9 مصاحف

9 مصاحف روابط 9 مصاحف

السبت، 9 أبريل 2022

كتاب حقوق النبي صلى الله عليه وسلم

 

حقوق النبي صلى الله عليه وسلم

تمهيد:

دين الإسلام يقوم على أصلين أساسيين هما: عبادة الله وحده لا شريك له والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم وهذه حقيقة قول لا إله إلا الله محمد رسول الله.

 

فمن خرج عن واحدة منهما فلا عمل له ولا دين، إذ شرط قبول الأعمال الإخلاص والمتابعة، لذا يجب على كل مسلم أن يعلم ما تدل عليه كل واحدة من هذين الأصلين وما يشمل عليه من أمور وأحكام ويلتزم بها اعتقادًا وقولًا وعملًا.

 

فالنبي صلى الله عليه وسلم له من الحقوق والواجبات على أمته ما ينبغي التعرف عليها وَفْقَ كتاب الله وسنة نبيه الصحيحة حتى لا نقع في الغلو فيه أو الجفاء عنه صلى الله عليه وسلم، خاصة ونحن نعيش وسْط مجتمع كثُرة فيه الاضطرابات والخُرَفات والبدع.

 

فوجب علينا توضيح ما لنبينا من حقوق وواجبات عَلَّنا نفي بجزء من حقه صلى الله عليه وسلم، ونكون ممن صدَق فيهم قول الله تعالى: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) الفتح: 9

 

فعسى أن يكون تعليم لجاهل وتذكير لغافل ورد وردع للمبتدع ومذاكرة لعالم.

وهذه الحقوق منها ما يتصل بالرسالة التي بعث بها صلى الله عليه وسلم، ومنها ما يتعلق بشخصه تفضيلًا وتكريمًا من الله له.


1 - وجوب الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وطاعته واتباع سنته:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما الإيمان بالرسول فهو المهم، إذ لا يتم الإيمان بالله بدون الإيمان به، ولا تحصل النجاة والسعادة بدونه، إذ هو الطريق إلى الله سبحانه، ولهذا كان ركنا الإسلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله).([1])

 

وقال القاضي عياض: (كما أن الإيمان به واجب متعين لا يتم إيمان إلا به ولا يصح إسلام إلا معه).([2])

فالإيمان في اللغة معناه: التصديق([3]) قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) البقرة: 285

أي صدَّق الرسول.

 

ويأتي بمعنى: أقرَّ له([4]) قال تعالى: (وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) يوسف: 17

وقوله تعالى: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) العنكبوت: 26

 

 والإيمان اصطلاحًا:

أجمع التعاريف الواردة وأشملها هو: (أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية).([5])

لأن الإيمان إذا كان قولًا بلا عمل فهو كفر.

وإذا كان قولًا وعملًا بلا نية فهو نفاق.

وإذا كان قولًا وعملًا ونية بلا سنة فهو بدعة.([6])

لذا لما سئل سهل بن عبد الله التُسْتَري عن الإيمان ما هو؟، فقال: قول وعمل ونية واتباع سنة.([7])

أما الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم: هو تصديقه وطاعته واتباع شريعته.([8])

أما تصديقه صلى الله عليه وسلم فيشمل: إثبات نبوته وصدقه فيما بلَغه عن الله، وهذا مختص به صلى الله عليه وسلم([9]) ويندرج تحت التصديق به عدة أمور:

- الإيمان بعموم رسالته إلى الثقلين.

- الإيمان بكونه خاتم النبين ورسالته الخاتمة.

- الإيمان بكون رسالته ناسخة لما قبلها من الشرائع.

- الإيمان بأنَّه صلى الله عليه وسلم قد بلَّغ الرسالة وأكملها وأدى الأمانة ونصح لأمته حتى تركهم على البيضاء ليلها كنهارها.

- الإيمان بعصمته صلى الله عليه وسلم.

- الإيمان بما له من حقوق علينا.

 

أما تصديقه فيما جاء به، وأن ما جاء به من عند الله حق يجب اتباعه، وهذا يجب عليه صلى الله عليه وسلم وعلى كل أحد.([10])

فكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل من أنباء وأخبار وحلال وحرام فصدّق قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) النجم: 3 – 4

قال ابن أبي العز الحنفي: (يجب على كل أحد أن يؤمن بما جاء به الرسول إيمانًا عَامًّا مُجْمَلًا، ولا ريب أن معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم على التفصيل فرض على الكفاية).([11])

 

أما طاعته واتباع شريعته: فالإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم كما يتضمن تصديقه فيما جاء به فهو يتضمن كذلك العزم على العمل بما جاء به وهذا الأصل الثاني من أصول الإيمان به صلى الله عليه وسلم.

وهي تعني: الانقياد له صلى الله عليه وسلم وذلك بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه وزجر امتثالًا لقوله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الحشر: 7

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (يجب على الخلق الإقرار بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فما جاء به القرآن العزيز أو السنة المعلومة وجب على الخلق الإقرار به جملة وتفصيلًا عند العلم بالتفصيل، فلا يكون الرجل مؤمنًا حتى يقر بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فمن شهد أنه رسول الله شهد أنه صادق فيما يخبر به عن الله تعالى فإن هذا حقيقة الشهادة بالرسالة).([12])

 

ولما كان الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم أحد أركان الدين فيجب معرفة ما ينقض هذا الإيمان مخافة الوقوع فيه وتأسِّيًا بالصحابة رضي الله عنه فحُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ يَقُولُ: (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي).([13])

 

ولما كان الإيمان به صلى الله عليه وسلم يعني تصديقه وتصديق ما جاء به صلى الله عليه وسلم، والانقياد له، فإن الطعن في أحد هذين الأمرين ينافي الإيمان ويناقضه فالنواقض على هذا الاعتبار يمكن تقسيمها إلى قسمين:

القسم الأول: الطعن في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم.

القسم الثاني: الطعن فيما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم مما هو معلوم من الدين بالضرورة، إما بإنكاره أو بانتقاصه.

 

القسم الأول: الطعن في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم

ومما يدخل تحت هذا القسم نسبة أي شيء للرسول عليه الصلاة والسلام مما يتنافى مع اصطفاء الله له لتبليغ دينه إلى عباده، فيكفر كل من طعن في صدق الرسول صلى الله عليه وسلم أو أمانته أو عفته أو صلاح عقله ونحو ذلك.

كما يكفر من سبَّ الرسول صلى الله عليه وسلم، أو عابه، أو ألحق به نقصًا في نفسه أو نسبه أو دينه، أو خصلة من خصاله، أو عرّض به، أو شبَّهه بشيء على طريق السبِّ له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه أو العيب له، فهو ساب له، والحكم فيه حكم السَّاب يقتل كفرًا، وكذلك من لعنه، أو دعا عليه، أو تمنى مضرة له، أو نسب إليه مالا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهُجر ومنكر من القول وزور، أو عيَّره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو تنقصه ببعض العوارض البشرية الجائزة المعهودة لديه.([14])

فالسَّاب إن كان مسلمًا فإنه يكفر ويقتل بغير خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم.

وإن كان ذميًا فإنه يقتل أيضًا في مذهب مالك وأهل المدينة وهو مذهب أحمد وفقهاء الحديث وهو المنصوص عن الشافعي نفسه كما حكاه غير واحد.([15])

وهذا الحكم على السَّاب والمستهزئ، يستوي فيه الجاد والهازل بدليل قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة: 65 - 66

وهذا نصٌّ في أن الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفر، فالسَّب المقصود بطريق الأولى، وقد دلَّت هذه الآية على أن كل من تنقص رسول الله صلى الله عليه وسلم جادًا أو هازلًا فقد كفر.

ومن الأدلة على كفر الطاعن في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) الأحزاب: 57

واللعن: الإبعاد عن الرحمة، ومن طرده عن رحمته في الدنيا والآخرة لا يكون إلا كافرًا.([16])

وفي هذه الآية قَرَنَ الله بين أذى النبي صلى الله عليه وسلم وأذاه كما قَرَنَ في آيات أخر بين طاعته وطاعة نبيه، وفى هذا وغيره بيان لتلازم الحقين، وأن جهة حرمة الله تعالى ورسوله جهة واحدة، فمن أذى الرسول فقد أذى الله، ومن أطاعه فقد أطاع الله.([17])

ومما يدل على قتل السَّاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ)، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قَالَ: فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ، قَالَ: وَأَيْضًا، وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قَالَ: فَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ، حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ.([18])

وقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم على قتل منتقصه من المسلمين وسابِّه، وكذلك حكى غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره، منهم:

قال إسحاق بن راهويه: (أجمع المسلمون على أن منْ سبَّ الله، أو سبَّ رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئًا مما أنزل الله عز وجل، أو قتل نبيًا من أنبياء الله عز وجل أنه كافر بذلك وإن كان مقرًا بكل ما أنزل إليه).

قال الخطَّابي: (لا أعلم أحدًا من المسلمين اختلف في وجوب قتله).([19])


القسم الثاني: من نواقض الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم

الطعن فيما أخبر به الرسول مما هو معلوم من الدين بالضرورة إما بإنكاره أو انتقاصه.

فإذا اجتمعت الشروط التالية في المنكر كان كافرًا وهي:

1- أن يكون ذلك الأمر المنتقص أو المنكر من الأمور التي أجمعت عليها الأمة وأن يكون من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة: أي أن يكون علمه منتشرًا كالصلوات الخمس وصوم شهر رمضان، وعموم رسالته.([20])

2 - أن لا يكون المنكر حديث عهد بالإسلام لا يعرف حدوده فهذا إذا أنكر شيئًا من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة جهلًا به فإنه لا يكفر.([21])

3 - أن لا يكون المُنكِر مكرهًا على ذلك، فإن المكره لا يكفر بدليل قوله تعالى: (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ) النحل: 106

والمُنكِر إذا توافرت فيه هذه الشروط يحكم بكفره وانتقاض إيمانه، والمنتقص لأمور الدين إذا كان غير مكره فإنه يكفر سواء كان جادًا في ذلك أم هازلًا.

 

ومن أمثلة ذلك:

 - أن يعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه وأن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون القانون الوضعي على حكم الشرع ويصفون الشريعة الإسلامية بالقصور والرجعية وعدم مسايرة التطور، وهذا من أعظم المناقضة لشهادة أن محمدًا رسول الله.

- من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فهو كافر.([22])

- اعتقاد الإنسان أنه يسعه الخروج عن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم.([23])

فمعرفة المسلم لهذه الأمور تجعله على بصيرة من أمره، وتكسبه وتزيده معرفة لأمور عقيدته، فبضدها تتميز الأشياء.

2 - وجوب طاعته ولزوم سنته والمحافظة عليها:

فقد أخبر الله تعالى في غير موضع من كتابه بوجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وقَرَنَ طاعته بطاعته قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء: 13 - 14

وقال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) النساء: 65

وقال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور: 63

وقال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) النساء: 69

كذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث على وجوب طاعته واتباعة سنته، والخطاب في تلك الأحاديث شامل لكل من كان في عصره صلى الله عليه وسلم ومن سيأتي بعده إلى يوم القيامة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى).([24])

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي).([25])

قال ابن حبان: (طاعة الرسول هي الانقياد لسنته، مع رفض قول كل من قال شيئًا في دين الله عز وجل بخلاف سنته، دون الاحتيال في دفع السنن بالتأويلات المضمحلة والخترعات الداحضة).([26])

 

بل حثَّ سلفنا الصالح من الصحابة ومن بعدهم على لزم السنة ومحاربة واجتناب البدعة:

قال ابن عباس رضي الله عنهما: (مَا مِنْ عَامٍ إِلَّا وَالنَّاسُ يُحْيُونَ فِيهِ بِدْعَةً، وَيُمِيتُونَ فِيهِ سُنَّةً، حَتَّى تَحْيَا الْبِدَعُ وَتَمُوتَ السُّنَنُ).([27])

عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَقِيَهُ فِي الطَّوَافِ فَقَالَ لَهُ: (يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ إِنَّكَ مِنْ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ فَلَا تُفْتِ إِلَّا بِقُرْآنٍ نَاطِقٍ، أَوْ سُنَّةٍ مَاضِيَةٍ، فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ، هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ).([28])

 

عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، قَالَ: (لَا يُقَلِّدَنَّ أَحَدُكُمْ دِينَهُ رَجُلًا، فَإِنْ آمَنَ آمَنَ وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ، وَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ مُقْتَدِينَ فَاقْتَدُوا بِالْمَيِّتِ، فَإِنَّ الْحَيَّ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ).([29])

 

وقد حكى الشافعي رحمه الله تعالى إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم، على أن من اسّتَبانت له سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد.([30])

 

ولقد جاء التحذيرالشديد المصاحب بالوعيد الأليم لمن خالف أمره صلى الله عليه وسلم:

قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور: 63

وقوله تعالى: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء: 14

وقوله تعالى: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب: 36

وقوله تعالى: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) الجن: 23

وقوله تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) النساء: 115

وقوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الأنفال: 13

فتلك الآيات وغيرها تدل على أن المخالف والمعرض عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم متوعد بالعقوبتين الدنيوية والأخروية، إضافة إلى وصفه بالضلال البين الواضح، فالعقوبة الدنيوية (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) أي في قلوبهم من كفرأو نفاق أو بدعة (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك.([31])

العقوبة الأخروية فيوضحه قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ).

فيجب على المسلم أن يحذر من الوقوع في هذا العمل الخطير الذي من شأنه أن يوقع صاحبه في مثل هذه الصفات، ويعرضه لتلك العقوبات التي تحدثت بها آيات القرآن الواردة في هذا الشأن.

فكن متمسكًا بسنة نبيك حتى لا تكون ممن يقول يوم القيامة: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً) الفرقان: 27 – 29

ومعلوم أن كل من ترك ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه قائل لهذه المقالة لا محالة. فنعوذ بالله ممن هذه حاله ويوم القيامة تكون نار جهنم مآله وقراره.

وصدَق النبي صلى الله عليه وسلم القائل: (وَجُعِلَ الذِّلَّةُ، وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي).([32])

 

3 - وجوب محبته صلى الله عليه وسلم:

المحبة لغة: اسم الحب.([33])

ويرى ابن القيم أن مادة كلمة (حب) في اللغة تدور على خمسة أشياء وهي:

1- فإنها صفاء المودة، وهيجان إرادات القلب للمحبوب.

2- وعلوها وظهورها منه لتعلقها بالمحبوب المراد.

3- وثبوت إرادة القلب للمحبوب ولزومها لزومًا لا تفارقه.

4- ولإعطاء المحب محبوبه لبه وأشرف ما عنده، وهو قلبه.

5- ولاجتماع عزماته وإراداته وهمومه على محبوبه.

 


وقال أيضًا: بل هي مأخوذة من القلق والاضطراب، ومنه سمي القِرْطِ حُبًا لقلقه في الأذن واضطرابه، وقيل بل هي مأخوذة من الحب الذي هو إناء واسع فيمتلئ به بحيث لا يسع لغيره، وكذلك قلب المحب ليس فيه سعة لغير محبوبه، وقيل: مأخوذة من الحب وهو الخشبات الأربع التي يستقر عليها ما يوضع من جرة أو غيرها فسمي الحب بذلك لأن المحب يتحمل لأجل محبوبه الأثقال، كما تتحمل الخشبات ثقل ما يوضع عليها.([34])

فتأمل هذا اللطف والمطابقة والمناسبة العجيبة بين الألفاظ والمعاني تطلعك على قدر هذه اللغة، وأن لها شأنًا ليس لسائر اللغات.([35])

 

المحبة اصطلاحًا:

قال ابن حجر: (وحقيقة المحبة عند أهل المعرفة من المعلومات التي لا تحد، وإنما يعرفها من قامت به وجدانًا ولا يمكن التعبير عنها).([36])

وقال ابن القيم: (لا تحد المحبة بحد أوضح منها، فالحدود لا تزيدها إلا خفاء وجفاء، فحدها وجودها، ولا توصف المحبة بوصف أظهر من المحبة، وإنما يتكلم الناس في أسبابها، وموجباتها، وعلاماتها، وشواهدها، وثمراتها، وأحكامها فحدودهم ورسومهم دارت على هذه الستة، وتنوعت بهم العبارات وكثرت الإشارات، بحسب إدراك الشخص ومقامه وحاله وملكه للعبارة).([37])

فمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أعظم واجبات الإيمان وأكبر أصوله، بل ومن أوجب العبادات المناطة بقلب المؤمن، ذلك لأنه لابد في إيمان القلب من حب الله ورسوله، وأن يكون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب إليه مما سواهما.

فهي أصل كل عمل من أعمال الإيمان والدين، كما أن التصديق به أصل كل قول من أقوال الإيمان والدين، فإن كل حركة في الوجود إنما تصدر عن محبة: إما محبة محمودة، أو عن محبة مذمومة.

فأصل الدين وقاعدته يتضمن أن يكون الله هو المعبود الذي تحبه القلوب وتخشاه ولا يكون لها إله سواه، والإله ما تألهه القلوب بالمحبة والتعظيم والرجاء والخوف والإجلال والإعظام ونحو ذلك.

والله سبحانه أرسل الرسل بأنه لا إله إلا هو فتخلو القلوب عن محبة ما سواه بمحبته، وعن رجاء ما سواه برجائه، وعن سؤال ما سواه بسؤاله، وعن العمل لما سواه بالعمل له، وعن الاستعانة بما سواه بالاستعانة به.([38])

ولهذا كان أعظم صلاح العبد أن يصرف قوى حبه كلها لله تعالى وحده بحيث يحب الله بكل قلبه وروحه وجوارحه فليس لقلب العبد صلاح ولا نعيم إلا بأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن تكون محبته لغير الله تابعة لمحبة الله، فلا يحب إلا لله، مكا في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ).([39])

 

فالحديث دلَّ على أن حلاوة الإيمان تتبع كمال محبة العبد لله، وهذه الحلاوة لا تحصل إلا بثلاثة أمور:

أ- تكميل هذه المحبة.

 2- تفريعها.

 3- دفع ضدها.

1- فتكميلها: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، فإن محبة الله ورسوله لا يكتفي فيها بأصل الحب، بل لابد أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

2- وتفريعها: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله.

3- ودفع ضدها: أن يكره ضد الإيمان أعظم من كراهته الإلقاء في النار.([40])

 


ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم على ضربين: محبة واجبة ومحبة مستحبة.

 

فالمحبة الواجبة: هي أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، بحيث لا يحب شيئًا يبغضه، كما قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) المجادلة: 22

أما المحبة المستحبة: هي أن يحب ما أحبه الله من النوافل والفضائل محبة تامة، وهذه حال المقربين الذين قربهم الله إليه، فإذا كانت محبة الله ورسوله الواجبة تقتضي بغض ما أبغضه الله ورسوله، كما في سائر أنواع المحبة، فإنها توجب بغض الضد).([41])

 

والناس في حب النبي صلى الله عليه وسلم ما بين غالٍ في حُبِّه وهم الذين بالغوا في محبته بابتداعهم أمورًا لم يشرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ظنًا منهم أن فعل هذه الأمور هو علامة المحبة وبرهانها.

وبين مفرطٍ وهم الذين قصَّروا في تحقيق هذا المقام فلم يراعوا حقه صلى الله عليه وسلم في وجوب تقديم محبته على محبة النفس والأهل والمال.

 

وبين متوسطٍ في حُبِّه وهم السلف من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم الذين آمنوا بوجوب هذه المحبة حكمًا وقاموا بمقتضاها اعتقادًا وقولًا وعملًا، فأحبوا النبي صلى الله عليه وسلم فوق محبة النفس والولد والأهل وجميع الخلق امتثالًا لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فجعلوه أولى بهم من أنفسهم تصديقا لقوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) الأحزاب: 6، وأيقنوا بوجوب أن يوقى بالأنفس والأموال طاعة لقوله تعالى: (مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) التوبة: 120 وقاموا بمقتضى هذه المحبة اعتقادًا وقولًا وعملًا بحسب ما أوجب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم من حقوق على القلب واللسان والجوارح من غير إفراط ولا تفريط، فآمنوا وصدَّقوا بنبوته ورسالته وما جاء به من ربه عز وجل، وقاموا بحسب استطاعتهم بما يلزم من طاعته والانقياد لأمره والتأسي بفعله والاقتداء بسنته إلى غير ذلك مما يعد من لوازم الإيمان برسالته.([42])

علامات محبة الرسول صلى الله عليه وسلم

واعلم أن لكل قول حقيقة ولكل فعل برهان فحقيقة المحبة وبرهانها وعلاماتها تظهر على المحب لذلك تجد أن الصادق في محبته للنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تظهر عليه تلك العلامات والدلائل وتراه يسعى جاهدًا إلى تحقيقها حتى ينال بذلك منزلة عظيمة من منازل الإيمان، وصَدَقَ الشاعر حيث قال:

 

تَعْصِي الإله وأنت تُظْهِرَ=حُبَّهُ هذا لَعَمْرُكَ في القياس بَدِيع
لوكان حُبَّكَ صادقًا لأطعته = إن المُحبَّ لمن يُحِبُّ مُطِيــع

 

وقال آخر:

من يدَّعي حُبَّ النَّبِي ولم يُفِدْ = من هَدْيهِ فسفاهَةٌ وهُـرَاءُ

الحبُ أوُّلُ شَرْطِهِ وفُرُوضِـهِ = إنْ كانَ صدْقًا طَاعَة وَوَفاءُ

 

فمن تلك العلامات اتباع سنته صلى الله عليه وسلم والإكثار من ذكره صلى الله عليه وسلم، فمن أحب شيئًا أكثر من ذكره، ودوام الذكر سبب لدوام المحبة وزيادتها ونمائها ومن علامات محبته صلى الله عليه وسلم محبة رؤيته والشوق إلى لقائه وتمني ذلك ولو كان ذلك مقابل بذل المال والأهل، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا، نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ).([43])

ومن علامات محبته صلى الله عليه وسلم: المناصحة لله، ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، قال تعالى: (وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) التوبة: 91

قال أبو عمرو بن الصلاح: (النصيحة كلمةٌ جامعة تتضمَّنُ قيامَ الناصح للمنصوح له بوجوهِ الخير إرادة وفعلًا).([44])

قال الخطَّابيُّ: (النصيحةُ كلمةٌ يُعبر بها عن جملة هي إرادةُ الخيرِ للمنصوح له، قال: وأصلُ النصح في اللغة الخُلوص، يقال: نصحتُ العسل: إذا خلصتَه من الشمع، فمعنى النصيحة لله سبحانه: صحةُ الاعتقادِ في وحدانيته، وإخلاصُ النية في عبادته، والنصيحة لكتابه: الإيمانُ به، والعمل بما فيه، والنصيحة لرسوله: التصديق بنبوّته، وبذل الطاعة له فيما أمَرَ به، ونهى عنه، والنصيحةُ لعامة المسلمين: إرشادُهم إلى مصالحهم).([45])

من علامات محبته صلى الله عليه وسلم تعلم القرآن الكريم الناطق بشريعته، والمداومة على تلاوته، وفهم معانيه، وكذلك تعلم سنته صلى الله عليه وسلم وتعليمها ومحبة أهلها.

قال القاضي عياض: (ومنها -أي من علامات محبته- أن يحب القرآن الذي أتى به صلى الله عليه وسلم، وهدى به واهتدى، تخلق به حتى قالت عائشة رضي الله عنها: (فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ).([46]) وحبه للقرآن تلاوته والعمل به وتفهمه).([47])

ومن علامات محبته أيضًا محبة من أحبهم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هو بسببه من آل بيته وصحابته من المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم أجمعين فمن أحب شيئًا أحب من يحبه.([48])


4 - وجوب تعزيره وتوقيره وتعظيمه صلى الله عليه وسلم:

قال تعالى: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) الفتح:9

وقال تعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف: 157

التعزير لغة: تستعمل لعدة معان هي:

1- التعزير: النصر باللسان والسيف.

2- التعزير: التوقير.

3- التعزير: التأديب دون الحد.

4- التعزير: التوقيف على الفرائض والأحكام.([49])

 

أما عن المعنى الشرعي المراد هنا:

فعن ابن عباس رضي الله عنهما: {وَعَزَّرُوهُ} يقول: (حموه ووقروه).

وعن مجاهد قال: (عزروه: سددوا أمره، وأعانوا رسوله ونصروه).

وعن قتادة في قوله: {وَتُعَزِّرُوهُ} قال ينصروه.

وقال ابن جرر الطبري: {وَعَزَّرُوهُ} (وقروه وعظموه وحموه من الناس).

وقال أيضًا بعد أن نقل قول ابن عباس ومجاهد وقتادة: (وهذه الأقوال متقاربات المعنى، وإن اختلفت ألفاظ أهلها بها ومعنى التعزير في هذا الموضع: التقوية بالنصر والمعونة، ولا يكون ذلك إلا بالطاعة والتعظيم والإجلال).([50])

قال شيخ الإسلام: (التعزير: اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه).([51])

أما عن التوقير في اللغة:

قيل: الحلم والرزانه.([52])

وقيل: عظمته.([53])

وقيل: بجله، والتوقير: التعظيم والترزين.([54])

وأما المعنى الشرعي المراد هنا:

قال ابن جرير الطبري: (فأما التوقير فهو التعظيم والإجلال والتفخيم).([55])

 قال ابن كثير: (التوقير: هو الإحترام والإجلال والإعظام).([56])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (التوقير: اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام، وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار).([57])

إن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وإجلاله، وتوقيره، شعبة عظيمة من شعب الإيمان، وهذه الشعبة غير شعبة المحبة بل إن منزلتها ورتبتها فوق منزلة ورتبة المحبة.([58])

فمن حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته أن يهاب ويعظم ويوقر ويجل أكثر من كل ولد لوالده ومن كل عبد لسيده.

قال الحليمي: (فمعلوم أن حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل وأعظم وأكرم وألزم لنا وأوجب علينا من حقوق السادات على مماليكهم والآباء على أولادهم لأن الله تعالى أنقذنا به من النار في الآخرة، وعصم به لنا أرواحنا وأبداننا وأعراضنا وأموالنا وأهلينا وأولادنا في العاجلة، فهدانا به لما إذا أطعناه فيه أدانا إلى جنات النعيم، فأية نعمة توازي هذه النعم وأية منة تداني هذه المنن، ثم إنه جل ثناؤه ألزمنا طاعته، وتوعدنا على معصيته بالنار، ووعدنا باتباعه الجنة فأي رتبة تضاهي هذه الرتبة، وأي درجة تساوي في العلا هذه الدرجة. فحق علينا أن نحبه ونجله ونعظمه ونهابه أكثر من إجلال كل عبد سيده وكل ولد والده، وبمثل هذا نطق القرآن ووردت أوامر الله جل ثناؤه).([59])

ولقد أدَّب الله عباده بجملة من الآداب في تعاملهم مع نبيهم توقيرًا وتعظيمًا له منها:

- نهاهم عن أن يدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلظ وجفاء، وأمر لهم أن يدعوه بلين وتواضع قال تعالى: (لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) النور: 63

- نهاهم عن رفع الصوت عنده، وحرَّم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذن، ونهاهم أن ينادونه من وراء الحجرات وهي بيوت نسائه قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الحجرات: 1 – 5

ومن البداهة أن هذه الآيات وأمثالها في تأديب الأمة وتعليمها إنما جاءت بأسلوبها المعجز لتفخيم شأن النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار رفعة قدره المنيف، وسمو منزلته صلى الله عليه وسلم فوق كل منزلة أحد من الخلق، وهي مسوقة في مواضعها من القرآن الكريم لتعليم الأمة أفرادًا وجماعات الأدب الأكمل مع النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يتصل بمخاطبته والتحدث إليه، والإصغاء إلى حديثه، ومجالسته حتى يستشعر المؤمن بقلبه وروحه وكافة إحساساته ومشاعره ما أوجبه الله تعالى من توقيره صلى الله عليه وسلم توقيرًا يجلي رفيع قدره، وعظيم مقامه، ويظهر تشريف الله تعالى له بما ميزه به على سائر الخلق، وقد اتفق أهل العلم من أئمة أعلام الأمة على أن حرمته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كحرمته في حياته.([60])

 

5 - الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم:

أمرنا الله عز وجل بالصلاة والسلام على نبينا، وذلك تشريفًا منه عز وجل لنبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم وإظهار للاحترام والتعظيم الذي شرعه في حقه فقد قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب: 56

والمقصود بصلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم هو التقرب إلى الله تعالى بامتثال ما أمر به، وقضاء لحق من حقوقه صلى الله عليه وسلم التي أوجبها الله علينا فحق على هذه الأمة أن تعظم قدر نبيها وذلك بأن تكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم اتباعًا لأمر ربها تبارك وتعالى وقيامًا بما لنبيها صلى الله عليه وسلم من الحق عليها.

وقد اعتنى العلماء بذكر الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وما فيها من فوائد وعبر وأحكام، من أشهر تلك المؤلفات وأجمعها كتاب: (جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام) للعلامة ابن القيم، بل هو أشهرها وأحسنها، ومن تلك المؤلفات كتاب: (القول البديل في الصلاة على الحبيب الشفيع) للسخاوي.

 

معنى الصلاة لغة: قيل اللزوم، قال الأزهري: (قال الزجاج الأصل في الصلاة اللزوم يقال: قد صلى واصطلى إذا لزم، ومن هذا من يصلى في النار: أي يلزم النار فالصلاة لزوم ما فرض الله، والصلاة من أعظم الفرض الذي أمر بلزومه).([61])

وقيل الدعاء فالصلاة وهي الدعاء، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا، فَلْيُصَلِّ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا، فَلْيَطْعَمْ ).([62]) أي فليدع لهم بالخير والبركة.([63])

 

معنى صلاة الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم:

قال ابن القيم: (وأما صلاة الله سبحانه فنوعان: عامة وخاصة، فالنوع الأول: الصلاة العامة وهي صلاته على عباده المؤمنين قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} الأحزاب: 43

ومنه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة على آحاد المؤمنين كقوله: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى).([64])

النوع الثاني: صلاته الخاصة على أنبيائه ورسله وخصوصًا على خاتمهم وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم.([65])

واختلف العلماء في معنى صلاة الله على نبيه فقيل: رحمته قاله ابن عباس، وقيل: مغفرته قاله مقاتل بن حيَّان، وقيل: ثناؤه وتعظيمه وإظهار شرفه وفضله وحرمته قاله أبو العالية.([66])

وأولى الأقوال بالصواب ما تقدم عن أبي العالية: (أن معنى صلاة الله تعالى على نبيه ثناؤه وتعظيمه)، فهي من الله إكرام وتعظيم ومحبة وثناء لنبيه صلى الله عليه وسلم، فصلاتنا عليه: إنما هي ثناء عليه صلى الله عليه وسلم وإرادة من الله أن يعلي ذكره ويزيده تعظيمًا وتشريفًا.

وقد ضعَّف ابن القيم رحمه الله تفسير الصلاة بالرحمة والاستغفار.

ومعنى السلام عليه صلى الله عليه وسلم: السلامة من النقائص والآفات لك ومعك، وأن الله تعالى مداوم على حفظك ورعايتك، والدعاء بأن يجعل الله تعالى العباد منقادين مذعنين له عليه الصلاة والسلام ولشريعته.

 

6 - وجوب التحاكم إليه، والرضي بحكمه صلّى الله عليه وسلّم:

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً( النساء: 59

وقال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء: 65

 

 ويكون التحاكم إلى سنته وشريعته بعده صلّى الله عليه وسلّم
قال ابن القيم رحمه الله:

(فرأس الأدب معه: كمال التسليم له، والانقياد لأمره وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يحمله معارضة خيال باطل، يسميه معقولًا أو يحمله شبهة أو شكا، أو يقدم عليه آراء الرجال، وزبالات أذهانهم، فيوحده بالتحكيم والتسليم، والانقياد والإذعان كما وحد المرسل سبحانه وتعالى بالعبادة والخضوع والذل، والإنابة والتوكل، فهما توحيدان لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما: توحيد المرسل وتوحيد متابعة الرسول فلا يحاكم إلى غيره ولا يرضى بحكم غيره).([67])


7 - إنزاله مكانته صلّى الله عليه وسلّم بلا غلو ولا تقصير:

فهو عبد لله ورسوله، وهو أفضل الأنبياء والمرسلين, وهو سيد الأولين والآخرين، وهو صاحب المقام المحمود، والحوض المورود؛ ولكنه مع ذلك بشر لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرًا ولا نفعًا إلا ما شاء الله كما قال تعالى: (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ...) الأنعام: 50

 وقال تعالى: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأعراف: 188

 

وقال تعالى: (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا) الجن: 21


وقد مات صلّى الله عليه وسلّم كغيره من الأنبياء، ولكن دينه باقٍ إلى يوم القيام )إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ( الزمر: 30

 

وبهذا يعلم أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده لا شريك له (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) الأنعام: 162

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (الغلو: هو مجاوزة الحد بأن يزاد في حمد الشيء أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك).([68])


8 - نَشْر دَعْوَتِهِ - صلى الله عليه وسلم:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).([69])

قال ابن الصلاح في تعريف النصيحة لرسوله صلى الله عليه وسلم: (والنصيحةُ لِرسوله قريب من ذلك: الإيمان به وبما جاء به وتوقيرُه وتبجيلهُ، والتمسك بطاعته، وإحياءُ سنته واستنشارة علومه ونشرُها ومعاداةُ من عاداه وعاداها، وموالاةُ من والاه ووالاها، والتخلقُ بأخلاقه، والتأدبُ بآدابه ومحبة آله وصحابته ونحو ذلك).([70])

 

ختامًا:

فحقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة وجماعها إجمالًا في ما يلي:

طاعته في ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وتصديقه بما أخبر، والتخلق بأخلاقه والاهتداء بهديه، ونشر سنته والدفاع عنه وعن سنته، وتقديمه على سائر البشر، وحبه أكثر من المال والنفس والولد، وحب أهل بيته الأخيار وصحابته الكرام.



  1. ([1]) مجموع الفتاوى (8/ 638 - 639).
  2. ([2]) الشفا للقاضي عياض (2/ 538) بتصرف.
  3. ([3]) تهذيب اللغة (5/513).
  4. ([4]) لسان العرب (13/23).
  5. ([5]) كتاب الإيمان (163).
  6. ([6]) انظر كتاب الإيمان لابن تيمية (163).
  7. ([7]) شذرات الذهب (3/182).
  8. ([8]) اقتضاء الصراط المستقيم (92).
  9. ([9]) مجموع الفتاوى (15/91).
  10. ([10]) مجموع الفتاوى (15/ 91).
  11. ([11]) شرح العقيدة الطحاوية (ص 66).
  12. ([12]) مجموع الفتاوى (7/ 638 - 639).
  13. ([13]) جزء من حديث عند: البخاري (3606)، ومسلم (1847).
  14. ([14]) الشفا للقاضي عياض (2/ 932) بتحقيق علي محمد البجاوي.
  15. ([15]) الصارم المسلول على شاتم الرسول لشيخ الإسلام ابن تيمية (4 - 8) بتصرف.
  16. ([16]) الصارم المسلول (41).
  17. ([17]) الصارم المسلول (40 - 41).
  18. ([18]) البخاري (3031)، ومسلم (1801).
  19. ([19]) الصارم المسلول (3- 4).
  20. ([20]) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (1/ 205).
  21. ([21]) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (1/ 205).
  22. ([22]) رسالة نواقض الإسلام للشيخ محمد بن عبد الوهاب (282).
  23. ([23]) مستفاد من كتاب حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة (49 - 57) لمحمد بن خليفة التميمي.
  24. ([24]) البخاري (7280).
  25. ([25]) البخاري (7137)، ومسلم (1835).
  26. ([26]) صحيح ابن حبان (1/ 153).
  27. ([27]) البدع والنهي عنها لابن وضاح (ص 39).
  28. ([28]) إسناده حسن: الدارمي في السنن (166).
  29. ([29]) الطبراني في المعجم الكبير (8764)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/180) ورجاله رجال الصحيح.
  30. ([30]) الرسالة التبوكية لابن القيم (37).
  31. ([31]) تفسير ابن كثير (3/ 307).
  32. ([32]) حسن: جزء من حديث عند البخاري معلقًا (4/41)، بَابُ مَا قِيلَ فِي الرِّمَاحِ، وأحمد (5114)، من حديث ابن عمر، وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (10/ 23)، وقال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم(39): (وهذا إسناد جيد)، وحسنه الألباني في كتاب جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة (1/203).
  33. ([33]) لسان العرب (1/ 290).
  34. ([34]) روضة المحبين (17 – 18).
  35. ([35]) مدارج السالكين (3/ 9- 11).
  36. ([36]) فتح الباري (10/ 463).
  37. ([37]) مدارج السالكين (3/ 9).
  38. ([38]) مجموع الفتاوى (11/ 523 - 524).
  39. ([39]) البخاري (16)، ومسلم (43).
  40. ([40]) مجموع الفتاوى (10/ 206).
  41. ([41]) قاعدة في المحبة لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص 91، 92).
  42. ([42]) الصارم المسلول (422).
  43. ([43]) مسلم (2832).
  44. ([44]) صيانة صحيح مسلم (223 – 224).
  45. ([45]) حاشية السندي (1/158)، وانظر جامع العلوم والحكم (91).
  46. ([46]) جزء من حديث عند مسلم (746).
  47. ([47]) الشفا (2/576).
  48. ([48]) الشفا (2/573).
  49. ([49]) تهذيب اللغة (2/ 129- 130) بتصرف.
  50. ([50]) تفسير الطبري (9/ 85)، (26/ 75).
  51. ([51]) الصارم المسلول (422).
  52. ([52]) معجم مقاييس اللغة (6/ 132).
  53. ([53]) تهذيب اللغة (9/ 280).
  54. ([54]) لسان العرب (5/ 291).
  55. ([55]) تفسير الطبري (26/ 75).
  56. ([56]) تفسير ابن كثير (4/185).
  57. ([57]) الصارم المسلول (ص422).
  58. ([58]) انظر المنهاج في شعب الإيمان للحليمي (2/ 124) الشعبة الخامسة عشرة. وكذلك الجامع في شعب الإيمان للبيهقي (1/ 300) الشعبة الخامسة عشرة.
  59. ([59]) المنهاج في شعب الإيمان (124- 125).
  60. ([60]) كتاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم منهج ورسالة تأليف محمد الصادق إبراهيم عرجون (4/ 333).
  61. ([61]) تهذيب اللغة (2 1/ 238).
  62. ([62]) مسلم (1431)، من حديث أبي هريرة.
  63. ([63]) معجم مقاييس اللغة (3/ 300).
  64. ([64]) البخاري (1497)، ومسلم (1078)، من حديث عبد الله بن أبي أوفى.
  65. ([65])جلاء الأفهام (74).
  66. ([66]) فتح الباري (11/ 155- 156) (8/ 532)، وجلاء الأفهام (78).
  67. ([67]) مدارج السالكين (2/365 - 366).
  68. ([68]) اقتضاء الصراط المستقيم (106).
  69. ([69]) البخاري (3461).
  70. ([70]) جامع الغلوم والحكم (93).

==========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج16وج17وج18.وج19.كتاب أحكام القرآن المؤلف : أحمد بن علي الرازي الجصاص

  ج16وج17وج18.وج19.{والاخير بمشيئة  أقسام الكتاب 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19    الله الواحد}     ...