،
وَزَادَ أَيْضًا مَا زَادَ مِنْ قَوْلِهِ : وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ
800- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ،
أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا
أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ،
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ :
أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ ثُمَّ دَخَلْتُ ، فَأَتَاهُ نَفَرٌ
مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، فَقَالَ : اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا :
قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا ، فَجَاءَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنٍ ، فَقَالَ
: اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلُوهَا
إِخْوَانُكُمْ بَنُو تَمِيمٍ قَالُوا : قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، أَتَيْنَاكَ
لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ كَيْفَ
كَانَ ؟ قَالَ : كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ ،
وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ كَتَبَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الذِّكْرِ
كُلَّ شَيْءٍ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَالَ : ثُمَّ أَتَانِي
رَجُلٌ ، فَقَالَ : أَدْرِكْ نَاقَتَكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ فَخَرَجْتُ فَوَجَدْتُهَا يَنْقَطِعُ
دُونَهَا السَّرَابُ ، وَايْمُ اللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ"
مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ وَقَوْلُهُ : كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَكُنْ
شَيْءٌ غَيْرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ عَلَى الْمَاءِ
وَلا الْعَرْشِ وَلا غَيْرِهُمَا ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ غَيْرُ اللهِ تَعَالَى
وَقَوْلُهُ : كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ يَعْنِي : ثُمَّ خَلَقَ الْمَاءَ
وَخَلَقَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ كَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ،
كَمَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ،
وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ
801- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
بْنِ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ ،
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ ، عَنْ أَبِي
رَزِينٍ يَعْنِي الْعُقَيْلِيَّ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ ، فَإِذَا سَأَلَهُ أَبُو رَزِينٍ أَعْجَبَهُ ،
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ
يَخْلُقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ ، وَمَا تَحْتَهُ
هَوَاءٌ ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ هَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ
يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ ، وَيُقَالُ : ابْنُ عُدُسٍ ، وَلا
نَعْلَمُ لِوَكِيعِ بْنُ عُدُسٍ هَذَا رَاوِيًا غَيْرَ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ،
وَوَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي فِي عَمَاءٍ مُقَيْدًا بِالْمَدِّ ، فَإِنْ كَانَ فِي
الأَصْلِ مَمْدُودًا فَمَعْنَاهُ سَحَابٌ رَقِيقٌ وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ فِي
عَمَاءٍ أَيْ : فَوْقَ سَحَابٍ مُدْبِرًا لَهُ وَعَالِيًا عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ
تَعَالَى : أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ، يَعْنِي : مَنْ فَوْقَ السَّمَاءِ
وَقَالَ : وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ يَعْنِي : عَلَى جُذُوعِهَا وَقَوْلُهُ
: مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ أَيْ مَا فَوْقَ السَّحَابِ هَوَاءٌ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ
: وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ أَيْ : مَا تَحْتَ السَّحَابِ هَوَاءٌ ، وَقَدْ قِيلَ :
إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْعَمَى مَقْصُورًا ، وَالْعَمَى إِذَا كَانَ مَقْصُورًا ،
فَمَعْنَاهُ : لا شَيْءَ ثَابِتٌ ، لأَنَّهُ مِمَّا يُعْمَى عَلَى الْخَلْقِ
لِكَوْنِهِ غَيْرَ شَيْءٍ ، وَكَأَنَّهُ قَالَ فِي جَوَابِهِ : كَانَ قَبْلَ أَنْ
يَخْلُقَ خَلْقَهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ثُمَّ قَالَ فَمَا فَوْقَهُ وَلا
تَحْتَهُ هَوَاءٌ أَيْ : لَيْسَ فَوْقَ الْعَمَى الَّذِي لا شَيْءَ مَوْجُودٌ
هَوَاءٌ ، وَلا تَحْتَهُ هَوَاءٌ ، لأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ غَيْرَ شَيْءٍ
فَلَيْسَ يَثْبُتُ لَهُ هَوَاءٌ بِوَجْهٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو
عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ صَاحِبُ الْغَرِيبَيْنِ ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ
: مَعْنَاهُ أَيْنَ كَانَ عَرْشُ رَبِّنَا ؟ فَحُذِفَ اخْتِصَارًا ، كَقَوْلِهِ :
وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ، أَيْ :
أَهْلَ الْقَرْيَةِ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ :
وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ
802- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنِ
الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَكَانَ
عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، عَلَى أَيْ شَيْءٍ كَانَ الْمَاءُ ؟ قَالَ : عَلَى
مَتْنِ الرِّيحِ
803- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
أَبِي طَالِبٍ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
الْمُبَارَكِ ، حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
حَبِيبٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ،
أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلْقَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمَ ، وَأَمَرَهُ
فَكَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ وَيُرْوَى ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا وَإِنَّمَا أَرَادَ ، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ ، أَوَّلَ شَيْءٍ خَلْقَهُ بَعْدَ خَلْقِ الْمَاءِ وَالرِّيحِ
وَالْعَرْشِ الْقَلَمُ ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ : ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ فَدَحَا
الأَرْضَ عَلَيْهَا
804- أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي
الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمُزَكِّي ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ
الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْعَبْسِيُّ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَيْءٍ الْقَلَمُ ، فَقَالَ : اكْتُبْ فَقَالَ : يَا
رَبِّ ، وَمَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبِ الْقَدَرَ فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ
مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ قَالَ : ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ فَدَحَا
الأَرْضَ عَلَيْهَا فَارْتَفَعَ بُخَارُ الْمَاءِ فَفَتَقَ مِنْهُ السَّمَاوَاتِ ،
وَاضْطَرَبَ النُّونُ فَمَادَتِ الأَرْضُ فَأُثْبِتَتْ بِالْجِبَالِ ، وَإِنَّ
الْجِبَالَ لَتَفْخَرُ عَلَى الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
805- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الصاغاني ، أَخْبَرَنَا
الحسن بن موسى ، أَخْبَرَنَا أبو هلال محمد بن سليم ، حَدَّثَنَا حيان الأعرج ،
قال : كتب يزيد بن أبي مسلم إلى جابر بن زيد يسأله عن بدء الخلق ، قال : العرش و
الماء والقلم ، والله أعلم أي ذلك بدأ قبل
806- وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أَخْبَرَنَا أبو منصور
النضروي ، حَدَّثَنَا أحمد بن نجدة ، حَدَّثَنَا سعيد بن منصور ، حَدَّثَنَا أبو عوانة
، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، قال : بدء الخلق العرش
والماء والهواء ، وخلقت الأرضون من الماء . وقال : بدأ
الخلق يوم الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، وجمع الخلق يوم الجمعة ،
وتهودت اليهود يوم السبت ، ويوم من الستة الأيام كألف سنة مما تعدون
807- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو أحمد
محمد بن محمد بن إسحاق الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن نصر ، حَدَّثَنَا عمرو
بن حماد بن طلحة ، حَدَّثَنَا أسباط ، عن السدي ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن
ابن عباس ، رضي الله عنهما ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ،
وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل : {هو الذي خلق لكم
ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات} ، قال : إن الله تبارك
وتعالى كان عرشه على الماء ، ولم يخلق شيئا قبل الماء ، فلما أراد أن يخلق الخلق
أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء ، فسما عليه فسماه سماء ، ثم أيبس الماء
فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين : في الأحد والإثنين ،
فخلق الأرض على الحوت والحوت هو النون الذي ذكره الله تعالى في القرآن يقول : {ن
والقلم} والحوت في الماء ، والماء على صفاة} ، والصفاة على ظهر ملك ، والملك على
الصخرة ، والصخرة في الريح وهي الصخرة التي ذكرها لقمان ليست في السماء ولا في
الأرض ، فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض فأرسل عليها الجبال فقرت.
فالجبال تفخر على الأرض وذلك قوله تعالى : {وألقى في
الأرض رواسي أن تميد بكم} وخلق الجبال فيها ، وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها
في يومين في الثلاثاء والأربعاء ، وذلك حين يقول : {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض
في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها}
يقول : أنبت شجرها} {وقدر فيها أقواتها} يقول : أقواتها لأهلها} {في أربعة أيام
سواء للسائلين} يقول : من سأل فهكذا الأمر} {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} وكان ذلك
الدخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع سماوات في
يومين في الخميس والجمعة ، وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السماوات والأرض
: {وأوحى في كل سماء أمرها} ، قال : خلق في كل سماء خلقا من الملائكة ، والخلق
الذي فيها من البحار وجبال البر ، وما لا يعلم ، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب ،
فجعلها زينة وحفظا يحفظ من الشياطين ، فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش
فذلك حين يقول : {خلق السماوات والأرض في ستة أيام} يقول : {كانتا رتقا ففتقناهما}
. وذكر القصة في خلق آدم عليه السلام ، وقد مضى ذكره في باب الروح
808- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ شَاكِرٍ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ،
عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا
رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي إِذَا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي ،
فَأَنْبِئْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
كُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ مِنَ الْمَاءِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
809- أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل
القطان ببغداد ، أَخْبَرَنَا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، حَدَّثَنَا يعقوب بن
سفيان ، حدثني يوسف بن عدي . وأخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي
ببغداد ، حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن أحمد النيسابوري ، حَدَّثَنَا محمد بن
إبراهيم البوشنجي ، حَدَّثَنَا أبو يعقوب
يوسف بن عدي ، حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن
أبي أنيسة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما
، قال سعيد : جاءه رجل ، فقال : يا أبا عباس ، إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي ،
فقد وقع} ذلك في صدري . فقال ابن عباس : أتكذيب ؟ فقال الرجل : ما هو بتكذيب ولكن
اختلاف . قال : فهلم ما وقع في نفسك . قال له الرجل : أسمع الله تعالى يقول : {فلا
أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}.
وقال في آية أخرى : {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون}.
وقال في آية أخرى : {ولا يكتمون الله حديثا}.
وقال في آية أخرى : {والله ربنا ما كنا مشركين} فقد
كتموا في هذه الآية . وقال في قوله : {أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها ، رفع سمكها
فسواها ، وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها} فذكر في هذه الآية خلق السماء
قبل خلق الأرض ، ثم قال في الآية الأخرى : {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في
يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها
وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال
لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} فذكر في هذه الآية خلق الأرض
قبل السماء.
وقوله : {وكان الله غفورا رحيما}
{وكان الله عزيزا حكيما} {وكان الله سميعا بصيرا} وكأنه
كان ثم مضى ، وفي رواية الخوارزمي ثم تقضى . فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هات
ما وقع في نفسك من هذا . فقال السائل : إذا أنت أنبأتني بهذا فحسبي . قال ابن عباس
رضي الله عنهما : قوله تعالى : {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} فهذه في
النفخة الأولى ، ينفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله
فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ، ثم إذا كان في النفخة الأخرى قاموا فأقبل
بعضهم على بعض يتساءلون.
وأما قوله : {والله ربنا ما كنا مشركين}.
وقوله : {ولا يكتمون الله حديثا} فإن الله تبارك وتعالى
يغفر يوم القيامة لأهل الإخلاص ذنوبهم ولا يتعاظم عليه ذنب أن يغفره ، ولا يغفر
الشرك ، فلما رأى المشركون ذلك قالوا : إن ربنا يغفر الذنوب ولا يغفر الشرك ، فتعالوا
نقول : إنا كنا أهل ذنوب ولم نكن مشركين . فقال الله تعالى : أما إذ كتمتم الشرك
فاختموا على أفواههم ، فيختم على أفواههم فتنطق أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا
يكسبون ، فعند ذلك عرف المشركون أن الله لا يكتم حديثا ، فذلك قوله تعالى : {يومئذ
يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا}.
وأما قوله : {أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها
فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها} فإنه خلق الأرض في يومين
قبل خلق السماء ، ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين ، ثم نزل إلى الأرض
فدحاها ، ودحوها أن أخرج منها الماء والمرعى وشق فيها الأنهار ، وجعل فيها السبل ،
وخلق الجبال والرمال والآكام وما فيها في يومين آخرين فذلك قوله : {والأرض بعد ذلك
دحاها} {11}.
وقوله : {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين
وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين
وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها
في أربعة أيام سواء للسائلين} فجعلت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام وجعلت
السماوات في يومين.
وأما قوله : {وكان الله غفورا رحيما} {وكان الله عزيزا حكيما}
{وكان الله سميعا بصيرا} فإن الله سمى نفسه ذلك ولم يجعله لأحد غيره . وفي رواية
الخوارزمي رحمه الله : ولم ينحله} أحدا غيره ، فذلك قوله : {وكان الله} . أي : لم يزل كذلك . ثم
قال ابن عباس رضي الله عنهما للرجل
: احفظ عني ما حدثتك ، واعلم أن ما اختلف عليك من القرآن
أشباه ما حدثتك ، فإن الله تعالى لم ينزل شيئا إلا قد أصاب به الذي أراد ، ولكن
الناس لا يعلمون فلا يختلفن عليك القرآن فإن كلا من عند الله تبارك وتعالى . أخرجه
البخاري في الترجمة ، فقال : وقال المنهال : فذكره : ثم قال في آخره : حدثنيه يوسف بن
عدي . قلت : وبلغني عن مجاهد وغيره من أهل التفسير في قوله : {والأرض بعد ذلك دحاها} معناه :
والأرض مع ذلك دحاها
810- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ ، بِبَغْدَادَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْدَهَ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
بُكَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عَوْنِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لا يُوَافِقُهَا أَحَدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ قَالَ : وَقَالَ عَبْدُ اللهِ
بْنُ سَلامٍ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ابْتَدَأَ الْخَلْقَ فَخَلَقَ الأَرْضَ
يَوْمَ الأَحَدِ وَيَوْمَ الاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الثَّلاثِ
وَيَوْمَ الأَرْبَعَاءِ ، وَخَلَقَ الأَقْوَاتَ وَمَا فِي الأَرْضِ يَوْمَ الْخَمِيسِ
وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى صَلاةِ الْعَصْرِ ، وَهِيَ مَا بَيْنَ صَلاةِ
الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ ، عَنِ تَابَعَهُ وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ
، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
811- وأخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي المعروف الفقيه ،
أَخْبَرَنَا أبو عمرو بن نجيد ، أَخْبَرَنَا أبو مسلم ، حَدَّثَنَا أبو عاصم ، عن
ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبيه ، عن عبد الله بن سلام ، قال : خلق الله الأرض
في يومين ، وقدر فيها أقواتها في يومين ثم استوى فخلق السماوات في يومين ، خلق
الأرض في يوم الأحد ويوم الإثنين وقدر فيها أقواتها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ، وخلق
السماوات في يوم الخميس ويوم الجمعة ، وآخر ساعة في يوم الجمعة خلق الله آدم في
عجل ، وهي التي تقوم فيها الساعة ، وما خلق الله من دابة إلا وهي تفزع من يوم
الجمعة إلا الإنسان والشيطان
812- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدِ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ
ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ
خَالِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِيَدِي ، فَقَالَ : خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ،
وَخَلَقَ
فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ
يَوْمَ الإِثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ ، وَخَلَقَ
النُّورَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا مِنَ الدَّوَابِّ يَوْمَ
الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ آخِرَ
الْخَلْقِ ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ
إِلَى اللَّيْلِ هَذَا حَدِيثٌ قَدْ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِهِ ، عَنْ سُرَيْجِ بْنِ
يُونُسَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ
غَيْرُ مَحْفُوظٍ لِمُخَالَفَتِهِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَأَهْلُ
التَّوَارِيخِ.
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ
إِنَّمَا أَخَذَهُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ
خَالِدٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
813- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ ،
بِبُخَارَى ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ
: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ عَنْ حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ
السَّبْتِ فَقَالَ عَلِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ مَدَنِيُّ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ
يُوسُفَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ
أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِيَدِي قَالَ عَلِيُّ : وَشَبَّكَ بِيَدِي إِبْرَاهِيمُ بْنِ أَبِي
يَحْيَى ، وَقَالَ لِي : شَبَّكَ بِيَدِي أَيُّوبُ بْنُ خَالِدٍ ، وَقَالَ لِي :
شَبَّكَ بِيَدِي عَبْدُ اللهِ بْنُ رَافِعٍ ، وَقَالَ لِي شَبَّكَ بِيَدِي أَبُو
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَالَ لِي : شَبَّكَ بِيَدِي أَبُو
الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ لِي : خَلَقَ اللَّهُ
الأَرْضَ يَوْمَ السَّبْتِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ
الْمَدِينِيِّ : وَمَا أَرَى إِسْمَاعِيلَ بْنَ
أُمَيَّةَ أَخَذَ هَذَا إِلاَّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى قُلْتُ :
وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبْذِيُّ ، عَنْ
أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ، إِلاَّ أَنَّ مُوسَى بْنَ عُبَيْدَةَ ضَعِيفٌ ، وَرُوِيَ
عَنْ بَكْرِ بْنِ الشَّرُّودِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ
صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
814- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا محمد بن
صالح بن هانئ ، وإبراهيم بن عصمة ، قالا : حَدَّثَنَا السري بن خزيمة ، حَدَّثَنَا
محمد بن سعيد الأصبهاني ، حَدَّثَنَا يحيى بن يمان ، حَدَّثَنَا سفيان ، عن ابن
جريج ، عن سليمان الأحول ، عن طاووس ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما : {فقال لها
وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} قال للسماء : أخرجي شمسك وقمرك
ونجومك ، وقال للأرض : شققي أنهارك وأخرجي ثمارك . فقالتا : أتينا طائعين
815- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ،
حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ ، عَنْ
عَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : خُلِقَ آدَمُ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأَرْضِ ،
فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأَرْضِ : مِنْهُمُ الأَحْمَرُ ، وَالأَسْوَدُ
، وَالأَبْيَضُ ، وَالسَّهْلُ ، وَالْحَزَنُ ، وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَالْخَبِيثُ ،
وَالطِّيبُ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ ، عَنْ عَوْفٍ ، فَزَادَ فِيهِ : الأَسْمَرُ
وَقَوْلُهُ : مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا يُرِيدُ بِهِ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِهِ بِأَمْرِهِ
وَقَدْ رَوِّينَا عَنِ السُّدِّيِّ بِأَسَانِيدِهِ أَنَّ الَّذِيَ قَبَضَهَا
مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى
816- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو عبد
الله الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن مهران ، حَدَّثَنَا أبو نعيم ، حَدَّثَنَا إبراهيم
بن نافع ، قال : سمعت الحسن بن مسلم ، يقول : سمعت سعيد بن جبير ، يحدث عن ابن
عباس ، رضي الله عنهما قال : خلق الله تعالى آدم من أديم} الأرض كلها
فسمي آدم قال إبراهيم : فسمعت سعيد بن جبير يقول : سألت ابن عباس
رضي الله عنهما فقال : خلق الله تعالى آدم فنسي فسمي الإنسان ، فقال عز وجل :
{ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما}
817- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ الْحَرْبِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ
، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ فَسُمِّيَ آدَمَ ، أَلا تَرَى
أَنَّ مِنَ وَلَدِهِ الأَبْيَضَ وَالأَسْوَدَ وَالطِّيبَ وَالْخَبِيثَ ، ثُمَّ
عَهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ فَسُمِّيَ الإِنْسَانَ قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا غَابَتِ
الشَّمْسُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى أُهْبِطَ
818- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ
الشَّرْقِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، وَأَبُو الأَزْهَرِ ،
وَحَمْدَانُ السُّلَمِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
خُلِقْتِ الْمَلائِكَةُ مِنْ نُورٍ ، وَخُلِقَ الْجَانُّ
مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ، وَخُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِمَّا وُصِفَ
لَكُمْ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
819- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ
اللهِ بْنِ الْمُنَادِي ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: لَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ
اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ فَيَنْظُرُ مَا هُوَ ،
فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ أَجْوَفَ لا يَتَمَالَكُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ
820- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو أحمد
محمد بن محمد بن إسحاق الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن نصر ، حَدَّثَنَا عمرو
بن حماد ، حَدَّثَنَا أسباط ، عن السدي ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن
عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم ، فذكر القصة في خلق آدم عليه السلام ، ونفخ الروح فيه كما مضى في
باب الروح . قال : وأسكن آدم الجنة فكان يمشي فيها وحشيا ليس له زوج يسكن إليها ،
فنام نومة فاستيقظ ، وإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله تعالى من ضلعه ، فسألها
: ما أنت ؟ فقالت : امرأة . قال : ولم خلقت ؟ قالت : تسكن إلي
=====================
قسم 5.كتاب : الأسماء والصفات
المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر
قالت له الملائكة ـ ينظرون ما بلغ علمه ـ : ما اسمها يا
آدم ؟ قال : حواء . قالوا : لم سميت حواء ؟ قال : لأنها خلقت من شيء حي . فقال
الله تعالى : {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما} . وذكر
القصة
821- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ
الْمُقْرِئُ بِوَاسِطَ ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ
، وَأَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، قَالا : أنا
إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ
، عَنْ عَبْدِ اللهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ
الْمَصْدُوقُ : إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ
أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ
مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ
الرُّوحَ ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ : اكْتُبْ رِزْقَهُ وَعَمَلَهُ وَأَجَلَهُ
وَشَقِيُّ أُمْ سَعِيدٌ ، فَوَالَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ
لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ
حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ
فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
فَيَدْخُلَهَا ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى
مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ
فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلَهَا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي
شَيْبَةَ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من وجه آخر ، عَنِ الأَعْمَشِ
822- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، مِنْ أَصْلِهِ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ،
حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ
بْنُ رُزَيْقٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
بِنَحْوِهِ قَالَ عَمَّارٌ : فَقُلْتُ لِلأَعْمَشِ : مَا يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ؟
قَالَ : حَدَّثَنِي خَيْثَمَةُ ، قَالَ
: قَالَ عَبْدُ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ
النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ فَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ
يَخْلُقَ مِنْهَا بَشَرًا ، طَارَتْ فِي بَشَرَةِ الْمَرْأَةِ تَحْتَ كُلِّ ظُفُرٍ
وَشَعْرَةٍ ، ثُمَّ يَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، ثُمَّ يُتْرَكُ دَمًا فِي
الرَّحِمِ فَذَلِكَ جَمْعُهَا
823- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ
الْقَطَّانُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا
يَعْقُوبُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ الأَسْوَدِ ، حَدَّثَنَا أُنَيْسُ بْنُ سَوَّارٍ الْجَرْمِيُّ
، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ ، صَاحِبِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ خَلْقَ
عَبْدٍ فَجَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ ، طَارَ مَاؤُهُ فِي كُلِّ عِرْقٍ
وَعُضْوٍ مِنْهَا ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ جَمَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى
ثُمَّ أَحْضَرَهُ كُلَّ عِرْقٍ لَهُ دُونَ آدَمَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ
رَكَّبَكَ
824- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو
عبد الله بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الوهاب ، أَخْبَرَنَا جعفر بن عون ،
أَخْبَرَنَا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، في قوله
تعالى {والذين يتوفون منكم} الآية ، فقلت لأبي العالية :
لأي شيء ضمت هذه العشرة الأيام إلى الأربعة الأشهر ؟ قال : لأنه ينفخ فيه الروح في
العشرة
825- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ
الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ
بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ
حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَصْنَعُ كُلَّ
صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ
826- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو عبد
الله الحسين بن الحسن بن أيوب ، أَخْبَرَنَا أبو حاتم الرازي ، حَدَّثَنَا عبيد
الله بن موسى ، حَدَّثَنَا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ،
في قوله : {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال : نطفة الرجل
827- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ
بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ
، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
الْجِنُّ ثَلاثَةُ أَصْنَافٍ : صِنْفُ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي
الْهَوَاءِ ، وَصِنْفٌ حَيَّاتٌ وَكِلابٌ ، وَصِنْفٌ يَحِلُّونَ وَيَظْعَنُونَ
قُلْتُ : وَآيَاتُ الْقُرْآنِ وَأَخْبَارُ الرَّسُولِ فِي خَلْقِ اللهِ تَعَالَى
وَأَفْعَالِهِ كَثِيرَةٌ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانُ مَا قَصَدْنَاهُ
828- أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو حامد بن
بلال ، حَدَّثَنَا يحيى بن الربيع المكي ، حَدَّثَنَا سفيان ، حَدَّثَنَا أبو حمزة
الثمالي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما
قال : إن مما خلق الله تعالى درة بيضاء دفتاه} ياقوتة}
حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ، ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، بكل نظرة
يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويغل ويفك ويفعل ما يشاء ، فذلك قوله تبارك وتعالى : {كل
يوم هو في شأن}
829- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو
زكريا يحيى بن محمد العنبري ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد السلام ، حَدَّثَنَا إسحاق
هو الحنظلي ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق ، عن عمر بن حبيب
المكي ، عن حميد بن قيس الأعرج ، عن طاووس ، قال : جاء رجل إلى عبد
الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فسأله : مم خلق الخلق ؟ قال : من الماء
والنور والظلمة والريح والتراب . قال الرجل : فمم خلق هؤلاء ؟ قال : لا أدري . ثم
أتى الرجل عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فسأله ، فقال مثل قول عبد الله بن
عمرو ، قال : فأتى الرجل عبد الله بن عباس فسأله فقال : مم خلق الخلق ؟ قال : من
الماء والنور والظلمة والريح والتراب . قال الرجل : فمم خلق هؤلاء ؟ فتلا عبد الله
بن عباس رضي الله عنهما : {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} فقال
الرجل : ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم . قلت :
أراد أن مصدر الجميع منه أي من خلقه ، وإبداعه واختراعه ، خلق الماء أولا أو الماء
وما شاء من خلقه لا عن أصل ولا على مثال سبق ، ثم جعله أصلا لما خلق بعده ، فهو
المبدع وهو البارئ لا إله غيره ولا خالق سواه
830- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا العباس بن محمد ، حَدَّثَنَا يحيى بن معين ،
حَدَّثَنَا علي بن ثابت ، حَدَّثَنَا القاسم بن سلمان ، قال : سمعت الشعبي ، يقول
: إن لله عبادا من وراء الأندلس كما بيننا وبين الأندلس ما يرون أن الله عز وجل
عصاه مخلوق ، رضراضهم} الدر والياقوت} ، وجبالهم الذهب والفضة ، لا يحرثون ولا
يزرعون ولا يعملون عملا ، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم ، وشجر لها أوراق
عراض هي لباسهم
831- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أحمد بن
يعقوب الثقفي ، حَدَّثَنَا عبيد بن غنام النخعي ، أَخْبَرَنَا علي بن حكيم ،
حَدَّثَنَا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، رضي الله
عنهما ، أنه قال : {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} قال : سبع أرضين
في كل أرض نبي كنبيكم ، وآدم كآدم ، ونوح كنوح ، وإبراهيم كإبراهيم ، وعيسى كعيسى
832- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم بن أبي
إياس ، حَدَّثَنَا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، رضي الله
عنهما في قوله عز وجل : {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} قال : في كل
أرض نحو إبراهيم عليه السلام . إسناد هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما صحيح ، وهو
شاذ بمرة ، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا والله أعلم
833- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو
عبد الله بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الوهاب ، أَخْبَرَنَا جعفر بن عون ،
أَخْبَرَنَا أسامة بن زيد ، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب ، قال : رأيت ابن عباس
رضي الله عنهما يسأل تبيعا : هل سمعت كعبا يذكر السحاب
بشيء ؟ قال : سمعت كعبا يقول : إن السحاب غربال للمطر ،
ولولا السحاب لأفسد المطر ما يقع عليه قال : صدقت ، وأنا قد سمعته . قال : وسمعت كعبا يذكر
أن الأرض تنبت العام نبتا وقابل غيره ؟ قال : نعم . قال : وسمعت كعبا يقول : إن البذر ـ يعني بذر
الحشيش ـ ينزل مع المطر فيخرج في الأرض ؟ قال : نعم . قال : صدقت وأنا قد سمعته
باب ما جاء في معنى قول الله عز وجل : {أم خلقوا من غير
شيء أم هم الخالقون}
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَدَّثَنَا
الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَالطُّورِ ،
فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ : {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ
الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} ،
كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ
834- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
قَالَ : زَادَنِي أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ ، فَذَكَرَهُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : إِنَّمَا كَانَ انْزِعَاجُهُ عِنْدَ سَمَاعِ هَذِهِ الآيَةِ ، لِحُسْنِ
تَلَقِّيهِ مَعْنَى الآيَةِ وَمَعرِفَتِهِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ بَلِيغِ
الْحُجَّةِ ، فَاسْتَدْرَكَهَا بِلَطِيفِ طَبْعِهِ ، وَاسْتَشَفَّ مَعْنَاهَا
بِذَكِيِّ فَهْمِهِ ، وَهَذِهِ الآيَةُ مُشْكِلَةٌ جِدًّا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ
الزَّجَّاجُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ ، قَالَ : فَهِيَ أَصْعَبُ مَا فِي هَذِهِ
السُّورَةِ ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ : لَيْسَ هُمْ
بِأَشَدَّ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
، لأَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ خُلِقَتَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ، وَهُمْ
خُلِقُوا مِنْ آدَمَ ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ قَالَ : وَقِيلَ قَوْلٌ آخَرُ
: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ؟ أَمْ خُلِقُوا لِغَيْرِ شَيْءٍ ؟ أَيْ
خُلِقُوا بَاطِلا لا يُحَاسَبُونَ وَلا يُؤْمَرُونَ وَلا يُنْهَوْنَ قَالَ
الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ : وَهَهُنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ هُوَ أَجْوَدُ مِنَ
الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ ، وَهُوَ الَّذِي يَلِيقُ
بِنَظْمِ الْكَلامِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : أُمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ
شَيْءٍ خَلَقَهُمْ ، فَوُجِدُوا بِلا خَالِقٍ ، وَذَلِكَ مَا لا يَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ ، لأَنَّ تَعَلُّقَ الْخَلْقِ بِالْخَالِقِ مِنْ ضَرُورَةِ الأَمْرِ ،
فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ ، فَإِذْ قَدْ أَنْكَرُوا الإِلَهَ الْخَالِقَ ،
وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُوجَدُوا بِلا خَالِقٍ خَلَقَهُمْ أَفْهُمُ الْخَالِقُونَ لأَنْفُسِهِمْ
؟ وَذَلِكَ فِي الْفَسَادِ أَكْثَرُ ، وَفِي الْبَاطِلِ أَشَدُّ ، لأَنَّ مَا لا
وُجُودَ لَهُ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالْقُدْرَةِ ، وَكَيْفَ
يَخْلُقُ وَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْفِعْلُ ، وَإِذَا بَطَلَ الْوَجْهَانِ
مَعًا قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ لَهُمْ خَالِقًا فَلْيُؤْمِنُوا بِهِ
إِذًا ثُمَّ قَالَ : أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ ،
أَيْ : إِنْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَدَّعُوا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ فِي تِلْكَ
الْحَالِ فَلْيَدَّعُوا خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَذَلِكَ شَيْءٌ لا يُمْكِنُهُمْ
أَنْ يَدَّعُوهُ بِوَجْهٍ ، فَهُمْ مُنْقَطِعُونَ ، وَالْحُجَّةُ لازِمَةٌ لَهُمْ
مِنَ الْوَجْهَيْنِ مَعًا ، ثُمَّ قَالَ : بَلْ لا يُوقِنُونَ فَذَكَرَ
الْعِلَّةَ الَّتِي عَاقَتْهُمْ عَنِ الإِيمَانِ ، وَهِيَ عَدَمُ الْيَقِينِ
الَّذِي هُوَ مَوْهِبَةٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلا يُنَالُ إِلاَّ
بِتَوفِيقِهِ ، وَلِهَذَا كَانَ انْزِعَاجُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ حَتَّى قَالَ : كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا
بَابٌ لا يَفْهَمُهُ إِلاَّ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ قُلْتُ : وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ
بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا ، تَفْسِيرَ هَذِهِ السُّورَةِ ، وَقَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ : أَمْ
خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ، مِنْ غَيْرِ رَبٍّ ، أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ،
يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ
باب ما جاء في العرش والكرسي
قال الله عز وجل : {وكان عرشه على الماء}.
وقال تعالى : {وهو رب العرش العظيم}.
وقال جَلَّ وعلا : {ذو العرش المجيد}.
وقال جلت عظمته : {وترى الملائكة حافين من حول العرش}.
وقال تعالى : {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد
ربهم} الآية . وقال تبارك وتعالى : {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية}
وأقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير ، وأنه جسم مجسم ، خلقه الله تعالى
وأمر ملائكته بحمله وتعبدهم بتعظيمه والطواف به ، كما خلق في الأرض بيتا وأمر بني
آدم بالطواف به واستقباله في الصلاة . وفي أكثر هذه الآيات دلالة على صحة ما ذهبوا
إليه ، وفي الأخبار والآثار الواردة في معناه دليل على صحة ذلك . وقال تبارك
وتعالى : {وسع كرسيه السماوات والأرض} . وروينا عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي
الله عنهما أنه قال : علمه . وسائر الروايات عن ابن عباس وغيره تدل على أن المراد
به الكرسي المشهور المذكور مع العرش
835- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ ،
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ح وَحَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبَانُ ،
قَالا : حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، كَانَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ
الْحَلِيمُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ، لا إِلَهَ
إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ هِشَامٍ
836- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ فِرَاسٍ الْمَكِّيُّ ، قَالُوا : أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْجُمَحِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي
الْمَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ، فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، أَتَدْرِي
أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ
: فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ عِنْدَ رَبِّهَا ،
فَتَسْتَأْذِنُ فِي الرُّجُوعِ فَيُؤْذَنُ لَهَا ، فَيُوشِكُ أَنْ تَسْتَأْذِنَ
فَلا
يُؤَذَنُ لَهَا ، حَتَّى تَسْتَشْفِعَ وَتَطْلُبَ ،
فَإِذَا طَالَ عَلَيْهَا قِيلَ لَهَا
: اطْلُعِي مِنْ مَكَانِكِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
837- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ أَيُّوبَ ، أَخْبَرَنَا عَيَّاشٌ الرَّقَّامُ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ،
حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ
لَهَا ، قَالَ : مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَيَّاشٍ الرَّقَّامِ ، وَغَيْرِهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَغَيْرُهُ ، عَنْ وَكِيعٍ ،
وَذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ :
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ، أَنَّ وَأَصْحَابَ الْمَعَانِي أَهْلَ التَّفْسِيرِ
قَالُوا فِيهِ قَوْلَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي
لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ، أَيْ : لأَجَلٍ لَهَا ، وَقَدَرٍ قُدِّرَ لَهَا ، يَعْنِي
انْقِطَاعَ مُدَّةِ بَقَاءِ الْعَالَمِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مُسْتَقَرُّهَا
غَايَةٌ إِلَيْهِ فِي صُعُودِهَا وَارْتِفَاعِهَا لأَطْوَلِ يَوْمٍ فِي أَيَّامِ
الصَّيْفِ ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِي النُّزُولِ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى أَقْصَى
مَشَارِقِ الشِّتَاءِ لأَقْصَرِ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ قَوْلُهُ
مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ مِنْ حَيْثِ لا نُدْرِكُهُ وَلا نُشَاهِدُهُ ، وَإِنَّمَا
أَخْبَرَ عَنْ غَيْبٍ فَلا نُكَذِّبُ بِهِ وَلا نُكَيِّفُهُ ، لأَنَّ عِلْمَنَا لا
يُحِيطُ بِهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : أَنَّ عَلِمَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ
مِنْ مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فِي كِتَابٍ ، كُتِبَ فِيهِ مَبَادِئُ
أُمُورِ الْعَالَمِ وَنِهَايَاتُهَا ، وَالْوَقْتُ الَّذِي
تَنْتَهِي إِلَيْهِ مُدَّتُهَا ، فَيَنْقَطِعُ دَوَرَانُ
الشَّمْسِ ، وَتَسْتَقِرُّ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَبْطُلُ فِعْلُهَا ، وَهُوَ اللَّوْحُ
الْمَحْفُوظُ ، الَّذِي بُيِّنَ فِيهِ أَحْوَالُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ
وَآجَالُهُمْ وَمَآلُ أُمُورِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ
أَبُو سُلَيْمَانَ : وَفِي هَذَا يَعْنِي الْحَدِيثَ الأَوَّلَ إِخْبَارٌ عَنْ سُجُودِ
الشَّمْسِ تَحْتَ الْعَرْشِ فَلا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ
مُحَاذَاتِهَا الْعَرْشَ فِي مَسِيرِهَا ، وَالْخَبَرُ عَنْ سُجُودِ الشَّمْسِ
وَالْقَمَرِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ ، وَلَيْسَ فِي سُجُودِهَا
لِرَبِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ مَا يَعُوقُهَا عَنِ الدَّأْبِ فِي سَيْرِهَا
وَالتَّصَرُّفِ لِمَا سُخِّرَتْ لَهُ قَالَ : فَأَمَّا قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
: حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ
، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لَمَّا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ أَنَّ
الشَّمْسَ تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ ، لأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الآيَةِ
إِنَّمَا هُوَ نِهَايَةُ مُدْرِكِ الْبَصَرِ إِيَّاهَا حَالَ الْغُرُوبِ ،
وَمَصِيرُهَا تَحْتَ الْعَرْشِ لِلسُّجُودِ إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ غُرُوبِهَا ،
فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْخَبَرِ ، فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ
وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ، أَنَّهَا تَسْقُطُ فِي
تِلْكَ الْعَيْنِ فَتَغْمُرُهَا ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنِ الْغَايَةِ الَّتِي
بَلَغَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ فِي مَسِيرِهِ حَتَّى لَمْ يَجِدْ وَرَاءَهَا
مَسْلَكًا ، فَوَجَدَ الشَّمْسَ تَتَدَلَّى عِنْدَ غُرُوبِهَا فَوْقَ هَذِهِ
الْعَيْنِ ، أَوْ عَلَى سَمْتِ هَذِهِ الْعَيْنِ ، وَكَذَلِكَ يَتَرَاءَى غُرُوبُ الشَّمْسِ
لِمَنْ كَانَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ لا يَرَى السَّاحِلَ ، يَرَى الشَّمْسَ
كَأَنَّهَا تَغِيبُ فِي الْبَحْرِ ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَقِيقَةِ تَغِيبُ
وَرَاءَ الْبَحْرِ ، وَفِي هَهُنَا بِمَعْنَى فَوْقَ ، أَوْ بِمَعْنَى عَلَى ،
وَحُرُوفُ الصِّفَاتِ تُبَدَّلُ بَعْضُهَا مَكَانَ بَعْضٍ
838- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ
، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ
أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالا :
ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ ، فَقَالَ :
يَا مُحَمَّدُ ، رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ لَطَمَ وَجْهِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ادْعُوهُ فَدَعَوْهُ ، فَقَالَ : لِمَ لَطَمَتْ
وَجْهَهُ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِالسُّوقِ وَهُوَ
يَقُولُ : وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ فَقُلْتُ : يَا خَبِيثُ
وَعَلَى مُحَمَّدٍ ؟ فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ :
لا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ ، فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مِنْ يُفِيقُ ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ
بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ ، فَلا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَوْ
جُوزِيَ بِصَعْقَتِهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ الْفِرْيَابِيِّ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ ، عَنْ
سُفْيَانَ
839- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ
، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو
قِلابَةَ الرَّقَاشِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ، وَحَبَّانُ قَالا : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ
جُبَيْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، يَقُولُ
: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّكُمْ
مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً ، وَأَوَّلُ مِنْ يُكْسَى مِنَ الْجَنَّةِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، يُكْسَى حُلَّةً مِنَ
الْجَنَّةِ ، وَيُؤْتَى بِكُرْسِيٍّ فَيُطْرَحُ لَهُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ ،
ثُمَّ يُؤْتَى بِي فَأُكْسَى حُلَّةً مِنَ الْجَنَّةِ لا يَقُومُ لَهَا البَشْرُ ،
ثُمَّ أُوتَى بِكُرْسِيٍّ فَيُطْرَحُ لِي عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ
840- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا العباس الدوري ، حَدَّثَنَا أبو عاصم النبيل ، عن
سفيان ، عن عمرو بن قيس ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث ، عن علي بن
أبي طالب ، رضي الله عنه قال : أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم قبطيتين} ، والنبي حلة حبرة} وهو عن يمين العرش
841- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحَرْبِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ،
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا ،
فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ : إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ : الْقَوْلُ فِيهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكِتَابِ أَحَدَ شَيْئَيْنِ إِمَّا : الْقَضَاءَ الَّذِي
قَضَاهُ وَأَوْجَبَهُ ، كَقَوْلِهِ : كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي
، أَيْ : قَضَى اللَّهُ وَأَوْجَبَ ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ : فَهُوَ عِنْدَهُ
فَوْقَ الْعَرْشِ أَيْ : فَعِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى فَوْقَ الْعَرْشِ
، لا يَنْسَاهُ وَلا يَنْسَخُهُ وَلا يُبَدِّلُهُ ، كَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلا : قَالَ
عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى وَإِمَّا
أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْكِتَابِ
: اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ
أَصْنَافِ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ، وَبَيَانُ أُمُورِهِمْ وَذِكْرُ آجَالِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ
، وَالأَقْضِيَةُ النَّافِذَةُ فِيهِمْ ، وَمَآلُ عَوَاقِبِ أُمُورِهِمْ ،
وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ : فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ أَيْ : فَذِكْرُهُ
عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ ، وَيُضْمَرُ فِيهِ الذِّكْرُ أَوِ الْعِلْمُ ، وَكُلُّ
ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْكَلامِ ، سَهْلٌ فِي التَّخْرِيجِ ، عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ
خَلْقُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، مَخْلُوقٌ لا يستحيلُ أَنْ يَمَسَّهُ كِتَابُ مَخْلُوقٌ
، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ قَدْ رُوِيَ أَنَّ
الْعَرْشَ عَلَى كَوَاهِلِهِمْ ، وَلِيسَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُمَاسُّوا الْعَرْشَ
إِذَا حَمَلُوهُ ، وَإِنْ كَانَ حَامِلُ الْعَرْشِ وَحَامِلُ حَمَلْتِهِ فِي
الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ مَعْنَى
قَوْلِ الْمُسْلِمِينَ : إِنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ، هُوَ أَنَّهُ
مُمَاسٌّ لَهُ ، أَوْ مُتَمَكِّنٌ فِيهِ ، أَوْ مُتَحَيِّزٌ فِي جِهَةٍ مِنْ
جِهَاتِهِ ، لَكِنَّهُ بَائِنٌ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ
جَاءَ بِهِ التَّوْقِيفُ فَقُلْنَا بِهِ ، وَنَفَيْنَا عَنْهُ التَّكْيِيفَ ، إِذْ
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
842- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي
سُفْيَانَ ، عَنْ جَابرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدِ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ
سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
843- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُؤَذِّنُ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ ابْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو
مُوسَى ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُسَاوِرِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُسَاوِرِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ
وَعَنِ الأَعْمَشِ ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ : فَإِنَّ الْبَرَاءَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ :
اهْتَزَّ السَّرِيرُ فَقَالَ : إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ ، الأَوْسِ
وَالْخَزْرَجِ ، ضَغَائِنُ ، سَمِعْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي مُوسَى.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ
الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَمِنْ
حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، وَمِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ ، عَنْ
أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
844- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرُّزِّيُّ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ،
حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ نَبِيَّ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ وَجَنَازَةُ سَعْدٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ مَوْضُوعَةٌ : اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الرُّزِّيِّ
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : الصَّحِيحُ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي
هَذَا أَنْ يُقَالَ : الاهْتِزَازُ هُوَ الاسْتِبْشَارُ وَالسُّرُورُ ، يُقَالُ : إِنَّ فُلانًا يَهْتَزُّ
لِلْمَعْرُوفِ ، أَيْ يَسْتَبْشِرُ وَيُسَرُّ بِهِ ، وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ
عَلَيْهِ مِنَ الْكَلامِ وَالشَّعَرِ ، قَالَ : وَأَمَّا الْعَرْشُ فَعَرْشُ
الرَّحْمَنِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ حَمَلَةَ
الْعَرْشِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَهُ وَيَحِفُّونَ حَوْلَهُ فَرِحُوا بِقُدُومِ
سَعْدٍ عَلَيْهِمْ ، فَأَقَامَ الْعَرْشَ مَقَامَ مَنْ يَحْمِلُهُ وَيَحِفُّ بِهِ
مِنَ الْمَلائِكَةِ ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا جَبَلٌ
يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ يُرِيدُ : أَهْلَهُ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : فَمَا
بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ ، يُرِيدُ : أَهْلَهَا وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
إِنَّ الْمَلائِكَةَ تَسْتَبْشِرُ بِرُوحِ الْمُؤْمِنِ ، وَإِنَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ
بَابًا فِي السَّمَاءِ يَصْعَدُ فِيهِ عَمَلُهُ ، وَيَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ ،
وَيَعْرُجُ فِيهِ رُوحُهُ إِذَا مَاتَ وَكَأَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ مِنَ
الْمَلائِكَةِ فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا بِقُدُومِ رُوحِ سَعْدٍ عَلَيْهِمْ ،
لِكَرَامَتِهِ وَطِيبِ رَائِحَتِهِ ، وَحُسْنِ عَمِلَ صَاحِبِهِ ، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
845- أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
مُحَمُّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ الطُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ
، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
الْمُنْذِرِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ، وَأَقَامَ الصَّلاةَ ، وَصَامَ
رَمَضَانَ ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ،
هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي قَدْ وُلِدَ فِيهَا قَالُوا
: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفَلا نُبَشِّرُ النَّاسَ بِذَلِكَ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ لِلْجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ
لِلْمُهَاجِرِينَ أَوْ قَالَ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى كُلُّ
دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ
وَالأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ تَعَالَى فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ،
فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ
الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ ، وَقَالَ لِلْمُجَاهِدِينَ
846حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلالٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّصْرَابَاذِيُّ ،
قَالا : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي
إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللهِ
تَعَالَى مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ ، مَا بَيْنَ
شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ
سَبْعِمِائَةِ عَامٍ
847- أخبرنا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي
ثَوْرٍ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ
قَيْسٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
قَالَ : كُنْتُ فِي الْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ، فَقَالَ :
مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ ؟ قَالُوا : السَّحَابَ ، قَالَ : وَالْمُزْنَ ؟ قَالُوا :
وَالْمُزْنَ قَالَ : وَالْعَنَانَ ؟ قَالُوا : وَالْعَنَانَ قَالَ : هَلْ
تَدْرُونَ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ؟ قَالُوا : لا نَدْرِي قَالَ
: إِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلاثٌ
وَسَبْعُونَ سَنَةً ، ثُمَّ السَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ ، حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ
، ثُمَّ مِنْ فَوْقِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا
بَيْنَ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ
أَظْلافِهِمْ وَرُكَبِهِمْ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ ، ثُمَّ عَلَى
ظُهُورِهِمُ الْعَرْشُ مَا
بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ
وَسَمَاءٍ ، ثُمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَوْقَ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
أَبِي ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ ، عَنْ سِمَاكٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ
848- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو
قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا
كثير بن هشام ، حَدَّثَنَا جعفر بن برقان ، حَدَّثَنَا يزيد بن الأصم ، عن ابن
عباس ، رضي الله عنهما قال : حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى أسفل قدمه مسيرة
خمسمائة عام . وذكر أن خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب . وروى هشام بن عروة
عن أبيه قال : حملة العرش منهم من صورته صورة الإنسان ، ومنهم من صورته صورة النسر
، ومنهم من صورته صورة الثور ، ومنهم من صورته صورة الأسد
849- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ ،
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ الَّتِي فَوْقَكُمْ ؟ فَقَالُوا : اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّهَا الرَّفِيعُ :
سَقْفٌ مَحْفُوظٌ ، وَمَوْجٌ مَكْفُوفٌ هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَهَا ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَهَا مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّمَاءِ
الأُخْرَى مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ، وَغِلَظُ كُلِّ سَمَاءٍ
مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ
؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ
وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ
قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ الَّتِي تَحْتَكُمْ ؟ قَالُوا : اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّهَا الأَرْضُ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الأَرْضِ
الَّتِي تَحْتَهَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرَضِينَ
وَغِلَظُ كُلُّ أَرْضٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ أَنَّكُمْ دَلَّيْتُمْ
أَحَدَكُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الأَرْضِ السَّابِعَةِ لَهَبَطَ عَلَى اللهِ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ
الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ، قُلْتُ : هَذِهِ الرِّوَايَةُ
فِي مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ اشْتَهَرَتْ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ ، وَرُوِّينَا
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، مِنْ قَوْلِهِ مِثْلَهَا ، وَيُحْتَمَلُ
أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلافِ قُوَّةِ السَّيْرِ
وَضَعْفِهِ ، وَخِفَّتِهِ وَثِقَلِهِ ، فَيَكُونُ
بِسَيْرِ الْقَوِيِّ أَقَلُّ ، وَبِسَيْرِ الضَّعِيفِ أَكْثَرُ ، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ وَالَّذِي رُوِيَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى نَفْيِ
الْمَكَانِ عَنِ اللهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ الْعَبْدَ أَيْنَمَا كَانَ فَهُوَ فِي
الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مِنَ اللهِ تَعَالَى سَوَاءٌ ، وَأَنَّهُ الظَّاهِرُ ، فَيَصِحُّ
إِدْرَاكُهُ بِالأَدِلَّةِ الْبَاطِنُ ، فَلا يَصِحُّ إِدْرَاكُهُ بِالْكَوْنِ فِي
مَكَانٍ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي نَفْيِ الْمَكَانِ عَنْهُ بِقَوْلِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ
فَوْقَكَ شَيْءٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ شَيْءٌ وَلا دُونَهُ شَيْءٌ لَمْ
يَكُنْ فِي مَكَانٍ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ انْقِطَاعٌ ، وَلا ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
وَرُوِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعًا ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ مَرْفُوعًا
850- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو
سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا بَيْنَ الأَرْضِ
إِلَى السَّمَاءِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَغِلَظُ السَّمَاءِ
الدُّنْيَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَمَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى السَّمَاءِ
الَّتِي تَلِيهَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَالأَرَضِينَ مِثْلُ ذَلِكَ ،
وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى الْعَرْشِ مِثْلُ جَمِيعِ ذَلِكَ ،
وَلَوْ حَفَرْتُمْ لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ دَلَّيْتُمُوهُ ، لَوَجَدْتُمُ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ ثَمَّ تَابَعَهُ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ ، وَغَيْرُهُ ، عَنِ
الأَعْمَشِ فِي الْمِقْدَارِ
851- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو
سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ
زِرٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
قَالَ : بَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ،
وَبَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالْكُرْسِيِّ
خَمْسِمِائَةُ عَامٍ ، وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ وَبَيْنَ الْمَاءِ خَمْسِمِائَةِ
عَامٍ ، وَالْكُرْسِيُّ فَوْقَ الْمَاءِ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ
الْكُرْسِيِّ ، وَيَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ، أَظُنُّهُ أَرَادَ ، وَبَيْنَ
السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْمَاءِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ
ورواه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة عن عاصم ابن بهدلة
، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ما بين السماء إلى الأرض
مسيرة خمسمائة عام ، ثم ما بين كل سماءين مسيرة خمسمائة
عام ، وغلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام ، ثم ما بين
السماء السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام ، وما بين الكرسي وبين الماء خمسمائة عام
، والكرسي فوق الماء ، والله تعالى فوق العرش ، ولا يخفى عليه من أعمالكم شيء .
852- أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار ، حَدَّثَنَا يونس بن بكير
، عن عبد الرحمن ، فذكره
853- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق
الصاغاني ، أَخْبَرَنَا روح بن عبادة ، حَدَّثَنَا السائب بن عمر المخزومي ،
أَخْبَرَنَا مسلم بن يناق ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص ، رضي الله
عنهما يقول ـ وهو ينظر إلى السماء ـ فقال : تبارك الله ما أشد بياضها ، والثانية
أشد بياضا منها ، ثم كذلك حتى بلغ سبع سماوات ، ثم قال : خلق الله سبع سماوات وخلق
فوق السابعة الماء ، وجعل فوق الماء العرش ، وجعل في السماء الدنيا الشمس والقمر والنجوم
والرجوم
854- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا مُوسَى
بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرِو
بْنِ الْعَاصِ ، وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالا : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
دُونَ اللهِ تَعَالَى سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ وَظُلْمَةٍ ، مَا تَسْمَعُ
نَفْسٌ حِسَّ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْحُجُبِ إِلاَّ زَهَقَتْ نَفْسُهَا تَفَرَّدَ
بِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ
بِالْحَدِيثِ ضَعِيفٌ ، وَالْحِجَابُ الْمَذْكُورُ فِي الأَخْبَارِ يَرْجِعُ إِلَى
الْخَلْقِ لا إِلَى الْخَالِقِ
855- وأخبرنا أبو عبد الله ، حَدَّثَنَا أبو العباس ،
حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، أَخْبَرَنَا روح ، حَدَّثَنَا شبل ، عن ابن أبي نجيح ،
قال : أراه عن مجاهد {وقربناه نجيا} قال : بين السماء السابعة وبين العرش سبعون
ألف حجاب ، حجاب نور ، وحجاب ظلمة ، وحجاب نور ، وحجاب ظلمة ، فما زال يقرب موسى
حتى كان بينه وبينه حجاب واحد ، فلما رأى مكانه وسمع صرير القلم قال : رب أرني أنظر
إليك . يعني والله أعلم : يقربه من العرش حتى كان بين موسى وبين العرش حجاب واحد
856- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس ، حَدَّثَنَا محمد ، أَخْبَرَنَا علي بن الحسن بن شقيق ، أَخْبَرَنَا عبد
الله بن المبارك ، حَدَّثَنَا هشيم ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، قال : بين الملائكة
وبين العرش سبعون حجابا ، حجاب من نور ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من نور ، وحجاب من
ظلمة . قال ابن شقيق : بلغني في حديث أن جبريل عليه الصلاة والسلام قال : بيننا
وبين العرش سبعون حجابا ، لو دنوت إلى أحدهن لاحترقت .
قلت : وهذا الذي ذكره ابن شقيق يروى عن زرارة بن أوفى
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، إلا أنه لم يذكر العرش ، وفي
هذا الأثر عن مجاهد بن جبر وهو أحد أركان أهل التفسير ، إشارة إلى أن الحجاب
المذكور في الأخبار إنما هو بين الخلق من الملائكة وغيرهم وبين العرش ، وروي عن
ابن عباس رضي الله عنهما ما يدل عليه ، والله أعلم
857- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الصاغاني ، أَخْبَرَنَا عبيد الله بن موسى ، أَخْبَرَنَا
إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي مالك ، في قوله : {وسع كرسيه السماوات والأرض} قال :
إن الصخرة التي في الأرض السابعة ومنتهى الخلق على أرجائها ، عليها أربعة من
الملائكة لكل واحد منهم أربعة وجوه ، وجه إنسان ، ووجه أسد ، ووجه ثور ، ووجه نسر
، فهم قيام عليها قد أحاطوا بالأرضين
والسماوات ، ورؤوسهم تحت الكرسي ، والكرسي تحت العرش ،
والله تعالى واضع كرسيه على العرش . في هذه إشارة إلى كرسيين ، أحدهما : تحت العرش
والآخر موضوع على العرش
وَقَدْ مَضَتْ رِوَايَةُ أَسْبَاطِ ، عَنِ السُّدِّيِّ ،
عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَعَنِ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي قَوْلِهِ : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ ، فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي جَوْفِ الْكُرْسِيِّ ،
وَالْكُرْسِيُّ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ.
858- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ
نَصْرٍ ، فَذَكَرَهُ
859- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، حدثنا هارون بن عبد الله ، حَدَّثَنَا
عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : سمعت أبي قال : حَدَّثَنَا ابن جحادة ، عن سلمة
بن كهيل ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي موسى ، رضي الله عنه
قال : الكرسي موضع القدمين وله أطيط} كأطيط الرحل . قد
روينا في هذا أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وذكرنا أن معناه فيما نرى أنه
موضوع من العرش موضع القدمين من السرير ، وليس فيه إثبات المكان لله سبحانه
860- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ
السَّمَّاكُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي
سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي
الأَسْوَدِ ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ ،
عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ
جَعْفَرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْحَبَشَةِ ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَعْجَبُ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ ثَمَّ ؟
قَالَ : رَأَيْتُ امْرَأَةً عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ مِنْ طَعَامٍ ، فَمَرَّ
فَارِسٌ فَأَذْرَاهُ ، فَقَعَدَتْ تَجْمَعُ
طَعَامَهَا ، ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ ، فَقَالَتْ
لَهُ : وَيْلٌ لَكَ يَوْمَ يَضَعُ الْمَلِكُ كُرْسِيَّهُ فَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ
مِنَ الظَّالِمِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصْدِيقًا
لِقَوْلِهَا : لا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ ، أَوْ كَيْفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ ، لا
يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ شَدِيدِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ
861- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ السَّامِرِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
السَّعْدِيُّ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ : قُلْتُ :
فَأَيُّ آيَةٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : آيَةُ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا ذَرٍّ ، مَا السَّمَاوَاتُ
السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلاَّ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ
فِي أَرْضِ فَلاةٍ ، وَفَضَلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلاةِ
عَلَى تِلْكَ الْحَلْقَةِ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ
وَلَهُ شَاهِدٌ بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ
862- أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
إِجَازَةً ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ
بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، عَنْ
أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّمَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ أَعْظَمُ ؟
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آيَةُ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ قَالَ : يَا
أَبَا ذَرٍّ ، مَا السَّمَاوَاتُ
السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلاَّ كَحَلْقَةٍ
مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلاةٍ ، وَفَضَلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ
الْفَلاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ
863- أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أَخْبَرَنَا أبو منصور
النضروي ، أَخْبَرَنَا أحمد بن نجدة ، ثنا
سعيد بن منصور ، حَدَّثَنَا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن
مجاهد ، قال : ما السماوات والأرض في الكرسي إلا بمنزلة حلقة ملقاة في الأرض
الفلاة
باب ما جاء في قول الله عز وجل {الرحمن على العرش استوى}
ما جاء في قول الله عز وجل : {الرحمن على العرش استوى}.
وقوله عز وجل : {ثم استوى على العرش}.
وقال تعالى : {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في
ستة أيام ثم استوى على العرش}.
وقال جَلَّ وعلا : {الله الذي رفع السماوات بغير عمد
ترونها ثم استوى على العرش} .
864- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَرَوِيُّ ، بِالرَّمْلَةِ
، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي إِيَاسَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ
يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ
الْعُقَيْلِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا
تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ؟ قَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: كَانَ فِي عَمَاءٍ ، مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا
تَحْتَهُ هَوَاءٌ ، ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَيْهِ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى قَدْ مَضَى الْكَلامُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ دُونَ الاسْتِوَاءِ
، فَأَمَّا الاسْتِوَاءُ :
فَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ كَانُوا لا يُفَسِّرُونَهُ وَلا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ كَنَحْوِ
مَذْهَبِهِمْ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ
865- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو عبد
الله محمد بن علي الجوهري ببغداد ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الهيثم ، حَدَّثَنَا
محمد بن كثير المصيصي ، قال : سمعت الأوزاعي ، يقول : كنا والتابعون متوافرون نقول : إن الله
تعالى ذكره فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل وعلا
866- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أحمد بن محمد
بن إسماعيل بن مهران ، حَدَّثَنَا أبي ، حدثنا أبو الربيع ابن أخي رشدين بن سعد
قال : سمعت عبد الله بن وهب ، يقول : كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل ، فقال : يا
أبا عبد الله {الرحمن على
العرش استوى} كيف استواؤه ؟ قال : فأطرق مالك وأخذته
الرحضاء} ثم رفع رأسه فقال : {الرحمن على العرش استوى} كما وصف نفسه ، ولا يقال : كيف ، وكيف عنه
مرفوع ، وأنت رجل سوء صاحب بدعة ، أخرجوه . قال : فأخرج الرجل
867- أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه
الأصفهاني ، أَخْبَرَنَا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي
الشيخ ، حَدَّثَنَا أبو جعفر أحمد بن زيرك اليزدي ، سمعت محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري
، يقول : سمعت يحيى بن يحيى ، يقول : كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال : يا أبا
عبد الله {الرحمن على العرش استوى} فكيف استوى ؟ قال : فأطرق مالك برأسه حتى علاه
الرحضاء ثم قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول
، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعا . فأمر به أن يخرج
وروي في ذلك أيضا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أستاذ مالك
بن أنس رضي الله تعالى عنهما.
868- أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، أَخْبَرَنَا أبو الشيخ
، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن معدان ، حَدَّثَنَا أحمد بن مهدي ، حَدَّثَنَا موسى
بن خاقان ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح بن مسلم ، قال : سئل ربيعة الرأي عن قول
الله تبارك وتعالى : الرحمن على العرش استوى كيف استوى ؟ قال : الكيف مجهول ، والاستواء
غير معقول ، ويجب علي وعليكم الإيمان بذلك كله
869- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني محمد بن يزيد
، سمعت أبا يحيى البزاز ، يقول : سمعت العباس بن حمزة ، يقول : سمعت أحمد بن أبي
الحواري ، يقول : سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : كل ما وصف الله تعالى من نفسه في
كتابه فتفسيره تلاوته ، والسكوت عليه
.
870- أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : هذه نسخة
الكتاب الذي أملاه الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب في مذهب أهل السنة فيما
جرى بين محمد بن إسحاق بن خزيمة وبين أصحابه ، فذكرها وذكر فيها : {الرحمن على
العرش استوى} بلا كيف ، والآثار عن السلف في مثل هذا كثيرة وعلى هذه الطريق يدل
مذهب الشافعي رضي الله عنه ، وإليها ذهب أحمد بن حنبل والحسين بن الفضل البجلي .
ومن المتأخرين أبو سليمان الخطابي . وذهب أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري إلى أن
الله تعالى جل ثناؤه فعل في العرش فعلا سماه استواء ، كما فعل في غيره فعلا سماه
رزقا أو نعمة أو غيرهما من أفعاله . ثم لم يكيف الاستواء إلا أنه جعله من صفات الفعل
لقوله : {الرحمن على العرش استوى} وثم للتراخي ، والتراخي إنما يكون في الأفعال ،
وأفعال الله تعالى توجد بلا مباشرة منه إياها ولا حركة . وذهب أبو الحسن علي بن
محمد بن مهدي الطبري في آخرين من أهل النظر إلى أن الله تعالى في السماء فوق كل
شيء مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه ، ومعنى الاستواء : الاعتلاء ، كما يقول :
استويت على ظهر الدابة ، واستويت على السطح . بمعنى علوته ، واستوت الشمس على رأسي
، واستوى الطير على قمة رأسي ، بمعنى علا في الجو ، فوجد فوق رأسي . والقديم
سبحانه عال على عرشه لا قاعد ولا قائم ولا مماس ولا مباين عن العرش ، يريد به :
مباينة الذات التي هي بمعنى الاعتزال أو التباعد ، لأن المماسة والمباينة التي هي
ضدها ، والقيام والقعود من أوصاف الأجسام ، والله عز وجل أحد صمد لم يلد ولم يولد
ولم
يكن له كفوا أحد ، فلا يجوز عليه ما يجوز على الأجسام
تبارك وتعالى . وحكى الأستاذ أبو بكر بن فورك هذه الطريقة عن بعض أصحابنا أنه قال
: استوى بمعنى : علا ، ثم قال : ولا يريد بذلك علوا بالمسافة والتحيز والكون في مكان
متمكنا فيه ، ولكن يريد معنى قول الله عز وجل : {أأمنتم من في السماء} أي : من فوقها
على معنى نفي الحد عنه ، وأنه ليس مما يحويه طبق أو يحيط به قطر ، ووصف الله
سبحانه وتعالى بذلك بطريقة الخبر ، فلا نتعدى ما ورد به الخبر . قلت : وهو على هذه
الطريقة من صفات الذات ، وكلمة ثم تعلقت بالمستوى عليه ، لا بالاستواء ، وهو كقوله
: {ثم الله شهيد على ما يفعلون}
يعني : ثم يكون عملهم فيشهده ، وقد أشار أبو الحسن علي
بن إسماعيل إلى هذه الطريقة حكاية ، فقال : وقال بعض أصحابنا : إنه صفة ذات ، ولا
يقال : لم يزل مستويا على عرشه ، كما أن العلم بأن الأشياء قد حدثت من صفات الذات
، ولا يقال : لم يزل عالما بأن قد حدثت ، ولما حدثت بعد ، قال : وجوابي هو الأول
وهو أن الله مستو على عرشه وأنه فوق الأشياء بائن منها ، بمعنى أنها لا تحله ولا
يحلها ، ولا يمسها ولا يشبهها ، وليست البينونة بالعزلة تعالى الله ربنا عن الحلول
والمماسة علوا كبيرا . قال : وقد قال بعض أصحابنا : إن الاستواء صفة الله تعالى
تنفي الاعوجاج عنه ، وفيما كتب إلي الأستاذ أبو منصور بن أبي أيوب أن كثيرا من
متأخري أصحابنا ذهبوا إلى أن الاستواء هو القهر والغلبة ، ومعناه أن الرحمن غلب
العرش وقهره ، وفائدته الإخبار عن قهره مملوكاته ، وأنها لم تقهره ، وإنما خص
العرش بالذكر لأنه أعظم المملوكات ، فنبه بالأعلى على الأدنى ، قال : والاستواء
بمعنى القهر والغلبة شائع في اللغة ، كما يقال : استوى فلان على الناحية إذا غلب
أهلها ، وقال الشاعر في بشر بن مروان : قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
يريد : أنه غلب أهله من غير محاربة . قال : وليس ذلك في الآية
بمعنى الاستيلاء ، لأن الاستيلاء غلبة مع توقع ضعف ، قال : ومما يؤيد ما قلناه
قوله عز وجل : {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} والاستواء إلى السماء هو القصد إلى
خلق السماء ، فلما جاز أن يكون القصد إلى السماء استواء جاز أن تكون القدرة على
العرش استواء . أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى ، قالا : حَدَّثَنَا
أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، حَدَّثَنَا يحيى بن زياد
الفراء في قوله عز وجل : {ثم استوى إلى السماء فسواهن} قال : الاستواء في كلام
العرب على جهتين : إحداهما : أن يستوي الرجل وينتهي شبابه وقوته ، أو يستوي من
اعوجاج ، فهذان وجهان ؛ ووجه ثالث أن تقول : كان مقبلا على فلان ثم استوى علي
يشاتمني وإلي سواء ، على معنى أقبل إلي وعلي ، فهذا معنى قوله : استوى إلى السماء والله
أعلم . قال : وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : ثم استوى صعد وهذا كقولك للرجل :
كان قاعدا فاستوى قائما ، أو كان قائما فاستوى قاعدا ، وكل في كلام العرب جائز .
قلت : قوله : استوى بمعنى أقبل صحيح ، لأن الإقبال هو القصد إلى خلق السماء ،
والقصد هو الإرادة وذلك هو الجائز في صفات الله تعالى . ولفظ ثم تعلق بالخلق لا
بالإرادة . وأما ما حكي عن ابن عباس رضي الله عنهما فإنما أخذه عن تفسيره الكلبي ،
والكلبي ضعيف ، والرواية عنه عندنا في أحد الموضعين كما ذكره الفراء
872- وفي موضع أخر كما أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن
عبد الرحمن بن محمد بن محبور ، أَخْبَرَنَا الحسين بن محمد بن هارون ، أَخْبَرَنَا
أحمد بن محمد بن نصر ، حَدَّثَنَا يوسف بن بلال ، عن محمد بن مروان ، عن الكلبي ،
عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله : {ثم استوى إلى السماء} يعني
: صعد أمره إلى السماء {فسواهن} يعني : خلق سبع سماوات . قال : أجرى النار على
الماء يعني فبخر البحر فصعد في الهواء فجعل السماوات منه . ويذكر عن أبي العالية
في هذه الآية أنه قال : استوى يعني : ارتفع . ومراده بذلك والله أعلم : ارتفاع أمره
، وهو بخار الماء الذي منه وقع خلق السماء
873- فأما ما أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن
بن محمد بن محبور الدهان ، أَخْبَرَنَا الحسين بن محمد بن هارون ، أَخْبَرَنَا
أحمد بن محمد بن محمد بن نصر اللباد ، حَدَّثَنَا يوسف بن بلال ، عن محمد بن مروان
عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله : {ثم استوى على
العرش} يقول : استقر على العرش ، ويقال امتلأ به ، ويقال : قائم على العرش ، وهو
السرير
__________
الأعراف آية رقم : 54
841- وبهذا الإسناد في موضع آخر عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله} {ثم استوى على العرش} يقول : استوى عنده الخلائق ، القريب والبعيد
، وصاروا عنده سواء ويقال : استوى استقر على السرير . ويقال : امتلأ به . فهذه الرواية
منكرة ، وإنما أضاف في الموضع الثاني القول الأول إلى ابن عباس رضي الله عنهما دون
ما بعده ، وفيه أيضا ركاكة ، ومثله لا
يليق بقول ابن عباس رضي الله عنهما ، إذا كان الاستواء
بمعنى استواء الخلائق عنده ، فإيش المعنى في قوله : {على العرش} ؟ وكأنه مع سائر
الأقاويل فيها من جهة من دونه ، وقد قال في موضع آخر بهذا الإسناد استوى على العرش
يقول : استقر أمره على السرير ، ورد الاستقرار إلى الأمر ، وأبو صالح هذا والكلبي
ومحمد بن مروان كلهم متروك عند أهل العلم بالحديث ، لا يحتجون بشيء من رواياتهم لكثرة
المناكير فيها ، وظهور الكذب منهم في رواياتهم .
874- أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني ،
أَخْبَرَنَا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ ، حَدَّثَنَا محمد بن يوسف بن عاصم
البخاري ، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد الزهري ، حَدَّثَنَا سفيان ، عن محمد بن
قيس ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال
: كنا نسميه دروغ زن ، يعني أبا صالح مولى أم هانئ
875- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو بكر
الحفيد ، حَدَّثَنَا هارون بن عبد الصمد ، حَدَّثَنَا علي بن المديني ، قال : سمعت
يحيى بن سعيد القطان ، يحدث عن سفيان ، قال : قال الكلبي : قال لي أبو صالح : كل
ما حدثتك كذب
876- أخبرنا أبو سعد الماليني ، حَدَّثَنَا أبو أحمد بن
عدي ، حَدَّثَنَا أحمد بن حفص ، حَدَّثَنَا أبو حفص الفلاس ، حَدَّثَنَا أبو عاصم
، عن سفيان ، عن الكلبي ، قال : قال لي أبو صالح : انظر كل شيء رويت عني عن ابن
عباس رضي الله عنهما ، فلا تروه . قال : وأخبرنا أبو أحمد قال : سمعت عبدان يقول : سمعت زيد بن
الحريش يقول : سمعت أبا معاوية يقول : قلنا للكلبي : بين لنا ما سمعت من أبي صالح
وما هو قولك ، فإذا الأمر عنده قليل . قال : وأخبرنا أبو أحمد ، حَدَّثَنَا
الجنيدي ، حَدَّثَنَا البخاري قال : محمد بن السائب أبو النضر الكلبي الكوفي تركه يحيى
بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي
877- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا
العباس محمد بن يعقوب يقول : سمعت العباس بن محمد ، يقول : سمعت يحيى بن معين ،
يقول : الكلبي ليس بشيء
878- أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن إبراهيم بن مهران
المزكي ، حَدَّثَنَا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد العطار ، أخبرني أبو عبد الله
الراوساني ، قال : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري ، يقول : محمد بن مروان الكوفي
صاحب الكلبي سكتوا عنه ، لا يكتب حديثه البتة قلت : وكيف يجوز أن يكون مثل هذه
الأقاويل صحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ثم لا يرويها ولا يعرفها أحد من
أصحابه الثقات الأثبات ، مع شدة الحاجة إلى معرفتها ، وما تفرد به الكلبي وأمثاله
يوجب الحد ، والحد يوجب الحدث لحاجة الحد إلى حاد خصه به ، والباري قديم لم يزل .
879- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا نصر
أحمد بن سهل الفقيه وأبا صالح خلف بن محمد يقولان : سمعنا صالح بن محمد ، يقول :
سمعت أبا عبد الله محمد بن زياد الأعرابي صاحب النحو يقول : قال لي أحمد بن أبي
دؤاد : يا أبا عبد الله ، يصح هذا في اللغة ، ومخرج الكلام الرحمن علا من العلو ،
والعرش استوى ؟ قال : قلت : يجوز على معنى ، ولا يجوز على معنى ، إذا قلت : الرحمن
علا من العلو ، فقد تم الكلام ، ثم قلت : العرش استوى . يجوز إن رفعت العرش ، لأنه
فاعل ، ولكن إذا قلت : له ما في السماوات وما في الأرض ، فهو العرش . وهذا كفر
وفيما روى أبو الحسن بن مهدي الطبري ، عن أبي عبد الله نفطويه قال : أخبرني أبو
سليمان يعني داود قال : كنا عند ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الله ، ما معنى قوله :
{الرحمن على العرش استوى} فقال : إنه مستو على عرشه كما أخبر . فقال الرجل : إنما
معنى قوله : {استوى} أي : استولى . فقال له ابن الأعرابي : ما يدريك ؟ العرب لا تقول
استولى على العرش فلان ، حتى يكون له فيه مضاد ، فأيهما غلب قيل : قد استولى عليه
، والله تعالى لا مضاد له فهو على عرشه كما أخبر
باب قول الله عز وجل : {وهو القاهر فوق عباده} قول الله
عز وجل : {وهو القاهر فوق عباده}.
وقوله : {يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون} .
880- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ
، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، قَالَ : جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : اتَّقِ
اللَّهَ وَأَمْسِكْ
عَلَيْكَ زَوْجَكَ قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى
عَنْهُ : فَلَوْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا
لِشَيْءٍ لَكَتَمَ هَذِهِ فَلَقَدْ كَانَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، تَفْخَرُ
عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، تَقُولُ : زَوَّجَكُنَّ
أَهَالِيكُنَّ ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَحْمَدَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ
881- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ ،
وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خُلِّيِّ ،
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَّا قَضَى
اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ
: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي الْيَمَانِ ، عَنْ شُعَيْبٍ
882- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلالٍ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ
، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَيْرَةَ ، عَنِ
الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : مَرَّتْ سَحَابَةٌ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ :
هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ فَقُلْنَا : السَّحَابُ فَقَالَ : أَوِ الْمُزْنُ ؟ قُلْنَا : أَوِ
الْمُزْنُ قَالَ : أَوِ الْعَنَانُ ؟ قُلْنَا : أَوِ الْعَنَانُ فَقَالَ : هَلْ
تَدْرُونَ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ؟ قُلْنَا : لا ، قَالَ :
إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ أَوْ ثَلاثًا وَسَبْعِينَ قَالَ :
وَإِلَى فَوْقِهَا مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى عَدَّهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ عَلَى
نَحْوِ ذَلِكَ ، قَالَ : ثُمَّ فَوْقَ السَّابِعَةِ الْبَحْرُ ، أَسْفَلُهُ مِنْ
أَعْلاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، ثُمَّ فَوْقَهُ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ
مَا بَيْنَ أَظْلافِهِنَّ وَرُكَبِهِنَّ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ ،
ثُمَّ الْعَرْشُ فَوْقَ ذَلِكَ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ
سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ ، عَنْ أَحْمَدَ
بْنِ حَفْصٍ
883- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمَشٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ
الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ
حَازِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ
، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
، قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ نُهِكَتِ الأَنْفُسُ وَجَاعَ الْعِيَالُ
وَهَلَكَتِ الأَمْوَالُ ، اسْتَسْقِ لَنَا رَبَّكَ ، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ
بِاللَّهِ عَلَيْكَ وَبِكَ عَلَى اللهِ تَعَالَى فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سُبْحَانَ اللهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ
فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجُوهِ
أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ ، أَتَدْرِي مَا
اللَّهُ ؟ إِنَّ شَأْنَهُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ، إِنَّهُ لا يُسْتَشْفَعُ بِهِ
عَلَى أَحَدٍ ، إِنَّهُ لَفَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ ، وَإِنَّهُ
عَلَيْهِ لَهَكَذَا ، وَأَشَارَ وَهْبٌ بِيَدِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ ، وَأَشَارَ أَبُو
الأَزْهَرِ بِيَدِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ
الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ
884- كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ
، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ
بَشَّارٍ ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ،
قَالَ أَحْمَدُ : كَتَبْتُهُ مِنْ نُسْخَتِهِ ، وَهَذَا لَفْظُهُ ، فَذَكَرَ
نَحْوَ إِسْنَادِ أَبِي الأَزْهَرِ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : جَهِدَتِ الأَنْفُسُ
وَضَاعَتِ الْعِيَالُ وَنُهِكَتِ الأَمْوَالُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي وَقَالَ فِي الْجَوَّابِ
: إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ لَهَكَذَا ، وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ : مِثْلُ
الْقُبَّةِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ
قَالَ : وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
فَوْقَ عَرْشِهِ ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَقَالَ
عَبْدُ الأَعْلَى وَابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ
عُتْبَةَ ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
جَدِّهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَالْحَدِيثُ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ
هُوَ الصَّحِيحُ ، وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ قَالَ : وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ ،
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا ، وَكَانَ سَمَاعُ عَبْدِ
الأَعْلَى ، وَابْنِ الْمُثَنَّى ، وَابْنِ بَشَّارٍ مِنْ نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ
فِيمَا بَلَغَنِي قُلْتُ : إِنْ كَانَ لَفْظُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا رَوَاهُ
أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ
، وَجَمَاعَةٌ ، فَالتَّشْبِيهُ بِالْقُبَّةِ إِنَّمَا وَقَعَ لِلْعَرْشِ ،
وَرِوَايَتُهُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَتَدْرِي مَا اللَّهُ ؟ إِنَّ
عَرْشَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ لَهَكَذَا ، بِأَصَابِعِهِ مِثْلُ
الْقُبَّةِ ، عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ
الْفَارِسِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْوَاسِطِيِّ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ
جَرِيرٍ وَهَذَا حَدِيثٌ يَنْفَرِدُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ ،
عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، وَصَاحِبَا الصَّحِيحِ لم يحتجا به ، إنما استشهد
مسلم بن الحجاج بمحمد بن
إسحاق في أحاديث معدودة ، أظنهن خمسة قد رواهن غيره ،
وذكره البخاري في الشواهد ذكرا من غير رواية ، وكان مالك بن أنس لا يَرْضَاهُ ، وَيَحْيَى
بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لا يَرْوِي عَنْهُ ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَقُولُ :
لَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، يَقُولُ : يُكْتَبُ عَنْهُ
هَذِهِ الأَحَادِيثُ يَعْنِي الْمَغَازِي وَنَحْوَهَا فَإِذَا جَاءَ الْحَلالُ
وَالْحَرَامُ أَرَدْنَا قَوْمًا هَكَذَا ، يُرِيدُ أَقْوَى مِنْهُ ، فَإِذَا كَانَ
لا يُحْتَجُّ بِهِ فِي الْحَلالِ وَالْحَرَامِ فَأَوْلَى أَنْ لا يُحْتَجَّ بِهِ
مِنْ صِفَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَإِنَّمَا نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي
رِوَايَتِهِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، ثُمّ عَنْ وَتَدْلِيسِهِ أَسَامِيَهُمْ ،
فَإِذَا رَوَى ضُعَفَاءِ النَّاسِ عَنْ ثِقَةٍ وَبَيَّنَ سَمَاعَهُ مِنْهُمْ ،
فَجَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ لَمْ يَرَوْا بَأْسًا ، وَهُوَ إِنَّمَا رَوَى هَذَا
الْحَدِيثَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْهُ ،
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ سَمَاعَهُ
مِنْهُمَا ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي لَفْظِهِ كَمَا تَرَى وَقَدْ جَعَلَهُ أَبُو
سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ ثَابِتًا وَاشْتَغَلَ بِتَأْوِيلِهِ ، فَقَالَ : هَذَا الْكَلامُ
إِذَا أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَانَ فِيهِ نَوْعٌ مِنَ الْكَيْفِيَّةِ ، عَنِ
اللهِ تَعَالَى وَعَنْ صِفَاتِهِ مَنْفِيَّةٌ ، فَعُقِلَ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ
مِنْهُ تَحْقِيقُ هَذِهِ الصِّفَةِ ، وَلا تَحْدِيدُهُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ ،
وَإِنَّمَا هُوَ كَلامُ تَقْرِيبٍ ، أُرِيدَ بِهِ تَقْرِيرُ عَظَمَةِ اللهِ
وَجَلالِهِ ، جَلَّ جَلالُهُ سُبْحَانَهُ ، وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهِ إِفْهَامُ
السَّائِلِ مِنْ حَيْثُ يُدْرِكُهُ فَهْمُهُ ، إِذَا كَانَ أَعْرَابِيًّا جِلْفًا
، لا عَلِمَ لَهُ لِمَعَانِي مَا دَقَّ مِنَ الْكَلامِ ، وَمَا لَطُفَ مِنْهُ مِنْ
دَرَكِ الأَفْهَامِ ، وَفِي الْكَلامِ حَذَفٌ وَإِضْمَارٌ ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ أَتَدْرِي
مَا اللَّهُ ؟ فَمَعْنَاهُ : أَتَدْرِي مَا عَظَمَتُهُ وَجَلالُهُ ؟ وَقَوْلُهُ :
إِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ مَعْنَاهُ : إِنَّهُ لَيَعْجَزُ عَنْ جَلالِهِ
وَعَظَمَتِهِ ، حَتَّى يَئِطَّ بِهِ ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أطيطَ
الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ إِنَّمَا يَكُونُ لِقُوَّةِ مَا فَوْقَهُ ، وَلِعَجْزِهِ
عَنِ احْتِمَالِهِ ، فَقَرَّرَ بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّمْثِيلِ عِنْدَهُ
مَعْنَى عَظَمَةِ اللهِ وَجَلالِهِ وَارْتِفَاعِ عَرْشِهِ ، لِيُعْلَمَ أَنَّ
الْمَوْصُوفَ بِعُلُوِّ الشَّأْنِ وَجَلالَةِ الْقَدْرِ ، وَفَخَامَةِ الذِّكْرِ ،
لا يُجْعَلُ شَفِيعًا إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْقَدْرِ ، وَأَسْفَلُ مِنْهُ
فِي الدَّرَجَةِ ، وَتَعَالَى اللَّهُ أَنْ يَكُونَ مُشَبَّهًا بِشَيْءٍ ، أَوْ
مُكَيَّفًا بِصُورَةِ خَلْقٍ ، أَوْ مُدْرَكًا بِحِسٍّ : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
885- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَسَدِيُّ الْحَافِظُ ،
بِهَمَذَانَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دِيزِيلَ ،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي
أُوَيْسٍ ، قَالا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ ، عَنْ سَعْدِ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : إِنَّ سَعْدَ
بْنَ مُعَاذٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، حَكَمَ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ
يُقَتَّلَ مِنْهُمْ كُلُّ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى ، وَأَنْ يُقَسَّمَ
أَمْوَالُهُمْ وَذَرَارِيهِمْ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : لَقَدْ حَكَمَ الْيَوْمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ
تَعَالَى الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ
886- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا يزيد بن
هارون ، أَخْبَرَنَا جرير بن حازم ، عن أبي يزيد المديني ، قال : إن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه مر في ناس من أصحابه فلقيته عجوز فاستوقفته ، فوقف عليها فوضع يديه
على منكبيها ، حتى قضت حاجتها ، فلما فرغت قال رجل : حبست رجالات قريش على هذه
العجوز ، قال : ويحك تدري من هذه ؟ هذه عجوز سمع الله عز وجل شكواها من فوق سبع
سماوات ، والله لو استوقفتني إلى الليل لوقفت عليها إلا آتي الصلاة ثم أعود إليها
حتى تقضي حاجتها
887- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الصاغاني ، أَخْبَرَنَا عاصم بن علي ، حَدَّثَنَا أبي
، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي عنهما ، قال : تفكروا
في كل شيء ، ولا تفكروا في ذات الله عز وجل ، فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه
سبعة آلاف نور ، وهو فوق ذلك
888- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو
العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، حَدَّثَنَا الفراء ، في قوله عز وجل
{وهو القاهر فوق عباده} قال : كل شيء قهر شيئا فهو مستعل عليه
باب قول الله عز و جل :
{أأمنتم من في السماء} ما جاء في قول الله عز وجل :
{أأمنتم من في السماء} . قال أبو عبد الله الحافظ : قال الشيخ أبو بكر أحمد بن
إسحاق بن أيوب الفقيه : قد تضع العرب في بموضع على قال الله عز وجل : {فسيحوا في
الأرض}.
وقال
: {لأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه : على الأرض وعلى
النخل ، فكذلك قوله : {في السماء} أي على العرش فوق السماء ، كما صحت الأخبار عن
النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : يريد ما مضى من الروايات
889- وَهَكَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ فِيمَا ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلانِيُّ ،
وَأَبُو عَمْرٍو الْمُسْتَمْلِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالُوا :
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ
، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ
الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنَ
الْيَمَنِ بِذَهَبِيَّةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا ،
فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ : بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ ،
وَالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ ، وَالرَّابِعُ إِمَّا قَالَ :
عَلْقَمَةَ بْنَ عُلاثَةَ ، وَإِمَّا : عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ ، فَقَالَ رَجُلٌ
مِنْ أَصْحَابِهِ : كُنَّا نَحْنُ أَحَقُّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاءِ فَبَلَغَ ذَلِكَ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَلا تَأْمَنُونِي ،
وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ ؟ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا
وَمَسَاءً وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ
890- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا
الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا
الأَوْزَاعِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي
مَيْمُونَةَ ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ
الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ ، قَالَ
: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ، قَالَ : ثُمَّ أَطَلَعْتُ غُنَيْمَةً
تَرْعَاهَا جَارِيَةٌ لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ ، فوجدت الذئب قد أصاب
منها شاة ، وأنا رجل
من بني آدم آسف كما يأسفون ، فصككتها صكة ، ثم انصرفت
إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرْتُهُ فَعَظُمَ
ذَلِكَ عَلَيَّ ، قَالَ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفَلا أَعْتِقُهَا ؟
قَالَ : بَلَى ايْتِنِي بِهَا قَالَ
: فَجِئْتُ بِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهَا : أَيْنَ اللَّهُ ؟ قَالَتِ : اللَّهُ فِي السَّمَاءِ
قَالَ : مَنْ أَنَا ؟ فَقَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللهِ قَالَ : إِنَّهَا
مُؤْمِنَةٌ فَأَعْتِقْهَا
891- وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ ، وَأَبَانُ بْنُ
يَزِيدَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ
، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ ،
فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ وَهَذَا صَحِيحٌ ، قَدْ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُقَطَّعًا مِنْ حَدِيثِ
الأَوْزَاعِيِّ ، وَحَجَّاجٍّ الصَّوَّافِ ، عَنْ يَحْيَى
بْنِ أَبِي كَثِيرٍ دُونَ قِصَّةِ الْجَارِيَةِ ،
وَأَظُنُّهُ إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنَ الْحَدِيثِ لاخْتِلافِ الرُّوَاةِ فِي
لَفْظِهِ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ مِنَ السُّنَنِ مُخَالَفَةَ مَنْ
خَالَفَ مُعَاوِيَةَ بْنَ الْحَكَمِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ
892- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي
اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ زِيَادَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ ، قَالَ : إِنَّ رَجُلَيْنِ
أَقْبَلا يَلْتَمِسَانِ لأَبِيهِمَا الشِّفَاءَ مِنَ الْبَوْلِ ، فَانْطُلِقَ بِهِمَا
إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَذَكَرُوا وَجَعَ أَبِيهِمَا
لَهُ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : رَبَّنَا الَّذِي فِي السَّمَاءِ تَقَدَّسَ اسْمُكَ ، أَمَرُكَ فِي
السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ ، فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ
فِي الأَرْضِ ، وَاغْفِرْ لَنَا حَوْبَتَنَا وَخَطَايَانَا إِنَّكَ رَبُّ
الطَّيِّبِينَ ، فَأَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ
عَلَى هَذَا الْوَجَعِ ، فَيَبْرَأُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ
893- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ مِهْرَانَ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي قَابُوسَ ،
مَوْلًى لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ الْعَاصِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ،
ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ
894- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ
، حَدَّثَنَا سَهْلٌ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ ،
عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي حُصَيْنٍ : كَمْ
تَعْبُدُ الْيَوْمَ مِنْ إِلَهٍ ؟ قَالَ : سَبْعَةً : سِتَّةٌ فِي الأَرْضِ ،
وَوَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ قَالَ : فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَهْبَتِكَ
وَلِرَغْبَتِكَ ؟ قَالَ : الَّذِي فِي السَّمَاءِ قَالَ : أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ
عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ قَالَ : فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ أَتَى
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ،
عَلِّمْنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِيهِمَا ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلِ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَعَافِنِي مِنْ شَرِّ
نَفْسِي تَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ : وَمَعْنَى
قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَيْ : فَوْقَ السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ ،
كَمَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، ثُمَّ مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ
النَّظَرِ : مَعْنَاهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ ؟ وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ
وَالسُّنَّةِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
باب قول الله عز وجل لعيسى عليه السلام : {إني متوفيك
ورافعك إلي} قول الله عز وجل لعيسى عليه السلام : {إني متوفيك ورافعك إلي} ، وقوله
تعالى : {بل رفعه الله إليه}.
وقوله جل وعلا : {تعرج الملائكة والروح إليه} ، وقوله
تعالى : {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} .
895- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنْ يُونُسَ
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ
: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ
مِنَ السَّمَاءِ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ يُونُسَ
وَإِنَّمَا أَرَادَ نُزُولَهُ مِنَ السَّمَاءِ بَعْدَ الرَّفْعِ إِلَيْهِ
896- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلٍ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ
عُقْبَةَ ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزِّنَادِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمَلائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ ،
مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ
الْفَجْرِ وَفِي صَلاةِ الْعَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا
فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ ، فَيَقُولُ : كَيْفَ تَرَكْتُمْ
عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَأَتَيْنَاهُمْ
وَهُمْ يُصَلُّونَ.
أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ وَجْهٍ
آخَرَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
897- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ، وَلا
يَصْعَدُ
إِلَى اللهِ تَعَالَى إِلاَّ الطَّيِّبُ ، فَإِنَّ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ ، فَيُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا
كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ
سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ : وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ
فَذَكَرَهُ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ يَسَارٍ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ : وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ
إِلاَّ الطَّيِّبَ وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ فَذَكَرَهُمَا
، فَقَالَ : وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ وَلا يَصْعَدُ السَّمَاءَ
إِلاَّ الطَّيِّبُ
898- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ
الْعَنْبَرِيُّ ، أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ
يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ ، قَالَ : إِنَّ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ
أَبَا الْحُبَابِ ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ
يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ ،
وَلا يَصْعَدُ السَّمَاءَ إِلاَّ الطَّيِّبُ إِلاَّ وَهُوَ يَضَعُهَا فِي يَدِ
الرَّحْمَنِ ، أَوْ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ ، فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي
أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ ، وَحَتَّى إِنَّ التَّمْرَةَ لَتَكُونُ
مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ
899- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن
معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله
تعالى : {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال : الكلام الطيب ذكر الله تعالى
، والعمل الصالح أداء فرائضه ، فمن ذكر الله تعالى ولم يؤد فرائضه رد كلامه على
عمله فكان أولى به
900- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ،
حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : {إليه يصعد
الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال : يقول : العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم
الطيب . قلت : صعود الكلم الطيب والصدقة الطيبة إلى السماء عبارة عن حسن القبول
لهما ، وعروج الملائكة يكون إلى مقامهم في السماء . وإنما وقعت العبارة عن ذلك
بالصعود والعروج إلى الله تعالى على معنى قول الله عز وجل : {أأمنتم من في السماء}
وقد ذكرنا أن معناه : من فوق السماء على العرش ، كما قال : {فسيحوا في الأرض} أي :
فوق الأرض ، فقد قال : {يخافون ربهم من فوقهم}.
وقال : {الرحمن على العرش استوى} ثم قد مضى قول أهل
النظر في معناه ، وحكينا عن المتقدمين من أصحابنا ترك الكلام في أمثال ذلك ، هذا
مع اعتقادهم نفي الحد والتشبيه والتمثيل عن الله سبحانه وتعالى
901- أخبرنا الفقيه أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث
الأصبهاني ، أَخْبَرَنَا أبو محمد بن حيان ، حَدَّثَنَا إسحاق بن أحمد الفارسي ،
حَدَّثَنَا حفص بن عمر المهرقاني ، حَدَّثَنَا أبو داود ، قال : كان سفيان الثوري
وشعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة
لا يحدون ولا يشبهون ولا يمثلون ، يروون الحديث لا
يقولون كيف ، وإذا سئلوا أجابوا بالأثر . قال أبو داود : وهو قولنا . قلت : وعلى
هذا مضى أكابرنا فأما الحكاية التي تعلق بها من أثبت لله تعالى جهة :
902- فأخبرنا بها أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
إسحاق إبراهيم بن محمد البخاري بنيسابور ، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن حاتم ،
حَدَّثَنَا علي بن الحسن بن شقيق . وأخبرنا أبو عبد الله ، قال : سمعت أبا جعفر
محمد بن صالح بن هانئ ، يقول : سمعت محمد بن نعيم ، يقول : سمعت الحسن بن الصباح
البزاز ، يقول : سمعت علي بن الحسن ، يقول : سألت عبد الله بن المبارك قلت : كيف نعرف
ربنا ؟ قال : في السماء السابعة على عرشه . قلت : فإن الجهمية تقول : هو هذا . قال :
إنا لا نقول كما قالت الجهمية ، نقول : هو هو . قلت : بحد ؟ قال : إي والله بحد .
لفظ حديث محمد بن صالح .
قال الشيخ أحمد بن الحسين البيهقي : إنما أراد عبد الله
بالحد حد السمع ، وهو أن خبر الصادق ورد بأنه على العرش استوى ، فهو على عرشه كما
أخبر ، وقصد بذلك تكذيب الجهمية فيما زعموا أنه بكل مكان ، وحكايته الأخرى تدل على
مراده والله أعلم
903- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو بكر
محمد بن داود الزاهد ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن السامي ، حدثني عبد الله بن أحمد
بن شبويه المروزي ، قال : سمعت علي بن الحسن بن شقيق ، يقول : سمعت عبد الله بن
المبارك ، يقول : نعرف ربنا فوق سبع سماوات ، على العرش استوى ، بائن من خلقه ،
ولا نقول كما قالت الجهمية بأنه ههنا . وأشار إلى الأرض . قلت : قوله : بائن من خلقه . يريد به
ما فسره بعده من نفي قول الجهمية لا إثبات جهة من جانب آخر ، يريد ما أطلقه الشرع
والله أعلم
904- أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : سمعت محمد
بن صالح بن هانئ ، يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : سمعت أبا قدامة ،
يقول : سمعت أبا معاذ البلخي بفرغانة قال : قرأت على جهم القرآن وكان على معبر
الترمذ وكان رجلا كوفي الأصل فصيح اللسان ، لم يكن له علم ولا مجالسة أهل العلم ، كان
يتكلم مع المتكلمين فقالوا له : صف ربك الذي تعبده . قال : فدخل البيت لا يخرج كذا
وكذا ، قال : ثم خرج عليهم بعد أيام ذكرها فقال : هو هذا الهواء مع كل شيء وفي كل
شيء ولا يخلو من شيء ، كذب عدو الله ، إن الله تعالى في السماء كما وصف نفسه
905- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو
محمد بن حيان ، أَخْبَرَنَا أحمد بن جعفر بن نصر ، حَدَّثَنَا يحيى بن يعلى ، قال
: سمعت نعيم بن حماد ، يقول : سمعت نوح بن
أبي مريم أبا عصمة ، يقول : كنا عند أبي حنيفة أول ما
ظهر إذ جاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهما ، فدخلت الكوفة ، فأظنني أقل ما رأيت
عليها عشرة آلاف من الناس تدعو إلى رأيها ، فقيل لها : إن ههنا رجلا قد نظر في
المعقول يقال له : أبو حنيفة . فأتته ، فقالت : أنت الذي تعلم الناس المسائل وقد تركت
دينك ؟ أين إلهك الذي تعبده ؟ فسكت عنها ، ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها ، ثم خرج
إليها وقد وضع كتابين : الله تبارك وتعالى في السماء دون الأرض . فقال له رجل :
أرأيت قول الله عز وجل : {وهو معكم} قال : هو كما تكتب إلى الرجل : إني معك وأنت
غائب عنه . قلت : لقد أصاب أبو حنيفة رضي الله عنه فيما نفى عن الله عز وجل من
الكون في الأرض . وفيما ذكر من تأويل الآية وتبع مطلق السمع في قوله : إن الله عز
وجل في السماء ومراده من تلك والله أعلم ، إن صحت الحكاية عنه ، ما ذكرنا في معنى
قوله : {أأمنتم من في السماء} وقد روى عنه أبو عصمة أنه ذكر مذهب أهل السنة ، وذكر
في جملة ذلك : وإنا لا نتكلم في الله بشيء ، وهو نظير ما روينا عن سفيان بن
عيينة فيما
906- أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، أَخْبَرَنَا أبو محمد
بن حيان ، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا أبو حاتم ،
حَدَّثَنَا إسحاق بن موسى ، قال : سمعت ابن عيينة ، يقول : ما
وصف الله تعالى به نفسه فتفسيره قراءته ، ليس لأحد أن
يفسره إلا الله تبارك وتعالى ، أو رسله صلوات الله عليهم
باب ما جاء في قول الله عز وجل : {وهو معكم أين ما كنتم}
ما جاء في قول الله عز وجل : {وهو معكم أين ما كنتم} وما في معناه من الآيات .
907- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ عُبَيْدٍ الْحَرْبِيُّ ، بَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ،
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ شَرِيكٍ ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ
بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ عُبَادَةَ
بْنِ الصَّامِتِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قال : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ إِيمَانِ
الْمَرْءِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ
908- أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي ،
أَخْبَرَنَا أبو الحسن محمد بن محمود المروزي الفقيه ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله
محمد بن علي الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو موسى محمد بن المثنى ، حدثني سعيد بن نوح ،
حَدَّثَنَا علي بن الحسن بن شقيق ، حَدَّثَنَا عبد الله بن موسى الضبي ،
حَدَّثَنَا معدان العابد ، قال : سألت سفيان الثوري عن قول الله عز وجل : {وهو
معكم} قال : علمه
909- أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن المحمودي ، حَدَّثَنَا محمد بن علي الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو موسى ، حدثني سعيد
بن نوح ، حدثني أبي نوح بن ميمون ، حَدَّثَنَا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ،
عن الضحاك ، قال : {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم
ولا خمسة إلا هو سادسهم} قال : هو الله عز وجل على العرش
وعلمه معهم
910- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو محمد
عبد الله بن محمد بن موسى الكعبي ، حَدَّثَنَا إسماعيل بن قتيبة ، حَدَّثَنَا أبو
خالد يزيد بن صالح ، حَدَّثَنَا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قال : بلغنا ،
والله أعلم ، في قوله عز وجل : {هو الأول} قبل كل شيء} {والآخر} بعد كل شيء {والظاهر} فوق كل
شيء {والباطن} أقرب من كل شيء ، وإنما يعني بالقرب بعلمه وقدرته ، وهو فوق عرشه ،
وهو بكل شيء عليم ، هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، مقدار كل يوم ألف
عام {ثم استوى على العرش}} {يعلم ما يلج في الأرض} من القطر} {وما يخرج منها} من
النبات} {وما ينزل من السماء} من القطر} {وما يعرج فيها} يعني ما يصعد إلى السماء
من الملائكة} {وهو معكم أين ما كنتم} يعني : قدرته وسلطانه وعلمه معكم أينما كنتم}
{والله بما تعملون بصير} وبهذا الإسناد عن مقاتل بن حيان قال : قوله : {إلا هو
معكم} يقول : علمه ، وذلك قوله : {إن الله بكل شيء عليم} فيعلم نجواهم ، ويسمع كلامهم
ثم ينبئهم يوم القيامة بكل شيء ، هو فوق عرشه وعلمه معهم
911- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أَخْبَرَنَا محمد بن عبيد الله بن المنادي
، حَدَّثَنَا يونس بن محمد ، حَدَّثَنَا شيبان النحوي ، عن قتادة . وأخبرنا أبو
سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو العباس ، حَدَّثَنَا يحيى بن أبي طالب ،
أَخْبَرَنَا علي بن الحسن بن شقيق ، أَخْبَرَنَا خارجة ، أَخْبَرَنَا سعيد بن أبي
عروبة ، عن قتادة ، في قول الله عز وجل : {هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله}
قال : هو الذي يعبد في السماء ويعبد في الأرض . قلت : وفي معنى هذه الآية قول الله
عز وجل : {وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون} على
أن بعض القراء يجعل الوقف في هذه الآية عند قوله} {في السماوات} ، ثم يبتدئ فيقول
: {وفي الأرض يعلم سركم وجهركم} ، وكيف ما كان ، فلو أن قائلا قال : فلان بالشام والعراق
يملك ، لدل قوله يملك على الملك بالشام والعراق لا أنه بذاته فيهما
باب ما جاء في قوله عز وجل}إن ربك لبالمرصاد{
912- أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى
، أَخْبَرَنَا أبو الحسن أحمد بن محمد الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ،
حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن
عباس ، رضي الله عنهما في قوله : {إن ربك لبالمرصاد} يقول : يسمع ويرى
913- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو
العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، سمعت أبا زكريا يحيى بن زياد الفراء
يقول : قوله : {إن ربك لبالمرصاد} يقول : إليه المصير . قلت : قول ابن عباس رضي
الله عنهما ، ثم قول الفراء في معنى هذه الآية يدل على أن المراد بها تخويف العباد
ليحذروا عقوبته إذا علموا أنه يسمع ويرى ما يقولون ويفعلون ، وأن مصيرهم إليه
914- حدثنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو
العباس قاسم بن قاسم السياري
بمرو ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن هلال ، حَدَّثَنَا علي بن
الحسن بن شقيق ، أَخْبَرَنَا أبو حمزة ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن
عبد الله : {والفجر} قال : قسم {إن ربك لبالمرصاد} من وراء الصراط ثلاثة جسور : جسر عليه
الأمانة ، وجسر عليه الرحم ، وجسر عليه الرب تبارك وتعالى . هذا موقوف على عبد
الله ، قيل : هو ابن مسعود رضي الله عنه ، ومرسل بينه وبين سالم بن أبي الجعد ،
ورواه أبو فزارة عن سالم بن أبي الجعد من قوله غير مرفوع إلى عبد الله وإن صح ،
فإنما أراد والله أعلم أن ملائكة الرب يسألونه عما فرط فيه
915- أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم
الإمام ، أَخْبَرَنَا عبد الخالق بن الحسن السقطي ، حَدَّثَنَا عبد الله بن ثابت ،
قال : أخبرني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل بن سليمان ، قال : أقسم الله تعالى {إن
ربك لبالمرصاد} يعني الصراط ، وذلك أن جسر جهنم عليها سبع قناطر ، على كل قنطرة
ملائكة قيام ، وجوههم مثل الجمر ، وأعينهم مثل البرق ، يسألون الناس في أول قنطرة
عن الإيمان ، وفي الثانية يسألونهم عن الصلوات الخمس ، وفي الثالثة يسألونهم عن
الزكاة ، وفي الرابعة يسألونهم عن صيام شهر رمضان ، وفي الخامسة يسألونهم عن الحج
، وفي السادسة يسألونهم عن العمرة ، وفي السابعة يسألونهم عن المظالم ، فمن أتى
بما سئل عنه كما أمر جاز على الصراط وإلا حبس ، فذلك قوله تبارك وتعالى : {إن ربك
لبالمرصاد} يعني ملائكة يرصدون الناس على جسر جهنم في هذه المواطن السبع فيسألونهم عن
هذه الخصال السبع
باب ما جاء في قول الله عز وجل : {ثم دنا فتدلى فكان قاب
قوسين أو أدنى} ما جاء في قول الله عز وجل : {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} .
916- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالَ
: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَيَّارٍ
الطَّائِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَنْبَرِيُّ ، قَالا :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ ،
حَدَّثَنَا زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ
اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فِي هَذِهِ الآيَةِ : فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ
أَوْ أَدْنَى ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَأَيْتُ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ
917- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ ، قَالَ : سَأَلْتُ زِرَّ
بْنَ حُبَيْشٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :
فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، فَقَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي الرَّبِيعِ
918- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ زِرِّ
بْنِ حُبَيْشٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ، قَالَ : رَأَى صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَهُ سِتُّمِائَةِ
جَنَاحٍ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ ، فِي
قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ،
وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ
وَجَلَّ : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ، وَرَوَاهُ زَائِدَةُ ، وَزُهَيْرُ
بْنُ
مُعَاوِيَةَ ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَعَلا : فَكَانَ
قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْبَانِيُّ سَأَلَ
زِرًّا ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الآيَاتِ ، فَأُخْبِرَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ يَرْجِعُ بِهِ
إِلَى رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ
وَالسَّلامُ
919- ساقط
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي عُمَرَ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ
سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فِي حُلَّةِ رَفْرَفٍ أَخْضَرَ
، قَدْ مَلأَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
920- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرَهُ
921- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو
الفضل محمد بن إبراهيم ، أَخْبَرَنَا أحمد بن سلمة ، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم
، أَخْبَرَنَا أبو أسامة ، حَدَّثَنَا زكريا بن أبي زائدة ، عن ابن أشوع ، عن
الشعبي ، عن مسروق ، قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى : {ثم دنا
فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} قالت رضي الله عنها : كان جبريل عليه السلام يأتي
محمدا صلى الله عليه وسلم في صورة الرجل ، فأتاه هذه المرة قد ملأ ما بين الخافقين
. رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن يوسف ، ورواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير
، كلاهما عن أبي أسامة
922- أخبرنا أبو علي الروذباري ، وأبو الحسين بن بشران ،
قالا : أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حَدَّثَنَا سعدان بن نصر ، حَدَّثَنَا محمد
بن عبد الله هو الأنصاري ، عن ابن عون ، أنبأنا القاسم ، عن عائشة ، رضي الله عنها
قالت : من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم الفرية} على الله عز
وجل ، ولكن رأى جبريل عليه السلام مرتين في صورته وخلقه سادا ما بين الأفق . رواه
البخاري في الصحيح ، عن محمد بن عبد الله بن أبي الثلج عن الأنصاري
923- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ،
أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ ح وَأَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ
الْفَقِيهُ ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ
خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، حَدَّثَنَا
ابْنُ عُلَيَّةَ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ،
عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ثَلاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ
بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ قُلْتُ : وَمَا
هُنَّ ؟ قَالَتْ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى
اللهِ الْفِرْيَةَ قَالَ : وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ ، وَقُلْتُ : يَا أُمَّ
الْمُؤْمِنِينَ ، أَنْظِرِينِي فَلا تَعْجَلِي عَلَيَّ ، أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ ، وَلَقَدْ رَآهُ
نَزْلَةً أُخْرَى ؟ فَقَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ
الأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ هَذَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى
صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ ، رَأَيْتُهُ
مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى
الأَرْضِ قَالَتْ : أَوَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ ، يَقُولُ : لا
تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
؟ ثُمَّ قَالَتْ : أَوَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، يَقُولُ : وَمَا
كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا ؟ حَتَّى قَرَأَتْ إِلَى
قَوْلِهِ : عَلِيٌّ حَكِيمٌ ، قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ ، يَقُولُ : يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا
أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ، إِلَى قَوْلِهِ : وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ،
قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، يُخْبِرُ النَّاسَ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ ، فَقَدْ
أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ ، وَاللَّهُ تَعَالَى
، يَقُولُ : لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ
اللَّهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ
924- وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ،
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ ، وَيَزِيدُ بْنُ
زُرَيْعٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ
، قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ، وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ
الْمُبِينِ ، فَقَالَتْ أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : جِبْرِيلُ رَأَيْتُهُ مَرَّتَيْنِ : رَأَيْتُهُ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ،
وَرَأَيْتُهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ الرِّوَايَةُ الأُولَى أَصَحُّ فِي ذِكْرِ
الآيَتَيْنِ وَالْمَرَّتَيْنِ ، وَأَنَّ الرُّؤْيَةَ الأُولَى كَانَتْ وَهُوَ
بِالأُفُقِ الأَعْلَى ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الأُفُقُ الْمُبِينُ عِبَارَةً
عَنْهُ أَيْضًا ، ثُمَّ كَانَتِ الرُّؤْيَةُ الأُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ
الْمُنْتَهَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
925- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو عبد
الله محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا حسن بن سفيان ، حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة ،
حَدَّثَنَا علي بن مسهر ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه :
{ولقد رآه نزلة أخرى} قال : رأى جبريل عليه الصلاة والسلام . رواه مسلم في الصحيح
عن أبي بكر بن أبي شيبة ، فاتفقت رواية
عبد الله بن مسعود وعائشة بنت الصديق وأبي هريرة رضي
الله عنهم ، على أن هذه الآيات أنزلت في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه
الصلاة والسلام ، وفي بعضها أسند الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أعلم بمعنى
ما أنزل إليه . قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في تقدير قوله : {ثم دنا
فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} على ما تأوله عبد الله بن مسعود وعائشة رضي الله
عنهما من رؤيته صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في صورته التي خلق عليها ،
والدنو منه عند المقام الذي رفع إليه وأقيم فيه قوله : {دنا فتدلى} المعني به
جبريل عليه السلام تدلى من مقامه الذي جعل له في الأفق الأعلى فاستوى ، أي وقف
وقفة} {ثم دنا فتدلى} أي نزل حتى كان بينه وبين المصعد الذي رفع إليه محمد صلى
الله عليه وسلم قاب قوسين أو أدنى فيما يراه الرائي ويقدره المقدر . وقال بعضهم :
دنا جبريل فتدلى محمد صلى الله عليه وسلم ساجدا لربه . وقوله في الحديث رأى رفرفا
. يريد : جبريل عليه السلام في صورته على رفرف ، والرفرف البساط ، ويقال : فراش ، ويقال
: بل هو ثوب كان لباسا له ، فقد روي أنه رآه في حلة رفرف . قلت : وفي حديث قتادة
عن الحسن البصري في قوله :} {فأوحى إلى عبده ما أوحى} قال : عبده جبريل عليه السلام ، أوحى الله
تعالى إلى جبريل ، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم الحجاب . وهذا يدل على أنه ذهب
في تفسير الآية إلى معنى ما تقدم ذكره ، وأن الله تعالى أوحى إلى جبريل عليه
السلام ما أوحى ، ثم جبريل عليه السلام ألقاه إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، ورأى
محمد صلى الله عليه وسلم الحجاب ، يريد والله أعلم : ما روي في بعض الأخبار من
رؤيته النور الأعظم ودونه الحجاب رفرف الدر والياقوت
926- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو القاسم زيد بن
أبي هاشم العلوي قالا : أنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، حَدَّثَنَا
إبراهيم بن عبد الله العبسي ، حَدَّثَنَا وكيع ، عن الأعمش ، عن زياد بن حصين ، عن
أبي العالية ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما : {ما كذب الفؤاد ما رأى} {ولقد رآه
نزلة أخرى} قال : رآه صلى الله عليه وسلم بفؤاده مرتين . رواه مسلم في الصحيح عن
أبي بكر بن أبي شيبة وغيره ، عن وكيع
927- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ،
حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : {إذ يغشى السدرة
ما يغشى} قال : كان أغصان السدرة من لؤلؤ وياقوت} وزبرجد} ، فرآه محمد صلى الله عليه
وسلم بقلبه ، ورأى ربه وعن مجاهد في قوله عز وجل : {فكان قاب قوسين أو أدنى} يعني
: حيث الوتر من القوس ، يعني ربه تبارك وتعالى من جبريل عليه السلام . قلت : فعلى
هذه الطريقة المراد بالقرب المذكور في الآية قرب من حيث الكرامة لا من حيث المكان
، ألا تراه قال : {أو أدنى} ، وإنما يتصور الأدنى من قاب قوسين في الكرامة ، وهو
كقوله عز وجل : {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} يعني : بالإجابة ، ألا تراه قال : {أجيب دعوة الداع
إذا دعان} وقد قال :
{ونحن أقرب إليه منكم}.
وقال : {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} وإنما أراد
بالعلم والقدرة لا قرب البقعة ، ونظيره من الحديث
928- مَا أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي
إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِسْحَاقَ
الْخُرَاسَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرِ بْنَ الزِّبْرِقَانِ
، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ ، عَنْ
أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنَّا
مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي غَزَاةٍ ، فَجَعَلْنَا
لا نَصْعَدُ شَرَفًا وَلا نَهْبِطُ وَادِيًا إِلاَّ رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا
بِالتَّكْبِيرِ ، وَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، ضَعُوا مِنْ أَصْوَاتِكُمْ
فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا ، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ دُونَ
رِكَابِكُمْ.
ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا
عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : أَلا
أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ.
رَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ خَالِدٍ
الْحَذَّاءِ فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ : فَقَالَ : رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا
، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا ، وَالَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى
أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَةِ أَحَدِكُمْ
929- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، فَذَكَرَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ،
وَالطَّرِيقَةُ الأُولَى فِي مَعْنَى الآيَةِ أَصَحُّ ، وَالْقَائِلُونَ بِهَا
أَكْبَرُ وَأَكْثَرُ ، وَفِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَلَّ
عَلَى صِحَّتِهَا
930- فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ
الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ
، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، يُحَدِّثُ حَدِيثًا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ ، أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاثَةُ
نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ : أَهُوَ هُوَ ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ : هُوَ خَيْرُهُمْ
فَقَالَ آخِرُهُمْ : خُذُوا خَيْرَهُمْ فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ فَلَمْ
يَرَهُمْ حَتَّى جَاؤُوهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبَهُ ، وَالنَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ ،
وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ ، تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ فَلَمْ
يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ ، فَتَوَلاهُ
مِنْهُمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ
إِلَى لَبَّتِهِ ، حَتَّى فَرَّجَ عَنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ ، وَغَسَلَهُ مِنْ
مَاءِ زَمْزَمَ ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ ، ثُمَّ أَتَى بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ ،
فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوٌّ إِيمَانًا وَحِكْمَةً ، فَحَشَا صَدْرَهُ
وَجَوْفَهُ وَأَعَادَهُ ، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ
الدُّنْيَا ، فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا ، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ :
مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا جِبْرِيلُ ، قَالُوا : وَمَنْ مَعَكَ قَالَ :
مُحَمَّدٌ قَالُوا : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالُوا :
فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلا ، يَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ ، لا يَعْلَمُ
أَهْلُ السَّمَاءِ مَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ ، فَوَجَدَ
فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : هَذَا أَبُوكَ ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ
فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : مَرْحَبًا بِكَ وَأَهْلا يَا
بُنَيَّ ، فَنِعْمَ الابْنُ أَنْتَ فَإِذَا هُوَ
فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهْرَيْنِ يَطَّرِدَانِ ،
فَقَالَ : مَا هَذَانِ النَّهْرَانِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَذَانِ : النِّيلُ وَالْفُرَاتُ
عُنْصُرُهُمَا ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ ، فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ
عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ ، فَذَهَبَ يَشُمُّ تُرَابَهُ فَإِذَا
هُوَ الْمِسْكُ ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ وَمَا هَذَا النَّهَرُ ؟ قَالَ : هَذَا الْكَوْثَرُ
الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ ،
فَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ فِي الأُولَى : مَنْ هَذَا
مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ قَالُوا
: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالُوا :
فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلا ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ،
فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ فِي الأُولَى وَالثَّانِيَةِ ثُمَّ عَرَجَ
إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ
إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ
إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ
إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَكُلُّ سَمَاءٍ
فِيهَا أَنْبِيَاءٌ ، قَدْ سَمَّاهُمْ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَوَعَيْتُ
مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ ، وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ ، وَآخَرَ فِي
الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ ، وَإِبْرَاهِيمُ فِي السَّادِسَةِ ، وَمُوسَى
فِي السَّابِعَةِ ، بِفَضْلِ كَلامِ اللهِ تَعَالَى ، فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ
السَّلامُ : لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ إِلَيَّ أَحَدٌ ، ثُمَّ عَلا بِهِ فِيمَا لا يَعْلَمُ
أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَى ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى ، وَدَنَا
الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَتَدَلَّى ، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، فَأَوْحَى إِلَيْهِ مَا شَاءَ فِيمَا أَوْحَى خَمْسِينَ
صَلاةً عَلَى أُمَّتِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ
مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ ، فَقَالَ
: يَا مُحَمَّدُ ، مَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ ؟ قَالَ
: عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً عَلَى أُمَّتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَالَ
: فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا تَسْتَطِيعُ ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ وَعَنْهُمْ فَالْتَفَتَ
إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ ،
فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ ، فَعَلا بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ
السَّلامُ حَتَّى أَتَى بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُوَ
مَكَانُهُ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ خَفِّفْ فَإِنَّ أُمَّتِي لا تَسْتَطِيعُ هَذَا
فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ
، فَاحْتَبَسَهُ ، وَلَمْ يَزَلْ يَرُدُّهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَ
إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ
، قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذِهِ
الْخَمْسِ فَضَيَّعُوهُ وَتَرَكُوهُ ، وَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ
أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا ،
فَرَاجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ فَالْتَفَتَ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ
لِيُشِيرَ عَلَيْهِ ، فَلا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ
الْخَامِسَةِ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضِعَافٌ أَجْسَادُهُمْ
وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ ، فَخَفَّفْ عَنَّا فَقَالَ عَزَّ
وَجَلَّ : إِنِّي لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ، هِيَ كَمَا كُتِبَتْ عَلَيْكَ
فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَلَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَةُ أَمْثَالِهَا ، هِيَ
خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَهُنَّ خَمْسٌ عَلَيْكَ فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى
عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : كَيْفَ فَعَلْتَ ؟ فَقَالَ : خُفِّفَ عَنَّا ، أَعْطَانَا
بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرُ أَمْثَالِهَا قَالَ : قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَتَرَكُوهُ ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ
عَنْكَ أَيْضًا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ قَدِ
اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ قَالَ : فَاذْهَبْ بِاسْمِ
اللهِ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ
الأَيْلِيِّ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، وَلَمْ يَسُقْ مَتْنَهُ ، وَأَحَالَ بِهِ عَلَى
رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ
ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ لَفْظُ الدُّنُوِّ وَالتَّدَلِّي ، وَلا لَفْظُ الْمَكَانِ وَرَوَى
حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، وَقَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ ، لَيْسَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْ
ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ فِي
رِوَايَتِهِ هَذِهِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظِ الْحَدِيثَ
كَمَا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ نِسْيَانِهِ مَا حَفِظَهُ غَيْرُهُ ، وَمِنْ
مُخَالَفَتِهِ فِي مَقَامَاتِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ رَآهُمْ فِي السَّمَاءِ
مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ : فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ
فِي الْمَسْجِدِ وَمِعْرَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
رُؤْيَةَ الْعَيْنِ ، وَإِنَّمَا شَقُّ صَدْرِهِ كَانَ وَهُوَ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ
بِطُولِهَا إِنَّمَا هِيَ حِكَايَةٌ حَكَاهَا شَرِيكٌ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ ، لَمْ يَعُزْهَا إِلَى
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا رَوَاهَا عَنْهُ ، وَلا
أَضَافَهَا إِلَى قَوْلِهِ وَقَدْ خَالَفَهُ فِيمَا تَفَرَّدَ بِهِ مِنْهَا عَبْدُ
اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَعَائِشَةُ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
، وَهُمْ أَحْفَظُ
وَأَكْبَرُ وَأَكْثَرُ ، وَرَوَتْ عَائِشَةُ ، وَابْنُ
مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، الْمُرَادُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ
فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : وَالَّذِي قِيلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا : أَنَّهُ
دَنَا : يَعْنِي : جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنْ مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَدَلَّى : أَيْ : فَقَرُبَ مِنْهُ وَقَالَ
بَعْضُهُمْ : إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ، عَلَى التَّقْدِيمِ
وَالتَّأْخِيرِ ، أَيْ تَدَلَّى وَدَنَا ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّدَلِّي سَبَبُ
الدُّنُوِّ
931- أَخْبَرَنَا بِهَذَا الْقَوْلِ أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ الْجَهْمِ ، قَالَ : قَالَ الْفَرَّاءُ : قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ دَنَا
مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى كَانَ قَابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى : أَيْ قَدْرَ قَوْسَيْنِ عَرَبِيَّتَيْنِ أَوْ أَدْنَى ،
فَأَوْحَى : يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ إِلَى عَبْدِهِ
إِلَى عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدٍ مَا أَوْحَى قَالَ الْفَرَّاءُ : قَوْلُهُ :
فَتَدَلَّى : كَانَ الْمَعْنَى : ثُمَّ تَدَلَّى فَدَنَا ، وَلَكِنَّهُ جَائِزٌ إِذَا كَانَ
مَعْنَى الْفِعْلَيْنِ وَاحِدًا أَوْ كَالْوَاحِدِ ، قَدَّمْتَ أَيَّهُمَا شِئْتَ
، فَقُلْتَ : قَدْ دَنَا فَقَرُبَ ، وَقَرُبَ فَدَنَا ، وَشَتَمَنِي فَأَسَاءَ
وَأَسَاءَ فَشَتَمَنِي لأَنَّ الشَّتْمَ وَالإِسَاءَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ
قَوْلُهُ : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ الْمَعْنَى وَاللَّهُ
أَعْلَمُ : انْشَقَّ الْقَمَرُ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ
تَدَلَّى يَعْنِي جِبْرِيلَ بَعْدَ الانْتِصَابِ وَالارْتِفَاعِ حَتَّى رَآهُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَدَلِّيًا كَمَا رَآهُ
مُنْتَصِبًا ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ قُدْرَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
حِينَ أَقْدَرَهُ عَلَى أَنْ يَتَدَلَّى فِي الْهَوَاءِ مِنْ غَيْرِ اعْتِمَادٍ عَلَى
شَيْءٍ وَلا تَمَسُّكٍ
بِشَيْءٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى قَوْلُهُ : دَنَا ، يَعْنِي :
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، فَتَدَلَّى ، مُحَمَّدٌ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا لِرَبِّهِ شُكْرًا عَلَى مَا أَرَاهُ مِنْ
قُدْرَتِهِ ، وَأَنَالَهُ مِنْ كَرَامَتِهِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَلَمْ يَثْبُتْ فِي شَيْءٍ
مِمَّا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ أَنَّ التَّدَلِّي مُضَافٌ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى ، جَلَّ رَبُّنَا عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَنُعُوتِ
الْمَرْبُوبِينَ الْمَحْدُودِينَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَفِي الْحَدِيثِ لَفْظَةٌ
أُخْرَى تَفَرَّدَ بِهَا شَرِيكٌ أَيْضًا لَمْ يَذْكُرْهَا غَيْرُهُ ، وَهِيَ
قَوْلُهُ : فَقَالَ وَهُوَ مَكَانُهُ ، وَالْمَكَانُ لا يُضَافُ إِلَى اللهِ
سُبْحَانَهُ ، إِنَّمَا هُوَ مَكَانُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَمُقَامُهُ الأَوَّلُ الَّذِي أُقِيمَ فِيهِ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وَهَهُنَا لَفْظَةٌ أُخْرَى فِي
قِصَّةِ الشَّفَاعَةِ ، رَوَاهَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَيَأْتُونِي ، يَعْنِي
أَهْلَ الْمَحْشَرِ ، يَسْأَلُونِي الشَّفَاعَةَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي
دَارِهِ ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ
932- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَيُّوبَ ، أَخْبَرَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنَا
قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ : وَقَالَ
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فَذَكَرَهُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : مَعْنَى قَوْلِهِ : فَأَسْتَأْذِنُ
عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ أَيْ : فِي دَارِهِ الَّتِي
دَوَّرَهَا لأَوْلِيَائِهِ وَهِيَ الْجَنَّةُ ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :
لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، وَكَقَوْلِهِ
تَعَالَى : وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَكَمَا يُقَالُ : بَيْتُ
اللهِ ، وَحَرَمُ اللهِ ، يُرِيدُونَ الْبَيْتَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ
مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَالْحَرَمَ الَّذِي جَعَلَهُ أَمَنًا وَمِثْلُهُ رَوْحُ
اللهِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْضِيلِ لَهُ عَلَى سَائِرِ الأَرْوَاحِ ، وَإِنَّمَا
ذَلِكَ فِي تَرْتِيبِ الْكَلامِ كَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلا : إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي
أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ، فَأَضَافَ الرَّسُولَ إِلَيْهِمْ ، وَإِنَّمَا
هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ
933- قلت : وما ذكرنا في حديث أنس رضي الله عنه فمثله
نقول فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن الحسن قالا : حَدَّثَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، أَخْبَرَنَا سعيد بن يحيى
الأموي ، حدثني أبي ، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة ، عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قول الله تبارك وتعالى : {ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى}
قال : {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى} قال : قال
ابن عباس رضي الله عنهما : قد رآه النبي صلى الله عليه وسلم
934- وأما الحديث الذي أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ
، أَخْبَرَنَا أبو الطيب محمد بن أحمد بن الحسن الحيري ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد
الوهاب ، حَدَّثَنَا يعلى بن عبيد الطنافسي ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق . وأخبرنا
أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس الأصم ، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد
الجبار ، حَدَّثَنَا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الحارث
بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، قال : إن عبد الله
بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بعث إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يسأله :
هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه ؟ فأرسل إليه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
أن نعم . فرد عليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رسوله أن كيف رآه ؟ فأرسل : إنه
رآه في روضة خضراء ، دونه فراش من ذهب على كرسي من ذهب ، يحمله أربعة من
الملائكة : ملك في صورة رجل ، وملك في صورة ثور ، وملك
في صورة نسر ، وملك في صورة أسد . لفظ حديث يعلى . زاد يونس في روايته : في صورة
رجل شاب . قلت فهذا حديث تفرد به محمد بن إسحاق بن يسار ، وقد مضى الكلام في ضعف
ما يرويه إذا لم يبين سماعه فيه ، وفي هذه الرواية انقطاع بين ابن عباس رضي الله عنهما
وبين الراوي عنه ، وليس شيء من هذه الألفاظ في الروايات الصحيحة عن ابن عباس رضي
الله عنهما ، وروي من وجه آخر ضعيف
935- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ ،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ سُئِلَ : هَلْ رَأَى
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، رَآهُ
كَأَنَّ قَدَمَيْهِ عَلَى خُضْرَةٍ ، دُونَهُ سِتْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ فَقُلْتُ : يَا
ابْنَ عَبَّاسٍ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لا تُدْرِكُهُ
الأَبْصَارُ ، قَالَ : يَا لا أُمَّ لَكَ ، ذَاكَ نُورُهُ الَّذِي هُوَ نُورُهُ ،
إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لا يُدْرِكَهُ شَيْءٌ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ
أَبَانَ ضَعِيفٌ فِي الرِّوَايَةِ ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ
936- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ
مُحَمَّدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ، يَقُولُ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ
الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ضَعِيفٌ ، قُلْتُ :
وَرُوِيَ ، عَنِ الْقِنْبَارِيِّ ، عَنِ الْحَكَمِ ،
وَهُوَ مَجْهُولٌ ، وَالْحَكَمُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ فِي الصَّحِيحِ
937- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ : مُوسَى الْقِنْبَارِيُّ
مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَضَعِيفُهُ قُلْتُ : وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُعْرَفُ
مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ كَمَا
938- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
أَبِي سُوَيْدٍ الذِّرَاعُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح وَأَخْبَرَنَا
أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظَ
، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا
أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ،
عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَأَيْتُ رَبِّي جَعْدًا
أَمْرَدَ
عَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ قَالَ : وَأَخْبَرَنَا أَبُو
أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْمَوْصِلِيُّ ، وَابْنُ
شَهْرَيَارَ ، قَالا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللهِ بْنِ مُوسَى ،
حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلاَّ أَنَّهُ
قَالَ : فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ جَعْدٍ قَالَ : وَزَادَ عَلِيُّ بْنُ
شَهْرَيَارَ : عَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ وَرَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ
، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ ، دُونَهُ سِتْرٌ مِنْ
لُؤْلُؤِ ، قَدَمَيْهِ ، أَوْ قَالَ : رِجْلَيْهِ ، فِي خُضْرَةٍ
939- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعْدٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ
، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا
النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَهُ وَهَذَا إِنَّمَا يُعْرَفُ بِالأَسْوَدِ
بْنِ عَامِرٍ شَاذَانَ ، عَنْ حَمَّادٍ.
وَرُوِّينَاهُ مِنْ ، حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي
سُوَيْدٍ الذِّرَاعِ ، عَنْ حَمَّادٍ ، وَرُوِيَ مِنْ ، وَجْهَيْنِ ، آخَرَيْنِ
عَنْ حَمَّادٍ ، فَذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ
، وَكَانَ مِنَ الْمُتَعَصِّبِينَ ، إِلَى مَا :
940- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ شُجَاعِ الثَّلْجِيُّ ، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : كَانَ حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ لا يُعْرَفُ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ حَتَّى
خَرَجَ خَرْجَةً إِلَى عَبَادَانَ ، فَجَاءَ وَهُوَ يَرْوِيهَا ، فَلا أَحْسِبُ
إِلاَّ شَيْطَانًا خَرَجَ إِلَيْهِ فِي الْبَحْرِ فَأَلْقَاهَا إِلَيْهِ قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّلْجِيُّ
: فَسَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ صُهَيْبٍ ، يَقُولُ : إِنَّ
حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ لا يَحْفَظُ ، وَكَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّهَا
دُسَّتْ فِي كُتُبِهِ ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ ابْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ كَانَ رَبِيبُهُ
، وَكَانَ يَدُسُّ فِي كُتُبِهِ هَذِهِ الأَحَادِيثَ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ أَبُو
عَبْدِ اللهِ الثَّلْجِيُّ : كَذَّابٌ ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَيَدُّسُّهُ
فِي كُتُبِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِأَحَادِيثَ كُفْرِيَّاتٍ مِنْ تَدْسِيسِهِ
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ : وَالأَحَادِيثُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ
سَلَمَةَ فِي الرُّؤْيَةِ قَدْ رَوَاهَا غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، قُلْتُ :
وَقَدْ حَمَلَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى
عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَزَعَمَ أَنَّ
سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ تَكَلَّمَ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ عَطَاءٌ.
وَطَاوُسٌ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَكَانَ مَالِكُ
بْنُ أَنَسٍ لا يَرْضَاهُ ، وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ فِي
الصِّحَاحِ
941- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ ، حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ
، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ
بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ : أَشْهَدُ ، أَكْثَرُ عِلْمِي عَلَيَّ أَبِي ، أَنَّهُ
سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ لِغُلامٍ لَهُ ، اسْمُهُ بُرْدٌ :
إِيَّاكَ يَا بُرْدُ أَنْ تَكْذِبَ عَلَيَّ كَمَا يَكْذِبُ عِكْرِمَةُ عَلَى ابْنِ
عَبَّاسٍ
قُلْتُ : وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : مِنْ غَيْرِ أَنْ عَزَاهَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي حُلَّةِ رَفْرَفٍ أَخْضَرَ وَثَبَتَ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فِي قَوْلِهِ : إِذْ يَغْشَى
السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ، قَالَ : غَشِيَهَا فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ ، وَذَكَرَ
أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي صُورَتِهِ ، وَهُوَ إِنَّمَا
رَأَى جِبْرِيلَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ثُمَّ قَدْ حَمَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ
عَلَى أَنَّهُ رَآهُ فِي الْمَنَامِ ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ أُمِّ
الطُّفَيْلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَذَلِكَ فِيمَا
942- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ
الْحَرْبِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيُّ
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ
عُمَارَةَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ ، امْرَأَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي
الْمَنَامِ فِي صُورَةِ شَابٍّ ، مُوَفَّرٍ فِي خُضْرٍ ، عَلَى
فِرَاشٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فِي رِجْلَيْهِ نَعْلانِ مِنْ
ذَهَبٍ وَقَوْلُهُ مُوَفَّرٍ : يَعْنِي : ذَا وَفْرَةٍ أَيْ : شَعْرَةٌ وَقَوْلُهُ فِي خُضْرٍ
أَيْ : فِي ثِيَابٍ خُضْرٍ ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَهُوَ حِكَايَةٌ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا فِي الْمَنَامِ قَالَ
أَهْلُ النَّظَرِ : رُؤْيَا النَّوْمِ قَدْ يَكُونُ وَهُمًا يَجْعَلُهُ اللَّهُ
تَعَالَى دَلالَةً لِلرَّائِي عَلَى أَمَرٍ سَالِفٍ أَوْ آنِفٍ عَلَى طَرِيقِ
التَّعْبِيرِ
باب ما جاء في قول الله عز وجل : {هل ينظرون إلا أن
يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} ما جاء في قول الله عز وجل : {هل ينظرون
إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور}
، وقوله تبارك وتعالى : {وجاء ربك والملك صفا صفا} .
943- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا أحمد بن الفضل
الصائغ ، حَدَّثَنَا آدم بن أبي إياس ، حَدَّثَنَا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ،
عن أبي العالية ، في قوله تعالى : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام
والملائكة} يقول : الملائكة يجيئون في ظلل من الغمام ، والله عز وجل يجيء فيما
يشاء ، وهي في بعض القراءة : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} وهي
كقوله} {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا} . قلت : فصح بهذا التفسير
أن الغمام إنما هو مكان الملائكة ومركبهم ، وأن الله تعالى
لا مكان له ولا مركب ، وأما الإتيان والمجيء فعلى قول
أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه يحدث الله تعالى يوم القيامة فعلا يسميه إتيانا
ومجيئا ، لا بأن يتحرك أو ينتقل ، فإن الحركة والسكون والاستقرار من صفات الأجسام
، والله تعالى أحد صمد ليس كمثله شيء . وهذا كقوله عز وجل : {فأتى الله بنيانهم من
القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} ولم يرد به
إتيانا من حيث النقلة ، إنما أراد إحداث الفعل الذي به خرب بنيانهم وخر عليهم
السقف من فوقهم ، فسمى ذلك الفعل إتيانا ، وهكذا قال في أخبار النزول إن المراد به
فعل يحدثه الله عز وجل في سماء الدنيا كل ليلة يسميه نزولا بلا حركة ولا نقلة ،
تعالى الله عن صفات المخلوقين
944- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النِّجَادُ ، قَالَ : قُرِئَ عَلَى
سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ الأَشْجَعِيِّ ، وَأَنَا أَسْمَعُ ، حَدَّثَنَا
الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الأَغَرِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى
السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَخِيرُ ، فَيَقُولُ :
مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؟ مَنْ
يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟
945- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى
مَالِكٍ فَذَكَرَ بِمَعْنَاهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ الْقَعْنَبِيِّ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ،
وَرَوَاهُ أَيْضًا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
946- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، والعباس بن محمد
الدوري ، قالا : حَدَّثَنَا محاضر بن المورع ، حَدَّثَنَا سعد بن سعيد ،
أَخْبَرَنَا سعيد بن مرجانة ، قال
: سمعت أبا هريرة ، رضي الله عنه يقول : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ينزل الله إلى السماء الدنيا لشطر الليل ـ أو لثلث الليل ـ
الأخير فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ أو يسألني فأعطيه ؟ ثم يقول : من يقرض
غير عدوم ولا ظلوم ؟ رواه مسلم في الصحيح عن حجاج بن الشاعر ، عن محاضر بن المورع
، وأخرجه أيضا من حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، ورواه أيضا أبو جعفر
محمد بن علي في آخرين عن أبي هريرة رضي الله عنه
947- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
بْنِ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ
حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو
إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الأَغَرَّ ، يَقُولُ : أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ
، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ يُمْهِلُ حَتَّى يَمْضِيَ ثُلُثَا اللَّيْلِ ثُمَّ يَهْبِطُ ، فَيَقُولُ :
هَلْ مِنْ سَائِلٍ ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ مِنْ ذَنْبٍ ؟
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ
غُنْدَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، وَقَالَ
: فَيَنْزِلُ بَدَلَ قَوْلِهِ : ثُمَّ يَهْبِطُ
وَبِمَعْنَاهُ قَالَهُ مَنْصُورٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الأَغَرِّ أَبِي
مُسْلِمٍ : يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا
948- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ شَبَانَةَ الشَّاهِدُ ، بِهَمَذَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا
بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ
الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ
، فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ
فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ قَالَ : وَذَلِكَ
فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لَفْظُ حَدِيثِ الْوَاسِطِيِّ وَهُوَ أَتَمُّ وَقَدْ رُوِيَ
فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَعَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، وَرِفَاعَةَ
بْنِ عَرَابَةَ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ
، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ ،
وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرُوِيَ فِيهِ ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ ، وَغَيْرِهِمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
949- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق
الصاغاني ، أَخْبَرَنَا سلم بن قادم ، حَدَّثَنَا موسى بن داود ، قال : قال لي
عباد بن العوام : قدم علينا شريك بن عبد الله منذ نحو من خمسين سنة ، قال : فقلت
له : يا أبا عبد الله ، إن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث . قال :
فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذا ، وقال : أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن
التابعين عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم عمن أخذوا ؟
950- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا زكريا
العنبري ، يقول : سمعت أبا العباس محمد بن إسحاق الثقفي يقول : سمعت الحسن بن عبد
العزيز الجروي ، يقول : سمعت قاضي فارس يقول : قال إسحاق بن راهويه : دخلت يوما
على عبد الله بن طاهر فقال لي : يا أبا يعقوب ، تقول إن الله ينزل كل ليلة ؟ فقلت له
: ويقدر . فسكت عبد الله . قال أبو العباس : أخبرني الثقة من أصحابنا قال : سمعت
إسحاق بن راهويه يقول : دخلت على عبد الله بن طاهر فقال لي : يا أبا يعقوب ، تقول
إن الله ينزل كل ليلة ؟ فقلت : أيها الأمير إن الله تعالى بعث إلينا نبيا ، نقل
إلينا عنه أخبار بها نحلل الدماء ، وبها نحرم ، وبها نحلل الفروج ، وبها نحرم ،
وبها نبيح الأموال وبها نحرم ، فإن صح ذا صح ذاك ، وإن بطل ذا بطل ذاك . قال :
فأمسك عبد الله
951- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا جعفر
محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت أحمد بن سلمة ، يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم
الحنظلي ، يقول : جمعني وهذا المبتدع ـ يعني إبراهيم بن أبي صالح ـ مجلس الأمير
عبد الله بن طاهر
فسألني الأمير عن أخبار النزول فسردتها ، فقال إبراهيم :
كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء . فقلت : آمنت برب يفعل ما يشاء . قال فرضي عبد
الله كلامي وأنكر على إبراهيم . هذا معنى الحكاية
952- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا
زكريا العنبري ، يقول : سمعت أبا العباس ، يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم ، يقول : دخلت
يوما على طاهر بن عبد الله بن طاهر ، وعنده منصور بن طلحة ، فقال لي : يا أبا
يعقوب ، إن الله ينزل كل ليلة ؟ فقلت له : تؤمن به ؟ فقال طاهر : ألم أنهك عن هذا
الشيخ ، ما دعاك إلى أن تسأله عن مثل هذا ؟ قال إسحاق : فقلت له : إذا أنت لم تؤمن
أن لك ربا يفعل ما يشاء ، لست تحتاج أن تسألني . قلت : فقد بين إسحاق بن إبراهيم
الحنظلي في هذه الحكاية أن النزول عنده من صفات الفعل ، ثم إنه كان يجعله نزولا
بلا كيف ، وفي ذلك دلالة على أنه كان لا يعتقد فيه الانتقال والزوال
953- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو
محمد بن حيان أبو الشيخ الأصبهاني ، قال : وفيما أجازني جدي يعني محمود بن الفرح
قال : قال إسحاق بن
راهويه : سألني ابن طاهر عن حديث النبي صلى الله عليه
وسلم ـ يعني في النزول ـ فقلت له : النزول بلا كيف . قال أبو سليمان الخطابي : هذا
الحديث وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها ، وإجراءها
على ظاهرها ونفي الكيفية عنها . وذكر الحكاية التي
954- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو
محمد بن حيان ، حَدَّثَنَا الحسن بن محمد الداركي ، حَدَّثَنَا أبو زرعة ،
حَدَّثَنَا ابن مصفى ، حَدَّثَنَا بقية ، حَدَّثَنَا الأوزاعي ، عن الزهري ،
ومكحول ، قالا : امضوا الأحاديث على ما جاءت
955- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو بكر
محمد بن أحمد بن بالويه ، حَدَّثَنَا محمد بن بشر بن مطر ، حَدَّثَنَا الهيثم بن
خارجة ، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم ، قال : سئل الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري
والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في التشبيه فقالوا : أمروها كما جاءت بلا
كيفية
قال أبو سليمان : وقد روينا عن عبد الله بن المبارك أن
رجلا قال له ، كيف ينزل ؟ فقال له بالفارسية : {كدخدائ كارخويش كن} ينزل كما يشاء .
956- أخبرنا أبو عثمان ، حَدَّثَنَا أبو يعقوب إسحاق بن
إبراهيم العدل ، حَدَّثَنَا محبوب بن عبد الرحمن القاضي ، حَدَّثَنَا جدي أبو بكر
محمد بن أحمد بن محبوب ، حَدَّثَنَا أحمد بن حيويه ، حدثنا أبو عبد الرحمن العتكي
، حَدَّثَنَا محمد بن سلام ، قال : سألت عبد الله بن المبارك . فذكر حكاية قال
فيها : فقال الرجل يا أبا عبد الرحمن ، كيف ينزل ؟ فقال عبد الله بن المبارك :
كدخاي كارخويش كن ينزل كيف يشاء قال أبو سليمان رحمه الله : وإنما ينكر هذا وما أشبهه
من الحديث من يقيس الأمور في ذلك بما يشاهده من النزول الذي هو نزلة من أعلى إلى
أسفل ، وانتقال من فوق إلى تحت ، وهذا صفة الأجسام والأشباح ، فأما نزول من لا
يستولي عليه صفات الأجسام فإن هذه المعاني غير متوهمة فيه ، وإنما هو خبر عن قدرته
ورأفته بعباده ، وعطفه عليهم واستجابته دعائهم ومغفرته لهم ، يفعل ما يشاء ، لا
يتوجه على صفاته كيفية ، ولا على أفعاله كمية ، سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع
البصير . وقال أبو سليمان رحمه الله في معالم السنن : وهذا من العلم الذي أمرنا أن
نؤمن بظاهره.
وأن لا نكشف عن باطنه ، وهو من جملة المتشابه الذي ذكره
الله تعالى في كتابه فقال : {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم
الكتاب وأخر متشابهات} الآية فالمحكم منه يقع به العلم الحقيقي والعمل ، والمتشابه
يقع به الإيمان والعلم الظاهر ، ويوكل باطنه إلى الله عز وجل ، وهو معنى قوله : {وما يعلم
تأويله إلا الله} وإنما حظ الراسخين أن يقولوا آمنا به كل من عند ربنا . وكذلك ما
جاء من هذا الباب في القرآن كقوله عز وجل : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل
من الغمام والملائكة وقضي الأمر}.
وقوله
: {وجاء ربك والملك صفا صفا} والقول في جميع ذلك عند
علماء السلف هو ما قلناه ، وروي مثل ذلك عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم . وقد
زل بعض شيوخ أهل الحديث ممن يرجع إلى معرفته بالحديث والرجال ، فحاد عن هذه
الطريقة حين روى حديث النزول ، ثم أقبل على نفسه ، فقال : إن قال قائل : كيف ينزل
ربنا إلى السماء ؟ قيل له : ينزل كيف يشاء . فإن قال : هل يتحرك إذا نزل ؟ فقال : إن شاء يتحرك
وإن شاء لم يتحرك . وهذا خطأ فاحش عظيم ، والله تعالى لا يوصف بالحركة ، لأن
الحركة والسكون يتعاقبان في محل واحد ، وإنما يجوز أن يوصف بالحركة من يجوز أن
يوصف بالسكون ، وكلاهما من أعراض الحدث ، وأوصاف المخلوقين ، والله تبارك وتعالى
متعال عنهما ، ليس كمثله شيء . فلو جرى هذا الشيخ على طريقة السلف الصالح ولم يدخل
نفسه فيما لا يعنيه لم يكن يخرج به القول إلى مثل هذا الخطأ الفاحش . قال : وإنما
ذكرت هذا لكي يتوقى الكلام فيما كان من هذا النوع ، فإنه لا يثمر خيرا ولا يفيد
رشدا ، ونسأل الله العصمة من
الضلال ، والقول بما لا يجوز من الفاسد والمحال . وقال القتيبي
: قد يكون النزول بمعنى إقبال على الشيء بالإرادة والنية ، وكذلك الهبوط والارتفاع
والبلوغ والمصير ، وأشباه هذا الكلام ، وذكر من كلام العرب ما يدل على ذلك . قال :
ولا يراد في شيء من هذا انتقال يعني بالذات ، وإنما يراد به القصد إلى الشيء
بالإرادة والعزم والنية . قلت : وفيما قاله أبو سليمان رحمه الله كفاية ، وقد أشار
إلى معناه القتيبي في كلامه ، فقال :
لا نحتم على النزول منه بشيء ، ولكنا نبين كيف هو في
اللغة ، والله أعلم بما أراد . وقرأت بخط الأستاذ أبي عثمان رحمه الله في كتاب
الدعوات عقيب حديث النزول : قال الأستاذ أبو منصور يعني الحمشاذي على إثر الخبر :
وقد اختلف العلماء في قوله : ينزل الله فسئل أبو حنيفة عنه فقال : ينزل بلا كيف . وقال حماد بن زيد
: نزوله إقباله . وقال بعضهم : ينزل نزولا يليق بالربوبية بلا كيف ، من غير أن
يكون نزوله مثل نزول الخلق بالتجلي والتملي ، لأنه جل جلاله منزه عن أن تكون صفاته
مثل صفات الخلق ، كما كان منزها عن أن تكون ذاته مثل ذات الغير ، فمجيئه وإتيانه
ونزوله على حسب ما يليق بصفاته من غير تشبيه وكيفية . ثم روى الإمام رحمه الله
عقيب حكاية ابن المبارك حين سئل عن كيفية نزوله ، فقال عبد الله : كد خداي كارخويش
كن ينزل كيف يشاء . وقد سبقت منه هذه الحكاية بإسناده وكتبتها حيث ذكرها أبو سليمان
رحمه الله .
957- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال سمعت أبا محمد
أحمد بن عبد الله
المزني يقول : حديث النزول قد ثبت عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم من وجوه صحيحة وورد في التنزيل ما يصدقه وهو قوله تعالى : {وجاء ربك
والملك صفا صفا} والمجيء والنزول صفتان منفيتان عن الله تعالى ، من طريق الحركة والانتقال
من حال إلى حال ، بل هما صفتان من صفات الله تعالى بلا تشبيه ، جل الله تعالى عما
يقول المعطلة لصفاته والمشبهة بها علوا كبيرا
958- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَمْرٍو الْحَرَشِيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ
بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : تَلا
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ
عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ
مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا
تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا
بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ ،
قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا
رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاحْذَرُوهُمْ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ في الصحيح ، عَنِ
الْقَعْنَبِيِّ
باب ما روي في التقرب والإتيان والهرولة
959- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنِ
الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً
فَجَزَاؤُهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ ، وَمَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَجَزَاؤُهُ
مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ
ذِرَاعًا ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا ، وَمَنْ
أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقِرَابِ الأَرْضِ
خَطِيئَةً لَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا ، جَعَلْتُ لَهُ مِثْلَهَا مَغْفِرَةً
فَقَالُوا : هَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَبْشِعُهُ النَّاسُ فَقَالَ : إِنَّمَا هَذَا عِنْدَنَا
عَلَى الإِجَابَةِ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ
حَدِيثِ وَكِيعٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، وَقَالَ فِي أَوَّلِهِ : يَقُولُ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ رِوَايَتِنَا ، وَالَّذِي فِي آخِرِ
رِوَايَتِنَا أَظُنُّهُ مِنْ قَوْلِ الأَعْمَشِ
960- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ،
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنْ تَقَرَّبَ عَبْدِي
مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ
مِنْهُ بَاعًا
961- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالا : أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ
زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَتَّابٍ الدَّلالُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ
نَحْوَهُ ، زَادَ : وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ"
مِنْ حَدِيثِ أَبِي زَيْدٍ الْهَرَوِيِّ نَازِلا عَنْ شُعْبَةَ قَالَ
الْبُخَارِيُّ : وَقَالَ مُعْتَمِرٌ
: سَمِعْتُ أَبِيَ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ
962- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، حَدَّثَنَا الإِمَامُ أَبُو سَهْلٍ
مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
بْنِ خُزَيْمَةَ أَبُو بَكْرٍ الإِمَامُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ
التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَنَّهُ قَالَ : إِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي عَبْدِي شِبْرًا
تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا ، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ
مِنْهُ بُوعًا ، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي بُوعًا أَتَيْتُهُ أُهَرْوِلُ أَوْ
كَمَا قَالَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سَهْلٍ : وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِصَارٌ ،
وَلَفْظَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا هَذَا الرَّاوِي ، إِذْ سَائِرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ
: إِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَيَقُولُونَ فِي
تَمَامِ الْحَدِيثِ : وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ أُهَرْوِلُ وَالْبَاعُ
وَالْبُوعُ مُسْتَقِيمَانِ فِي اللُّغَةِ ، جَارِيَتَانِ عَلَى سَبِيلِ
الْعَرَبِيَّةِ ، وَالأَصْلُ فِي الْحَرْفِ الْوَاوُ ، فَقَلَّبْتُ الْوَاوُ
أَلْفًا لِلْفَتْحَةِ ثُمَّ الْجَهْمِيَّةُ ، وَأَصْنَافُ الْقَدَرِيَّةِ ، وَأَخْيَافُ
الْمُعْتَزَلَيَّةِ ، الْمُجْتَرِئَةِ عَلَى رَدِّ أَخْبَارِ الرَّسُولِ
بِالْمُزَيَّفِ مِنَ الْمَعْقُولِ ، لَمَّا رُدُّوا إِلَى حَوْلِهِمْ وَأَحَاطَ
بِهِمُ الْخِذْلانُ ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمُ
بِخَدَائِعِهِ الشَّيْطَانُ ، وَلَمْ يَعْصِمْهُمُ
التَّوْفِيقُ وَلا اسْتَنْقَذَهُمُ التَّحْقِيقُ ، قَالُوا : الْهَرْوَلَةُ لا
تَكُونُ إِلاَّ مِنَ الْجِسْمِ الْمُنْتَقِلِ ، وَالْحَيَوَانُ الْمُهَرْوِلُ ،
وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ حَرَكَاتِ الإِنْسَانِ كَالْهَرْوَلَةِ الْمَعْرُوفَةِ
فِي الْحَجِّ ، وَهَكَذَا قَالُوا ، فِي قَوْلِهِ : تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا
تَشْبِيهٌ إِذْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي الأَشْخَاصِ الْمُتَقَارِبَةِ ، وَالأَجْسَامِ
الْمُتَدَانِيَةِ الْحَامِلَةِ لِلأَعْرَاضِ ، ذَوَاتِ الانْبِسَاطِ
وَالانْقِبَاضِ ، فَأَمَّا الْقَدِيمُ الْمُتَعَالِي عَنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ
، وَعَنْ نُعُوتِ الْمُخْتَرِعِينَ ، فَلا يُقَالُ عَلَيْهِ مَا يَنْثَلِمُ بِهِ
التَّوْحِيدُ ، وَلا يَسْلَمُ عَلَيْهِ التَّمْجِيدُ فَأَقُولُ : إِنَّ قَوْلَ
الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِقٌ لِقَضَايَا الْعُقُولِ ،
إِذْ هُوَ سَيِّدُ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، وَلَكِنْ
مَنْ نَبَذَ الدِّينَ وَرَاءَهُ ، وَحَكَّمَ هَوَاهُ وَآرَاءَهُ ، ضَلَّ عَنْ
سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَبَاءَ بِسَخَطِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، تَقَرَّبَ الْعَبْدُ
مِنْ مَوْلاهُ بِطَاعَاتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ سِرًّا
وَعَلَنًا ، كَالَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: مَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّي بِمِثْلِ مَا تَقَرَّبَ مِنْ أَدَاءِ مَا
افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ ، فَلا يَزَالُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى
أَكُونَ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَهَذَا الْقَوْلُ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ لَطِيفِ التَّمْثِيلِ عِنْدَ ذَوِي التَّحْصِيلِ ،
الْبَعِيدُ مِنَ التَّشْبِيهِ ، الْمَكِينُ مِنَ التَّوْحِيدُ ، وَهُوَ أَنْ
يَسْتَوْلِيَ الْحَقُّ عَلَى الْمتَقَرِّبِ إِلَيْهِ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى لا
يَسْمَعُ شَيْئًا إِلاَّ بِهِ ، وَلا يَنْطِقُ إِلاَّ عَنْهُ ، نَشْرًا لآلائِهِ ،
وَذِكْرًا لِنَعْمَائِهِ ، وَإِخْبَارًا عَنْ مِنَنِهِ الْمُسْتَغْرِقَةِ لِلْخَلْقِ
، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ : يَسْمَعُ بِهِ وَيَنْطِقُ وَلا يَقَعُ نَظَرُهُ
عَلَى مَنْظُورٍ إِلَيْهِ ، إِلاَّ رَآهُ بِقَلْبِهِ مُوَحِّدًا ، وَبِلَطَائِفِ
آثَارِ حِكْمَتِهِ ، وَمَوَاقِعِ قُدْرَتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَئِيِّ
الْمُشَاهِدِ ، يَشْهَدُهُ بِعَيْنِ التَّدْبِيرِ وَتَحقِيقِ التَّقْدِيرِ ،
وَتَصْدِيقِ التَّصْوِيرِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ شَاهِدٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ
وَاحِدٌ فَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ بِالإِحْسَانِ ، وَتَقَرُّبُ الْحَقِّ
بِالامْتِنَانِ ، يُرِيدُ أَنَّهُ الَّذِي أَدْنَاهُ ، وَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ
بِالتَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ ، وَتَقَرُّبُ الْبَارِي إِلَيْهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ
، وَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ بِالسُّؤَالِ ، وَتَقَرُّبُهُ إِلَيْهِ
بِالنَّوَالِ ، وَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ بِالسِّرِّ ، وَتَقَرُّبُهُ
إِلَيْهِ بِالْبِشْرِ ، لا مِنْ حَيْثُ تَوَهَّمَتْهُ الْفِرْقَةُ الْمُضِلَّةِ
لِلأَغْمَارِ وَالْمُتَغَابِيَةُ بِالإِعْثَارِ
وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَاهُ : إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ
إِلَيَّ بِمَا بِهِ تَعَبَدْتُهُ ، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ
وَعَدْتُهُ وَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ : إِنَّمَا هُوَ كَلامٌ خَرَجَ عَلَى طَرِيقِ
الْقُرْبِ مِنَ الْقُلُوبِ دُونَ الْحَوَاسِّ ، مَعَ السَّلامَةِ مِنَ الْعُيُوبِ
عَلَى حَسْبِ مَا يَعْرِفُهُ الْمُشَاهِدُونَ ، وَيَجِدُهُ الْعَابِدُونَ مِنْ
أَخْبَارِ دُنُوِّ مَنْ يَدْنُو مِنْهُ ، وَقَرْبِ مَنْ يَقْرُبُ إِلَيْهِ ،
فَقَالَ عَلَى هَذِهِ السَّبِيلِ ، وَعَلَى مَذْهَبِ التَّمْثِيلِ ، وَلِسَانِ
التَّعْلِيمِ بِمَا يَقْرُبُ مِنَ التَّفْهِيمِ ، إِنَّ قُرْبَ الْبَارِي مِنْ
خَلْقِهِ بِقُرْبِهِمْ إِلَيْهِ بِالْخُرُوجِ فِيمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ ،
وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْهَرْوَلَةِ ، إِنَّمَا يُخْبِرُ عَنْ سُرْعَةِ
الْقَبُولِ ، وَحَقِيقَةِ الإِقْبَالِ ، وَدَرَجَةِ الْوُصُولِ ، وَالْوَصْفُ
الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، يَصْرِفُهُ لِسَانُ التَّوْحِيدِ
، وَبَيَانُ التَّجْرِيدِ ، إِلَى نُعُوتِهِ الْمُتَعَالِيَةِ ، وَأَسْمَائِهِ
الْحُسْنَى وَلَوْلا الإِمْلالُ أَحْذَرُهُ وَأَخْشَاهُ ، لَقُلْتُ فِي هَذَا مَا
يَطُولُ دَرْكُهُ ، وَيَصْعُبُ مِلْكُهُ ، وَالَّذِي أَقُولُ فِي هَذَا الْخَبَرِ
وَأَشْبَاهِهِ مِنْ أَخْبَارِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْمَنْقُولَةِ عَلَى الصِّحَّةِ وَالاسْتِقَامَةِ بِالرُّوَاةِ الأَثْبَاتِ
الْعُدُولِ ، وُجُوبَ التَّسْلِيمِ ، وَلَفْظَ التَّحْكِيمِ ، وَالانْقِيَادَ بِتَحْقِيقِ
الطَّاعَةِ ، وَقَطْعِ الرَّيْبِ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعَنِ الصَّحَابَةِ النُّجَبَاءِ ، الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ
تَعَالَى لَهُ وُزَرَاءَ وَأَصْفِيَاءَ ، وَخُلَفَاءَ ، وَجَعَلَهُمُ السُّفَرَاءَ
بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ حَقِّ عِدَاهُ
أَوْ عَدُوِّهِ ، وَصِدْقٍ تَجَاوَزُوهُ ، وَالنَّاسُ ضَرْبَانِ : مُقَلِّدُونَ
وَعُلَمَاءٌ ، فَالَّذِينَ يُقَلِّدُونَ أَئِمَّةَ الدِّينِ ، سَبِيلُهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا
إِلَيْهِمْ عِنْدَ هَذِهِ الْمَوَارِدِ ، وَالَّذِينَ مُنِحُوا الْعِلْمَ
وَرُزِقُوا الْفَهْمَ هُمُ الأَنْوَارُ الْمُسْتَضَاءُ بِهِمْ ، وَالأَئِمَّةُ
الْمُقْتَدَى بِهِمْ ، وَلا أَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الطَّائِفَةَ السُّنِّيَّةَ ،
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
963- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ ،
بِالْبَصْرَةِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ أَحْمَدُ بْنُ
شُعَيْبٍ قَاضِي حِمْصَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا سَيْفُ
بْنُ عُبَيْدِ اللهِ ، وَكَانَ ثِقَةً ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْعَيَّارِ ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ
نَرَى رَبَّنَا ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تَرَوْنَ
الشَّمْسَ فِي يَوْمٍ لا غَيْمَ فِيهِ ، وَتَرَوْنَ الْقَمَرَ فِي لَيْلَةٍ لا
غَيْمَ فِيهَا ؟ قُلْنَا : نَعَمْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُخَاصِرُ رَبَّهُ
مُخَاصَرَةً ، فَيَقُولُ لَهُ : عَبْدِي هَلْ تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا وَكَذَا ؟
فَيَقُولُ : رَبِّ أَلَمْ تَغْفِرْ لِي ، فَيَقُولُ : بِمَغْفِرَتِي صِرْتَ إِلَى هَذَا
قُلْتُ : حَدِيثُ الرُّؤْيَةِ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَعَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ليس فيه لفظ المخاصرة وسلمة بن العيار
وسيف
بن عبيد الله لم يكونا يذكرا في الصحاح وبمثل هذا لا
يَثْبُتُ بِرِوَايَةِ أَمْثَالِهِمَا ثُمَّ إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مُخَاصَرَتِهِ
مَلائِكَةِ رَبِّهِ ، أَوْ نِعْمَةِ رَبِّهِ ، وَالْمُخَاصَرَةُ الْمُصَافَحَةُ ،
وَقَدْ مَضَى فِي الرُّكْنِ الرُّكْنِ أَنَّهُ يَمِينُ اللهِ تَعَالَى الَّتِي
يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ ، فَلا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ فِي الآخِرَةِ لِلْعَرْشِ
أَوْ غَيْرِهِ رُكْنٌ ، أَوْ شَيْءٌ يُصَافِحُهُ عِبَادُ اللهِ تَعَالَى ، كَمَا
يُصَافِحُونَ الرُّكْنَ فِي الدُّنْيَا وَيَسْتَلِمُونَهُ ، تَقَرُّبًا إِلَى
اللهِ تَعَالَى
باب ما روي في الوطأة بوج
964- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي سُوَيْدٍ
، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : زَعَمَتِ الْمَرْأَةُ
الصَّالِحَةُ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَهُوَ مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَيِ
ابْنَتِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتُبَخِّلُونَ وَتُجَبِّنُونَ
وَتُجَهِّلُونَ ، وَإِنَّكُمْ لَمِنْ رَيْحَانِ اللهِ تَعَالَى ، وَإِنَّ آخِرَ
وَطْأَةٍ وَطِئَهَا الرَّحْمَنُ جَلَّ وَعَلا بِوَجٍّ قُلْتُ : قَوْلُهُ : لَمِنْ
رَيْحَانِ اللهِ يَعْنِي بِهِ : مِنْ رِزْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
965- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سُلَيْمٍ ، عَنِ ابْنِ خيثمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ ، أَنَّهُ
أَخْبَرَهُ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ ، أَنَّ حَسَنًا وَحُسَيْنًا ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَقْبَلا يَسْعَيَانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا جَاءَهُ أَحَدُهُمَا جَعَلَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ ، ثُمَّ
جَاءَ الآخَرُ فَجَعَلَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ ، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا وَقَبَّلَ
هَذَا ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي أُحِبُّهُمَا
فَأَحِبَّهُمَا ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ ،
وَإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا الرَّحْمَنُ بِوَجٍّ الْوَطْأَةُ الْمَذْكُورَةُ
فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِبَارَةٌ عَنْ نُزُولِ بَأْسِهِ بِهِ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
مَهْدِيٍّ : مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ : أَنَّ آخِرَ مَا أَوْقَعَ اللَّهُ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْمُشْرِكِينَ بِالطَّائِفِ ، وَكَانَ آخِرُ غَزَاةٍ
غَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ فِيهَا
الْعَدُوَّ ، وَوَجٌّ وَادٍ بِالطَّائِفِ قَالَ : وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَذْهَبُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى
مَا ذَكَرْنَاهُ ، قَالَ : وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ
سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ
966- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي
إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا
شَيْبَانُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَذَكَرَهُ فِي دُعَاءِ
الْقُنُوتِ قُلْتُ : وَهُوَ كَمَا رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ : سُبْحَانَ الَّذِي
فِي السَّمَاءِ عَرْشُهُ ، سُبْحَانَ الَّذِي فِي الأَرْضِ مَوْطِئُهُ وَإِنَّمَا
أَرَادَ آثَارَ قُدْرَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
967- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسَ ، قَالَ :
سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ
الْمَدِينِيِّ ، يَقُولُ فِي حَدِيثِ خَوْلَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ بِوَجٍّ :
قَالَ : سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ فَسَّرَهُ ، فَقَالَ : إِنَّمَا هُوَ
آخِرُ خَيْلِ اللهِ بِوَجٍّ قَالَ الدَّارِمِيُّ : وَالْوَجُّ : مَدِينَةُ الطَّائِفِ
قُلْتُ : الْوَجُّ : وَادٍ بِالطَّائِفِ ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ ، وَهُوَ
مِنْ حِصْنِهَا قَرِيبٌ وَكَانَتْ مَدِينَةُ الطَّائِفِ أَيْضًا تُسَمَّى وَجًّا
كَمَا قَالَ الدَّارِمِيُّ
باب ما روي في النفس وتقذر النفس
968- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ
الْحِمْصِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَفْطَسُ ، عَنِ
الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ،
قَالَ : أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ ، قَالَ : دَنَوْتُ
مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَادَتْ رُكْبَتَايَ
تَمَسَّانِ فَخِذَهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بُهِيَ بِالْخَيْلِ
وَأُلْقِيَ السِّلاحُ ، فَزَعَمُوا أَنْ لا قِتَالَ ، وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي
حَدِيثِهِ : وَزَعَمَ أَقْوَامٌ أَنْ لا قِتَالَ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَبُوا ، الآنَ جَاءَ الْقِتَالُ ، لا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي
أُمَّةٌ قَائِمَةٌ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرَةٌ عَلَى النَّاسِ ، يُزِيغُ اللَّهُ تَعَالَى
قُلُوبَ أَقْوَامٍ فَيُقَاتِلُونَهُمْ لِيَنَالُوا مِنْهُمْ وَقَالَ يَعْقُوبُ :
قُلُوبُ قَوْمٍ قَاتَلُوهُمْ لِيَنَالُوا مِنْهُمْ وَقَالَ وَهُوَ مُوَلٍّ
ظَهْرَهُ قِبَلَ الْيَمَنِ : إِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَهُنَا ،
وَلَقَدْ أَوْحِيَ إِلَيَّ أَنِّي مَكْفُونٌ غَيْرُ مُلَبَّثٍ وَتَتْبَعُونِي
أَفْنَادًا ، وَالْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ ، وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ
جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ : بُهِيَ إِذَا عُطِّلَتِ الْخَيْلُ قُلْتُ :
قَوْلُهُ : إِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَهُنَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا
فَإِنَّمَا أَرَادَ : إِنِّي أَجِدُ الْفَرَجَ مِنْ قِبَلِ
الْيَمَنِ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ
الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
وَإِنَّمَا أَرَادَ : مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً
969- أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أَخْبَرَنَا أبو أحمد
حمزة بن محمد بن العباس ، حَدَّثَنَا محمد بن منده ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن موسى ،
حَدَّثَنَا جرير ، عن الأعمش ، عن حبيب بن
أبي ثابت ، عن ذر ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن
أبيه ، عن أبي بن كعب ، رضي الله عنه ، قال : لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن
تبارك وتعالى . هذا موقوف على أبي بن كعب رضي الله عنه . وإنما أراد والله أعلم : الريح من روح
الله ، وهو كما روي في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :
الريح من روح الله تعالى ، تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب ، فإذا رأيتموها فلا تسبوها
واسألوا الله خيرها ، واستعيذوا بالله من شرها . وقرأت في كتاب الغريبين : قال أبو
منصور الأزهري : النفس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر الحقيقي ، من نفس
ينفس تنفيسا ونفسا ، كما
يقال فرج يفرج تفريجا وفرجا ، كأنه قال : أجد تنفيس ربكم
من قبل اليمن ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : الريح من نفس الرحمن . أي : من
تنفيس الله تعالى بها عن المكروبين
970- فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ
هِشَامٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ
حَوْشَبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ ، فَخِيَارُ أَهْلِ
الأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجِرَ إِبْرَاهِيمَ ، وَيَبْقَى فِي الأَرْضِ شِرَارُ
أَهْلِهَا ، تَلْفِظُهُمْ أَرَضُوهُمْ ، تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ فَهَذَا الْحَدِيثُ
فِي النَّفْسِ لا فِي النَّفَسِ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ
رَحِمَهُ اللَّهُ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَتَكُونُ
هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ مَعْنَى الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ الْهِجْرَةُ إِلَى
الشَّامِ ، يُرَغِّبُ فِي الْمُقَامِ بِهَا ، وَهِيَ مُهَاجِرُ إِبْرَاهِيمَ
عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَقْذَرُهُمْ
نَفْسُ اللهِ تَعَالَى تَأْوِيلُهُ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَكْرَهُ
خُرُوجَهُمْ إِلَيْهَا وَمُقَامُهُمْ بِهَا ، فَلا يُوَفِّقُهُمْ لِذَلِكَ ،
فَصَارُوا بِالرَّدِّ وَتَرْكِ الْقَبُولِ فِي مَعْنَى الشَّيْءِ الَّذِي
تَقْذُرُهُ نَفْسُ الإِنْسَانِ ، فَلا تَقْبَلُهُ وَذِكْرُ النَّفْسِ هَهُنَا
مَجَازٌ وَاتِّسَاعٌ فِي الْكَلامِ ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى
: وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ
الْقَاعِدِينَ قُلْتُ : وَالْحَدِيثُ تَفَرَّدَ بِهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى بِهَذَا اللَّفْظِ ،
وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِلْمَذْكُورِينَ
فِيهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
971- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ
سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيَّانِ ، قَالا : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، وَقَالَ
أَبُو النَّضْرِ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
سَيُهَاجِرُ أَهْلُ الأَرْضِ هِجْرَةً بَعْدَ هِجْرَةٍ إِلَى مُهَاجِرِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، حَتَّى لا يَبْقَى إِلاَّ شِرَارُ
أَهْلِهَا ، تَلْفِظُهُمُ الأَرَضُونَ ، وَتَقْذَرُهُمْ رُوحُ الرَّحْمَنِ ،
وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرُ ، تَبِيتُ مَعَهُمْ
حَيْثُ بَاتُوا ، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا ، وَلَهَا مَا يَسْقُطُ مِنْهُمْ
وَظَاهَرُ هَذَا أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ بَيَانَ نَتَنِ رِيحِهِمْ ، وَأَنَّ
الأَرْوَاحَ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى تَقْذَرُهُمْ وَإِضَافَةُ
الرُّوحِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الْمُلْكِ وَالْخَلْقِ ، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ
باب ما روي في أن الله سبحانه وتعالى قبل وجه المصلي ،
ونحو ذلك مما يحتاج إلى تأويل
972- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ
جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ ، وَهُوَ
يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حِينَ قَضَى صَلاتَهُ : إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى
قِبَلَ وَجْهِهِ ، فَلا يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قِبَلَ وَجْهِهِ فِي
الصَّلاةِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ حَجَّاجٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، فقال ورواه موسى بن عقبة
وأخرجاه من أوجه أخر ، عَنْ نَافِعٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ : فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ
وَرَوَاهُ حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَزَادَ فِيهِ :
وَإِنَّ رَبَّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ
973- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهِ أَخْبَرَنَا
أَبُو طَاهِرٍ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيُّ ،
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ ، فَحَكَّهَا
بِيَدِهِ ، فَرُئِيَ فِي وَجْهِهِ شِدَّةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ ،
أَوْ رَبُّهُ ، فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ، فَإِذَا بَصَقَ أَحَدُكُمْ
فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ ، أَوْ يَفْعَلْ هَكَذَا ،
ثُمَّ بَزَقَ فِي ثَوْبِهِ ، وَدَلَّكَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ قَالَ يَزِيدُ :
وَأَرَانَا حُمَيْدٌ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ"
مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ ، عَنْ حُمَيْدٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : قَوْلُهُ : فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قِبَلُ وَجْهِهِ تَأْوِيلُهُ : أَنَّ
الْقِبْلَةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا
لِلصَّلاةِ قِبَلَ وَجْهِهِ ، فَلْيَصُنْهَا عَنِ النُّخَامَةِ ، وَفِيهِ
إِضْمَارٌ وَحَذْفٌ وَاخْتِصَارٌ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ
الْعِجْلَ أَيْ : حُبُّ الْعِجْلِ ، وَكَقَوْلِهِ : وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ،
يُرِيدُ : أَهْلَ الْقَرْيَةِ ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلامِ كَثِيرٌ ، وَإِنَّمَا
أُضِيفَتْ تِلْكَ الْجِهَةُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِمَةِ ،
كَمَا قِيلَ : بَيْتُ اللهِ وَكَعْبَةُ اللهِ ، فِي نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْكَلامِ
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ : رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ : مَعْنَاهُ :
أَنَّ تَوَجُّهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ مُفْضٍ بِالْقَصْدِ مِنْهُ إِلَى رَبِّهِ ،
فَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّ مَقْصُودَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ ،
فَأَمَرَ بِأَنْ تُصَانَ تِلْكَ الْجِهَةُ عَنِ الْبُزَاقِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ أَبُو
الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ
كِتَابِهِ : مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ
قِبَلَ وَجْهِهِ أَيْ : إِنَّ ثَوَابَ اللهِ لِهَذَا الْمُصَلِّي يَنْزِلُ
عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ :
يَجِيءُ الْقُرْآنُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ : يَجِيءُ
ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ الْقُرْآنَ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ يُؤَكِّدُ
هَذَا التَّأْوِيلَ
974- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ
الْقَطَّانُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ
دُرُسْتَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ
، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الأَحْوَصِ ، عَنْ
أَبِي ذَرٍّ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ ، فَلا
يَمْسَحِ الْحَصْبَاءَ قَالَ سُفْيَانُ : فَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
لِلزُّهْرِيِّ : مَنْ أَبُو الأَحْوَصِ ؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ : أَمَا رَأَيْتَ
الشَّيْخَ الَّذِي يُصَلِّي فِي الرَّوْضَةِ ؟ فَجَعَلَ الزُّهْرِيُّ يَنْعَتُهُ وَسَعْدٌ
لا يَعْرِفُهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ نُزُولِ الرَّحْمَةِ مِنْ قِبَلِ
وَجْهِهِ ، وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ مَا مَضَى مِنَ التَّأْوِيلِ لِلْحَدِيثِ الأَوَّلِ
975- وَأَمَّا حَدِيثُ مَجِيءِ الْقُرْآنِ فَأَخْبَرَنَا
أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالا :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ ،
حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ ،
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ الْحَبَشِيُّ ، عَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ
سَلامٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلامٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيَّ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا
لأَصْحَابِهِ ، اقْرَؤُوا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا
الزَّهْرَاوَانِ ، يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ ،
أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ
يُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا ، اقْرَؤُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا
بَرَكَةٌ ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ
مُعَاوِيَةُ : الْبَطَلَةُ : السَّحَرَةُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ ، عَنْ أَبِي تَوْبَةَ
وَالْمُرَادُ بِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ التَّرْغِيبُ
فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ التَّرْغِيبُ
فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ الْكَلامُ فِي مَجِيءِ قِرَاءَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
نَحْوَ الْكَلامِ فِي وَزْنِ الأَعْمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَذَلِكَ
مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ
976- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ
، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَزَلَتْ
هَذِهِ الآيَةُ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ
تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم قَالَ : فَنَحْنُ لا نَسْأَلُهُ إِذْ قَالَ : إِنَّ
لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ ، يَغْبِطُهُمُ
النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ بِقُرْبِهِمْ وَمَقْعَدِهِمْ مِنَ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ
: وَفِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ أَعْرَابِيٌّ فَجَثَا عَلَى
رُكْبَتَيْهِ ، وَرَمَى بِيَدَيْهِ ، فَقَالَ : حَدِّثْنَا يَا رَسُولَ اللهِ
عَنْهُمْ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : فَرَأَيْتُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِشْرَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : هُمْ عَبَّادٌ مِنْ عَبَّادِ اللهِ مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّى ،
وَقَبَائِلَ شَتَّى ، مِنْ شُعُوبِ الْقَبَائِلِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ
يَتَوَاصَلُونَ بِهَا ، وَلا دُنْيَا يَتَبَاذَلُونَ بِهَا ، يَتَحَابُّونَ
بِرُوحِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، يَجْعَلُ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ نُورًا ، وَيَجْعَلُ
لَهُمْ مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ قُدَّامَ الرَّحْمَنِ ، يَفْزَعُ النَّاسُ وَلا
يَفْزَعُونَ ، وَيَخَافُ النَّاسُ وَلا يَخَافُونَ.
فَهَذَا حَدِيثٌ رَاوِيهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ، وَهُوَ
عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لا يُحْتَجُّ بِهِ ، ثُمَّ قَوْلُهُ :
بِقُرْبِهِمْ وَمَقْعَدِهِمْ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يُرِيدُ بِهِ فِي
الْكَرَامَةِ وَقَوْلُهُ : قُدَّامَ الرَّحْمَنِ يُرِيدُ بِهِ ، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ : قُدَّامَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ
باب ما جاء في الضحك
977- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ،
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى
رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ ، كِلاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ،
يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى
الْقَاتِلِ ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُسْتَشْهَدُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ
978- وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَضْحَكُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى
رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ كِلاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَالُوا :
كَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : يُقْتَلُ هَذَا فَيَلِجُ الْجَنَّةَ ، ثُمَّ
يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الآخَرِ ، فَيَهْدِيهِ إِلَى الإِسْلامِ ، ثُمَّ يُجَاهِدُ
فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُسْتَشْهَدُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : قَوْلُهُ يَضْحَكُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الضَّحِكُ الَّذِي يَعْتَرِي
الْبَشَرَ عِنْدَمَا يَسْتَخِفَّهُمُ الْفَرَحُ ، أَوْ يَسْتَنْفِزُهُمُ الطَّرَبُ
، غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ ، وَهُوَ مَنْفِيٌ عَنْ صِفَاتِهِ ،
وَإِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ لِهَذَا الصَّنِيعِ الَّذِي يَحِلُّ مَحِلَّ
الْعَجَبِ عِنْدَ الْبَشَرِ ، فَإِذَا رَأَوْهُ أَضْحَكَهُمْ ، وَمَعْنَاهُ فِي
صِفَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الإِخْبَارُ عَنِ الرِّضَى بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا ،
وَالْقَبُولُ لِلآخَرِ وَمُجَازَاتُهُمَا عَلَى صَنِيعِهِمَا الْجَنَّةَ ، مَعَ
اخْتِلافِ أَحْوَالِهِمَا وَتَبَايُنِ مَقَاصِدِهِمَا قَالَ : وَنَظِيرُ هَذَا مَا
رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
يَعْنِي
979- مَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ
، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى
بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ ،
عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ ، فَقُلْنَ : مَا عِنْدَنَا إِلاَّ الْمَاءُ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ يُضِيفُ هَذَا ؟
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ : أَنَا فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ ، فَقَالَ
: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ :
مَا عِنْدَنَا إِلاَّ قُوتُ الصِّبْيَانِ فَقَالَ : هَيِّئِي طَعَامَكِ ، وَأَصْلِحِي
سِرَاجَكِ ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا الْعَشَاءَ فَهَيَّأَتْ
طَعَامَهَا ، وَأَصْلَحَتْ سِرَاجَهَا وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا ، ثُمَّ قَامَتْ
كَأَنَّهَا تَصْلُحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ ، وَجَعَلا يُرِيَانِهِ
كَأَنَّهُمَا يَأْكُلانِ ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : لَقَدْ ضَحِكَ
اللَّهُ اللَّيْلَةَ ، أَوْ عَجِبَ ، مِنْ فَعَالِكُمَا وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.
روَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُسَدَّدٍ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ ،
عَنْ فُضَيْلٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ ، عَنْ
فُضَيْلٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ عَجِبَ وَلَمْ
يَذْكُرِ الضَّحِكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ : مَعْنَى
الضَّحِكِ الرَّحْمَةُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللهِ
قَرِيبٌ ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى مَعْنَى الرِّضَى لِفِعْلِهَمَا أَقْرَبُ
وَأَشْبَهُ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الضَّحِكَ مِنْ ذَوِي التَّمْيِيزِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى
وَالْبِشْرِ ، وَالاسْتِهْلالُ مِنْهُمْ دَلِيلُ قَبُولِ الْوَسِيلَةِ ،
وَمُقَدِّمَةُ إِنْجَاحِ الطَّلَبَةِ ، وَالْكِرَامُ يُوصَفُونَ عِنْدَ
الْمَسْأَلَةِ بِالْبِشْرِ وَحُسْنِ اللِّقَاءِ ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي
قَوْلِهِ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ أَيْ : يُجْزِلُ الْعَطَاءَ لَهُمَا لأَنَّهُ
مُوجَبُ الضَّحِكِ وَمُقْتَضَاهُ ، قَالَ زُهَيْرٌ : تَرَاهُ إِذَا مَا جِئْتَهُ
مُتَهَلِّلا كَأَنَّكَ تُعْطِيهِ الَّذِي أَنْتَ سَائِلُهُ وَإِذَا ضَحِكُوا
وَهَبُوا وَأَجْزَلُوا ، قَالَ كُثَيِّرٌ : غَمْرُ الرِّدَاءِ إِذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكًا
غَلِقَتْ لِضَحْكَتِهِ رِقَابُ الْمَالِ وَقَالَ الْكُمَيْتُ ، أَوْ غَيْرُهُ :
فَأَعْطَى ثُمَّ أَعْطَى ثُمَّ عُدْنَا فَأَعْطَى ثُمَّ عُدْتُ لَهُ فَعَادَا
مِرَارًا مَا أَعُودُ إِلَيْهِ إِلاَّ تَبَسَّمَ ضَاحِكًا وَثَنَى الْوِسَادَا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : قَوْلُهُ عَجِبَ اللَّهُ
إِطْلاقُ الْعَجَبِ لا يَجُوزُ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ ، وَلا يَلِيقُ
بِصِفَاتِهِ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الرِّضَى ، وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ
الصَّنِيعَ مِنْهُمَا حَلَّ مِنَ الرِّضَا عِنْدَ اللهِ ، وَالْقَبُولِ لَهُ ،
وَمُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ ، مَحِلَّ الْعَجَبِ عِنْدَكُمْ فِي الشَّيْءِ
التَّافِهِ إِذَا رُفِعَ فَوْقَ قَدْرِهِ ، وَأُعْطِيَ بِهِ الأَضْعَافُ مِنْ
قِيمَتِهِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا
مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَعْجَبَ اللَّهُ مَلائِكَتَهُ وَيُضْحِكَهُمْ ، وَذَلِكَ
أَنَّ الإِيثَارَ عَلَى النَّفْسِ أَمَرٌ
نَادِرٌ فِي الْعَادَاتِ ، مُسْتَغْرَبٌ فِي الطِّبَاعِ
، وَهَذَا يَخْرُجُ عَلَى سَعَةٍ الْمَجَازِ ، وَلا يَمْتَنِعُ عَلَى مَذْهَبِ
الاسْتِعَارَةِ فِي الْكَلامِ ، وَنَظَائِرُهُ فِي كَلامِهِمْ كَثِيرَةٌ
قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
980- وَفِي هَذَا الْمَعْنَى مَا أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ
الْوَاسِطِيُّ ، بِهَا ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي الصَّفِيرِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
رَبِيعَةَ ، قَالَ : جَعَلَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، خَلْفَهُ ثُمَّ صَارَ بِي فِي جَبَّانَةِ الْكُوفَةِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ
إِلَى السَّمَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَفِي رِوَايَةِ
الصَّاغَانِيِّ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ أَحَدٌ غَيْرُكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ
فَضَحِكَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اسْتِغْفَارُكَ رَبَّكَ
وَالْتِفَاتُكَ إِلَيَّ تَضْحَكُ ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَمَلَنِي خَلْفَهُ ثُمَّ سَارَ بِي فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ ،
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي
ذُنُوبِي ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ أَحَدٌ غَيْرُكَ ثُمَّ الْتَفَتَ
إِلَيَّ يَضْحَكُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ اسْتِغْفَارُكَ رَبَّكَ وَالْتِفَاتُكَ
إِلَيَّ تَضْحَكُ ؟ قَالَ : ضَحِكْتُ لِضَحِكِ رَبِّي ، تَعَجُّبُهُ لِعَبْدِهِ
أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ أَحَدٌ غَيْرُهُ
981- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الأَسَدِيِّ ، قَالَ : شَهِدْتُ عَلِيًّا وَأُتِيَ
بِدَابَّةٍ يَرْكَبُهَا ، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ : بِسْمِ
اللهِ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا ، قَالَ : سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا
هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ، وَإِنَّا إِلَى رَبَّنَا لَمُنْقَلِبُونَ
ثُمّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلاثَ
مَرَّاتٍ ، ثُمَّ قَالَ :
سُبْحَانَ اللهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمّ قَالَ
سُبْحَانَكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إِلاَّ أَنْتَ ثُمَّ ضَحِكَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مِنْ أَيِّ
شَيْءٍ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ
مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ :
رَبُّكَ يَضْحَكُ إِلَى عَبْدِهِ إِذَا قَالَ : رَبِّ
اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ قَالَ :
عَلِمَ عَبْدِي أَنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي
982- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ،
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا سَلامٌ يَعْنِي أَبَا الأَحْوَصِ ،
فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ ، وَقَالَ : إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ
عَبْدِهِ إِذَا قَالَ : اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ غَيْرِي وَرَوَاهُ إِسْرَائِيلُ ، وَالأَجْلَحُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
، فَقَالا : يَعْجَبُ بَدَلَ يَضْحَكُ
983- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ
الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ،
حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا
مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ
سَلْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ ، الَّذِي إِذَا انْكَشَفَتْ فِئَةٌ
، قَاتَلَ وَرَاءَهَا بِنَفْسِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ
، وَإِمَّا أَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكْفِيهِ ، فَيَقُولُ :
انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ صَبَّرَ لِي نَفْسَهُ ، وَالَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ
حَسْنَاءُ وَفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ ، فَيَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذَرُ
شَهْوَتَهُ ، فَيَذْكُرُنِي وَيُنَاجِينِي وَلَوْ شَاءَ لَرَقَدَ ، وَالَّذِي
يَكُونُ فِي سَفَرٍ وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ ، فَسَهَرُوا وَنَصَبُوا ثُمَّ هَجَعُوا
، فَقَامَ فِي السَّحَرِ فِي سَرَّاءٍ أَوْ ضَرَّاءٍ
984- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ،
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ مُرَّةَ
الْهَمْدَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ : رَجُلٌ ثَارَ
عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنَ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلاتِهِ.
رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي وَرَجُلٌ
غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَانْهَزَمَ ، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الانْهِزَامِ ،
وَمَالَهُ فِي الرُّجُوعِ ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ لِمَلائِكَتِهِ : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا
عِنْدِي ، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي ، حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ.
رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ
قَوْلِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ رَجُلانِ يَضْحَكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
إِلَيْهِمَا فَذَكَرَهُمَا
985- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ،
أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلاثَةٌ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِمِ : الْقَوْمُ إِذَا
اصْطَفُّوا لِلصَّلاةِ ، وَالْقَوْمُ إِذَا اصْطَفُّوا لِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ،
وَرَجُلٌ يَقُومُ إِلَى الصَّلاةِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ
986- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ أَبُو مُسْهِرٍ ،
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ.
عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ
مُرَّةَ ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ ، قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : الَّذِينَ
يُلْقَوْنَ فِي الصَّفِّ فَلا يَلْفِتُونَ وُجُوهَهُمْ حَتَّى قُتِلُوا ،
أُولَئِكَ يَتَلَبَّطُونَ فِي الْغُرَفِ يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ رَبُّكَ ، وَإِذَا
ضَحِكَ اللَّهُ إِلَى قَوْمٍ فَلا حِسَابَ عَلَيْهِمْ
987- أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ
، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ ، عَنْ أَبِي
رَزِينٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ضَحِكَ
رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غَيْرِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ
وَيَضْحَكُ الرَّبُّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
نَعَمْ قُلْتُ : لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا.
وَرُوِي عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا فِي مَعْنَى هَذَا
وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا
كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ : أَنَّ الضَّحِكَ فِي
هَذِهِ الأَخْبَارِ بِمَعْنَى الْبَيَانِ ، تَقُولُ الْعَرَبُ : ضَحِكَتِ الأَرْضُ
إِذَا أَنْبَتَتْ ، لأَنَّهَا تُبْدِي عَنْ حَسَنِ النَّبَاتِ ، وَتَنْفَتِقُ عَنِ
الزَّهْرِ ، كَمَا يَنْفَتِقُ الضَّاحِكُ عَنِ الثَّغْرِ ، وَيُقَالُ : ضَحِكْتِ
الطَّلْعَةُ إِذَا بَدَا مَا كَانَ فِيهَا مُسْتَخْبِيًا قَالَ الشَّاعِرُ :
وَضَحِكَ الْمُزْنُ بِهَا ثُمَّ بَكَى يُرِيدُ بِالضَّحِكِ إِظْهَارَ الْبَرْقِ ،
وَبِبُكَائِهِ الْمَطَرَ
988- قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ : وَرُوِّينَا عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الشَّعْرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا جَدِّي ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ
أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فِي
مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَرَضَ فِي
الْمَسْجِدِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ جَلِيلٌ ، فِي بَصَرِهِ
بَعْضُ الضَّعْفِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ حُمَيْدٌ يَدْعُوهُ
، قَالَ : فَلَمَّا أَقْبَلَ ، قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ، أَوْسِعْ لَهُ بَيْنِي
وَبَيْنَكَ ، فَإِنَّ هَذَا رَجُلٌ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَالَ : فَأَوْسَعْتُ لَهُ بَيْنِي
وَبَيْنَهُ ، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ
: الْحَدِيثُ الَّذِي سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ أَنَّكَ
سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ يُنْشِئُ السَّحَابَ فَيَنْطِقُ أَحْسَنَ الْمِنْطَقِ ، وَيَضْحَكُ أَحْسَنَ
الضَّحِكِ.
وَفِي هَذَا تَأْكِيدُ مَا ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ
لِسَانِ الْعَرَبِ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ : فَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَضْحَكُ اللَّهُ ، أَيْ يُبِينُ وَيُبْدِي
مِنْ فَضْلِهِ وَنِعَمِهِ مَا يَكُونُ جَزَاءً لِعَبْدِهِ الَّذِي رَضِيَ عَمَلَهُ.
989- قَالَ الشَّيْخُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ
الْمُسَيَّبِ ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ نَرَى رَبَّنَا ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ
: أَوَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَنْ لا تَسْأَلَ غَيْرَ
الَّذِي أُعْطِيتَ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، لا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ
فَيَضْحَكُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي
دُخُولِ الْجَنَّةِ.
أَخْرِجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنِ حَدِيثِ
أَبِي الْيَمَانِ كَمَا مَضَى
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ : فَيَقُولُ : يَا
ابْنَ آدَمَ ، أَتَرْضَى أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا ؟ فَيَقُولُ : إِي رَبِّ
أَتَسْتَهْزِئُ بِي ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ وَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : فَيَقُولُ : أَلا تَسْأَلُونِي مِمَّ ضَحِكْتُ ؟
فَقَالُوا : مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : مِنْ ضَحِكِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ حِينَ قَالَ : أَتَسْتَهْزِئُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ فَيَقُولُ
: إِنِّي لا أَسْتَهْزِئُ بِكَ ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ
990- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي
إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عِيسَى ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَنَّهُ قَالَ : آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ يَمْشِي عَلَى
الصِّرَاطِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ، وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ مَا كَتَبْنَا.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ
حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : وَكَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْدِي وَيُبَيِّنُ
مَا أَعَدَّ لِهَذَا الْعَبْدِ ، فَيَسْتَكْثِرُهُ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ
فَيَقُولُ : مَا فِي الْخَبَرِ ؟ فَيَقُولُ عَزَّ ذِكْرُهُ : لَكِنِّي عَلَى مَا
أَشَاءُ قَادِرٌ فَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ
فَهِمُوا مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ مَا وَقَعَ التَّرْغِيبُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ
الأَعْمَالِ ، وَمَا وَقَعَ الْخَبَرُ عَنْهُ مِنْ فَضْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ ،
وَلَمْ يَشْتَغِلُوا بِتَفْسِيرِ الضَّحِكِ ، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ
بِذِي جَوَارِحٍ وَمَخَارِجٍ ، وَأَنَّهُ لا يَجُوزُ وَصَفُهُ بِكِشْرِ
الأَسْنَانِ وَفَغْرِ الْفَمِ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ
عُلُوًّا كَبِيرًا
باب ما جاء في العجب
وقوله تعالى : {بل عجبت ويسخرون} .
991- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو
زكريا العنبري ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد السلام ، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم ، أَخْبَرَنَا
جرير ، عن الأعمش ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال : قرأها عبد الله بن مسعود : {بل
عجبت ويسخرون}.
قال شُريح : إن الله لا يعجب من شيء ، إنما يعجب من لا
يعلم . قال الأعمش : فذكرته لإبراهيم ، فقال : إن شريحا كان يعجبه رأيه ، إن عبد
الله كان أعلم من شريح ، وكان عبد الله يقرؤها} {بل عجبت}.
992- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو العباس
الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، حَدَّثَنَا الفراء ، في قوله سبحانه : {بل
عجبت ويسخرون} قرأها الناس بنصب التاء ورفعها ، والرفع أحب إلي ؛ لأنها قراءة علي
وعبد الله وابن عباس رضي الله عنهم . قال
الفراء : وحدثني مندل بن علي العنزي عن الأعمش قال : قال
شقيق : قرأت عند شريح {بل عجبت ويسخرون} فقال : إن الله لا يعجب من شيء ، إنما
يعجب من لا يعلم . قال ، يريد الأعمش ، فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي ، فقال : إن
شريحا شاعر يعجبه علمه ، وعبد الله أعلم منه بذلك ، قرأها : {بل عجبت ويسخرون}.
قال أبو زكريا الفراء : العجب وإن أسند إلى الله تعالى
فليس معناه من الله كمعناه من العباد ، ألا ترى أنه قال : {فيسخرون منهم سخر الله
منهم} وليس السخري من الله كمعناه من العباد ، وكذلك قوله : {الله يستهزئ بهم} ليس
ذلك من الله كمعناه من العباد ، وفي هذا بيان الكسر لقول شريح ، وإن كان جائزا لأن
المفسرين قالوا : بل عجبت يا محمد ويسخرون هم ، فهذا وجه النصب . قال الشيخ :
وتمام ما قال الفراء في قول غيره ، وهو أن قوله} {بل عجبت ويسخرون} بالرفع أي :
جازيتهم على عجبهم لأن الله سبحانه أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الحق ، فقال
: {وعجبوا أن جاءهم منذر} فأخبر عنهم أيضا أنهم قالوا : {إن هذا لشيء عجاب} فقال
تعالى : {بل عجبت} أي بل جازيت على التعجب . وقد قيل : إن قل مضمر فيه ومعناه : قل
يا محمد : بل عجبت أنا من قدرة الله . والأول أصح . وقد يكون العجب بمعنى الرضا في
مثل ما مضى من قصة الإيثار وحديث الاستغفار ، وقد يكون العجب بمعنى وقوع ذلك العمل
عند الله عظيما ، فيكون معنى قوله} {بل عجبت} أي : بل عظم فعلهم عندي
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَى مَا
993- حَدَّثَنَا الإِمَامُ أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَبِي يَحْيَى
الْمِهْرَجَانِيُّ الإِسْفَرَايِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ
الذُّهْلِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ،
عَنْ أَبِي عُشَّانَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ ، يَقُولُ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَعْجَبُ رَبُّكَ
لِلشَّابِّ لَيْسَ لَهُ صَبْوَةٌ
994- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّرْسِيُّ ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا هُرَيْرَةَ ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، قَالَ : عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْمٍ بِأَيْدِيهِمُ السَّلاسِلُ ، حَتَّى
يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ"
مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ وَقَدْ
يَكُونُ الْمَعْنَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا وَرَدَ
مِنْ أَمْثَالِهِ أَنَّهُ : يَعْجَبُ مَلائِكَتُهُ مِنْ كَرَمِهِ وَرَأْفَتِهِ
بِعِبَادِهِ حِينَ حَمَلَهُمْ عَلَى الإِيمَانِ بِهِ بِالْقِتَالِ وَالأَسْرِ فِي السَّلاسِلِ
، حَتَّى إِذَا آمَنُوا أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ
باب ما جاء في الفرح وما في معناه
995- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ ، نَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ
الأَعْمَشِ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ
سُوَيْدٍ ، يَقُولُ : أَتَيْنَا عَبْدَ اللهِ ، يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ ، فَحَدَّثَنَا
بِحَدِيثَيْنِ : أَحَدِهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ
الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ قَالَ بِأَرْضِ فَلاةٍ دَوِيَّةٍ وَمُهْلِكَةٍ ، وَمَعَهُ
رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَنَزَلَ عَنْهَا فَنَامَ
وَرَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ ، فَذَهَبَ فِي
طَلَبِهَا ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا ، حَتَّى أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ مِنَ
الْعَطَشِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لأَرْجِعَنَّ فَلأَمُوتَنَّ حَيْثُ كَانَ رَحْلِي ،
فَرَجَعَ فَنَامَ ، فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ ،
عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ
قَالَ : ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ : إِنَّ الْمُؤْمِنَ
يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ جَالِسٌ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَنْقَلِبَ
عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ ،
فَقَالَ لَهُ : هَكَذَا فَذَهَبَ ، وَأَمَرَّ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ"
مِنْ أَوْجُهٍ ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ ،
عَنْ أَبِي أُسَامَةَ
996- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
أَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ،
حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَلَّهُ أَشَدُّ
فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ ، يَسْتَيْقِظُ عَلَى بَعِيرِهِ قَدْ
أَضَلَّهُ بِأَرْضِ فَلاةٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" ، عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ سَقَطَ عَلَى
بَعِيرِهِ : يُرِيدُ : عَثَرَ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ : يَسْتَيْقِظُ عَلَى بَعِيرِهِ
: يُرِيدُ : يَسْتَيْقِظُ وَإِذَا بَعِيرُهُ عِنْدَهُ
997- حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، حَدَّثَنَا أَبُو
الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو
هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَيَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِرَاحِلَتِهِ إِذَا ضَلَّتْ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهَا
قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَلَّهُ
أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ إِذَا تَابَ مِنْ أَحَدِكِمْ بِرَاحِلَتِهِ
إِذَا وَجَدَهَا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ ،
وَالأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَمِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ
، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : قَوْلُهُ : لَلَّهُ أَفْرَحُ مَعْنَاهُ
: أَرْضَى بِالتَّوْبَةِ وَأَقْبَلُ لَهَا وَالْفَرَحُ الَّذِي يَتَعَارَفُهُ
النَّاسُ مِنْ نُعُوتِ بَنِي آدَمَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ،
إِنَّمَا مَعْنَاهُ الرِّضَى.
كَقَوْلِهِ
: كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ : أَيْ :
رَاضُونَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ
: الْفَرَحُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ : مِنْهَا الْفَرَحُ بِمَعْنَى
السُّرُورِ ، وَمِنْهُ : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ
وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا : أَيْ : سُرُّوا ، وَهَذَا
الْوَصْفُ غَيْرُ لائِقٍ بِالْقَدِيمِ ، لأَنَّ ذَلِكَ خِفَّةٌ تَعْتَرِي
الإِنْسَانَ إِذَا كَبُرَ قَدْرُ شَيْءٍ عِنْدَهُ ، فَنَالَهُ فَرَحٌ لِمَوْضِعِ
ذَلِكَ ، وَلا يُوصَفِ الْقَدِيمُ أَيْضًا بِالسُّرُورِ ، لأَنَّهُ سُكُونٌ
لِوَضْعِ الْقَلْبِ عَلَى الأَمْرِ إِمَّا لِمَنْفَعَةٍ فِي عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ ، وَكُلُّ
ذَلِكَ مَنْفِيُّ عَنِ اللهِ سُبْحَانَهُ.
وَمِنْهَا
: الْفَرَحُ بِمَعْنَى : الْبَطَرُ وَالأَشَرُ ،
وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ : إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ،
وَمِنْهُ قَوْلُهُ : إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ وَمِنْهُ : الْفَرَحُ بِمَعْنَى
الرِّضَى ، وَمِنْهُ : قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : كُلُّ حِزْبٍ بِمَا
لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ : أَيْ : رَاضُونَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ : لَلَّهُ أَفْرَحُ
أَيْ أَرْضَى ، وَالرِّضَا مِنْ صِفَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ ، لأَنَّ الرِّضَى هُوَ
الْقَبُولُ لِلشَّيْءِ وَالْمَدْحُ لَهُ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ ، وَالْقَدِيمُ
سُبْحَانَهُ قَابِلٌ لِلإِيمَانِ مِنْ مُزَكٍّ ، وَمَادِحٍ لَهُ ، وَمُثْنٍ عَلَى
الْمَرْءِ بِالإِيمَانِ ، فَيَجُوزُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ
998- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ
مِلْحَانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ ، كَذَا قَالَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ،
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ
وَيُسْبِغُهُ ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ ، لا يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاةَ فِيهِ ، إِلاَّ
تَبَشْبَشَ اللَّهُ بِهِ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِطَلْعَتِهِ
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ : قَوْلُهُ :
تَبَشْبَشَ اللَّهُ بِمَعْنَى : رَضِيَ اللَّهُ ، وَلِلْعَرَبِ
اسْتِعَارَاتٌ فِي الْكَلامِ ، أَلا تَرَى إِلَى
قَوْلِهِ : فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ، بِمَعْنَى
الاخْتِبَارِ ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الذَّوْقِ بِالْفَمِ ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ :
نَاظِرْ فُلانًا وَذُقْ مَا عِنْدَهُ : أَيْ : تَعَرَّفْ وَاخْتَبِرْ ، وَارْكَبِ الْفَرَسَ
وَذُقْهُ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ
: يَسْتَبْشِرُ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ، وَمَعْنَاهُ
يَرْضَى أَفْعَالَهُمْ وَيَقْبَلُ نِيَّتَهُمْ فِيهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
باب ما جاء في النظر
قال الله عز وجل : {عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في
الأرض فينظر كيف تعملون}.
وقال : {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا
أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا
يزكيهم ولهم عذاب أليم} .
999- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
حَفْصٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنِ
الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ
مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا ، فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا
وَفِتْنَةَ النِّسَاءِ
1000- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ
الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ ،
يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَهُ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : لِيَنْظُرَ كَيْفَ
تَعْمَلُونَ وَزَادَ : فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي النِّسَاءِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
بُنْدَارٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ
1001- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
هُوَ ابْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ
، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ مَوْلَى
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ
: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ
: إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلا إِلَى صُوَرِكُمْ ،
وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ ، التَّقْوَى هَا هُنَا وَأَشَارَ إِلَى
صَدْرِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي الطَّاهِرِ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
1002- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ح وَأَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، بِنَيْسَابُورَ ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الرَّزَّازُ ، بِبَغْدَادَ ، قَالُوا :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ ح
وَأَخْبَرَنَا
أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ،
أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو
عَوْفٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لا
يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى
قُلُوبُكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ السَّمَّاكِ وَفِي رِوَايَةِ
الصَّاغَانِيِّ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ فِي
رِوَايَةِ الْقَطَّانِ رَفَعَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
عَمْرٍو النَّاقِدِ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ
1003- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانِ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ الصَّفَّارِ ، حَدَّثَنَا
تَمْتَامٌ ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ
إِلَى صُوَرِكُمْ وَلا إِلَى أَحْسَابِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ
وَأَعْمَالِكُمْ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَحْفُوظُ فِيمَا بَيْنَ الْحُفَّاظِ ،
وَأَمَّا الَّذِي جَرَى عَلَى أَلْسِنَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَغَيْرِهِمْ : إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلا إِلَى
أَعْمَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ فَهَذَا لَمْ يَبْلُغْنَا
مِنْ وَجْهٍ يُثْبِتُ مِثْلَهُ ، وَهُوَ خِلافُ مَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ
وَالثَّابِتُ فِي الرِّوَايَةِ أَوْلَى بِنَا وَبِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ،
وَخَاصَّةً بِمَنْ صَارَ رَأْسًا فِي الْعِلْمِ يُقْتَدَى بِهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
1004- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس
محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا أبو النضر هاشم بن القاسم
، حَدَّثَنَا أبو سعيد المؤدب ، عن أبي حمزة
الثمالي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : إن لله
عز وجل لوحا محفوظا من درة بيضاء حفافه ياقوتة} حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ،
عرضه ما بين السماء والأرض ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، يخلق بكل نظرة ويحيي
ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء . قال الشيخ : هذا موقوف ، وأبو حمزة الثمالي ينفرد
بروايته ، وروى عن ابن مسعود من قوله في النظر
1005- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ
مُوسَى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ،
عَنْ نَافِعٍ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، كلهم
يخبره عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ
جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنِ ابْنِ أُوَيْسٍ ، عَنْ
مَالِكٍ
1006- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي
إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ
الْحَسَنِ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الصَّائِغُ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو
بْنِ جَرِيرٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلاثَةٌ لا
يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلا
يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ
هَؤُلاءِ خَابُوا وَخَسِرُوا ؟ فَأَعَادَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، قَالَ :
الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ،
أَوِ الْفَاجِرِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ
وَالأَخْبَارُ فِي أَمْثَالِ هَذَا كَثِيرَةٌ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ غُنْيَةٌ
لِمَا قَصَدْنَاهُ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ
فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو النَّضْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ : النَّظَرُ
فِي كَلامِ الْعَرَبِ مُنْصَرِفٌ عَلَى وُجُوهٍ : مِنْهَا نَظَرُ عِيَانٍ.
وَمِنْهَا نَظَرُ انْتِظَارٍ.
وَمِنْهَا نَظَرُ الدَّلائِلِ وَالاعْتِبَارِ.
وَمِنْهَا نَظَرُ التَّعَطُّفِ وَالرَّحْمَةِ ،
فَمَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ : أَيْ : لا يَرْحَمُهُمْ ، وَالنَّظَرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى
لِعِبَادِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، رَحْمَتُهُ لَهُمْ ، وَرَأْفَتُهُ بِهِمْ ،
وَعَائِدَتُهُ عَلَيْهِمْ ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ : انْظُرْ إِلَيَّ نَظَرَ اللَّهُ
إِلَيْكَ : أَيِ : ارْحَمْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَالنَّظَرُ فِي الآيَةِ الأُولَى وَالْخَبَرُ
الأَوَّلُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالاخْتِبَارِ ، وَلَوْ
حُمِلَ فِيهِمَا عَلَى الرُّؤْيَةِ لَمْ يُمْتَنَعْ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ
وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} ، فَالتَّأْقِيتُ يَكُونُ فِي الْمَرَئِيِّ لا فِي
الرُّؤْيَةِ ، يَعْنِي إِذَا كَانَ عَمَلُكُمْ مَرْئِيًا لَهُ ، كَمَا أَنَّ
التَّأْقِيتَ يَكُونُ فِي الْمَعْلُومِ لا فِي الْعِلْمِ.
باب ما جاء في الغيرة
1007- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا نُمَيْرٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ
شَقِيقٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ
الْفَوَاحِشَ ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من وجه آخر ، عَنِ
الأَعْمَشِ
1008- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ ابْنُ الْحَمَامِيِّ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بْنُ سَلْمَانَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ
، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، فَذَكَرَ
حَدِيثَ صَلاةِ الْخُسُوفِ وَخُطْبَةِ ِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، وَاللَّهِ مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ
لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ الْقَعْنَبِيِّ
1009- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
بْنِ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ
حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ ، عَنْ يَحْيَى
بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ
الزُّبَيْرِ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَتْهُ ،
أَنَّهَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ
عَلَى الْمِنْبَرِ : لَيْسَ شَيْءٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
1010- وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ
شَدَّادٍ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغَارُ ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ ،
وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ ، وَأَخْرَجَ مَا قَبْلَهُ مِنْ وَجْهٍ
آخَرَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، وَأَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
: وَهَذَا ، يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَحْسَنُ مَا يَكُونُ مِنْ
تَفْسِيرِ غَيْرَةِ اللهِ وَأَثْبَتُهُ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ
فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ : مَعْنَى
قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ أَيْ
: أَزْجَرُ مِنَ اللهِ ، وَالْغَيْرَةُ مِنَ اللهِ الزَّجْرُ ، وَاللَّهُ غَيُورٌ
بِمَعْنَى زَجُورٌ ، يَزْجُرُ عَنِ الْمَعَاصِي
باب ما جاء في الملال
1011- حَدَّثَنَا الإِمَامُ أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ فِي آخَرِينَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ
، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا ، كَانَتْ عِنْدَهَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ ، فَدَخَلَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟
فَقَالَتْ : فُلانَةُ لا تَنَامُ اللَّيْلَ ، قَالَتْ : فَذَكَرَتْ مِنْ صَلاتِهَا
، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَيْكُمْ بِمَا
تُطِيقُونَ ، فَوَاللَّهِ لا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا وَقَالَتْ : كَانَ
أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ.
أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : الْمَلالُ لا يَجُوزُ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ بِحَالٍ ، وَلا يَدْخُلُ
فِي صِفَاتِهِ بِوَجْهٍ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لا يَتْرُكُ الثَّوَابَ وَالْجَزَاءَ
عَلَى الْعَمَلِ مَا لَمْ تَتْرُكُوهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ مَلَّ شَيْئًا
تَرَكَهُ ، فَكُنِّيَ عَنِ التَّرْكِ بِالْمَلالِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ التَّرْكِ
وَقَدْ قِيلَ : مَعْنَاهُ إِنَّهُ لا يَمَلُّ إِذَا مَلَلْتُمْ ، كَقَوْلِ
الشَّنْفَرَى : صَلِيَتْ مِنِّي هُذَيْلٌ بِخْرَقٍ لا يَمَلُّ الشَّرَّ حَتَّى
يَمَلُّوا أَيْ : لا يَمَلُّهُ إِذَا مَلُّوهُ ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى إِذَا
مَلُّوا مَلَّ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مَزِيَّةٌ
وَفَضْلٌ ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرَ أَنْ يَكُونَ
الْمَعْنَى : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَتَنَاهَى حَقُّهُ عَلَيْكُمْ فِي
الطَّاعَةِ ، حَتَّى يَتَنَاهَى جُهْدُكُمْ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَلا تَكَلَّفُوا مَا
لا تُطِيقُونَهُ مِنَ الْعَمَلِ ، كُنِّيَ بِالْمَلالِ عَنْهُ ، لأَنَّ مِنْ
تَنَاهَتْ قُوَّتُهُ فِي أَمَرٍ وَعَجَزَ عَنْ فِعْلِهِ مَلَّهُ وَتَرَكَهُ ،
وَأَرَادَتْ بِالدَّيْنِ الطَّاعَةَ
باب ما جاء في الاستحياء
قال الله عز وجل : {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما
بعوضة فما فوقها} .
1012- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
أَبَانُ الْعَطَّارُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ
اللَّيْثِيِّ ، قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ ، فَأَمَّا
رَجُلٌ فَوَجَدَ فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ ، وَأَمَّا رَجُلٌ فَجَلَسَ ،
يَعْنِي خَلْفَهُمْ ، وَأَمَّا رَجُلٌ فَانْطَلَقَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلا أُخْبِرُكُمْ عَنْ هَؤُلاءِ النَّفْرِ ؟ أَمَّا
الرَّجُلُ الَّذِي جَلَسَ فِي الْحَلْقَةِ فَرَجُلٌ آوَى ، يَعْنِي إِلَى اللهِ ، فَآوَاهُ
اللَّهُ ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي جَلَسَ خَلْفَ الْحَلْقَةِ فَاسْتَحْيَى ،
فَاسْتَحْيَى اللَّهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي انْطَلَقَ فَرَجُلٌ
أَعْرَضَ ، فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ،
عَنْ أَبَانَ.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ
1013- أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد ، حَدَّثَنَا
إسماعيل بن محمد الصفار ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الملك الدقيقي ، حَدَّثَنَا يزيد
بن هارون ، أَخْبَرَنَا سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : إن الله عز
وجل يستحي أن يبسط العبد يديه إليه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين . هذا موقوفٌ.
1014- أخبرنا أبو الحسين ، أَخْبَرَنَا إسماعيل ، حَدَّثَنَا
محمد بن عبد الملك ، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون ، أَخْبَرَنَا شيخ في مجلس عمرو بن
عبيد زعموا أنه جعفر بن ميمون ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم نحوه.
ورواه أيضا محمد بن الزبرقان الأهوازي عن سليمان التيمي
مرفوعا.
قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من
كتابه : قوله : {إن الله لا يستحيي} ، أي : لا يترك ، لأن الحياء سبب للترك ،
ألا ترى أن المعصية تترك للحياء كما تترك للإيمان ، فمراده بهذا القول إن شاء الله : أنه لا يترك يدي
العبد صفرا إذا رفعهما إليه ، ولا يخليهما من خير ، لا على معنى الاستحياء الذي
يعرض للمخلوقين تعالى الله سبحانه . قال الشيخ : وقوله في الحديث الأول : فاستحيى
فاستحيى الله منه . أي : جازاه على استحيائه بأن ترك عقوبته على ذنوبه والله أعلم
باب قول الله عز وجل : {قالوا إنا معكم إنما نحن
مستهزئون}
قول الله عز وجل : {قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون
الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون}.
وقوله : {يخادعون الله وهو خادعهم}.
وقوله : {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} وما
ورد في معاني هذه الآيات
1015- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني الحسن بن
حليم المروزي ، أَخْبَرَنَا أبو الموجه ، أَخْبَرَنَا عبدان ، أَخْبَرَنَا عبد
الله يعني ابن المبارك ، أَخْبَرَنَا صفوان بن عمرو ، حدثني سليم بن عامر ، قال : خرجنا في جنازة
على باب دمشق ومعنا أبو أمامة الباهلي ، فلما صلي على الجنازة وأخذوا في دفنها قال
أبو أمامة : يا أيها الناس ، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات
والسيئات ، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى المنزل الآخر ، وهو هذا ـ يشير إلى القبر ـ
بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق إلا ما وسع الله ، ثم تنقلون
منه إلى مواطن يوم القيامة ، فإنكم لفي بعض
تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من أمر الله فتبيض وجوه
وتسود وجوه ، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر ، فيغشى الناس ظلمة شديدة ، ثم يقسم
النور ، فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق ، فلا يعطيان شيئا ، وهو المثل
الذي ضرب الله في كتابه : {أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه
سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما
له من نور} ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن ، كما لا يستضيء الأعمى ببصر
البصير ، يقول المنافق للذين آمنوا : {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم
فالتمسوا نورا} وهي خدعة الله التي خدع بها المنافق ، قال الله تبارك وتعالى :
{يخادعون الله وهو خادعهم} فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا
، فينصرفون إليهم وقد} {ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله
العذاب ينادونهم ألم نكن معكم} ، نصلي صلاتكم ونغزوا مغازيكم ؟} {قالوا بلى
ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله
الغرور} تلا إلى قوله : {وبئس المصير}
1016- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ،
حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : {يوم يقول المنافقون}
قال : إن المنافقين كانوا مع المؤمنين في الدنيا
يناكحونهم ويعاشرونهم ، ويكونون معهم أمواتا ، ويعطون النور جميعا يوم القيامة ،
فيطفأ نور المنافقين ، إذا بلغوا السور يماز بينهم حينئذ ، والسور كالحجاب في
الأعراف ، فيقولون : {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا}
1017- أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن
إبراهيم رحمه الله ، أَخْبَرَنَا عبد الخالق بن الحسن ، حَدَّثَنَا عبد الله بن
ثابت ، قال : أخبرني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل ، في قوله : {يوم يقول المنافقون والمنافقات
للذين آمنوا} قال : وهم على الصراط : {انظرونا} يقول : ارقبونا} {نقتبس من نوركم}
يعني نصب من نوركم فنمضي معكم} {قيل} يعني قالت الملائكة لهم} {ارجعوا وراءكم
فالتمسوا نورا} من حيث جئتم . هذا من الاستهزاء بهم كما استهزءوا بالمؤمنين في
الدنيا حين قالوا : آمنا ، وليسوا بمؤمنين ، فذلك قوله} {الله يستهزئ بهم} حين
يقال لهم} {ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم} يعني بين أصحاب الأعراف وبين
المنافقين} {بسور له باب} يعني بالسور حائطا بين أهل الجنة والنار له باب} {باطنه}
يعني باطن السور} {فيه الرحمة} وهي مما يلي الجنة} {وظاهره من قبله العذاب} يعني
جهنم ، وهو الحجاب الذي ضرب بين أهل الجنة وأهل النار
1018- أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن
بن
محمد بن محبور ، أَخْبَرَنَا الحسين بن محمد بن هارون ،
أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن نصر ، حَدَّثَنَا يوسف بن بلال ، حَدَّثَنَا محمد بن
مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله : {وإذا لقوا الذين
آمنوا قالوا آمنا} وهم منافقو أهل الكتاب ، فذكرهم ، وذكر استهزاءهم} {وإذا خلوا إلى
شياطينهم قالوا إنا معكم} على دينكم} {إنما نحن مستهزئون} بأصحاب محمد صلى الله
عليه وسلم ، يقول الله تعالى : {الله يستهزئ بهم} في الآخرة يفتح لهم باب في جهنم
من الجنة ، ثم يقال لهم : تعالوا ، فيقبلون يسحبون في النار ، والمؤمنون على
الأرائك وهي السرر في الحجال ينظرون إليهم ، فإذا انتهوا إلى الباب سد عنهم فيضحك
المؤمنون منهم ، فذلك قول الله عز وجل
: {الله يستهزئ بهم} في الآخرة ويضحك المؤمنون منهم حين
غلقت دونهم الأبواب فذلك قوله : {فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك
ينظرون} على السرر في الحجال ينظرون إلى أهل النار} {هل ثوب الكفار ما كانوا
يفعلون} . وروينا في معنى هذا مختصرا عن خالد بن معدان ، وبلغني عن الحسين بن الفضل البجلي
أنه قال : أظهر الله للمنافقين في الدنيا من أحكامه التي له عندهم خلافها في
الآخرة ، كما أظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما أضمروا من الكفر ، فسمى ذلك
استهزءا بهم . وعن قطرب قال} {الله يستهزئ بهم} أي : يجازيهم جزاء
الاستهزاء ، وكذلك} {سخر الله منهم} {ومكروا ومكر الله}
{وجزاء سيئة سيئة} هي من المبتدي سيئة ومن الله جزاء ، وهو من الجزاء على الفعل
بمثل لفظه ، ومثله قوله : {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} ؛
فالعدوان الأول ظلم ، والثاني جزاء ، والجزاء لا يكون ظلما ؛ وكذلك قوله : {نسوا
الله فنسيهم} قال عمرو بن كلثوم : ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وقال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب إلي أبو نصر بن قتادة من كتابه : فيحتمل قوله :
فنجهل فوق جهل الجاهلينا معنى فنعاقبه بأغلظ عقوبة ، فسمى ذلك جهلا ، والجهل لا
يفتخر به ذو عقل ، وإنما قاله ليزدوج اللفظان فيكون ذلك أخف على اللسان من
المخالفة بينهما
1019-.
قَالَ الشَّيْخُ : مِثْلُهُ مِنَ الْحَدِيثِ مَا
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ ، حَدَّثَنَا أبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سفْيَانُ ،
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ جُنْدُبًا ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ أَسْمَعْ
أحَدًا يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُ ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ ، يَقُولُ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ
بِهِ ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ يَقُولُ : مَنْ عَمِلَ عَمَلا عَلَى
غَيْرِ إِخْلاصٍ ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ وَيَسْمَعُونَهُ ، جوزي على ذلك يَرَاهُ
النَّاسُ بِأَنْ وَيَفْضَحَهُ ، فشهدوا عليه ما كان يبطنه ويسره من ذلك يَشْهَدَهُ
اللَّهُ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَالْخِدَاعُ مِنَ
اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ وَيُعَجِّلَ مِنَ الأَمْوَالِ وَالنِّعَمِ
مَا يَدَّخِرُونَهُ ، وَيُؤَخِّرَ عَنْهُمْ عَذَابَهُ وَعِقَابَهُ ، إِذْ كَانُوا
يُظْهِرُونَ الإِيمَانَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ ، وَيُضْمِرُونَ خِلافَ مَا
يُظْهِرُونَ ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُظْهِرُ لَهُمْ مِنَ الإِحْسَانِ فِي
الدُّنْيَا خِلافَ مَا يَغِيبُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ ، فَيَجْتَمِعُ
الْفِعْلانِ تَسَاوِيهُمَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
1020-.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ : وَالْخَدْعُ معْنَاهُ فِي كَلامِ
الْعَرَبِ الْفَسَادُ ، أَخْبَرَنَا الأَنْبَارِيُّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ
النَّحْوِيِّ ، عَنِ ابنِ الأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ : الْخَادِعُ عِنْدَ
الْعَرَبِ : الْفَاسِدُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ ، وَأَنْشَدَ : أَبْيَضُ
اللَّوْنِ لَذِيذٌ طَعْمُهُ طَيِّبُ الرِّيقِ إِذَا الرِّيقُ خَدَعْ
مَعْنَاهُ
: فَسَدَ ، فتأويلُ قَوْلِهِ : يُخَادِعُونَ اللَّهَ
وَهُوَ خَادِعُهُمْ ، أَيْ : يُفْسِدُونَ مَا يُظْهِرُونَ مِنَ الإِيمَانِ بِمَا
يُضْمِرُونَ مِنَ الْكُفْرِ ، وَهُوَ خَادِعُهُمْ ، أَيْ : يُفْسِدُ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُمْ
فِي الدُّنْيَا بِمَا يُصَيِّرُهُمْ إِلَيْهِ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ : وَالْمَكْرُ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ
اسْتِدْرَاجُهُمْ مِنْ حَيْثِ لا يَعْلَمُونَ ، وَقَدْ يُوصَفُ اللَّهُ
سُبْحَانَهُ بِالْمَكْرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ، وَلا يُوصَفُ بِالاحْتِيَالِ ،
لأَنَّ الْمُحْتَالَ هُوَ الَّذِي يُقَلِّبُ الْفِكْرَةَ حَتَّى يَهْتَدِيَ
بِتَقْلِيبِ الْفِكْرَةِ إِلَى وَجْهِ مَا أَرَادَ ، وَالْمَاكِرُ الَّذِي
يَسْتَدْرِجُ فَيَأْخُذُ مِنْ وَجْهِ غَفْلَةِ الْمُسْتَدْرَجِ قَالَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ : سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ
1021- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَبُو
إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي
حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الْعَبْدَ مَا يُحِبُّ وَهُوَ
مُقِيمٌ عَلَى مَعَاصِيهِ ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِدْرَاجٌ ثُمَّ نَزَعَ
بِهَذِهِ الآيَةِ :
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا
عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا
أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
1022- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ ،
حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ
قَالَ : وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعْصِيَتِهِ ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ لَهُ اسْتِدْرَاجٌ
بِمَعْنَى مَكْرٌ ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الآيَةِ فَذَكَرَهَا
1023- أخبرنا أبو القاسم الحربي ببغداد ، أَخْبَرَنَا
أحمد بن سلمان ، حَدَّثَنَا عبد الله بن أبي الدنيا ، حدثني علي بن الحسن ، عن شيخ
، له أن ثابتا البناني ، سئل عن الاستدراج ، فقال : مكر الله عز وجل بالعباد
المضيعين
قال : وقال يونس : إن العبد إذا كانت له عند الله منزلة
فحفظها وأبقى عليها ، ثم شكر الله عز وجل على ما أعطاه ، أعطاه الله أشرف منها ،
وإذا ضيع الشكر استدرجه الله وكان تضييعه للشكر استدراجا
1024- أخبرنا أبو القاسم ، حَدَّثَنَا أحمد بن سلمان ،
حَدَّثَنَا عبد الله بن أبي الدنيا ، حدثني محمد بن يحيى بن أبي حاتم ،
أَخْبَرَنَا عبد الله بن داود ، عن سفيان ، في قوله عز وجل : {سنستدرجهم من حيث لا
يعلمون} قال : نسبغ عليهم النعم ونمنعهم الشكر . قال : وقال غير سفيان : كلما
أحدثوا ذنبا أحدثت لهم نعمة . قال ابن داود : تنسى
1025- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو
العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن
الجهم ، قال : قال الفراء : {ومكروا ومكر الله} نزلت في
شأن عيسى عليه السلام ، إذ أرادوا قتله ، فدخل بيتا فيه كوة ، وقد أيده الله عز
وجل بجبريل عليه السلام ، فرفعه إلى السماء من الكوة ، فدخل عليه رجل منهم ليقتله
، فألقى الله على ذلك الرجل شبه عيسى ابن مريم ، فلما دخل البيت فلم يجد فيه عيسى
خرج إليهم وهو يقول : ما في البيت أحد ، فقتلوه وهم يرون أنه عيسى ، فذلك قوله :
{ومكروا ومكر الله} المكر من الله الاستدراج لا على معنى مكر المخلوقين
1026- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن
معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل : {فاليوم
ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا} يقول : نتركهم في النار كما تركوا لقاء يومهم هذا
. قال الشيخ : يريد والله أعلم : كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا
باب قول الله} {سنفرغ لكم أيها الثقلان} قول الله عز وجل
: {سنفرغ لكم أيها الثقلان} .
1027- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن
صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل : {سنفرغ لكم أيها
الثقلان} قال : وعيد من الله عز وجل للعباد ، وليس بالله شغل.
قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من
كتابه : قوله} {سنفرغ لكم أيها الثقلان} أي سنقصد لعقوبتكم ، ونحكم جزاءكم ، يقال : فرغ بمعنى قصد
وأحكم . يقول القائل لمن أنبه بشيء : إذا أتفرغ لك ، أي : إذا نقصد قصدك . وأنشد ابن الأنباري
في مثل هذا لجرير : الآن وقد فرغت إلى نمير فهذا حين كنت له عذابا أراد : وقد قصدت
قصده
1028- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو
العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، حَدَّثَنَا الفراء ، قال : حدثني أبو
إسرائيل ، قال : سمعت طلحة بن مصرف ، يقرأ : سيفرغ لكم ويحيى بن وثاب كذلك . قال
الفراء : والقراء بعد : {سنفرغ} لكم بالنون ، وهذا من الله وعيد ، لأنه جل وعز لا يشغله
شيء عن شيء ، وأنت قائل للرجل الذي لا شغل له : قد فرغت لي ، أي قد فرغت لشتمي ، أي
قد أخذت فيه وأقبلت عليه
باب ما جاء في التردد
1029- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي إملاء ، حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن
إسحاق ، حَدَّثَنَا محمد بن عثمان بن كرامة ، حَدَّثَنَا خالد بن مخلد ، عن سليمان
بن بلال ، قال : أخبرني شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ،
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل قال : من عادى لي وليا
فقد بارزني بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال
يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي
يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني عبدي أعطيته ،
ولئن استعاذ بي لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره
الموت وأكره مساءته رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عثمان بن كرامة .
1030- أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي فيما حكى عن أبي
عثمان الحيري رحمه الله أنه سئل عن معنى هذا الخبر فقال : معناه : كنت أسرع إلى قضاء حوائجه من
سمعه في الاستماع وبصره في النظر ويده في اللمس ورجله في المشي . أخبرنا أبو عبد
الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا جعفر بن محمد ، قال : قال الجنيد في معنى قوله : يكره
الموت وأكره مساءته . يريد : لما يلقى من عيان الموت وصعوبته وكربه ، ليس أني أكره
له الموت ، لأن الموت يورده إلى رحمته ومغفرته . وقال أبو سليمان رحمه الله : قوله : وكنت سمعه الذي
يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها وهذه أمثال ضربها ، والمعنى
والله أعلم ؛ توفيقه في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء وتيسير المحبة له فيها
فيحفظ جوارحه عليه ، ويعصمه عن مواقعة ما يكره الله من إصغاء إلى اللهو بسمعه ،
ونظر إلى ما نهى عنه من اللهو ببصره ، وبطش إلى ما لا يحل له بيده ، وسعي في
الباطل برجله . وقد يكون معناه سرعة إجابة الدعاء ، والإنجاح في الطلبة ، وذلك أن
مساعي الإنسان إنما تكون بهذه الجوارح الأربع ، وقوله : ما ترددت عن شيء أنا فاعله
ترددي عن نفس المؤمن ، فإنه أيضا مثل ، والتردد في صفة الله عز وجل غير جائز ،
والبداء عليه في الأمور غير سائغ ، وتأويله على وجهين أحدهما : أن العبد قد يشرف
في أيام عمره على
المهالك مرات ذات عدد من داء يصيبه ، وآفة تنزل به ،
فيدعو الله عز وجل فيشفيه منها ، ويدفع مكروهها عنه ، فيكون ذلك من فعله كتردد من
يريد أمرا ثم يبدو له في ذلك فيتركه ويعرض عنه ، ولا بد له من لقائه إذا بلغ
الكتاب أجله ، فإنه قد كتب الفناء على خلقه ، واستأثر البقاء لنفسه ، وهذا على
معنى ما روي : إن الدعاء يرد البلاء والله أعلم . وفيه وجه آخر : وهو أن يكون
معناه : ما رددت رسلي في شيء أنا فاعله ترديدي إياهم في نفس المؤمن ، كما روي في
قصة موسى وملك الموت صلوات الله عليهما ، وما كان من لطمة عينه ، وتردده عليه مرة
بعد أخرى ، وتحقيق المعنى في الوجهين معا : عطف الله عز وجل على العبد ، ولطفه به
والله أعلم
1032- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانِ الْعَدْلُ ، بِبَغْدَادَ ،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : أُرْسِلَ مَلَكُ
الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ
عَيْنَهُ ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ : أَرْسَلْتَنِي إِلَى
عَبْدٍ لا يُرِيدُ الْمَوْتَ قَالَ
: فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَيْنَهُ ، فَقَالَ :
ارْجِعْ إِلَيْهِ ، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ ، فَلَهُ مَا غَطَّى
يَدَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ ، ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : ثُمَّ الْمَوْتُ
قَالَ : فَالآنَ قَالَ : فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ
الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ
الطَّرِيقِ بِجَنْبِ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ
1033- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ
، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ،
أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ : وَأَخْبَرَنِي
مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلانَ
، وَيَحْيَى بْنِ مُوسَى.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ،
كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ دُونَ حَدِيثِ الْحَسَنِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ
يَطْعَنُ فِيهِ الْمُلْحِدُونَ وَأَهْلُ الْبِدَعِ ، وَيَغْمِزُونَ بِهِ فِي
رُوَاتِهِ وَنَقَلَتِهِ ، وَيَقُولُونَ : كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ نَبِيُّ
اللهِ مُوسَى هَذَا الصَّنِيعَ بِمَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللهِ ، جَاءَهُ بِأَمْرٍ
مِنْ أَمَرِهِ ، فَيَسْتَعْصِي عَلَيْهِ وَلا يَأْتَمِرُ لَهُ ؟ وَكَيْفَ تَصِلُ
يَدُهُ إِلَى الْمَلَكِ ، وَيَخْلُصُ إِلَيْهِ صَكَّهُ وَلَطَمَهُ ؟ وَكَيْفَ
يُنَهْنِهُ الْمَلَكُ الْمَأْمُورُ بِقَبْضِ رُوحِهِ ، فَلا يَمْضِي أَمَرُ اللهِ
فِيهِ ؟ هَذِهِ أُمُورٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْمَعْقُولِ ، سَالِكَةٌ طَرِيقَ
الاسْتِحَالَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَنِ اعْتَبَرَ هَذِهِ
الأُمُورَ بِمَا جَرَى بِهِ عُرْفُ الْبَشَرِ ، وَاسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ عَادَاتُ
طِبَاعِهِمْ ، فَإِنَّهُ يُسْرِعُ إِلَى اسْتِنْكَارِهَا وَالارْتِيَابِ بِهَا ، لِخُرُوجِهَا
عَنْ سَوْمِ طِبَاعِ الْبَشَرِ ، وَعَنْ سُنَنِ عَادَاتِهِمْ ، إِلاَّ أَنَّهُ
أَمَرٌ مَصْدَرُهُ عَنْ قُدْرَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، الَّذِي لا يُعْجِزُهُ
شَيْءٌ ، وَلا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَمْرٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ مُحَاوَلَةٌ بَيْنَ
مَلَكٍ كَرِيمٍ وَبَيْنَ كَلِيمٍ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَخْصُوصٌ بِصِفَةٍ
خَرَجَ بِهَا عَنْ حُكْمِ عَوَامِ الْبَشَرِ ، وَمَجَارِي عَادَاتِهِمْ فِي
الْمَعْنَى الَّذِي خُصَّ بِهِ مَنْ آثَرَهِ اللَّهُ بِاخْتِصَاصِهِ إِيَّاهُ ،
فَالْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمْ فِيمَا تَنَازَعَاهُ
مِنْ هَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أَحْكَامِ طِبَاعِ
الآدَمَيِّينَ وَقِيَاسِ أَحْوَالِهِمْ
غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِي حَقِّ النَّظَرِ ، وَلِلَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ لَطَائِفُ وَخَصَائِصُ يَخُصُّ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ
وَأَوْلِيَائِهِ ، وَيُفْرِدُهُمْ بِحُكْمِهَا دُونَ سَائِرِ خَلْقِهِ ، وَقَدْ
أَعْطَى مُوسَى صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ النُّبُوَّةَ ، وَاصْطَفَاهُ
بِمُنَاجَاتِهِ وَكَلامِهِ ، وَأَمَدَّهُ حِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ
بِالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ
: كَالْعَصَا ، وَالْيَدِ الْبَيْضَاءِ ، وَسَخَّرَ لَهُ
الْبَحْرَ فَصَارَ طَرِيقًا يَبَسًا ، جَازَ عَلَيْهِ هُوَ وَقَوْمُهُ
وَأَوْلِيَاؤُهُ ، وَغَرَقَ فِيهِ خَصْمُهُ وَأَعْدَاؤُهُ ، وَهَذِهِ أُمُورٌ
أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهَا ، وَأَفْرَدَهُ بِالاخْتِصَاصِ فِيهَا أَيَّامَ حَيَاتُ وَمُدَّةَ
بَقَائِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا دَنَا حِينَ وَفَاتُهُ ،
وَهُوَ بَشَرٌ يَكْرَهُ الْمَوْتَ طَبْعًا ، وَيَجِدُ أَلَمَهُ حِسًّا ، لَطَفَ
لَهُ بِأَنْ لَمْ يُفَاجِئْهُ بِهِ بَغْتَةً ، وَلَمْ يَأْمُرِ الْمَلَكَ
الْمُوَكَّلَ بِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ قَهْرًا وَقَسْرًا ، لَكِنْ أَرْسَلَهُ
إِلَيْهِ مُنْذِرًا بِالْمَوْتِ ، وَأَمَرَهُ بِالتَّعَرُّضِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ
الامْتِحَانِ فِي صُورَةِ بَشَرٍ ، فَلَمَّا رَآهُ مُوسَى اسْتَنْكَرَ شَأْنَهُ ،
وَاسْتَوْعَرَ مَكَانَهُ ، فَاحْتَجَرَ مِنْهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ بِمَا كَانَ
مِنْ صَكِّهِ إِيَّاهُ ، فَأَتَى ذَلِكَ عَلَى عَيْنِهِ الَّتِي رُكِّبَتْ فِي الصُّورَةِ
الْبَشَرِّيَّةِ الَّتِي جَاءَهُ فِيهَا ، دُونَ الصُّورَةِ الْمَلَكِيَّةِ
الَّتِي هُوَ مَجْبُولُ الْخِلْقَةِ عَلَيْهَا ، وَمِثْلُ هَذِهِ الأُمُورِ مِمَّا
يُعَلِّلُ بِهِ طِبَاعَ الْبَشَرِ ، وَتَطِيبُ بِهِ نُفُوسُهُمْ فِي الْمَكْرُوهِ
الَّذِي هُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ ، فَإِنَّهُ لا شَيْءَ أَشْفَى لِلنَّفَسِ مِنَ
الانْتِقَامِ مِمَّنْ يَكِيدُهَا وَيُرِيدُهَا بِسُوءٍ ، وَقَدْ كَانَ مِنْ طَبْعِ
مُوسَى صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ ، آيٌ مِنَ الْقُرْآنِ
، حِمًى وَحِدَّةٌ ، وَقَدْ قَصَّ عَلَيْنَا الْكِتَابُ مَا كَانَ مِنْ وَكْزِهِ
الْقِبْطِيِّ الَّذِي قَضَى عَلَيْهِ ، وَمَا كَانَ عِنْدَ غَضَبِهِ مِنْ
إِلْقَائِهِ الأَلْوَاحَ ، وَأَخْذِهِ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ،
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَضِبَ اشْتَعَلَتْ قَلَنْسُوَتُهُ نَارًا ،
وَقَدْ جَرَتْ سُنَّةُ الدِّينِ بِحِفْظِ النَّفْسِ ، وَدَفْعِ الضَّرَرِ
وَالضَّيْمِ عَنْهَا ، وَمَنَ شَرِيعَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَا سَنَّهُ فِيمَنِ اطَّلَعَ عَلَى مَحْرَمِ قَوْمٍ مِنْ عُقُوبَتِهِ
فِي عَيْنِهِ ، فَقَالَ : مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ
فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَأُوا عَيْنَهُ وَلَمَّا نَظَرَ نَبِيُّ اللَّهِ
=================
قسم 6.
كتاب : الأسماء والصفات
المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى صُورَةٍ بَشَرِيَّةٍ
هَجَمَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ تُرِيدُ نَفْسَهُ ، وَتَقْصُدُ هَلاكَهُ ،
وَهُوَ لا يُثْبِتُهُ مَعْرِفَةً ، وَلا يَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، وَرَسُولُ
رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فِيمَا يُرَاوِدُهُ مِنْهُ ، عَمَدَ إِلَى دَفْعِهِ عَنْ
نَفْسِهِ بِيَدِهِ وَبَطْشِهِ ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ ذَهَابُ عَيْنِهِ وَقَدِ
امْتُحِنَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ صُلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ
بِدُخُولِ الْمَلائِكَةِ عَلَيْهِمْ فِي صُورَةِ الْبَشَرِ ، كَدُخُولِ
الْمَلَكَيْنِ عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي صُورَةِ الْخَصْمَيْنِ ،
لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ تَقْرِيعِهِ إِيَّاهُ بِذَنْبِهِ ،
وَتَنْبِيهِهِ عَلَى مَا لَمْ يَرْضَهُ مِنْ فِعْلِهِ ، وَكُدُخُولِهِمْ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ حِينَ أَرَادُوا إِهْلاكَ قَوْمِ لُوطٍ عَلَيْهِ
السَّلامُ ، فَقَالَ : قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ، وَقَالَ : فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ
لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ ، وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ، وَكَانَ
نَبِيُّنَا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أَوَّلَ مَا بُدِئَ بِالْوَحْيِ يَأْتِيهِ الْمَلَكُ
فَيَلْتَبِسُ عَلَيْهِ أَمْرُهُ ، وَلَمَّا جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ
فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَسَأَلَهُ عَنِ الإِيمَانِ لَمْ يَتَبَيَّنْهُ ، فَلَمَّا
انْصَرَفَ عَنْهُ تَبَيَّنَ أَمَرَهُ ، فَقَالَ : هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ
يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ وَكَذَلِكَ كَانَ أَمَرُ مُوسَى عَلَيْهِ
السَّلامُ فِيمَا جَرَى مِنْ مُنَاوَشَتِهِ مَلَكَ الْمَوْتِ وَهُوَ يَرَاهُ
بَشَرًا ، فَلَمَّا عَادَ الْمَلَكُ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَثْبِتًا
أَمْرَهُ فِيمَا جَرَى عَلَيْهِ ، رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ عَيْنَهُ
وَأَعَادَهُ رَسُولا إِلَيْهِ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي
رُوِّينَاهُ ، لِيَعْلَمَ نَبِيُّ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ إِذَا رَأَى
صِحَّةَ عَيْنِهِ الْمَفْقُوءَةِ ، وَعَوْدِ بَصَرِهِ الذَّاهِبِ ، أَنَّهُ
رَسُولُ اللهِ بَعَثَهُ لَقَبْضِ رُوحِهِ ، فَاسْتَسْلَمَ حِينَئِذٍ لأَمْرِهِ وَطَابَ
نَفْسًا بِقَضَائِهِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ رِفْقٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ ،
وَلُطْفٌ بِهِ فِي تَسْهِيلِ مَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ لِقَائِهِ ،
وَالانْقِيَادِ لِمَوْرِدِ قَضَائِهِ قَالَ : وَمَا أَشْبَهَ مَعْنَى قَوْلِهِ :
مَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ
يَكْرَهُ الْمَوْتَ بِتَرْدِيدِ رَسُولِهِ مَلَكِ الْمَوْتِ إِلَى نَبِيِّهِ
مُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، فِيمَا كَرِهَهُ مِنْ نُزُولِ
الْمَوْتِ بِهِ لُطْفًا مِنْهُ بِصَفِيِّهِ ، وَعَطْفًا عَلَيْهِ وَالتَّرَدُّدُ
عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ يُقَرِّبُ بِهِ
مَعْنَى مَا أَرَادَهُ إِلَى فَهْمِ السَّامِعِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ تَرْدِيدُ الأَسْبَابِ
وَالْوَسَائِطِ مِنْ رَسُولٍ أَوْ شَيْءٍ غَيْرِهِ ، كَمَا شَاءَ سُبْحَانَهُ ،
تَنَزَّهَ عَنْ
صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَتَعَالَى عَنْ نُعُوتِ
الْمَرْبُوبِينَ ، الَّذِينَ يَعْتَرِيهِمْ فِي أُمُورِهِمُ النَّدَمُ
وَالْبَدَاءُ ، وَتَخْتَلِفُ بِهِمُ الْعَزَائِمُ وَالآرَاءُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
"
باب قول الله عز وجل {والله ذو الفضل العظيم}
قول اله عز وجل {والله ذو الفضل العظيم}.
وقوله {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}.
وقوله {وربك الغفور ذو الرحمة}.
وقوله {وربك الغني ذو الرحمة}
1034- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ
ح قَالَ ونا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ،
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ،
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، قَالَ :
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ، يُحَدِّثُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ ،
وَهُوَ يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا
سَلَّمَ فِي دُبُرِ الصَّلاةِ أَوِ الصَّلَوَاتِ ، يَقُولُ : لا إِلَهَ إِلاَّ
اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ، لا نَعْبُدُ
إِلاَّ إِيَّاهُ ، أَهْلَ النِّعْمَةِ وَالْفَضْلِ وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ ، لا
إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ
1035- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
نُمَيْرٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَإِنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ
قَالُوا : وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : وَلا أَنَا ، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي
اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضَلٍ وَعَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ،
عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِثْلَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ
1036- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرَيْشٍ الْوَرَّاقُ ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي
سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ
تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً ، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً
وَاحِدَةً ، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ كُلَّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنْ
رَحْمَتِهِ ، لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الرَّحْمَةِ ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ
بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنَ الْعَذَابِ ، لَمْ يَأْمَنِ النَّارَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ قُتَيْبَةَ
1037- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ ،
بِمَكَّةَ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ
الزَّعْفَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، عَنْ
سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ مِائَةَ رَحْمَةٍ ، مِنْهَا رَحْمَةٌ يَتَرَاحَمُ بِهَا
الْخَلْقُ ، وَتِسْعٌ وَتِسْعُونَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنِ الْحَكَمِ
بْنِ مُوسَى ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ ،
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، وَزَادَ فِيهِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ
كَمَّلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ
1038- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ،
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ ،
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ مِائَةَ رَحْمَةٍ ، فَوَضَعَ
بَيْنَ خَلْقِهِ وَاحِدَةً وَخَبَّأَ عِنْدَهُ مِئَةً إِلاَّ وَاحِدَةً.
وَبِإِسْنَادِهِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ
الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَبَدًا.
أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
وَأَخْرَجَا الْحَدِيثَ الأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
وَفِي ذَلِكَ دَلالَةٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ
أَصْحَابِنَا : إِنَّ الرَّحْمَةَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ
الْعَمَلِ إِذَا رُدَّتْ إِلَى النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى
بِهَا عَلَى عِبَادِهِ وَأَعَدَّهَا لَهُمْ ، فَأَمَّا إِذَا رُدَّتْ إِلَى
إِرَادَةِ الإِنْعَامِ فَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ
رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ : إِرَادَةُ الْبَارِي إِذَا تَعَلَّقَتْ بِالإِنْعَامِ
فَهِيَ رَحْمَةٌ : وَذَلِكَ لأَنَّهُ قَدْ يَرْحَمُ فِي الشَّاهِدِ مَنْ لا
يُنْعِمُ
1039- قَالَ الشَّيْخُ وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ
يَدُلُّ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ ،
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ
، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ،
أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ
فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي إِذْ وَجَدَتْ صَبِيًّا مِنَ
السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا ، فَأَرْضَعَتْهُ ، فَقَالَ
لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ
طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ ؟ قُلْنَا : لا وَاللَّهِ ، وَهِيَ تَقْدِرُ
عَلَى أَنْ لا تَطْرَحَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِوَلَدِهَا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنِ الْحُلْوَانِيِّ ، وَغَيْرِهِ
، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ فَإِثْبَاتِ الرَّحْمَةِ قَبْلَ وُجُودِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ
دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ مُرِيدٌ لِصَرْفِ النَّارِ عَمَّنْ
شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ قَبْلَ الْقِيَامَةِ ، وَقَبْلَ تَبْرِيزِ الْجَحِيمِ ،
ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ تُسَمَّى تِلْكَ النِّعْمَةُ رَحْمَةً عَلَى أَنَّهَا مُوجَبُ
الرَّحْمَةِ وَمُقْتَضَاهَا ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا مَضَى مِنَ الْحَدِيثِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
باب قول الله تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني}
قول الله عز وجل : {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}.
وقوله : {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}.
وقوله : {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا}.
وقوله : {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم}.
وقوله : {إن الله لا يحب كل مختال فخور}.
وقوله : {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله
انبعاثهم فثبطهم} .
1040- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ بْنِ بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ
، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ :
إِنِّي أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ ، قَالَ : فَيَقُولُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ
السَّلامُ لأَهْلِ السَّمَاءِ : إِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ فُلانًا
فَأَحِبُّوهُ ، قَالَ : فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، وَيُوضَعُ لَهُ
الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ وَإِذَا أَبْغَضَ فَمِثْلُ ذَلِكَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ
حَدِيثِ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ ، عَنْ سُهَيْلٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
1041- وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أَخْبَرَنَا
إسماعيل الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن منصور ، أَخْبَرَنَا عبد الرزاق ، عن معمر ،
عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : كتب أبو الدرداء
إلى مسلمة بن مخلد : سلام عليك ، أما بعد ، فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله
، فإذا أحبه الله حببه إلى عباده ، وإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله ،
فإذا أبغضه الله بغضه إلى عباده
1042- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ
سَعْدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ
خَيْبَرَ : لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ
، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَلَمَّا
أَصْبَحَ دَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
أَخْرِجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
قُتَيْبَةَ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
1043- أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الأَدِيبُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ
بْنُ سُفْيَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ
، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ
يَعْنِي ابْنَ الْقَعْقَاعِ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ، حَبِيبَتَانِ إِلَى
الرَّحْمَنِ ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ : سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ
سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ
1044- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ ، وَأَبُو
الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو بَكْرِ
بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْبُوشَنْجِيُّ
، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ،
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ هِلالِ بْنِ يَسَارٍ ،
عَنْ رَبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَا مِنَ الْكَلامِ شَيْءٌ أَحَبُّ
إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ
وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، هُنَّ أَرْبَعٌ فَلا تُكْثِرْ عَلَيَّ لا يَضُرُّكُ
بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ ، وَلا تُسَمِّ عَبْدَكَ رَبَاحًا وَلا أَفْلَحَ وَلا
نَجِيحًا وَلا يَسَارًا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أُمَيَّةَ بْنِ بِسْطَامٍ
1045- أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ هِلالُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ
بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْعَثِ ،
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ،
حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقِيَ الْوَفْدَ وَذَكَرَ أَبَا نَضْرَةَ
نَضْرَةَ أَنَّهُ حَدَّثَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ
لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ : إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ ، الْحِلْمَ وَالأَنَاةَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ
حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ
1046- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ
بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتَبَّانِيُّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ يَوْمًا
فَوَجَدَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكَ يَا مُعَاذُ ؟ قَالَ : يُبْكِينِي
حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
: الْيَسِيرُ مِنَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ ، وَمَنْ عَادَى أَوْلِيَاءَ اللهِ فَقَدْ
بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الأَتْقِيَاءَ الأَخْفِيَاءَ
الَّذِينَ إِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُعْرَفُوا ،
قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى ، يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ
هَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْثُ ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ
يَزِيدَ ، عَنْ عَيَّاشٍ ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ زَيْدِ
بْنِ أَسْلَمَ ، أَخْرَجْنَاهُ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ
1047- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
يُوسُفَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ
أَنَسٍ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللَّهُ
لِقَاءَهُ ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ قَالَ :
فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ : إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ قَالَ
: لَيْسَ ذَلِكَ ، وَلَكِنِ الْمُؤْمِنُ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ يُبَشَّرُ
بِرِضْوَانِ اللهِ وَكَرَامَاتِهِ ، فَإِذَا بُشِّرَ بِذَلِكَ أَحَبَّ لِقَاءَ
اللهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ
بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَعُقُوبَتِهِ ، فَإِذَا بُشِّرَ بِذَلِكَ كَرِهَ لِقَاءَ
اللهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ هُدْبَةَ كِلاهُمَا ، عَنْ
هَمَّامٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ : اخْتَصَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَعَمْرٌو ، عَنْ
شُعْبَةَ
1048- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ ح وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ أنا أَحْمَدُ بْنُ
عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ
يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالا :
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ
أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ
اللَّهُ لِقَاءَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
1049- أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ
، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ،
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، وَالْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ مُرَّةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي
كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ فَإِنَّ
اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلا التَّفَحُّشَ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ الْهِجْرَةِ
أَفْضَلُ ؟ قَالَ : أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ رَبُّكَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
1050- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ
بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
، عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ، تَرْوِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ
، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ
مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ
حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ
الرِّفْقِ فَقَدْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ
وَقَالَ : أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ
خُلُقٌ حَسَنٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ
1051- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، وَأَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللهِ
الأَلَدُّ الْخَصِمُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي عَاصِمٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ
1052- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ،
بِطُوسَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ ، بِوَاسِطَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ
عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ فِي الأَنْصَارِ : لا
يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ ، وَلا يُبْغِضُهُمْ إِلاَّ مُنَافِقٌ مَنْ
أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ.
أَخْرِجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ
شُعْبَةَ
1053- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبَانُ ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ ابْنِ
جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ.
وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ ، فَأَمَّا
فَالْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ ، وَأَمَّا
الْغَيْرَةُ
الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ
رِيبَةٍ ، وَأَمَّا الْخُيَلاءُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَاخْتِيَالُ
الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ ، أَوْ قَالَ اخْتِيَالُهُ عِنْدَ
صَدَقَتِهِ ، وَأَمَّا الْخُيَلاءُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ فَاخْتِيَالُ
الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ فِي الْفَخْرِ وَالْخُيَلاءِ
قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْمَحَبَّةُ
وَالْبُغْضُ وَالْكَرَاهِيَةُ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ
، فَالْمَحَبَّةِ عِنْدَهُ بِمَعْنَى الْمَدْحِ لَهُ بِإِكْرَامِ مُكْتَسِبِهِ ،
وَالْبُغْضُ وَالْكَرَاهِيَةُ بِمَعْنَى الذَّمِّ لَهُ بِإِهَانَةِ مُكْتَسِبِهِ ،
فَإِنْ كَانَ الْمَدْحُ وَالذَّمُّ بِالْقَوْلِ ، فَقَوْلُهُ كَلامُهُ ،
وَكَلامُهُ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ ، وَهُمَا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ يَرْجِعَانِ
إِلَى الإِرَادَةِ ، فَمَحَبَّةُ اللهِ الْمُؤْمِنِينَ تَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ
إِكْرَامَهُمْ وَتَوْفِيقَهُمْ ، وَبَغْضَهُ غَيْرَهُمْ
، أَوْ مِنْ ذَمِّ فِعْلِهِ يَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ إِهَانَتَهُمْ
وَخُذْلانَهُمْ ، وَمَحَبَّتِهِ الْخِصَالَ الْمَحْمُودَةَ يَرْجِعُ إِلَى
إِرَادَتِهِ إِكْرَامَ مُكْتَسِبِهَا ، وَبَغْضِهِ الْخِصَالَ الْمَذْمُومَةَ
يَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ أَهَانَةَ مُكْتَسِبَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
باب قول الله} {رضي الله عنهم ورضوا عنه} قول الله عز
وجل : {رضي الله عنهم ورضوا}.
وقوله : {ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما
قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون} .
1054- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمٍ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الْمُوَجِّهِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ
بْنُ الْمُبَارَكِ ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ
، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُونَ :
لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ ، فَيَقُولُ : هَلْ رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ :
وَمَا لَنَا لا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ
خَلْقِكَ ، فَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالُوا
: يَا رَبُّ ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلا
أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَسَدٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ ، كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ
1055- أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن بن عبدوس ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل ،
حَدَّثَنَا همام ، عن إسحاق بن عبد الله ، قال : حدثني أنس بن مالك ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعث خاله ، وكان اسمه حراما أخا أم سليم ـ في سبعين رجلا ، فقتلوا
يوم بئر معونة ، قال إسحاق : فحدثني أنس بن مالك قال : أنزل علينا ثم كان من
المنسوخ ، إنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا . وذكر الحديث . رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن
إسماعيل ، وأخرجاه من حديث مالك عن إسحاق
1056- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ
الْقَطَّانُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ
، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ، عَنْ أَبِيهِ.
عَنْ شَيْخٍ ، يُقَالُ لَهُ طَارِقٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
مَالِكٍ الرُّوَاسِيِّ ، قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، ارْضَ عَنِّي فَأَعْرَضَ عَنِّي ثَلاثًا
، قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ : إِنَّ الرَّبَّ لَيُتَرَضَّى فَيَرْضَى ،
فَارْضَ عَنِّي ، فَرَضِيَ عَنِّي
1057- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَرْضَى
لَكُمْ ثَلاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا ، يَرْضَى أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا
تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا ، وَأَنْ
تَنَاصِحُوا مِنْ وَلِيِّ أَمْرِكُمْ ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا : قِيلَ وَقَالَ
، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ، وَكَثْرَةَ
السُّؤَالِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ
حَدِيثِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : وَيَكْرَهُ لَكُمْ
ثَلاثًا
1058- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ ،
حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، أَخْبَرَنَا سُهَيْلٌ ، فَذَكَرَهُ
1059- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ
وَاقِدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَائِشَةَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ
كَفَاهُ اللَّهُ النَّاسَ ، وَمَنْ أَسْخَطَ اللَّهَ بِرِضَا النَّاسِ وَكَلَهُ اللَّهُ
إِلَى النَّاسِ هَذَا مَوْقُوفٌ.
1060- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ
، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ : فِي كِتَابِي هَذَا فِي مَوْضِعَيْنِ : مَوْضِعٍ
مَوْقُوفٍ ، وَمَوْضِعٍ مَرْفُوعٍ ، إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ.
قَالَ الشَّيْخُ : الرِّضَا وَالسُّخْطُ عِنْدَ بَعْضِ
أَصْحَابِنَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، وَهُمَا
عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ يَرْجِعَانِ إِلَى الإِرَادَةِ ،
فَالرِّضَا : إِرَادَتُهُ إِكْرَامَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِثَابَتَهُمْ عَلَى التَّأْبِيدِ
، وَالسُّخْطُ إِرَادَتُهُ تَعْذِيبَ الْكُفَّارِ وَعُقُوبَتَهُمْ عَلَى التَّأْبِيدِ
، وَإِرَادَتُهُ تَعْذِيبَ فُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَا شَاءَ
باب قول الله عز وجل {ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب
الله عليهم}
1061- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ
الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ
بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ ، لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ.
أَخْرِجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ
الأَعْمَشِ
1062- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَهُوَ حِينَئِذٍ يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ وَقَالَ : اشْتَدَّ غَضَبُ
اللهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ،
عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَالْكَلامُ فِي
الْغَضَبِ كَالْكَلامِ فِي السُّخْطِ ، وَأَمَّا الْوَلايَةُ وَالْعَدَاوَةُ
فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ
مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَقَالَ : وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ،
وَقَالَ : وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ، وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ
لِلْكَافِرِينَ ، وَهُمَا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ يَرْجِعَانِ إِلَى
الإِرَادَةِ ، فَوَلايَةُ الْمُؤْمِنِينَ إِرَادَتُهُ إِكْرَامَهُمْ
وَنُصْرَتَهُمْ وَمَثُوبَتَهُمْ عَلَى التَّأْبِيدِ ، وَعَدَاوَةُ الْكَافِرِينَ
إِرَادَتُهُ إِهَانَتَهُمْ وَتَبْعِيدَهُمْ وَعُقُوبَتَهُمْ عَلَى التَّأْبِيدِ ،
وَأَمَّا الاخْتِيَارُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَرَبُّكَ يَخْلُقُ
مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ، وَهُوَ عِنْدَهُ أَيْضًا يَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ
إِكْرَامَ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عَبِيدِهِ بِمَا يَشَاءُ مِنْ لَطَائِفِهِ ، وَهُوَ
عِنْدَهُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، فَلا يَكُونُ مَعْنَاهُ رَاجِعًا إِلَى
الإِرَادَةِ بِمَعْنًى ، بَلْ يَكُونُ رَاجِعًا إِلَى فِعْلِ الإِكْرَامِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
باب ما جاء في الصبر
1063- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْبَرْتِيُّ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ،
عَنْ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَيْسَ أَحَدٌ ، أَوْ قَالَ : شَيْءٌ
، أَصْبَرَ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إِنَّهُ
لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُسَدَّدٍ
1064- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ أَبِي مُوسَى
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا أَحَدَ
أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، يُشْرَكُ بِهِ
وَيُجْعَلُ لَهُ وَلَدًا ، ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ.
عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ ، وَأَبِي
أُسَامَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ وَالصَّبْرُ فِي هَذَا أَيْضًا يَرْجِعُ إِلَى
إِرَادَتِهِ تَأْخِيرَ عُقُوبَتِهِمْ وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ يَرْجِعُ إِلَى تَأْخِيرِهِ
عُقُوبَتَهُمْ وَإِمْهَالِهِ إِيَّاهُمْ
باب إعادة الخلق قال الله عز وجل : {وهو الذي يبدأ الخلق
ثم يعيده وهو أهون عليه} . قال الربيع بن خثيم ، والحسن : كل عليه هين
1065- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ،
حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : {وهو أهون عليه} قال : الإعادة والبدء
عليه هين . وحكينا عن الشافعي رحمه الله أنه قال : معناه : هو أهون عليه في العبرة عندكم ، ليس
أن شيئا يعظم على الله عز وجل وقال الله عز وجل : {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من
يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم} فجعل
النشأة الأولى دليلا على جواز النشأة الآخرة ، لأنها في معناها ، ثم قال : {الذي
جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون} فجعل ظهور الناس على حرها
ويبسها من الشجر الأخضر على نداوته ورطوبته دليلا على جواز خلقه الحياة في الرمة البالية
، والعظام النخرة ، ثم قال : {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق
مثلهم} فجعل قدرته على الشيء دليلا على قدرته على مثله : {بلى وهو الخلاق العليم} ثم ذكر ما به
يوجد ويخلق فقال : {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}
وهذا معنى يجمع البدأة والإعادة ، وآيات القرآن في إثبات
الإعادة كثيرة
1066- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ
السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ
هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
كَذَّبَنِي عَبْدِي وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ ، وَشَتَمَنِي عَبْدِي وَلَمْ
يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ : لَنْ يُعِيدَنَا
كَمَا بَدَأَنَا ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ : اتَّخَذَ اللَّهُ
وَلَدًا ، وَأَنَا الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي
كُفُوًا أَحَدٌ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
1067- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا
سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ ، عَنْ
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَوَعَظَهُمْ ، فَقَالَ : أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا قَالَ ثُمَّ
قَرَأَ : كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا
كُنَّا فَاعِلِينَ ، وَقَالَ : فَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ
ذَاتَ الْيَسَارِ ، فَأَقُولُ : رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، فَيُقَالُ لِي : هَلْ
تَعْلَمُ مَا أَحْدَثُوا مِنْ بَعْدِكَ ؟ فَأَقُولُ كَمَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ :
وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ، فَقَالُوا : إِنَّهُمْ لَمْ
يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى
أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ ، قَالَ : وَأَوَّلُ
مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ سُفْيَانَ.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ ، عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ
1068- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ
الْعَدْلُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ
، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُنَادِي ، حَدَّثَنَا يُونُسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ : كَيْفَ
يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : الَّذِي
أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِي الدُّنْيَا قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى
وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ،
وَعَبْدِ ابْنِ حُمَيْدٍ ، كُلُّهُمْ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ
1069- أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
جَعْفَرٍ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا
دَاوُدُ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يَعْلَى
بْنُ عَطَاءٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ عُدُسٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ
، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى ؟
قَالَ : أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ مُمْحِلٍ ثُمَّ مَرَرْتُ بِهِ خَضِرًا ؟ قَالَ :
بَلَى قَالَ : فَكَذَلِكَ النُّشُورُ أَوْ قَالَ : كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى
1070- أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ يَزْدَادَ الْجَوْسَقَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْمُؤَدِّبُ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ
، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسِ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ ، قَالَ
: قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى ؟ وَمَا آيَةُ
ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ ؟ قَالَ : أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ لَكَ مَحْلا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ
يَهْتَزُّ خَضِرًا ؟ قَالَ : بَلَى قَالَ : فَكَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى
، وَذَلِكَ مِنْ آيَتِهِ فِي خَلْقِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا
الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ
بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَقَالَ
: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ
سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ
1071- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو
حَاتِمٍ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ الْمِصْرِيُّ ، وَكَانَ
رِضًى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ ، عَنْ بَكْرِ
بْنِ مُضَرَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ.
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : نَحْنُ أَحَقُّ
بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ :
بَلَى ، وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا ، لَقَدْ
كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ
يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِيَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ تَلِيدٍ ، وَأَخَرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ ، عَنْ
يُونُسَ
1072- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ
الْحَافِظَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ
، يَقُولُ ، وَذَكَرَ عِنْدَهُ حَدِيثَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ
الْمُزَنِيُّ : لَمْ يَشُكِّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ
الْمَوْتَى ، وَإِنَّمَا شَكَّا أَنْ يُجِيبَهُمَا إِلَى مَا سَأَلا
1073- قال الشيخ : وهذا الذي قاله أبو إبراهيم إسماعيل
بن يحيى المزني رحمه الله موجود فيما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ،
أَخْبَرَنَا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد
الدارمي ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة
، عن ابن عباس ، في قوله سبحانه : {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال :
أولم تؤمن قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي} قال : أعلم أنك تجيبني إذا دعوتك ،
وتعطيني إذا سألتك .
وقال أبو سليمان الخطابي رحمه الله : مذهب هذا الحديث التواضع
والهضم من النفس وليس في قوله : نحن أحق بالشك من إبراهيم اعتراف بالشك على نفسه ،
ولا على إبراهيم صلى الله عليهما ، لكن فيه نفي الشك عن كل واحد منهما ، يقول :
إذا لم أشك أنا ولم أرتب في قدرة الله على إحياء الموتى ، فإبراهيم عليه السلام
أولى بأن لا يشك فيه ولا يرتاب ، وفيه الإعلام أن المسألة من قبل إبراهيم لم تعرض
من جهة الشك ، لكن من قبل طلب زيادة العلم واستفادة معرفة كيفية الإحياء ، والنفس
تجد من الطمأنينة بعلم الكيفية ما لا تجده بعلم الأنية ، والعلم في الوجهين حاصل ،
والشك مرفوع ، وقد قيل : إنما طلب الإيمان بذلك حسا وعيانا ، لأنه فوق ما كان عليه
من الاستدلال ، والمستدل لا يزول عنه الوسواس والخواطر ، وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ليس الخبر كالمعاينة قال : وحكى لنا عن ابن المبارك في قوله : {ولكن
ليطمئن قلبي} قال : أي ليرى من أدعوه إليك منزلتي ومكاني منك فيجيبوني إلى طاعتك
1074- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو بكر
الجراحي ، حَدَّثَنَا يحيى بن ساسويه ، حَدَّثَنَا عبد الكريم السكري ، قال :
أخبرني علي الباشاني العابد ، عن عبد الله بن المبارك ، في قوله تعالى : {ولكن
ليطمئن قلبي} قال : بالخلة ، يقول : إني أعلم أنك اتخذتني خليلا
1075- أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، حَدَّثَنَا أبو منصور
النضروي ، حَدَّثَنَا أحمد بن نجدة.
نا سعيد بن منصور ، حَدَّثَنَا عمرو بن ثابت الحداد ، عن
أبيه ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : {ليطمئن قلبي} قال : بالخلة
باب قول الله عز وجل {فظن أن لن نقدر عليه} قول الله عز
وجل : {فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين فاستجبنا له} .
1076- أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى
، أَخْبَرَنَا أبو الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد الدارمي ،
حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن
عباس ، في قوله سبحانه : {فظن أن لن نقدر عليه} يقول : ظن أن لا يأخذه العذاب الذي
أصابه
1077- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أحمد
بن كامل القاضي ، حَدَّثَنَا محمد بن سعد العوفي ، حدثني أبي قال : حدثني عمي قال
حدثني أبي ، عن أبيه عطية بن سعد ، عن ابن عباس ، في قوله : {وذا النون إذ ذهب
مغاضبا} يقول : غضب على قومه} {فظن أن لن نقدر عليه}
يقول : ظن أن لن نقضي عليه عقوبة ولا بلاء فيما صنع
بقومه في غضبه عليهم وفراره ، قال : وعقوبته أخذ النون إياه . قال الشيخ : وما روينا
عن ابن عباس يدل على أن المراد بقوله : {أن لن نقدر عليه} أي : لن نقدر عليه بضم
النون وتشديد الدال من التقدير لا من القدرة
1078- وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو
العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، قال : قال الفراء : {فظن أن لن نقدر
عليه} أي : من العقوبة ما قدرنا {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت} فقال :
الظلمات ظلمة البحر ، وبطن الحوت ومعاها الذي كان فيه يونس عليه السلام ، فتلك
الظلمات . فجعل الفراء قدر بمعنى : قدر.
قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من
كتابه : أنشدنا ابن الأنباري لأبي صخر الهذلي : ولا عائدا ذاك الزمان الذي مضى
تباركت ما تقدر يقع ولك الشكر أراد : ما تقدر يقع
1079- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو
قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا يحيى بن أبي طالب ، أَخْبَرَنَا
عبد الوهاب بن عطاء ، أَخْبَرَنَا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، في قوله : {فظن أن
لن نقدر عليه} قال : فظن أن لن نعاقبه} {فنادى في الظلمات} قال : ظلمة الليل ،
وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت
{أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} قالت
الملائكة : صوت معروف في أرض غريبة
1080- وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ،
أَخْبَرَنَا أبو سهل بن زياد القطان ، حَدَّثَنَا أبو عوف عبد الرحمن بن مرزوق
البزوري ، حَدَّثَنَا يحيى بن أبي كثير ، حَدَّثَنَا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد
{فظن أن لن نقدر عليه} قال : أن لن نعاقبه
1081- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
، قَالَ : قَالَ لِيَ الزُّهْرِيُّ : لأُحَدِّثَنَّكَ بِحَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ ،
أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى
نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ ، فَقَالَ : إِذَا مِتُّ
فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ اذْرُونِي فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ ،
فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ
أَحَدًا قَالَ فَفَعَلُوا بِهِ ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلأَرْضِ :
أَدِّي مَا أَخَذْتِ ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ ، فَقَالَ لَهُ : مَا حَمَلَكَ عَلَى
مَا صَنَعْتَ ؟ فَقَالَ : خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ أَوْ قَالَ : مَخَافَتُكَ فَغَفَرَ
لَهُ
قَالَ
: وَحَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلا هِيَ أَطْعَمَتْهَا ،
وَلا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ قَالَ
الزُّهْرِيُّ فِي ذَلِكَ : لِئَلا يَتَّكِلَ أَحَدٌ وَلا يَيْأَسَ أَحَدٌ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ
مَعْمَرٍ
1082- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ،
عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ،
قَالَ : إِنَّ رَجُلا مِمَّنْ سَلَفَ مِنَ النَّاسِ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالا
وَوَلَدًا ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ ، قَالَ لِبَنِيهِ : أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ ؟ قَالُوا :
خَيْرَ أَبٍ قَالَ : فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا ابْتَأَرَ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا
قَطُّ ، وَإِنْ يَقْدِرِ اللَّهُ عَلَيْهِ يُعَذِّبْهُ ، فَإِذَا أَنَا مِتُّ
فَأَحْرِقُونِي ، ثُمَّ ذَرُونِي فِي رِيحٍ عَاصِفٍ قَالَ : فَأَخَذَ
مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلُوا ، فَلَمَّا حَرَّقُوهُ سَحَقُوهُ ثُمَّ
ذَرَوْهُ فِي رِيحٍ عَاصِفٍ ، قَالَ اللَّهُ لَهُ : كُنْ ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ
، قَالَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ ؟ قَالَ : لا إِلاَّ مَخَافَتُكَ أَوْ
خَشْيَتُكَ قَالَ : فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ يَلْقَاهُ غَيْرُ أَنْ
غُفِرَ لَهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ،
عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ ، وَرَوَاهُ شَيْبَانُ ، عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ ،
ثُمّ قَالَ قَتَادَةُ رَجُلٌ خَافَ عَذَابَ اللهِ فَأَنْجَاهُ مِنْ عُقُوبَتِهِ وَقَالَ
غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ : قَوْلُهُ : لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي أَوْ
يَقْدِرُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، مَعْنَاهُ قَدَّرَ بِالتَّشْدِيدِ ، وَمَنِ
التَّقْدِيرِ ، لا مِنَ الْقُدْرَةِ كَمَا قُلْنَا فِي الآيَةِ وَقَالَ أَبُو
سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ
رَحِمَهُ اللَّهُ : وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ :
فَاذْرُونِي فِي الرِّيحِ ، فَلَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهَ يُرِيدُ : فَلَعَلِّي
أَفُوتُهُ ، يُقَالُ : ضَلَّ الشَّيْءُ إِذَا فَاتَ وَذَهَبَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ : قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا
يَنْسَى ، أَيْ : لا يَفُوتُهُ ، قَالَ : وَقَدْ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا ، فَيُقَالُ
: كَيْفَ يُغْفَرُ لَهُ وَهُوَ مُنْكَرٌ لِلْبَعْثِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى
إِحْيَائِهِ وَإِنْشَائِهِ ؟ فَيُقَالُ : إِنَّهُ لَيْسَ بِمُنْكِرٍ ، إِنَّمَا
هُوَ رَجُلٌ جَاهِلٌ ظَنَّ أَنَّهُ إِذَا فُعِلَ بِهِ هَذَا الصَّنِيعُ تُرِكَ ،
فَلَمْ يُنْشَرْ وَلَمْ يُعَذَّبْ ، أَلا تَرَاهُ يَقُولُ : فَجَمَعَهُ ، فَقَالَ
لَهُ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : مِنْ خَشْيَتِكَ فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ
رَجُلٌ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَعَلَ مَا فَعَلَ خَشْيَةً مِنَ اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ إِذَا بَعَثَهُ ، إِلاَّ أَنَّهُ جَهِلَ فَحَسِبَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ
تُنْجِيهِ مِمَّا يَخَافُهُ
1083- أَخْبَرَنَا بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو
سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ ، قَالَ : قُرِئَ
عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْوَاسِطِيِّ ، وَأَنَا أَسْمَعُ ، حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ
حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : كَانَ قَبْلَكُمْ عَبْدٌ
آتَاهُ اللَّهُ مَالا وَوَلَدًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ فِيهِ : فَذَرُونِي
فِي رِيحٍ عَاصِفٍ لَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهَ ، قَالَ : فَفَعَلُوا وَرَبِّ
مُحَمَّدٍ حِينَ قَالَ ، قَالَ : فَجِيءَ بِهِ أَحْسَنَ مَا كَانَ ، فَعُرِضَ
عَلَى اللهِ ، فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى النَّارِ ؟ قَالَ : خَشْيَتُكَ أَيْ
رَبِّ ، قَالَ : أَسْمَعُكَ رَاهِبًا فَتِيبَ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
هَذَا آخِرُ مَا سَهَّلَ اللَّهُ تَعَالَى نَقْلَهُ فِي
أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ ، وَمَا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ مَعَ
التَّأْوِيلِ ، وَقَدْ تَرَكْتُ مِنَ الأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَيْتُ فِي أَمْثَالِ
مَا أَوْرَدْتُهُ مَا دَخَلَ مَعْنَاهُ فِيمَا نَقَلْتُهُ ، أَوْ وَجَدْتُهُ بِإِسْنَادٍ
ضَعِيفٍ لا يَثْبُتُ مِثْلُهُ ، خَشْيَةَ التَّطْوِيلِ
السبت، 9 نوفمبر 2024
الجزء الثاني {{من قسم4- الي قسم6.}
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ج1.وج2.وج3.{كتاب أسباب نزول القرآن : الواحدي}
ج1. الكتاب أسباب نزول القرآن : الواحدي بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر ولا تعسر قال الشيخ الامام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي الني...
-
ج3. كتاب : المغازي الواقدي أقسام الكتاب 1 2 3 4 5 6 7 * قال ابن أنيس: وكنت رجلاً أعشى لا أبصر بالليل إلا بصراً ضعيفاً. قال: فتأملته ...
-
الخلع ما هو ?? وفي أي تشريع نزل- وما هي ضوابطه/ وماذا صار اليه حكمه في تشريع سورة الطلاق 5هـ . صحيح البخاري/كتاب الطلاق ا...
-
معني الاحصاء والعد ولام البعد السابعة: عن عبدالله بن مسعود قال: طلاق السنة أن يطلقها في كل طهر تطليقة؛ فإذا كان آخر ذلك فتلك العد...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق